باعتباره نظرة معتدلة من مستشرق فرنسي إلي الإسلام ورسوله الكريم، ترتكز نقطة اختلاف هذا الكتاب عن غيره وأمثاله من الكتب التي تناولت السيرة النبوية، وهو نفس السبب الذي لأجله لقي الكتاب "حياة محمد" دون غيره ترحيبا كبيرا منذ أن صدر لأول مرة بالفرنسية عام 1929، وترجمه عن دار إحياة الكتب العربية الفلسطيني الراحل محمد عادل زعيتر شيخ المترجمين، وأعادت الهيئة العامة لقصور الثقافة طباعته منذ أشهر عبر سلسلة "ذاكرة الكتابة"، في مبادرة تعني دلالة قوية علي أهمية الكتاب، وربما الحاجة إليه رغبة في إعلاء صوت الغرب المعتدل ومعاودة ظهوره وسط دوامات سوء الفهم. المؤلف هو إميل درمنجم (1892-1971) الذي وفقا لمنهجه آثر ألا ينساق وراء ما ورد في كتب متعصبي المستشرقين من مغالطات وأوهام عن النبي عليه السلام، وإنما توقف عندها ليناقشها ويفندها حتي يكشف زيفها، وعليه تداول هذا الكتاب تحت عنوان عريض: "مستشرق يصحح مغالطات المستشرقين عن سيرة الرسول الكريم"، وهو يمثل بحسب تقديم د.عبد المحسن طه رمضان للكتاب حالة "الرهبنة العلمية" التي امتثلها بعض المستشرقين المعتدلين، ودعتهم إلي التحلي بالصبر علي فهم دقائق الإسلام، ومن هنا قصد درمنجم من كتابه تنقية السيرة النبوية قدر الإمكان مما علق بها من أغلاط هؤلاء المستشرقين، لتكون- علي حد تعبيره- سيرة ناطقة صادقة للنبي صلي الله عليه وسلم، الذي كتب عنه: "كان يبدو وضيئا جليلا حليما، وكان الناظر إليه يشعر بأنه خلق للقيادة.