هو سؤال قديم جديد.. لا توجد له إجابة قاطعة، بل يختلف الناس اختلافات كبيرة في تعريف الشقيق.. فمنهم من يؤمن بأن الأخ هو أخ الدم الذي يولد من نفس الأب والأم فقط وما عدا ذلك فهو مجرد صديق.. والبعض يؤمن أن الأخ هو كل قريب من العائلة مهما كان حجمها، وهو اعتقاد آخر مبني علي صلة الدم وأقارب الأنساب.. أما البعض الآخر فيذهب إلي الأخوة بمعانيها الإنسانية بعيدا عن صلة القرابة الجسدية.. فيؤمن البعض بأن شقيقي الحقيقي هو من يشعر بي في ألمي قبل فرحي، ومن يساندني في ضعفي، ومن يعطي لي دون أن ينتظر مني.. وقد لا يكون من عائلتي، ولا حتي من البلد الذي أنتمي له، ولكنه أحسن لي من الأخ وأقرب لي من شقيق الدم.. وبالرغم من اختلاف العلاقات الإنسانية في مسمياتها وفي صفاتها عن العلاقات السياسية الدولية إلا أننا نصر إصرارا عنيفا علي تسمية بعض الدول أشقاء.. ولا أعتقد أبدا - علي حد علمي - أن ثقافات أخري خارج منطقتنا تستخدم هذه التسمية (أشقاء) لتطلقها علي العلاقات بين الدول.. بل إن أقصي ما يمكن إطلاقه علي دولة هو (حليف) أو علي الأكثر (دولة صديقة).. فلم نسمع أن انجلترا أطلقت علي الولاياتالمتحدة (الشقيقة أمريكا) علي الرغم من أنهما يتحدثان لغة واحدة وتعتبر انجلترا تاريخيا الأخت الكبري لأمريكا.. كما لم نسمع أن باكستان أطلقت علي أفغانستان (الجارة الشقيقة).. ولا يعرفون الأخوة بين الدول في أفريقيا ولا في أمريكا اللاتينية.. والسؤال هو: هل نحن من أصحاب الإيمان بأخوة الجنس واللسان ونقوم بتطبيق ذلك علي الدول فنأخذ منها أشقاء بذلك المعني؟ أم أننا نؤمن بأن العلاقات الصحية بين الدول والمصالح المتبادلة والاحترام المتبادل هو أساس أخوة الدول أو صداقتها - إن جاز التعبير؟ في أي فريق نقف؟ ولأي أيديولوجية ننتمي؟ وهل تحكمنا أحلام قديمة لم تظهر إلا في بعض الشعر وبعض الملاحم الغنائية من أمثال (الحلم العربي) أم نتحكم نحن في علاقاتنا الدولية تبعا لمصلحة الشعوب؟ وهل نتحمل مصائر الأشقاء الكبار إذا ما اخترنا أن نكون هذا الشقيق الأكبر الذي يعطي دائما ولا يأخذ؟ وهل في هذا مصلحة لمواطني هذا الشقيق الكريم؟ وإذا كانت الدولة الشقيقة هي التي تحترم أبناء أشقائها وتحفظ كرامتهم وترد بعقاب من أهانهم، فهل السكوت علي إهانة المصريين في الجزائر والسودان يعبر عن تلك الأخوة؟ أم أن محاكمة وعقاب قاتل مروة الشربيني في ألمانيا واعتذار ألمانيا حكومة وشعبا يجعل منها شقيقة؟ أم أنه كما قلنا قبلا لا توجد بين الدول - كما بين الناس - علاقات أخوة؟ بل إن ما يحكم العلاقات الدولية هو مصالح شعوبها وصون كرامة مواطني كل منها!! بالرغم من كل هذه المناقشات وأكثر منها، سيظل البعض علي اقتناع بأن الشقيق هو شقيق الدم، وبأن بعض الدول أشقاء وبعض الدول أبناء عمومة وبأن (أنا وأخويا علي ابن عمي، وأنا وابن عمي علي الغريب)..