الصديق الحقيقي هو الإنسان الذي تعتبره بمثابة النفس يقبل عذرك ويظن بك الظن الحسن ويصفح عنك إذا أخطأت بحقه فلا يصدق عنك كلام الناس إلا إذا تأكد منه.. وهو يسعي في حاجتك إذا ما احتجت إليه. هكذا بدأت ولاء محمد 42 سنة حديثها عن رفيقة صباها دينا فتقول أول لقاء جمعني بها كان لا يمكن لبشر التنبؤ بأن تجمعنا صداقة علي الإطلاق فقد كنت بالمدرسة الثانوية عندما وقعت مشاجرة بيني وبين إحدي الفتيات وأنا لا أتساهل في حقي قط وتدخلت دينا لفض الاشتباك وعندما سألتها عن صفتها أجابت بأنها شقيقة الطرف الثاني في الصراع ودعتنا إلي حل المشكلة في هدوء وقامت بعدة محاولات للتوفيق بيننا لأكون وشقيقتها صديقتين لكنها لم تنجح في ذلك وإن كانت بذرة الصداقة نبتت بيني وبينها. وتتابع دينا إبراهيم 42 سنة الحديث فتقول إنها بعد هذه الواقعة اقتربت أكثر من ولاء واكتشفت جانباً آخر من شخصيتها لم يدركه أحد يختفي خلف العصبية والعند فهي طيبة خدومة عندما تؤمن بشيء تحارب الدنيا لأجله وعندما تواجهها مشكلة أو موقف عليها تجاوزه بقرار حاسم تجدها بجوارها تستمع إليها بصدر رحب وتوجه لها النصيحة وتتشبث برأيها حتي تتأكد من أنها وضعتها محل التنفيذ.. تماما كما تفعل الأم مع ابنتها.. ولعل الأمر الوحيد الذي خالفت فيه دينا نصائح ولاء الإجبارية هو زواجها فتقول: علي الرغم من اعتراض ولاء علي الشخص إلا أنها استسلمت لرغبتي وعلي عكس المتوقع وجدتها إلي جانبي في شراء مستلزمات الزواج وإعدادات الزفاف.. يوما بعد يوم تثبت لي أنها شخص يعتمد عليه في أشد المواقف صعوبة وأدقها فإذا ما شعرت بحاجتي لها في أمر لا تتردد عن فعله حتي لو كان لا يلائمها. وتضيف دينا إنها عندما انتقلت من منزل أبيها بحدائق القبة إلي مسكن الزوجية بعزبة النخل لم يعبأ كلاهما بالمسافات فلاتزالان تتبادلان الزيارات كما كانتا تفعلان من قبل فضلا عن الصداقة التي نشأت بين أسرتيهما أسوة بهما. أما ولاء فتري أن دينا شخصية روحانية يمكنها أن تشعر بها وتفهم ردود أفعالها فهي كما تقول منذ أيام الدراسة تعرف أسلوبها في التفكير فتلتمس لي العذر تجاه أي موقف خاصة أنني كنت طالبة مشاغبة أثير المشاكل أينما وجدت وحدها دينا كانت تجد مبررا لتصرفاتي فنجلس سويا ونتناقش ولعلها الشخص الوحيد الذي استمع إلي نصيحته دون ملل فهي تتنبأ بوقائع تحدث بالفعل ولا يمكن أن أتخذ قراراً مصيرياً في حياتي العملية أو العاطفية دون الرجوع إليها.