تسخر جليلة القاضي في مجموعتها القصصية الأولي "البوركيني" الصادرة مؤخرا عن دار العين للنشر، من المد الديني المتشدد في المجتمع، وإلحاح "الفتوي" بوصفها بطلا أوحد في كل مشاهد الحياة في مصر وأدق الأمور، بعدما أحالت الدنيا "عالم مكوّن من النهايات المصمتة"، تتناول في قصة بعنوان "عودة أنثي الأسد" فتاوي إيجاز عودة فنانة بالحجاب إلي التمثيل، وفي قصة أخري تتعجّب من فتوي كل ما تهدف إليه هو معرفة رأي الشرع في دخول الحمام باليسري أم باليمني!، ولا يفوتها السخرية من فتوي إرضاع البالغ، وتذهب الكاتبة بسخريتها إلي افتراض فتاوي لنوم العازب وعجين الفلاحة وبطلان زواج عتريس من فؤادة!. اختارت القاضي التي تقيم في باريس وتعمل مديرة أبحاث في معهد قومي فرنسي للتنمية وصاحبة كتاب "التحضر العشوائي"، المزج بين هذه الفوضي الدينية - من وجهة نظرها - وفوضي أخري لها علاقة بتهالك البيئة وزحام المدينة وتلوث الشوارع، فهي تري أن ثمة علاقة بين المظهرين، هناك ثمة بلادة وتفاهة وجدال عقيم وفارغ تتورط فيه أطراف كثيرة، من بينها الإعلام، تقول تعليقا علي أحداث القصص التي يلاحظ أن أبطال أغلبها حيوانات وزواحف - إمعانا في السخرية: "أنها تتحدث عن جو عام يعبّر عن تأثير الفكر الديني المتشدد وسيطرة العقليات المتحجرة لأكثر من ثلاثين سنة". قصة "البوركيني" التي تتخيل آثار ثورة في منطقة شعبية ضد "المايوه الشرعي"، في مقابل شعارات متضامنة مع هذا اللباس: "بوركيني ولا تغذيني" و"عض قلبي ولا تعض بوركيني" أو "البوركيني هو الحل"، لكن لماذا اختارتها عنوانا للكتاب ككل؟، تخبرني أن صاحب هذه الخطوة هو الفنان حلمي التوني الذي رسم وصمّم الغلاف، فقد وجدها أنضج قصص المجموعة وأكثرها تعبيرا عن موضوعها العام.