رغم أن الرئيس الإيراني احمدي نجاد هون من التهديدات الاسرائيلية بشن هجوم عسكري ضد المنشآت النووية الإيرانية، إلا أن ذلك لا ينفي أن ايران خائفة من أن يغامر الاسرائيليون بمثل هذا الهجوم. صحيح أن الرئيس الايراني قال بثقة في برازيليا إن الاسلحة والتهديدات هي شيء من الماضي، وهذا ما يدركه ليس فقط العقلاء وإنما حتي المتخلفون عقلياً، وأن من يهددون ايران لا يتمتعون بالشجاعة لمهاجمتها، وهم حتي لا يفكرون في هذا الأمر. لكن في المقابل فإن تصرفات الايرانيين تشي بأمر مختلف وبأنهم يخشون بالفعل أن تتعرض منشآتهم النووية لضربات جوية من قبل الاسرائيليين. الحسبة الإيرانية تقوم علي أن الادارة الامريكية ليست قادرة الآن علي خوض حرب جديدة وهي مازالت متورطة بشدة في افغانستان وموقف قواتها يزداد حرجا، بالاضافة الي اضطراب الاوضاع في باكستان بعد تزايد الهجمات الانتحارية والانفجارات التي تتعرض لها. كما ان الامر لم يستقر بعد سياسيا في العراق بما يساعد واشنطن علي تنفيذ سحب قواتها من الاراضي العراقية. وفوق ذلك كله فإن الاقتصاد الأمريكي لم يتعاف بعد من الأزمة الاقتصادية، ومازال يعاني، كما قال أوباما نفسه، ندرة الموارد التي يحتاجها للتخفيض من مشكلة البطالة التي تتصاعد لديه. وهذه الحسبة تبدو منطقية الي حد ما، خاصة أن أوباما، مهتم بفتح صفحة أمريكية جديدة مع العالم تقوم علي الحوار والتعاون، فضلا عن انه شخص غير مغامر مثل سلفه بوش الابن، والدليل علي ذلك انه احتاج لوقت طويل لدراسة الوضع العسكري في افغانستان وللرد علي طلب قائد القوات الامريكية فيها الخاص بدعمه بنحو 04 ألف جندي أمريكي إضافي. ولكن هذه الحسبة مع منطقيتها غير مكتملة، لأنها لا تضع في اعتبارها التصرف الاسرائيلي والشكوك المتزايدة في قدرة أوباما علي لجم الاسرائيليين ومنعهم من القيام بتوجيه ضربات للمنشآت النووية الايرانية، وهو ما بدا في عدم قدرته علي اقناعهم بتجميد الاستيطان الاسرائيلي في الضفة والقدس لفترة مؤقتة حتي يتم حسم حدود الدولة الفلسطينية من خلال المفاوضات، ورغم الاغراءات التي قدمها لهم بدفع التطبيع العربي مع اسرائيل. اسرائيل يمكن أن تغامر وتقوم بتوجيه ضربة للمنشآت النووية الايرانية، رغم التحذيرات الامريكية. وبذلك سوف تورط الامريكيين في حرب لا يرغبون فيها، لانهم وقتها لن يسكتوا علي رد ايراني ضد اسرائيل او ضد القواعد العسكرية الامريكية التي تغرق المنطقة وقواتها الموجودة في العراق وبذلك تكون قد وقعت الواقعة رغم عدم رغبة الادارة الامريكية في حدوث ذلك. وربما هذا هو السبب في شعور الايرانيين بالخوف من حدوث مثل هذا الاحتمال، خاصة انهم لم يوافقوا علي مشروع البرادعي باعادة تخصيب اليورانيوم الايراني منخفض التخصيب في الخارج وذلك لطمأنة الغرب علي أن القنبلة الايرانية مازالت احتمالا مؤجلا وليست حتمالا ماثلاً. ويمكن ان نلحظ هذا الخوف في المناورات العسكرية الايرانية التي تتوقف، وكانت آخرها مناورات تستهدف الدفاع عن المنشآت النووية الايرانية اذا ما تعرضت لهجوم عسكري، ايران هناك تستعرض قوتها فقط لتقنع الاسرائيليين بصعوبة توجيه ضربات لمنشآتها النووية، ولكنها بالفعل تستعد وتتأهب لمواجهة اية ضربات عسكرية قد تتعرض لها. ويقترن بذلك الضغوط التي يمارسها الايرانيون الآن علي الروس لتسليمهم الصواريخ المتطورة "اس - 003" التي تعاقدوا عليها معهم، وهي الضغوط التي وصلت الي حد التهديد بمقاضاة الروس دولياً لأنها تخل بالتزاماتها والقواعد الدولية.. وهذا يعني ان الايرانيين يشعرون بحاجتهم الشديدة لهذه الصواريخ تحسبا لأي ضربات قد يتعرضون لها.. وهذا دليل خوف آخر.