كتب عبد الرحيم على مدير المركز العربى للبحوث والدراسات «المحظورة» تمر بأخطر مراحلها منذ التأسيس ولأول مرة يتبادل قياداتها الاتهامات بالتآمر والعمالة وتعلن خلافات الحرس القديم وتيار التجديد علانية قداسة المرشد انتهت مع رفض مكتب الإرشاد رغبته في تصعيد العريان بعد التخوف من علاقته بالأمريكيين وإمكانية عقده صفقات باسم الجماعة طرح المركز العربي للبحوث والدراسات المتخصص في دراسة حركات الإسلام السياسي أمس، مبادرة للتعامل المجتمعي الجاد مع أزمة جماعة الإخوان المسلمين« المحظورة» دعا فيها إلي التعامل القانوني الحاسم والمقاطعة السياسية والإعلامية لتيار التشدد أو القطبيين داخل الجماعة المحظورة وحث قيادات مايسمي بتيار التجديد بها لإعلان موقف واضح ورافض لممارسات المتشددين والسعي الجاد لتأسيس جمعية جديدة علنية وقانونية مشهرة باسم «الإخوان المسلمون».. وأكدت المبادرة أن الأحداث الدراماتيكية المتلاحقة التي تشهدها الجماعة في الفترة الأخيرة أثبتت أن تيار التجديد في «الإخوان» يتم استخدامه في الترويج لتيار التشدد القطبي داخل النخبة الفكرية والسياسية في المجتمع المصري .. وهنا نص المبادرة تعيش جماعة الإخوان المسلمين منذ قرابة الشهرين أزمة داخلية تعد الأشد والأقوي منذ تأسيسها عام 1928، ولا ترجع شدة الأزمة إلي ما أثير حولها من ضجة إعلامية وتراشق بين قيادات الجماعة، وصل حد تبادل الاتهامات بالتآمر والعمالة، ولكن يرجع السبب الرئيسي وراء توصيفنا ذاك إلي عمق الخلاف بين تيار الحرس القديم وتيار التجديد، وما يمكن أن ينتج عن هذا الخلاف من انشقاق -بات وشيكا- يعد الأول من نوعه من حيث الحجم والتأثير طوال تاريخ الجماعة. بداية الأزمة بدأت الأزمة في 2009/9/13 عندما حاول المرشد العام للجماعة السيد مهدي عاكف تصعيد عصام العريان مسئول القسم السياسي عضوا بمكتب الإرشاد خلفا للراحل محمد هلال، جاء تصويت مكتب الإرشاد بالرفض لأن هناك من أعضاء المكتب من يتخوف من علاقة عصام العريان بالأمريكان ويري أن عضويته بمكتب الإرشاد قد تفتح له أبوابًا لعقد صفقات باسم الجماعة أو علي الأقل الحديث باسمها، الأمر الذي أظهر -وبشكل جلي- سيطرة تيار المتشددين علي الجماعة، وضعف وقلة حيلة كل من المرشد العام وتيار التجديد، وقد ترتبت علي ذلك استقالة المرشد العام اعتراضا علي سلوك اعتبره مخالفًا لكل الأعراف داخل الجماعة منذ تأسيسها، وحتي المرشد السادس- ما قبل عاكف- حيث كانت تمنح المرشد قداسة تتيح له كلمة مسموعة ومبجلة داخل صفوف الجماعة. لم يدم إعلان المرشد لاستقالته طويلا إذ سرعان ما تدخل البعض، تحت دعوي الحفاظ علي وحدة الجماعة، ليقنعوا عاكف بالعدول عن استقالته حتي انتهاء فترة ولايته في الثالث عشر من يناير 2010 وعد المرشد بالحضور يوميا إلي مكتب الإرشاد، ولكنه أصر علي أن قرار عدم ترشحه لدورة أخري تبدأ في منتصف يناير 2010 أصبح نهائيا ولا رجعة فيه. وفور تأكد التيار التجديدي والتيار المتشدد من جدية المرشد بدأ الصراع للسيطرة علي الجماعة. تزوير اللائحة كانت أولي خطوات الصراع ما أعلنه حامد الدفراوي «القيادي المحسوب علي تيار التجديد» من وجود تزوير في اللائحة التي تم علي أساسها انتخاب مجلس الشوري ومكتب الإرشاد الحاليين، وفي محاولة لتجميل الصورة وتهدئة الأجواء وإثبات وحدة الجماعة، قام الدكتور محمد حبيب «النائب الأول للمرشد» بالرد علي اتهامات الدفراوي وتفنيدها، ورغم أن حبيب محسوب علي تيار التجديد، إلا أنه من الواضح أن الأمل كان يحدوه، حتي تلك اللحظة، في إحداث توافق أو تقارب بين التيارين، ولكن الرياح أتت بما لا يشتهي حبيب. فبعد اتهامات الدفراوي بدأت تتعالي أصوات الانتقاد للجماعة من داخلها وخارجها فنشر د.عبدالستار المليجي «القيادي السابق للجماعة» مقالا بجريدة الدستور يؤكد فيه سيطرة أعضاء التنظيم الخاص علي الجماعة واستبعادهم للكثير من كوادرها في العملية الانتخابية بمن فيهم المرأة التي تمثل نصف الجماعة «علي حد قوله». ديكتاتورية متأسلمة وعوار تشريعي وجاءت بعد ذلك انتقادات من قيادات نسائية داخل الجماعة مثل د.عبير عبدالمنعم ود.إيمان عمر، دار جلها حول الدكتاتورية المتأسلمة التي تمارس داخل الجماعة وتكميم الأفواه لأي صوت مناد بالتجديد، وكذا العوار التشريعي الذي يشوب اللائحة الداخلية للجماعة، ثم توالت انتقادات د.جمال حشمت ود.محمد البلتاجي لتزيد من الضغط علي التيار المتشدد الذي قام في محاولة منه لإرهاب تيار التجديد بإحالة د.محمد البلتاجي إلي التحقيق الداخلي يوم 2009/11/15 وإلغاء مؤتمر الكتروني لشباب الإخوان كان مقررا عقده في 2009/11/24للحديث حول تجديد وإصلاح الجماعة، ولم تهدأ الأمور قليلا قبل إعلان د.عبدالمنعم أبوالفتوح يوم 2009/12/4 في جريدة الشرق الأوسط أن قرارات مكتب الارشاد الحالي في غيبة العريان مطعون في صحتها وهو ما فجر الوضع مرة أخري وأعاد قضية تصعيد العريان إلي الواجهة، ومع تأكيد المرشد الحالي السيد مهدي عاكف عدم تجديد ولايته وفشل كل محاولات اثنائه عن قراره أصبحت المواجهة حتمية بين التيارين التجديدي والمتشدد، والتي دارت معركتها الأولي حول الاستفتاء الذي جري لتحديد موعد إجراء الانتخابات وهل تتم قبل انتهاء ولاية المرشد أم يتم تأجيلها ستة أشهر حتي تنتهي ولاية مجلس الشوري الحالي في يونيو 2010، وعلي الرغم من أن ثمانية وأربعين عضوا صوتوا مع التأجيل مقابل سبعة وثلاثين رأوا إجراءها في يناير إلا أن التيار المتشدد رفض نتيجة الاستفتاء وقرر إعادته. غياب الشوري والاعتراف بالانقسام ومما جعل محمد حبيب «النائب الأول للمرشد» يخرج عن دبلوماسيته ويهاجم قيادات التيار المتشدد، في حوار معه بجريدة الدستور يوم 2009/12/13، مؤكداً أن مبدأ الشوري غير مفعل داخل الجماعة، تبعه د.عبدالمنعم أبوالفتوح في حوار مع قناة الجزيرة معترفاً لأول مرة بوجود تيارين داخل الجماعة، ومحذرا من إقصاء أحدهما للآخر، في إشارة واضحة لسعي التيار المتشدد لإقصاء التيار التجديدي، ولكن التيار المتشدد ضرب عرض الحائط بكل هذه التحذيرات وقام بإعادة الاستفتاء، حول موعد إجراء الانتخابات، بشكل مباغت.. وتم إعلان نتيجته علي الهواء مباشرة علي لسان الدكتور محمود عزت الرجل الحديدي داخل الجماعة وأمينها العام في برنامج بلا حدود علي قناة الجزيرة يوم 2009/12/16 وزاد الطين بلة حينما أعلن عزت في مفاجأة مدوية أربكت حسابات الجميع وهي أن الانتخابات سوف يتم إجراؤها خلال أسبوعين. الحكم بيد من حديد علي ضوء تلك الأحداث «الدراماتيكية» المتلاحقة داخل جماعة الإخوان، تتجلي بوضوح شديد، حقيقة لا تقبل الشك، وهي أن التيار المتشدد في الجماعة هو من يقود ويتحكم ويقبض -بيد من حديد- علي مقدرات الأمور. ويتراجع وينزوي بل يصبح خارج السياق الواقعي والموضوعي، ما حاول تيار التجديد داخل الإخوان تمريره، والايحاء به للمجتمع المصري ونخبته الفكرية والسياسية، طوال أكثر من عشرين عاما، من عدم جواز اختزال الجماعة في ممارسات وأفكار تيار التشديد، والتأكيد الدائم والملح علي أن «الإخوان» تيار إسلامي واسع، كبير ومتنوع، لا يمثل التيار المتشدد داخله سوي «حفنة ضئيلة» لا تعبر بأي حال عن عقل وجسد الجماعة!! الأمر الذي جعل تيار التجديد، يبدو لنا الآن بمثابة «المحلل» الذي دأب علي الترويج لتيار التشدد القطبي في الجماعة، داخل النخبة الفكرية والسياسية للمجتمع المصري. حجر عثرة والآن وقد ظهرت الحقيقة، واضحة جلية، بات من الواجب والمحتم علي تيار التجديد، إيفاء لدين مستحق للمجتمع المصري وقواه السياسية ونخبه الفكرية، ومن منطلق المسئولية، وبكل الصراحة والشفافية أن يعلنوا وبوضوح موقفهم من سيطرة التيار المتشدد علي مقدرات الجماعة، وكيف يقيمون ممارساته التي بلغت ذروتها بإقصاء رفاق لهم، صنعوا مجد الجماعة وشهرتها طوال ثلاثة عقود، وكيف ينظرون، بعد كل تلك السنوات لتأثير أفكار هذا التيار، ليس فقط علي صعيد الشأن الداخلي للجماعة، بل علي صعيد الشأن العام، بعد أن أسهمت تلك الأفكار والمقولات، في عرقلة إمكانيات التطور الديمقراطي والإصلاح في مصر، وشكلت «حجر عثرة» أمام تلك الإمكانيات والطموحات، عندما وقفت «كفزاعة» داخليا وخارجيا لإجهاض وفرملة سعي المجتمع المصري لإدراك وتفعيل التغيير والإصلاح الديمقراطي المنشود. ولذلك طرح المركز العربي للبحوث والدراسات المتخصص في دراسة حركات الإسلام السياسي علي تيار التجديد في جماعة الإخوان وعلي كل الحريصين علي مستقبل الوطن ما سماه «المبادرة» دعا فيها الجميع لتفعيلها ودعمها والسعي لإنجاحها. نص المبادرة أولاً: إعلان قيادات تيار التجديد داخل جماعة الإخوان المسلمين لموقف حاسم وواضح يرفض ممارسات تيار التشدد بزعامة العناصر القطبية، والسعي المباشر والجاد نحو خطوات تأسيس جمعية جديدة، علنية وقانونية مشهرة باسم «الإخوان المسلمون» بما يعنيه ذلك من محاصرة وإقصاء لتيار التشدد وممارساته المتسلطة والمعطلة لأي إصلاح حقيقي أو نمو داخلي للجماعة، بل للحياة السياسية في مصر بشكل عام. ثانياً: حث مؤسسي حزب الوسط المصري علي التقدم مرة أخري بطلب ترخيص الحزب، ليكون منبرا سياسيا لكل شباب الإخوان الذين يرفضون العمل السري، ويسعون لخدمة وطنهم بالطرق القانونية والدستورية السليمة. ثالثا: دعم كل القوي الوطنية في البلاد لمسعي تيار التجديد نحو تأسيس الجمعية الجديدة وتأييد مطلبهم بكل قوة وحزم، وكذا الدفع في اتجاه تحفيز الدولة علي الموافقة علي مشروع حزب الوسط المصري، حتي تتخلص مصر -ونهائيا- من فزاعة الإسلاميين، تلك التي أعاقت التطور الديمقراطي داخل البلاد منذ أكثر من عشرين عاما، لتبدأ حقبة جديدة من العمل الوطني، يشارك فيها الإسلاميون، مختلف القوي الوطنية المصرية، بما في ذلك الحزب الحاكم، في إطار من الشرعية الدستورية والقانونية. رابعاً: التعامل القانوني بكل حسم، مع كل من يبقي خارج تلك الأطر القانونية والدستورية، سواء الجمعية الجديدة أو حزب الوسط، من الإخوان القطبيين ومقاطعتهم سياسيا وإعلاميا من قبل جميع القوي السياسية، والنخب الفكرية داخل المجتمع، والوقوف مع الدولة في كل ما تتخذه من قرارات ضد هذه الطغمة، التي ساهمت ولم تزل في تدمير الواقع السياسي المصري، وصمت آذانها عن دعاوي الإصلاح واضعة المجتمع برمته بين شقي الرحي، إما إعاقة تطوير الحياة السياسية المصرية، أو الإخوان القطبيون بتطرفهم الفكري وعنفهم السياسي وإرهابهم التاريخي.