سيطرت أحداث العنف الطائفي والتي أسفرت عن مقتل 7 أقباط ليلة عيد الميلاد في نجع حمادي علي معظم مساجد الصعيد، واستنكر خطباء المساجد تصاعد وتيرة أحداث العنف الطائفي خلال الفترة الأخيرة، معترفين بأن هناك توتراً حقيقياً في العلاقة بين المسلمين والأقباط رغم محاولات الدولة التغطية وافتعال سلام ومحبة وهميين بينهما، ورغم القبلات ودعوات الأخوة التي يروج لها المسئولون في الحكومة وكذلك الأزهر والكنيسة علي السواء كانت معظم الخطب بالغة المرارة وتنضح بمأساة حقيقية يعيشها أبناء الوطن الواحد في ظل الأحداث الدامية التي جرت في أكثر من موقع بين مسلمين وأقباط وذلك في غياب تام للأمن الذي يسارع كعادته للتغطية علي الأحداث ولا يريد أن يكشف شيئاً عن حقيقة الأزمة. شهدت صلاة الجمعة أمس في مسجد مجمع النجدة المجاور للمطرانية التي شهدت الأحداث الدامية خطبة غير تقليدية ألقاها الشيخ عبدالغفار عبدالعال- إمام المسجد- حيث بدأها بقصة قابيل وهابيل وكيف عرفت البشرية دفن موتاها ثم روي قصة بني إسرائيل ثم تطرق إلي كثرة حوادث القتل في المجتمع المصري هذه الأيام ووصف هؤلاء القتلة بغير المؤمنين وأن القصاص منهم متروك لأولي الأمر من رجال القضاء والأجهزة المعنية وذلك بصفة عامة وانتقل إلي الحديث عما جري في نجع حمادي بقوله: ما حدث في نجع حمادي ليس لصالح المسلمين ولا الأقباط لكنه لصالح أشخاص يسعون لتخريب البلاد عن طريق صبية يحركونهم بأموالهم فهناك أكثر من خمسة آلاف محل تم إغلاقها وحطمت عشرات السيارات وأصيب الكثير من المواطنين. وأضاف عبدالغفار قوله: المطرانية علي بعد متر واحد مني وأنا أستنكر ما حدث وما سيحدث واعترف بأن هناك حالة احتقان بين المسلمين والأقباط وشبهها ب «الدمل» فإذا ذهب المصاب به إلي الطبيب إما أن يعطيه مسكناً أو يستأصله وما يحدث حالياً في تهدئة الفتن الطائفية هو مجرد مسكن فقط ومن الضروري استئصاله لأن المسكنات تعمل علي تخدير مكان الألم ومن المؤكد أنه الألم سيعود مرة ثانية وقد يصل الأمر إلي انفجاره كما حدث في نجع حمادي والعلاج يتم بالمصالحة والمكاشفة بين جميع القيادات السياسية والدينية. ودعا خطيب المسجد الشرطة إلي القبض علي مسلم أو مسيحي يعتدي علي الآخر وأعلن استعداده للمشاركة مع أولي الأمر لاقتلاع جذور القضية لأنه يعرف بعض الطرق لحل هذه الأزمة خاصة بعد القبض علي المتهمين. وأضاف مازحاً: صحيح حصان الحكومة أعرج لكن برضه يقدر يحل المشاكل لو أراد ويارب يريد. وقال الخطيب: أعلم أن هذا الكلام سيعرضني للمساءلة لكنني لا أخشي إلا الله، وما يحدث الآن سببه احتقان مشاعر المسلمين والأقباط فكل واحد منهما يشعر بأنه مظلوم، لكنني أحذر مما يمكن أن يفعله قبطي أو مسلم متهور بارتكاب حادث أحمق. وفي الفيوم انتقد إمام مسجد المحطة ما حدث للأقباط من قتل واعتداء عليهم في نجع حمادي واعتبر هذا منافياً للإسلام وهديه الذي دعا إلي رعاية الأقباط والمحافظة عليهم وعدم إيذائهم مستشهداً بالمعاملة الكريمة التي شملتهم من جميع حكام مصر منذ الفتح الإسلامي وأن النبي- صلي الله عليه وسلم- أوصي بهم خيراً وتوعد من يؤذيهم أنه حجيجه يوم القيامة كما حذر من انتشار مثلث الهلاك بمصر وهو الفقر والجهل والمرض وأشار إلي أن الفقر قد توحش في المجتمع المصري معتبراً أنه الداء الذي يدمر المجتمع. وتناول إمام أحد مساجد الفيوم قضية القدس واعتبر أن ما يحدث في قطاع غزة عار علي المشاركين فيه منتقداً قرار إنشاء الجدار الفولاذي الذي يهدد أكثر من مليون ونصف المليون ويحصرهم بين جدارين واحد في إسرائيل وآخر في مصر واعتبر تعطيل المساعدات ومضايقة النشطاء وصمة عار في جبين من يقوم بهذا العمل الجبان. وفي بني سويف تحدث إمام مسجد الصحابة عن أخوة الإسلام وعن الأخوة في الإنسانية بين المسلمين والمسيحيين بأنهم شركاء الوطن والمصير ونحن شعب واحد وانتقد بشدة حادث نجع حمادي كما دعا إلي وحدة الصف. واعتبر إمام المسجد أن المصاب أساء لكل مصري يخاف علي وطنه، وقال: إن الإسلام ضد ما حدث وبريء من هؤلاء ودعا الحكومة إلي حماية الأقليات واحترامهم. في حين تحدث إمام مسجد الشافعي ببني سويف عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وقال إن ولاة الأمور هم شرار الناس في هذه الأيام والدليل عل ذلك الحالة التي وصلنا إليها وقال: إننا وصلنا إلي هذه الحالة لأننا لم نقل للظالم لا ولا نقف في وجهه. كما تحدث إمام مسجد الفتح عن عام مضي عمن أسماهم صناع القرار في مصر بعد مرور عام فتحدث عن تداول الأيام وإنها لن تدوم لأحد فكم من أكابر القوم ذهبوا إلي الدار الآخرة وبقي ضعيفها فلم تكن الدنيا لتدوم لأحد ولو دامت لأحد لدامت لرسول الله- صلي الله عليه وسلم. وانتقد إمام مسجد الفتح صناع القرار في مصر الذين اتخذوا ما أسماه قرار الظلم والباطل ويتعاملون مع العدو ويقاطعون الصديق ويمدون العدو بكل ما يريد ويحاصرون المؤمنين ويبنون الجدار الفولاذي. واعتبر أن بناء الجدار تنفيذ لأجندة أمريكية- صهيونية مؤكداً أنه مخطط قديم لتقسيم الحدود وقال: إن الحدود تفتح لليهود ولا تفتح لغيرهم من المسلمين. واستنكر خطباء الجمعة بالإسكندرية أحداث العنف الطائفي التي حدثت بنجع حمادي وأشار خطباء الأوقاف إلي أن روح التسامح في الإسلام ونبذ العنف، وأكدوا وصية النبي- صلي الله عليه وسلم- علي أقباط مصر مستندين إلي حديث النبي: «استوصوا بأقباط مصر خيراً فإن لكم فيهم ذمة ورحمة». كما انتقدوا لجوء المسلمين إلي التشدد تجاه الأقباط إلي الحد الذي يصل إلي القتل، مشيرين إلي أن النبي- صلي الله عليه وسلم- أوصي الصحابة في الفتوحات الإسلامية بعدم المساس بدير أو كنيسة أو دار عبادة، وألا يعتدوا علي مقدسات الآخرين أو شعائرهم.