أمن الجيزة يضبط أنصار مرشحة يوزعون سلعا غذائية بإمبابة    «رحل أغلى ما عندي».. زوجة داوود عبد السيد تودعه بكلمات مؤثرة    تاون جاس لسكان شبرا: لا تنزعجوا من رائحة الغاز مجرد أعمال صيانة    إنجازات الزراعة خلال 2025| طفرة تصديرية واكتفاء ذاتي.. والميكنة تغطي 8.3 مليون فدان    وزير الخارجية يبحث مع نظيره النيجيري تطورات الأوضاع الاقليمية    انطلاق مباراة مودرن سبورت والقناة في كأس مصر    إخماد حريق بشقة سكنية بمنطقة العجوزة دون إصابات    تعرف على القطع الأثرية المختارة لشهر ديسمبر في متاحف الآثار    جيش الاحتلال الإسرائيلي يفرض حظر تجول ويغلق طرقا رئيسية يعتقل عددا من الفلسطينيين    بلديات شمال غزة: قوات الاحتلال الإسرائيلية دمرت 90% من الآبار.. والمنطقة تعيش كارثة    منتخب الفراعنة ضد جنوب أفريقيا.. محمد الشناوي حارس المواعيد الكبرى    الرقابة المالية تصدر نموذج وثيقة تأمين سند الملكية العقارية في مصر    انطلاق مباراة بنين وبوتسوانا بأمم أفريقيا 2025    قرار وزاري من وزير العمل بشأن تحديد ساعات العمل في المنشآت الصناعية    الداخلية تضبط شخص يوزع أموالا بمحيط لجان في سوهاج    مواعيد وضوابط التقييمات النهائية لطلاب الصفين الأول والثاني الابتدائي    اليوم.. العرض الخاص لفيلم "الملحد" ل أحمد حاتم    سهر الصايغ وعمرو عبد الجليل يتعاقدان على "إعلام وراثة" لرمضان 2026    المشاط: نعمل على وصول النمو لمستويات 7% لزيادة معدلات التشغيل وتحقيق تنمية تنعكس على المواطن    حضور قوي لمتطوعي صناع الخير فى احتفالية اليوم العالمي للتطوع بجامعة القاهرة لعرض تجاربهم الناجحة    12 رقما من فوز مصر على جنوب إفريقيا    برئاسة محمد سلامة.. انتخاب مجلس إدارة جديد ل الاتحاد السكندري    فلافيو: الأهلي بيتي.. وأتمنى التدريب في مصر    تعذر وصول رئيس اللجنة 40 بمركز إيتاي البارود لتعرضه لحادث    القبض على أجنبي لتحرشه بسيدة في عابدين    الشتاء يكشر عن أنيابه.. أمطار ورياح شديدة واضطراب بالملاحة البحرية    انهيار جزئي لعقار قديم في منطقة رأس التين بالإسكندرية    افتتاح مشروعات تعليمية وخدمية في جامعة بورسعيد بتكلفة 436 مليون جنيه    هيئة تنشيط السياحة: القوافل السياحية أداة استراتيجية مهمة للترويج للمنتج المصري    القوات الإسرائيلية تنفذ عملية تهجير قسري بشمال الضفة الغربية    وزير الإسكان يؤكد خلال تفقده مشروع «حدائق تلال الفسطاط»: نقلة حضارية جديدة    وزير الصحة: بدء الاستعداد للمرحلة الثالثة من التأمين الصحي الشامل    متحدث الوزراء: توجيهات بتخصيص الموارد لتطوير التأمين الصحي الشامل و«حياة كريمة»    27 ديسمبر 2025.. أسعار الحديد والاسمنت بالمصانع المحلية اليوم    روسيا: تنفيذ ضربة مكثفة ضد البنية التحتية للطاقة والصناعة الدفاعية الأوكرانية    وزارة الدفاع العراقية: 6 طائرات فرنسية جديدة ستصل قريبا لتعزيز الدفاع الجوي    الغش ممنوع تماما.. 10 تعليمات صارمة من المديريات التعليمية لامتحانات الفصل الدراسي الأول    الداخلية: ضبط 866 كيلو مخدرات و157 قطعة سلاح ناري خلال 24 ساعة    إصلاح كسر خط مياه بشارع 17 بمدينة بنى سويف    خلال جراحة استمرت 8 ساعات.. نجاح الفريق الطبي في إعادة بناء وجه كامل بمستشفى شربين    عندها 100 سنة.. معمّرة في قنا تدلي بصوتها في انتخابات النواب على كرسي متحرك    انطلاق الدورة 37 لمؤتمر أدباء مصر بالعريش    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : المطلوب " انابة " بحكم " المنتهى " !?    المستشفيات الجامعية تقدم خدمات طبية ل 32 مليون مواطن خلال 2025    الصحة: فحص 9 ملايين و759 ألف طفل ضمن مبادرة الكشف المبكر وعلاج فقدان السمع لدى حديثي الولادة    اليوم.. نظر محاكمة 3 متهمين بقضية "خلية داعش عين شمس"    عشرات الشباب يصطفون أمام لجان دائرة الرمل في أول أيام إعادة انتخابات النواب 2025    تشكيل الأهلي المتوقع لمواجهة المصرية للاتصالات في كأس مصر    مفتي مصر بدين الهجوم على مسجد بحمص السورية    121 عامًا على ميلادها.. «كوكب الشرق» التي لا يعرفها صُناع «الست»    خبيرة تكشف سر رقم 1 وتأثيره القوي على أبراج 2026    زاهي حواس يرد على وسيم السيسي: كان من الممكن أتحرك قضائيا ضده    يايسله: إهدار الفرص وقلة التركيز كلفتنا خسارة مباراة الفتح    جيسوس يعزز قائمة النصر بثلاثي أجنبي قبل مواجهة الأخدود    أخبار × 24 ساعة.. موعد استطلاع هلال شعبان 1447 هجريا وأول أيامه فلكيا    لماذا لم يتزوج النبي صلى الله عليه وسلم على السيدة خديجة طيلة 25 عامًا؟.. أحمد كريمة يُجيب    خشوع وسكينه..... ابرز أذكار الصباح والمساء يوم الجمعه    دعاء أول جمعة في شهر رجب.. فرصة لفتح أبواب الرحمة والمغفرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وظيفة جديدة للدولة العربية
نشر في روزاليوسف اليومية يوم 21 - 10 - 2009

إحدي النتائج المهمة التي خرج بها التقرير الثاني لمرصد الإصلاح العربي بمكتبة الإسكندرية حول اتجاهات النخبة العربية في الإصلاح، أن النخبة - التي شملتها الدراسة- تري أن مكافحة الفساد في المجتمعات العربية باتت وظيفة جديدة مضافة إلي وظائف الدولة العربية.
بالفعل هي نتيجة مهمة ومثيرة في آن واحد. فالمعروف أن الدولة، أي دولة، لها وظائف بعضها كلاسيكي، وبعضها مستحدث. أهم هذه الوظائف هي حماية الثغور، وفرض الأمن، وإقرار العدالة، وإدارة الماكينة البيروقراطية، وصنع السياسات العامة، وإدارة الاقتصاد علي المستوي الكلي، والحفاظ علي التنوع الديني والإثني والعرقي، وصيانة البيئة. هذه الوظائف، وغيرها، لا تستطيع سوي الدولة القيام بها. وفي ظل أفكار "الطريق الثالث" التي راجت في أوروبا في التسعينيات من القرن الماضي، أعيد الاعتبار لدور الدولة في القيام بوظائفها، خاصة في علاقتها بكل من القطاع الخاص والمجتمع المدني، بعد أن كانت برامج الإصلاح الهيكلي التي روج لها كل من صندوق النقد والبنك الدوليين، قد قوضت كثيرا من دور الدولة، مما أدي إلي نتائج كارثية في بعض المجتمعات، خاصة الأفريقية.
نعود إلي رأي شريحة من النخبة العربية التي تري أن محاربة الفساد تعد من وظائف الدولة. أمر لافت، لكنه مبرر ومفهوم. فالدولة هي الكيان السيادي الذي يقوم علي رعاية الصالح العام بمعناه الواسع، ومكافحة الفساد الذي يستشري في كافة مظاهر الحياة، هو إحدي مسئولياتها، لاسيما أنه لا يوجد طرف آخر يعنيه الأمر بالدرجة نفسها، أو يمتلك القدرات التي تمتلكها الدولة حتي يكون بمقدوره تفكيك شبكات الفساد، وتحقيق المساواة، والعدالة، والنظام في المجتمع. وأكاد أجزم أن شرعية الدولة العربية المعاصرة، التي تحاصرها الهزائم العسكرية، والإخفاقات الاقتصادية، والتفسخ الاجتماعي، أصبحت مرتبطة بمكافحة الفساد، إذ لم يعد لها إنجاز آخر سواه. هناك دول لا تزال أراضيها محتلة مثل فلسطين، وسوريا، والعراق. وهناك دول تعاني من تفسخ داخلي يتراوح بين الانهيار الشامل مثل الصومال، وبين التفسخ الجزئي مثل السودان، واليمن، وجزر القمر. وكما أن هناك دول الشمال العربي- أي النفطية منها- هناك دول الجنوب العربي التي تعاني من زيادة السكان والتدهور الاقتصادي، والترهل الاجتماعي، وتزايد معدلات العنف. ويعد غياب الديمقراطية سمة عامة في الدول العربية، الغنية منها والفقيرة، المتماسكة منها والتي تعاني من تفسخ، والناجحة منها في إدارة التنوع، وتلك التي لا يزال التنوع الديني أو الإثني أو اللغوي يشكل تحديا جما بالنسبة لها. القاسم المشترك في الدول العربية، بالإضافة إلي عوامل اللغة والدين والثقافة، هو غياب الديمقراطية. ويعد الفساد هو القاسم المشترك الآخر.
ولمَ الاستغراب؟ فإن غياب الديمقراطية وشيوع الفساد وجهان لعملة واحدة.
من هنا فإن الدولة العربية المعاصرة لم يعد في إمكانها- علي الأقل في الأمد المنظور- تحقيق نصر عسكري، أو إنجاز اقتصادي، كل ما يمكنها تحقيقه هو الإنجاز السياسي أي التحول الديمقراطي، ومكافحة الفساد. في هذا السياق يمكن أن نفهم لماذا طالبت شريحة من النخبة الدولة العربية بمكافحة الفساد، باعتباره إحدي وظائفها. أسباب الفساد، قد تكون معروفة، وقتلت بحثا، من تداخل علاقات السلطة بالمال، وتدني أجور البيروقراطية، وغياب الشفافية في المعاملات الحكومية، الخ. وإذا كانت أسباب الفساد معروفة، فإن تداعياته أيضا معروفة مثل التهام الموارد المحدودة، وتسميم النشاط السياسي، وإشاعة أجواء من الإحباط لدي قطاعات واسعة من المجتمع، وحرمان المجتمعات العربية من الكفاءات التي تواجه خيارين أحلاهما مر إما الهجرة، أو الانزواء والشكوي.
البحث في مستقبل مفعم بالشفافية والمساءلة أمر أساسي، ليس فقط لانتظام السياسة والاقتصاد، وضح دماء النزاهة السياسية في شرايين المجتمع، ولكن أيضا لإيجاد مداخل جديدة لتجاوز أزمة الشرعية في البلدان العربية. وإذا افترضنا وجود إتجاه جاد لمواجهة الفساد، فإن هناك حزمة من السياسات والإجراءات ينبغي اتباعها، وهي في النهاية جزء من أجندة إصلاح ديمقراطي شامل.
من أبرز ملامحها وجود حرية إعلامية في استقصاء وكشف الفساد، وبرلمانات قادرة علي القيام بوظائفها الرقابية، وقضاء مستقل يحقق العدالة دون إبطاء أو تسويف أو محاباة، وأجهزة للمساءلة المالية والإدارية تتعقب الفساد والمفسدين، ومنافسة سياسية بين أحزاب وتيارات لها حضور جماهيري. هذه هي الأعمدة الخمسة لمحاربة الفساد، وغيابها يؤدي بالضرورة إلي استشرائه. تكميم الأفواه يعني غياب الشفافية، وضعف البرلمانات يؤدي إلي تغييب الصالح العام، وتسييس وبطء إجراءات التقاضي يخل بالمساواة في المراكز القانونية بين المواطنين، وضعف الأجهزة الرقابية، وتبعيتها للسلطة التنفيذية يجعل منها أداة للتوظيف السياسي أكثر منها مؤسسات لتعقب الفساد، وأخيرا فإن غياب المنافسة السياسية يشجع علي الصفقات أكثر ما يساعد علي التفاعل الديمقراطي الحقيقي.
إذا كانت شريحة من النخبة العربية تري أن مكافحة الفساد إحدي وظائف الدولة العربية، فإن مستقبل هذه الدولة بات علي المحك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.