تنسيق الثانوية العامة 2025 ..شروط التنسيق الداخلي لكلية الآداب جامعة عين شمس    فلكيًا.. موعد إجازة المولد النبوي 2025 في مصر و10 أيام عطلة للموظفين في أغسطس    رسميًا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الجمعة 1 أغسطس 2025    5 أجهزة كهربائية تتسبب في زيادة استهلاك الكهرباء خلال الصيف.. تعرف عليها    أمازون تسجل نتائج قوية في الربع الثاني وتتوقع مبيعات متواصلة رغم الرسوم    إس إن أوتوموتيف تستحوذ على 3 وكالات للسيارات الصينية في مصر    حظر الأسلحة وتدابير إضافية.. الحكومة السلوفينية تصفع إسرائيل بقرارات نارية (تفاصيل)    ترامب: لا أرى نتائج في غزة.. وما يحدث مفجع وعار    الاتحاد الأوروبى يتوقع "التزامات جمركية" من الولايات المتحدة اليوم الجمعة    باختصار.. أهم الأخبار العالمية والعربية حتى منتصف الليل.. مستندات المؤامرة.. الإخوان حصلوا على تصريح من دولة الاحتلال للتظاهر ضد مصر.. ومشرعون ديمقراطيون: شركات أمنية أمريكية متورطة فى قتل أهل غزة    مجلس أمناء الحوار الوطنى: "إخوان تل أبيب" متحالفون مع الاحتلال    حماس تدعو لتصعيد الحراك العالمي ضد إبادة وتجويع غزة    كتائب القسام: تدمير دبابة ميركافا لجيش الاحتلال شمال جباليا    عرضان يهددان نجم الأهلي بالرحيل.. إعلامي يكشف التفاصيل    لوهافر عن التعاقد مع نجم الأهلي: «نعاني من أزمة مالية»    محمد إسماعيل يتألق والجزيرى يسجل.. كواليس ودية الزمالك وغزل المحلة    النصر يطير إلى البرتغال بقيادة رونالدو وفيليكس    الدوري الإسباني يرفض تأجيل مباراة ريال مدريد أوساسونا    المصري يفوز على هلال الرياضي التونسي وديًا    انخفاض درجات الحرارة ورياح.. بيان هام من الأرصاد يكشف طقس الساعات المقبلة    عملت في منزل عصام الحضري.. 14 معلومة عن البلوجر «أم مكة» بعد القبض عليها    بعد التصالح وسداد المبالغ المالية.. إخلاء سبيل المتهمين في قضية فساد وزارة التموين    حبس المتهم بطعن زوجته داخل المحكمة بسبب قضية خلع في الإسكندرية    ضياء رشوان: إسرائيل ترتكب جرائم حرب والمتظاهرون ضد مصر جزء من مخطط خبيث    عمرو مهدي: أحببت تجسيد شخصية ألب أرسلان رغم كونها ضيف شرف فى "الحشاشين"    عضو اللجنة العليا بالمهرجان القومي للمسرح يهاجم محيي إسماعيل: احترمناك فأسأت    محيي إسماعيل: تكريم المهرجان القومي للمسرح معجبنيش.. لازم أخذ فلوس وجائزة تشبه الأوسكار    مي فاروق تطرح "أنا اللي مشيت" على "يوتيوب" (فيديو)    تكريم أوائل الشهادات العامة والأزهرية والفنية في بني سويف تقديرا لتفوقهم    تمهيدا لدخولها الخدمة.. تعليمات بسرعة الانتهاء من مشروع محطة رفع صرف صحي الرغامة البلد في أسوان    النزول بالحد الأدنى لتنسيق القبول بعدد من مدارس التعليم الفني ب الشرقية (الأماكن)    الزمالك يهزم غزل المحلة 2-1 استعدادًا لانطلاقة بطولة الدوري    اصطدام قطار برصيف محطة السنطة وتوقف حركة القطارات    موندو ديبورتيفو: نيكولاس جاكسون مرشح للانتقال إلى برشلونة    مجلس الشيوخ 2025.. "الوطنية للانتخابات": الاقتراع في دول النزاعات كالسودان سيبدأ من التاسعة صباحا وحتى السادسة مساء    «إيجاس» توقع مع «إيني» و«بي بي» اتفاقية حفر بئر استكشافي بالبحر المتوسط    مجلس الوزراء : السندات المصرية فى الأسواق الدولية تحقق أداء جيدا    فتح باب التقدم للوظائف الإشرافية بتعليم المنيا    رئيس جامعة بنها يصدر عددًا من القرارات والتكليفات الجديدة    أحمد كريمة يحسم الجدل: "القايمة" ليست حرامًا.. والخطأ في تحويلها إلى سجن للزوج    فوائد شرب القرفة قبل النوم.. عادات بسيطة لصحة أفضل    متى يتناول الرضيع شوربة الخضار؟    تكريم ذوي الهمم بالصلعا في سوهاج.. مصحف ناطق و3 رحلات عمرة (صور)    حركة فتح ل"إكسترا نيوز": ندرك دور مصر المركزى فى المنطقة وليس فقط تجاه القضية الفلسطينية    أمين الفتوى يوضح أسباب إهمال الطفل للصلاة وسبل العلاج    الداخلية: مصرع عنصر إجرامي شديد الخطورة خلال مداهمة أمنية بالطالبية    الإفتاء توضح كفارة عدم القدرة على الوفاء بالنذر    الشيخ خالد الجندى: من يرحم زوجته أو زوجها فى الحر الشديد له أجر عظيم عند الله    الوطنية للصلب تحصل على موافقة لإقامة مشروع لإنتاج البيليت بطاقة 1.5 مليون طن سنويا    وزير الخارجية الفرنسي: منظومة مساعدات مؤسسة غزة الإنسانية مخزية    ممر شرفى لوداع لوكيل وزارة الصحة بالشرقية السابق    رئيس جامعة بنها يشهد المؤتمر الطلابي الثالث لكلية الطب البشرى    حملة «100 يوم صحة»: تقديم 23 مليونًا و504 آلاف خدمة طبية خلال 15 يوماً    تنسيق الجامعات 2025.. تفاصيل برنامج التصميم الداخلي الإيكولوجي ب "فنون تطبيقية" حلوان    وزير الصحة يعلن تفاصيل زيادة تعويضات صندوق مخاطر المهن الطبية    طارق الشناوي: لطفي لبيب لم يكن مجرد ممثل موهوب بل إنسان وطني قاتل على الجبهة.. فيديو    أمانة الاتصال السياسي ب"المؤتمر" تتابع تصويت المصريين بالخارج في انتخابات الشيوخ    حالة الطقس ودرجات الحرارة المتوقعة اليوم الخميس 31-7-2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حكاية الخناقات!
نشر في روزاليوسف اليومية يوم 16 - 12 - 2009

يستطرد هيكل أحكامه غير التاريخية قائلا: "الملك حسين أو الشريف حسين يتصور أنه والله نسل الرسول وبالتالي فالخلافة حقه الطبيعي حتي بالإرث، والإنجليز شجعوه علي هذا الوهم وبالتالي الشريف حسين بقي فعلا متصارع من أجل الخلافة طيب يبقي كل واحد في نظر نفسه هو ينظر إلي الخلافة بشكل معين لكن نشوف بقي كل واحد فيهم المربع الذي يحاصره..".
إنك يا هيكل تتحدث في قضايا تاريخية حساسة وتطلق الاحكام علي هواك من دون أن تسمّي الاشياء بأسمائها إذ لا تعرف الشريف حسين هل هو شريف أم ملك؟ وحتي إن تمتّع بالصفتين بعد أن أعلن مملكته في الحجاز ونودي بنفسه ملكا عليه، لكنك لا تعرف متي حدث ذلك.. أما كونه يتصور أنه من نسل الرسول.. وسواء كان من نسل الرسول أم لم يكن، فأنت أيضا تجهل أو تتجاهل ذلك من دون أي فهم لموروثات العرب، فليس هو الذي يتصور أنه من نسل الرسول، بل إن العالم الذي كان يحيطه بدءا بأصغر الناس وصولا إلي سلاطين آل عثمان يعتقدون اعتقادا راسخا أن أشراف مكة من نسل الرسول.. وكان عليك أن تفحص المصادر التاريخية القديمة لتتأكد من ذلك بنفسك قبل أن تلقي الاتهامات جزافًا. ربما لا يعني الأمر شيئا بالنسبة لي سواء كان من نسل الرسول أم لم يكن، ولكنك تجهل أن البنية الاجتماعية العربية تعترف كلها أن هناك نسقين من سلالتين اثنتين يمتد أصلهما إلي الرسول، أولاهما يسمون ب"الأشراف" وهم من نسل الإمام الحسن بن الامام علي، وثانيتهما يسمون ب"السادة" وهم من نسل الإمام الحسين بن الامام علي، ولك أن ترجع إلي كتاب المؤرخ التركي البروفيسور إسماعيل حقي اوزن جارجلو عن تاريخ الأشراف في مكة المكرمة، وهو كتاب وثائقي دقيق ومركز جدا، كي تتأكد قبل أن تطلق أقاويلك جزافا متهما هذا في أصله وذاك في نسبه وذاك في قبيلته! ولعلمك فإن أشراف مكة لم يتولوا إمارة مكة إلا في العهد العثماني، ولم تكن لهم أي سلطة سياسية في التاريخ، بل بقوا سدنة للبيت الحرام في مكة المكرمة.. ولم يكونوا من الخلفاء حتي يعتقد بأن الخلافة حق طبيعي له، وأن الانجليز لم يشجعوه علي تبني هذا الإرث. إن ما طالب به الشريف حسين في مراسلاته مع السير هنري مكماهون تأسيس مملكة عربية تمتد من الموصل والاسكندرون شمالاً وصولاً إلي جنوب الجزيرة العربية جنوبا! وارجع في ذلك يا هيكل الي كتاب رصين عنوانه: "يقظة العرب" كتبه جورج انطونيوس وفيه تفصيلات تاريخية تتعلم منها الكثير، كما نفرض ذلك علي طلبتنا في الدراسات الأولية بأقسام التاريخ حتي لا يخلطوا بين الاشياء. وللعلم، فإنني قد نبهتك مرارا وتكرارا إلي كل هذه الأمور في كتابي "تفكيك هيكل.." الذي سيبقي مدرسة لك تتعلم منها كيف تستوي وتنضج عندما تعمل علي قضايا تاريخية أكبر من حجمك بكثير!
الهذيان بعينه!
يتابع هيكل هذيانه قائلا: "الأربع جدران اللي حوالين ملك نلاقيه إيه؟ نلاقي فيه أربع جدران حوالين كل واحد فيهم، أول حاجة.. المربع الأول هو القوة الأجنبية الساندة لهم والثلاثة القوة الساندة لهم كانت إنجلترا من غير مناقشة لأنه في الصراع الامبراطوري علي هذه المنطقة بالذات خرجت بريطانيا.. خرجت الامبراطورية البريطانية متفوقة سواء في الهند بضغط حكومة الهند أو بأسطول البحر الأبيض أو بالسيطرة علي مصر بعد الاحتلال فإنجلترا كانت هي الدولة الموجودة الساندة لكل.. وهانشوف إزاي دلوقتي حالا.. لكل هذه النظم، الحاجة الثانية كل واحد فيهم كان عنده مشكلة مع شعبه بشكل أو بآخر لأسباب أو لأخري.." (انتهي النص).
دعني أسألك يا هيكل عدة اسئلة تلقي بكل هذيانك في النفايا.. حدد ماذا تقصد بأربعة جدران ومربع أول؟ ما الذي تعني بذلك؟ هل تريد القول إن الجدران الأربعة قد صنعت مربعا؟
طيب، بمعني أن الملوك الثلاثة كانوا محاصرين في مربع.. طيب، ما المعني المربع الأول؟ بمعني هناك مربعات أول وثاني وثالث ورابع.. وهلم جرا. تسميها القوة الأجنبية السائدة وهي بريطانيا ولكن هل تدرك أن بريطانيا في سياستها بالشرق الاوسط استخدمت رؤي مدرستين أولاهما مدرسة الهند وثانيتهما مدرسة مصر. بمعني أن ثقل بريطانيا بالشرق الاوسط كان في مصر التي احتلتها في العام 1882، فهل يمكنك أن تقارن علاقة الثلاثة ببريطانيا بنفس المستوي؟
وماذا سيكون دور أي زعيم آخر يتولي أمور البلاد في أي مكان من الأماكن الثلاثة التي قصدتها من دون أن يبني له علاقة من نوع ما مع أقوي دولة في العالم عصر ذاك؟ واسأل نفسك: لم تقف الولايات المتحدة الأمريكية اليوم لتساند أنظمة العالم كلها أو تزيحها من الوجود إن اعترضت علي دور القوي.. وكثيرا ما أشبه دور بريطانيا العظمي في النصف الثاني من القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين بدور الولايات المتحدة الأمريكية في النصف الثاني من القرن العشرين وبدايات القرن الواحد والعشرين.. ثم تعال لأسألك يا هيكل: هل اقتصر الدور البريطاني المساند لهؤلاء الثلاثة فقط.. لماذا لم تذكر دورها المساند لعشرات الأنظمة السياسية في العالم مقابل الدور المساند الذي لعبته فرنسا إزاء أنظمة سياسية اخري في العالم؟ ولعلمك يا هيكل، ليس العلاقة الساندة من قبل أي دولة كبري لأي دولة صغري معناه أن الملوك لها مشاكل مع شعبها. وهل هناك أنظمة حكم في كل هذا العالم وعلي كل التاريخ ليس لها مشاكل مع شعوبها؟
ثالثا: الملك فؤاد
يتابع هيكل قائلا: "الملك فؤاد كان عنده مشكلة مع سعد زغلول مع حزب الأغلبية.. الحيطة الأولانية قولنا النفوذ الأجنبي أو القوة الأجنبية الساندة، الحيطة الثانية هي شعبه في مرحلة الملك فؤاد، الوفد.. الوفد بيتكلم علي حاجة ثانية وبيتكلم علي دستور وبيتكلم علي تحديد سلطة الملك إلي آخره، الحاجة.. الحيطة الثالثة هي الأسرة.. الأسرة طالع فيها زعيم لكنه ليس الزعيم الذي لا يقاوَم ولا يناقَش علشان يفرض سلطته، اقتضاه الأمر، صراع داخل عائلته ثم اقتضاه الأمر أن يتصارع مع غيره من المطالبين بيه يعني الملك مثلا فؤاد كان عنده.. جه بعد خلع عباس حلمي.. بعد خلع عباس حلمي الثاني وجاء بعد تولي السلطان حسين كامل لفترة محدودة وجاء بعد الأمير حسين بن السلطان حسين كامل.. حسين كامل ما اعتذر عن ولاية العرش في ظل الحرب البريطانية لأنه متصور الخلافة لا يزال متصور الخلافة كانت مصر أعلنت الحماية عليها سنة 1914 والأمير حسين كمال الدين متصور انه الخلافة هي اللي توليه ومش الإنجليز والإنجليز جابوا الملك فؤاد، فيه ثورة شعبية في مصر جاية وبتطالب بدستور وبقيادة سعد زغلول فالملك فؤاد عنده مش بس خناقة مع شعبه لا عنده خناقة مع أسرته، فرع حسين كامل يعتقد أنه معتدي علي العرش أخذ عرش من غير حقه فرع الخديوي عباس حلمي يعتقد وفضل يعتقد ولغاية آخر يوم فرع طوسون وفرع حليم وفرع الخديو توفيق كانوا مصممين أنه.. أو في اعتقادهم أنه الملك فؤاد اغتصب عرشا ليس من حقه وأنه ماكنش له حق يخده فعنده إشكال مع عائلته، الحاجة الثالثة أنه.. الرابعة.." (انتهي النص).
هل يختصر تاريخ الملك فؤاد في حكم مصر بمثل هذا الكلام الذي ليس من هم لصاحبه الا البحث في الخناقات ليس بين الشعب وزعامته، بل البحث في الخناقات الاسرية للعائلة المالكة.. خصوصا العائلة العلوية التي حكمت مصر قرابة 150 سنة.. إن هيكل كما يبدو يحمل كراهية وبغضاء لهذه الاسرة تحجبه سيكولوجيا عن أن يكون حياديا وأميناً في إظهار الحقائق كما هي.. إنه لا يستخدم إلا أساليب التجريح والاستهانة، ولا يكتفي بما فعله بالملك فاروق في كل كتاباته، فلقد انتقل إلي أبيه الملك فؤاد ليقتص منه علي هواه.. انني متأكد أن الملك فؤاد افضل من فاروق، ولكن هذا النزق الذي يحمله هيكل نتيجة العقدة النفسية التي يحملها منذ شبابه ضد آل محمد علي باشا ليس لأي سبب إلا من أجل ان يصل إلي أن الحكم الذي بني علي أعقابهم كان أفضل منهم. إن المؤرخ لا يمكن أن يقف في زاوية معينة ليكيل التهم منها، بل عليه أن يعطي لكل ذي حق حقه.. واتمني علي هيكل أن يتواضع قليلا ويذهب لاقتناء كتاب قام بتحريره المؤرخ الزميل الدكتور يونان لبيب رزق مع نخبة من المؤرخين عنوانه (فؤاد الأول: المعلوم والمجهول) وهو واحد في سلسلة من دراسات تاريخية، وأن يقرأه هيكل بكل إمعان وتجرد، ليصل الي نتيجة تقول بأن كل ما تفوّه به هيكل عن الملك فؤاد لا أساس له من الصحة ابداً.. ربما كانت هناك خلافات أسرية، والاسر المالكة كلها علي الإطلاق تبقي فيها الاحتقانات موجودة بسبب شهوة السلطة والحكم والشرعية والمواريث.. ولكن أن يقيم الملك فؤاد من هذا الباب وينسي كل ما حفلت به مصر في عهده، فهذا ما لا يمكن قبوله منك يا هيكل! وسواء اغتصب فؤاد عرشا أم لم يغتصب، فهو زعيم حكم مصر في أدق مراحل حياتها الحديثة، وكانت له منجزات واسعة، ربما لم يستطع غيره ان ينجزها ابدا.
هل كان الملوك العرب بناة دول أم أصحاب خناقات؟
يرجع ليعيد القول مرة أخري: "الحيطة الرابعة يعني أن كل واحد فيهم عنده مشكلة مع غيره من الأمراء المتنافسين في حالة الملك فؤاد أنا قلتها عائلته كلها متخانقة معه فبقي كل من دول عنده مشكلة عنده قوة ساندة عاوزة تحجمه وهو يدين لها بالولاء لكن ما هواش قابل ده قوي وعنده شعب فيه مشاكل له معاه وبعدين عنده علاقة مضطربة مع أسرته وعنده علاقات مضطربة مع الأمراء التانيين بيكرهوا بعض كلهم الملك فؤاد ما بيحبش رأيه أنه الهاشميين يعني علي عيني ورأسي والملك عبدالعزيز رأيه أن دول مش عرب فكل واحد فيهم في خناقة مع القوة الأجنبية اللي بتسنده في خناقة مع شعبه في خناقة مع أسرته في خناقة مع غيره من الأمراء وكلهم في هذا الوضع الأربعة.." (انتهي).
لماذا كل هذا الخلط يا هيكل؟ كيف أن كل واحد من الثلاثة عنده مشكلة مع غيره من الأمراء المتنافسين؟ إذا وجدت ذلك في الملك فؤاد الأول، فان كلا من الملك عبدالعزيز والشريف (الملك) الحسين بن علي لم يكن له أي أمراء متنافسين ابدا، فإذا كان فؤاد الأول سليل أسرة مالكة في دولة يمتد تأسيسها إلي العام 1805، فان السعودية لم تكن في بداية الأمر مملكة، وكانت الدولة السعودية الأولي تنحصر في اقليم نجد، ويعود الفضل في اتساعها وتأسيسها مملكة كبيرة إلي الملك عبدالعزيز آل السعود الذي لم يناوئه بقوة احد من أسرته السعودية.. وكذلك الشريف (الملك) الحسين بن علي الذي يعتبر سليل أسرة هاشمية لا تملك إلا مقومات معنوية داخل مدينة مقدسة اسمها مكة المكرمة.. وأن الشريف حسين استمد قوته من السلطان عبدالحميد الثاني، ووصل إلي الحجاز أميرًا علي مكة، ليعلن ثورته ضد الاتراك الاتحاديين مؤسسًا مملكته الحجازية الضعيفة، والتي لم ينجح في ادارتها قبل نفيه من قبل الانجليز إلي قبرص فتولاها ولده الأكبر الملك علي وكان ضعيفا هو الآخر، مما مهد إلي انهيارها بفعل الاجتياح السعودي لها وهروب الملك علي منها إلي العراق ليكون بحماية اخيه الملك فيصل الأول.. القصد أن الحسين بن علي لم يكن له أي مناوئ علي العرش الذي أضاعه بسبب عاملين اثنين: عناده وصلابته فضلا عن تنامي قوة السعوديين بقيادة عبدالعزيز آل سعود.
كنت اتمني علي هيكل وهو المعجب بالخناقات العائلية أن يكون مؤرخا حقيقيا للخناقات، ولكن ليس بالأسلوب الضحل الذي يعتمده في تشويه تواريخ أسر حاكمة.. وينسي عن جهل أو غفلة أو عدم مبالاة تواريخ أسر حاكمة أخري في بلادنا العربية، مثل: أسرة آل حميد الدين باليمن والأسرة العلوية بالمغرب الاقصي، والاسرة الحسينية في تونس، واسرة البوسعيد في عمان.. وبقية الأسر العربية الحاكمة وقت ذاك.
ماذا نستنتج؟
لقد لمست أن هيكل وهو يروي رواياته التاريخية علي الشاشة هو نفسه الذي يسجل ما يفبركه علي الورق.. ولكن مع حمله ردود فعل عكسية إزاء بعض الشخصيات أو الأحداث.. أنه يبدو متهجما في جوانب انتقد عليها سابقا، في حين يبدو مستسلما في جوانب لم تثر عنده اي حساسيات.. وربما يسأل أي قارئ أو متابع سؤالا مهما: لماذا يختار هيكل توقيتا معينا لإثارة موضوع محدد بالذات؟ أي لماذا يختار اللحظة التاريخية المعينة لاثارة موضوع معين يبدؤه تاريخًا وينتهي به واقعًا؟ ولماذا يختار لغة التنكيل التاريخي بحق مجتمع معين او دولة محددة أو نظام سياسي بالذات؟ ما الذي يريد أن يلعبه؟ وما الذي يريد أن يوصله من رسائل؟ كما أن الرجل لا يخلو من تطلع إلي اهتمام الآخرين به حتي إن كان اهتماماً بالضد منه! ربما يستأنس بالحملات المضادة، وكأنه يقول للآخرين: هاكم حجرا واقذفوني به، أو آتوا قرائحكم وامطروني بالسباب والشتائم! كنت اتمني أن يختار طريقا محايدا وموثقا وأمينا في معالجاته التاريخية لبعض الاسر الحاكمة في تاريخنا الحديث! كنت اتمني أن يبرز كل الحيثيات التاريخية والقرائن في كشفه الايجاب والسلب معا.. دون اتباع طريق التنكيل بالآخرين! كنت اتمني أن يكون صاحب موقف قدر ما يكون صاحب كلمة.. فإن خاصم يبقي علي خصومته وان عشق احدا يبقي علي عشقه.. هيكل لا يعرف مثل هذا الأسلوب الواضح، وهو يروي حكاياته ليس كما هي حقيقة، بل لأن ثمة غاية معينة تختبئ وراءه هو نفسه! إن المأساة عندما يتحول التاريخ المعاصر بكل مخاطره إلي مجرد حكايات جوفاء وفذلكة اتهامات وخناقات.. من دون جعله مدرسة حية ينهل منها الناس ليتعلموا لا ليجهلوا.. ليقوموا لا ليهاجموا.. ليتأملوا لا ليوزعوا الاتهامات.
إن هيكل لا يمكن أن ينصب نفسه ملكا للحكايات التاريخية! لا يمكنه أن يمتلك الحقيقة المطلقة! لا يمكنه أن يوحي لمشاهديه أمام شاشات التليفزيون أن كلامه يصيب كبد الحقيقة! لقد اختار محمد حسنين هيكل أن يكون حكواتي علي الشاشة من دون أن يحرص علي اساسيات في العمل التاريخي، ومنها أنك مهما حاولت أن تكون عادلا في أحكامك، فإن ما يبيته المؤرخ في التنكيل بمرحلة أو عهد أو نظام أو مسئول معين سيبعده عن ميدان هذه المعرفة، إذ سينظر إليه الناس علي إنه تصفية حسابات.. إن الأنوية تصل لدي هيكل ذروتها عندما يردد كلمة (أنا) عشرات المرات في أي جولة من الجولات.
الحلقة القادمة يوم الأربعاء
* الكاتب .. مفكر عراقى مقيم فى كندا
وأستاذ فى جامعات عربية وأمريكية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.