نستأنف الحديث عن العوامل، التي تقف وراء تفوق الهند في صناعات تكنولوجيا المعلومات وخدماتها، وأبرزها الكتلة البشرية الهائلة، التي ينطوي عليها هذا البلد، فالهند هي ثاني أكبر دولة في العالم، بالنظر لعدد السكان، الذي يتجاوز المليار نسمة، ويساعد انتشار الجامعات والمعاهد التقنية علي تخريج أعداد هائلة من إخصائيي تكنولوجيا المعلومات. كما تعتبر اللغة الإنجليزية، وهي اللغة المهيمنة علي قطاع تقنية المعلومات، اللغة الرسمية الثانية في الدولة، وفي كثير من الأحيان يتكلم الهنود اللغة الإنجليزية، وخاصة في الولايات الجنوبية من شبه القارة الهندية. وساعد كذلك انخفاض تكاليف المعيشة في الهند وما يتبعه من انخفاض في الأجور، علي زيادة قوة العمل في البلاد، ولكن للجودة الهندية دورها، فمعظم الشركات الهندية العاملة في خدمات التطوير الخارجي حائزة علي شهادات الجودة "الإيزو"، إلي الدرجة التي جعلت ثلاثة أرباع الشركات الحائزة علي شهادات الجودة المتعلقة بشركات تكنولوجيا المعلومات SEICMM، موجودة في الهند، وكذلك وجود بنية اتصالات قوية، خاصة في مراكز صناعة المعلومات. ومن هذه العوامل أيضاً العمل الدائم علي تطوير حلول برمجية متقدمة، فهناك الكثير من التجارب الهندية الناجحة، التي مرت عليها سنوات من التطوير، وتشمل هذه التجارب حلول التجارة الإلكترونية، وحلول قواعد البيانات بكل أنواعها، وحلولاً محاسبية، وحلول النشر الإلكتروني، مما يسهل علي الشركات الأجنبية الاعتماد الكامل علي الشركات الهندية لاستعمال مثل هذه الحلول. أما الاقتصاد الهندي فهو عامل آخر مشجع، فهو يحقق نمواً مستمراً، ويساهم قطاع الخدمات بنحو 51 في المائة من الدخل القومي، في حين يشهد قطاع تصدير البرمجيات نمواً سنوياً يتراوح بين 40 و50 في المائة، إلي الدرجة، التي جعلت الهند تتبوأ المكانة الثانية في العالم في تصدير البرمجيات، وسط ظهور متزايد لشركات عملاقة فيها مثل (ويبرو)، و(إنفوسيس). ويري خبراء أن هذا النجاح الهندي لا يمكن فصله عن وجود (نظام سياسي مستقر وحكومات ديمقراطية، تشجع وترعي تطور صناعة البرمجيات والاتصالات، وتتبع سياسات اقتصادية وضريبية خاصة تجاهها). ويدعم النظام الضريبي الهندي صناعة البرمجيات والتطوير الخارجي للخدمات، فهناك إعفاء ضريبي لمدة خمس سنوات للشركات المزودة للإنترنت، وإعفاء لمدة عشر سنوات للمجمعات التقنية مثل المجمع الذي شيدته شركة "صن مايكروسيستيمز" في بنغالور، الذي يضم خمسة آلاف مبرمج وفني، بينما تمنح الهند إعفاء ضريبياً لمدة عشر سنوات للشركات العاملة في البحث العلمي. وللحديث بقية...