وسط العديد من الآثار التي تزخر بها محافظة المنيا ما بين مصرية واسلامية وقبطية يأتي مسجد اليوسفي بمدينة ملوي الذي يعد واحدا من أبرز المعالم الأثرية الاسلامية هناك حيث يحظي بتقدير كل أهالي وسكان المنيا نظرا لتشابه طرازه المعماري والبنائي مع جامع الأزهر في القاهرة. هذا الأثر الرائع يتعرض لأقسي أنواع الاهمال مما يهدده بالضياع والإنهيارفي أي وقت بعد ما وصلت المياه الجوفية داخله الي مستوي مفزع والسكوت عليها يمثل جريمة في حق آثارنا الاسلامية خاصة اذا علمنا أن الصلاة والشعائر الدينية ما زالت تقام فيه. رواد المسجد التفاصيل التي رواها بعض الأهالي لروز اليوسف مخيفة ولا يجب أن تمر هكذا مرور الكرام، محمد عبد العظيم واحد من رواد المسجد، أبدي حسرة شديدة علي الحال التي وصل اليها مشيرا الي أن ارتفاع منسوب المياه الجوفية أدي الي تشبع جدران المسجد بها مما أثر بالسلب علي حالته الانشائية والمعمارية مما كان له تداعيات خطيرة حيث تمايلت الأعمدة الحاملة لسقف المسجد مما ينذر بكارثة. وعبر عن تخوفه من انهيار المسجد مما أجبر الناس علي الصلاة خارجه وفي الأماكن المحيطة به خاصة أن الجو الروحاني الذي يتمتع به جعله مقصدا لكل الباحثين عن الهدوء النفسي ,ولأن رشح المياه يحدث بكميات كبيرة ولفترات طويلة، أناشد كل من له صلة بالأمر من المسئولين والهيئات أن يتدخل لإنقاذ المسجد فورا دون ابطاء. من 2000 الي 2500 مصل يسعهم مسجد اليوسفي في ملوي حسب ما قاله الحاج شحاتة محمد 57 عاماوأحد أقدم رواد المسجد ,مشيرا الي أنه من أقدم مساجد الصعيد كله من بني سويف الي سوهاج وله في نفوسنا مكانة كبيرة خاصة أنه يشبه الأزهر الي حد كبير في إنشائه وتخطيطه المعماري وأشار الي أن المسجد "متبهدل خالص"-حسب قوله-والمياه الجوفية بداخله من 50 -70سم ولم نترك بابا إلا وطرقناه أو أحدا الا ولجأنا اليه لإنقاذه لكن لا حياة لمن تنادي وكأن هذا المسجد ليس علي أرض مصر. ويكمل:تعد شهور الصيف هي الأسوأ حيث ترتفع فيها المياه بشكل مخيف ويغلق المسجد خلالها ومنذ عام 1994 وبجوار نزح المياه بشكل يومي ,نقوم بنزحها خلال شهور 6 و7 و8 و9 ونتحمل نحن تكلفة ذلك حيث تصل إلي 8 آلاف جنيه وفي العام الماضي ظللنا 6 أيام كاملة ولم يتوقف نزح المياه وانتقد الحاج شحاتة تجاهل الآثار للمسجد حتي ساءت حالته وتأثرت جدرانه وأعمدته بالمياه التي رشحت فيها كلها خاصة أنهم اعترضوا علي عدة مبادرات قدمناها لانقاذ المسجد بأنفسنا وفي نفس الوقت لم يتحرك أحد منهم لإنقاذه ولا نعرف ماذا نفعل مشيرا الي أن الآثار تهمل هذا المسجد المهم وترمم مساجد أقل منه في القيمة. الحشرات والأوبئة الأمر لم يتوقف عند تهالك الجدران والأعمدة فقط,فتحولت المساحات المجاورة لجدران المسجد من الخارج الي خندق ممتلئ بالمياه الجوفية الراكدة لفترات طويلة وباتت مصدرا للروائح الكريهة والمنفرة والحشرات والأوبئة والأمراض ,ناهيك عن تجمع كميات من الزبالة والقاذورات في مشهد سيئ جدا لا يتناسب مطلقا مع مكانة المسجد وقدسيته وقيمته الأثرية والتاريخية. وحسب رواية الحاج شحاتة يضرب تاريخ هذا المسجد في القدم، حيث يعود بناؤه الي ما يقرب من 884 عاما ,بناه شخص يدعي يوسف غطاس واسمه مكتوب علي مدخل المسجد , كان مسيحيا وأسلم ولأنه من الأثرياء ويمتلك الكثير، أوقف له حوالي 800 فدان للانفاق علي العناية به وترميمه ورعاية الفقراء والمساكين من رواده وغيرهم. وأكد أنه بجانب قيمة المسجد الأثرية التي تستدعي ترميمه والاهتمام به ,فإن من يشارك في ترميمه سيكون ثوابه عند الله كبيرا خاصة أنه سيحقق أمنية الأهالي في أداء الصلاة داخله دون خوف وهي نعمة حرمنا منها في رمضان الماضي بسبب المياه الجوفية. كشف د- جمال عبد الرءوف أستاذ الآثار الاسلامية بآداب المنيا عن مفاجأة تمثلت في أن أرض المسجد منخفضة عن الطريق العام بحوالي متر مما أدي إلي أن يتحول الصرف الصحي لمدينة ملوي الي المسجد خاصة مع عدم وجود شبكة صرف صحي بها، مما أدي الي تكرار أزمة ارتفاع منسوب المياه الجوفية المختلطة بالصرف الصحي داخل المسجد كل عام عبد الرءوف الذي أعد بحثا كاملا عن المسجد أشار الي أن تاريخ بنائه يرجع الي عام 1695م أيام العصر العثماني ,حيث بناه "يوسف بيك" أمير اللواء السلطاني -وهي رتبة عسكرية-ولأنه كان يمتلك أطيانا كثيرة أوقف له آلاف الأفدنة الزراعية للانفاق عليه ,ويتشابه طرازه المعماري الي حد كبير مع الجامع الأزهر خاصة بعد أن أدخلت عليه تعديلات في فترات زمنية لاحقة. العزل الجوفي وحذرقائلا:المسجد في خطر بالفعل ولا بد من انقاذه بعدما قامت الآثار بعمل حلول كثيرة دون جدوي نظرا لانخفاض أرضه عن الطريق، وبداية الحل الفعلي تكمن في مشروع الصرف الصحي لمدينة ملوي الذي تم الانتهاء منه بالفعل ولم يتم تشغيله حتي الآن. وأشار الي فكرة ناجحة نفذتها شركة ايطالية في مترو الأنفاق لحل مشكلة تسرب مياه الصرف الصحي والمياه الجوفية تسمي "العزل الجوفي" وتتمثل في اقامة حوائط أسمنتية قوية تحيط بجدران وأساسات المكان أو المبني المراد حمايته تعزل بينه وبين المياه، وقد تكون هذه الفكرة اذا تم تنفيذها الحل لأزمة مسجد اليوسفي المتكررة منذ سنوات عديدة