مؤتمر جماهيري لدعم محمد موسى مرشح الجبهة الوطنية بالمنوفية    مؤشرات تنسيق كلية تجارة 2025 علمي وأدبي في كل المحافظات    «كيبينج» الصينية تنشئ مصنع لزجاج الألواح الشمسية بالسخنة باستثمارات 685 مليون دولار    برئاسة مصر.. انطلاق اجتماعات «الملكية الفكرية» في منطقة التجارة الحرة الإفريقية    خطة استثمارية ب100 مليون دولار.. «البترول» و«دانة غاز» تعلنان نتائج بئر «بيجونيا-2» بإنتاج 9 مليارات قدم    مدبولي: نؤكد على موقف مصر الثابت بسرعة إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة    «يوما ما سيهاجمه الذئب».. نجل بايدن يفتح النار على نتنياهو بسبب غزة وإيران    مصادر تركية: المفاوضات الروسية الأوكرانية تبدأ مساء الأربعاء    إستوبينيان يخضع للكشف الطبي مع ميلان    المصري كريم أحمد يوقع عقدًا احترافيًا مع ليفربول    «الأرصاد» تكشف موعد ذروة الموجة الحارة وحالة الطقس: درجة الحرارة 46 مئوية    تحرير 7 محاضر لأصحاب أنشطة تجارية في حملة تموينية بالعاشر من رمضان    تحمل اسم ليلى علوي.. تفاصيل الدورة ال 41 ل مهرجان الإسكندرية السينمائي    قرارات بتجديد تعيين رئيس جامعة بنها الأهلية و3 نواب    الأسد من المشاهير والحمل قائد المشاريع.. كيف يتعامل مواليد كل برج مع الحياة الجامعية؟    ب2.5 مليون.. افتتاح أعمال رفع كفاءة وحدة الأشعة بمستشفى فاقوس في الشرقية (تفاصيل)    لماذا لا ينخفض ضغط الدم رغم تناول العلاج؟.. 9 أسباب وراء تلك المشكلة    صحة غزة: 113 شهيدا و534 إصابة جراء عدوان الاحتلال آخر 24 ساعة    اللون الأخضر يكسو مؤشرات البورصة بختام جلسة اليوم    محافظ الغربية يتابع أعمال إصلاح كورنيش طنطا: نتحرك بخطوات مدروسة    خامس الصفقات.. أتلتيكو مدريد يتعاقد مع مارك بوبيل    "المطورين العقاريين" تطالب بحوار عاجل بشأن قرار إلغاء تخصيص الأراضي    رئيس الوزراء يتفقد موقع إنشاء المحطة النووية بالضبعة ويشيد بالتقدم المحقق    برلماني: "23 يوليو" نقطة تحول لبناء دولة العدالة الاجتماعية والاستقلال الوطني    محافظ المنيا يستعرض إنجازات العلاقات الدولية: تنفيذ مشروعات تنموية لدعم الزراعة والمرأة والتعليم    مجزرة مروعة في تل الهوى واستمرار الانسحاب الجزئي للاحتلال من دير البلح    ثورة يوليو البيضاء وثورات العالم الحمراء!    الداخلية السورية: خروج العائلات من السويداء بشكل طارئ أمر مؤقت    ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة إلى 59 ألفا و219 شهيدا    ماذا يحدث للجسم عند تناول الحمص يوميا؟    أفضل الوسائل الطبيعية، للتخلص من دهون البطن في أسرع وقت    وزيرا الأوقاف والتربية والتعليم يوقعان بروتوكول تعاون لإطلاق حضانات تعليمية بالمساجد    تفاصيل الدورة ال 41 ل مهرجان الإسكندرية السينمائي.. تحمل اسم ليلى علوي    تقرير تونسي يكشف موعد انضمام علي معلول للصفاقسي    الحكومة: لا تحديات تعيق افتتاح المتحف المصرى الكبير والإعلان عن الموعد قريبا    فيريرا يركز على الجوانب الفنية في مران الزمالك الصباحي    يحتل المركز الثاني.. فيلم أحمد وأحمد يحقق 50 مليونا و812 ألف جنيه    الإفتاء توضح كيفية إتمام الصفوف في صلاة الجماعة    محفظ قرآن بقنا يهدي طالبة ثانوية عامة رحلة عمرة    أمين الفتوى: الشبكة جزء من المهر والأصل أن تعود للخاطب عند فسخ الخطبة    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : كم نتمنى ان نكون مثلكم ?!    سيد عبد الحفيظ يعلّق على أزمة وسام أبو علي: "أخذ من هيبة المكان.. واعتذاره لتحسين الصورة"    وفاة شخصين متأثرين بإصابتهما في حادث تصادم سيارتين بقنا    أسرة مريم الخامس أدبي تستقبل نتيجتها بالزغاريد في دمياط    تعليم قنا تنظم ندوة تعريفية عن نظام «البكالوريا الجديدة»    بالفيديو.. الأرصاد: موجة شديدة الحرارة تضرب البلاد حتى منتصف الأسبوع المقبل    محافظ الفيوم يهنئ وزير الدفاع ورئيس الأركان بمناسبة ذكرى ثورة 23 يوليو    "الأعلى للإعلام" يُوقف مها الصغير ويحيلها للنيابة بتهمة التعدي على الملكية الفكرية    السيسي: مصر دار الأمن والاستقرار ولدينا 10 ملايين شخص من بلاد كثيرة    رئيس هيئة الرقابة الصحية من مطروح: تحقيق جودة الخدمات يعتمد بالأساس على تأهيل الكوادر البشرية (تفاصيل)    محمد عبد الحافظ ناصف مستشارًا للشؤون الفنية والثقافية بالهيئة العامة لقصور الثقافة    مرتضى منصور لحسن شحاتة: للأسف أنا مسافر ومنعزل عن العالم    وزير الخارجية يتوجه إلى النيجر في المحطة الثالثة من جولته بغرب إفريقيا    أسعار البيض اليوم الأربعاء 23 يوليو 2025    الوداد يتحرك لضم يحيى عطية الله من سوتشي الروسي    وفاة 4 أشخاص بطلقات نارية إثر مشاجرة مسلحة بين عائلتين بقنا    دار الإفتاء المصرية توضح حكم تشريح جثة الميت    خلال فترة التدريب.. مندوب نقل أموال ينهب ماكينات ATM بشبرا الخيمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وظيفة جديدة للدولة العربية
نشر في روزاليوسف اليومية يوم 21 - 10 - 2009

إحدي النتائج المهمة التي خرج بها التقرير الثاني لمرصد الإصلاح العربي بمكتبة الإسكندرية حول اتجاهات النخبة العربية في الإصلاح، أن النخبة - التي شملتها الدراسة- تري أن مكافحة الفساد في المجتمعات العربية باتت وظيفة جديدة مضافة إلي وظائف الدولة العربية.
بالفعل هي نتيجة مهمة ومثيرة في آن واحد. فالمعروف أن الدولة، أي دولة، لها وظائف بعضها كلاسيكي، وبعضها مستحدث. أهم هذه الوظائف هي حماية الثغور، وفرض الأمن، وإقرار العدالة، وإدارة الماكينة البيروقراطية، وصنع السياسات العامة، وإدارة الاقتصاد علي المستوي الكلي، والحفاظ علي التنوع الديني والإثني والعرقي، وصيانة البيئة. هذه الوظائف، وغيرها، لا تستطيع سوي الدولة القيام بها. وفي ظل أفكار "الطريق الثالث" التي راجت في أوروبا في التسعينيات من القرن الماضي، أعيد الاعتبار لدور الدولة في القيام بوظائفها، خاصة في علاقتها بكل من القطاع الخاص والمجتمع المدني، بعد أن كانت برامج الإصلاح الهيكلي التي روج لها كل من صندوق النقد والبنك الدوليين، قد قوضت كثيرا من دور الدولة، مما أدي إلي نتائج كارثية في بعض المجتمعات، خاصة الأفريقية.
نعود إلي رأي شريحة من النخبة العربية التي تري أن محاربة الفساد تعد من وظائف الدولة. أمر لافت، لكنه مبرر ومفهوم. فالدولة هي الكيان السيادي الذي يقوم علي رعاية الصالح العام بمعناه الواسع، ومكافحة الفساد الذي يستشري في كافة مظاهر الحياة، هو إحدي مسئولياتها، لاسيما أنه لا يوجد طرف آخر يعنيه الأمر بالدرجة نفسها، أو يمتلك القدرات التي تمتلكها الدولة حتي يكون بمقدوره تفكيك شبكات الفساد، وتحقيق المساواة، والعدالة، والنظام في المجتمع. وأكاد أجزم أن شرعية الدولة العربية المعاصرة، التي تحاصرها الهزائم العسكرية، والإخفاقات الاقتصادية، والتفسخ الاجتماعي، أصبحت مرتبطة بمكافحة الفساد، إذ لم يعد لها إنجاز آخر سواه. هناك دول لا تزال أراضيها محتلة مثل فلسطين، وسوريا، والعراق. وهناك دول تعاني من تفسخ داخلي يتراوح بين الانهيار الشامل مثل الصومال، وبين التفسخ الجزئي مثل السودان، واليمن، وجزر القمر. وكما أن هناك دول الشمال العربي- أي النفطية منها- هناك دول الجنوب العربي التي تعاني من زيادة السكان والتدهور الاقتصادي، والترهل الاجتماعي، وتزايد معدلات العنف. ويعد غياب الديمقراطية سمة عامة في الدول العربية، الغنية منها والفقيرة، المتماسكة منها والتي تعاني من تفسخ، والناجحة منها في إدارة التنوع، وتلك التي لا يزال التنوع الديني أو الإثني أو اللغوي يشكل تحديا جما بالنسبة لها. القاسم المشترك في الدول العربية، بالإضافة إلي عوامل اللغة والدين والثقافة، هو غياب الديمقراطية. ويعد الفساد هو القاسم المشترك الآخر.
ولمَ الاستغراب؟ فإن غياب الديمقراطية وشيوع الفساد وجهان لعملة واحدة.
من هنا فإن الدولة العربية المعاصرة لم يعد في إمكانها- علي الأقل في الأمد المنظور- تحقيق نصر عسكري، أو إنجاز اقتصادي، كل ما يمكنها تحقيقه هو الإنجاز السياسي أي التحول الديمقراطي، ومكافحة الفساد. في هذا السياق يمكن أن نفهم لماذا طالبت شريحة من النخبة الدولة العربية بمكافحة الفساد، باعتباره إحدي وظائفها. أسباب الفساد، قد تكون معروفة، وقتلت بحثا، من تداخل علاقات السلطة بالمال، وتدني أجور البيروقراطية، وغياب الشفافية في المعاملات الحكومية، الخ. وإذا كانت أسباب الفساد معروفة، فإن تداعياته أيضا معروفة مثل التهام الموارد المحدودة، وتسميم النشاط السياسي، وإشاعة أجواء من الإحباط لدي قطاعات واسعة من المجتمع، وحرمان المجتمعات العربية من الكفاءات التي تواجه خيارين أحلاهما مر إما الهجرة، أو الانزواء والشكوي.
البحث في مستقبل مفعم بالشفافية والمساءلة أمر أساسي، ليس فقط لانتظام السياسة والاقتصاد، وضح دماء النزاهة السياسية في شرايين المجتمع، ولكن أيضا لإيجاد مداخل جديدة لتجاوز أزمة الشرعية في البلدان العربية. وإذا افترضنا وجود إتجاه جاد لمواجهة الفساد، فإن هناك حزمة من السياسات والإجراءات ينبغي اتباعها، وهي في النهاية جزء من أجندة إصلاح ديمقراطي شامل.
من أبرز ملامحها وجود حرية إعلامية في استقصاء وكشف الفساد، وبرلمانات قادرة علي القيام بوظائفها الرقابية، وقضاء مستقل يحقق العدالة دون إبطاء أو تسويف أو محاباة، وأجهزة للمساءلة المالية والإدارية تتعقب الفساد والمفسدين، ومنافسة سياسية بين أحزاب وتيارات لها حضور جماهيري. هذه هي الأعمدة الخمسة لمحاربة الفساد، وغيابها يؤدي بالضرورة إلي استشرائه. تكميم الأفواه يعني غياب الشفافية، وضعف البرلمانات يؤدي إلي تغييب الصالح العام، وتسييس وبطء إجراءات التقاضي يخل بالمساواة في المراكز القانونية بين المواطنين، وضعف الأجهزة الرقابية، وتبعيتها للسلطة التنفيذية يجعل منها أداة للتوظيف السياسي أكثر منها مؤسسات لتعقب الفساد، وأخيرا فإن غياب المنافسة السياسية يشجع علي الصفقات أكثر ما يساعد علي التفاعل الديمقراطي الحقيقي.
إذا كانت شريحة من النخبة العربية تري أن مكافحة الفساد إحدي وظائف الدولة العربية، فإن مستقبل هذه الدولة بات علي المحك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.