دأبت الدول العربية والإسلامية علي محاكاة الغرب في المجالات المختلفة كتأسيس المنظمات السياسية والثقافية الكبري. ففي 28 يونيو عام 1919 قام زعماء الغرب بعقد مؤتمر في فرساي حيث تم تأسيس عصبة الأمم وهي منظمة تأسست الدعم التعاون الدولي وإرساء السلام والأمن في العالم إلا أنها فشلت في أداء مهامها علي الوجه الأكمل مما حدا بالدول الأعضاء إلي البحث عن كيان دولي بديل عن عصبة الأمم. فعقب الانتهاء من الحرب العالمية الثانية قامت هذه الدول بتأسيس منظمة الأممالمتحدة في 24 أكتوبر 1945 في ولاية كاليفورنيا الأمريكية. وعلي صعيد الدول العربية فقد قادت مصر مناقشات فكرة إنشاء كيان مواز لعصبة الأمم. لقد كان مصطفي النحاس هو أول من طرح فكرة إنشاء جامعة الدولة العربية وقاد المناقشات في 12 يوليو 1944 في مدينة الإسكندرية حيث تم الإعلان عن بروتوكول الإسكندرية الذي نص علي قيام جامعة الدول العربية. ولم تمر سوي بضعة شهور حتي اجتمع مندوبو الدول العربية بقيادة جمهورية مصر العربية (صاحبة الفكرة) في قصر زعفران بالقاهرة حيث تم إقرار ميثاق جامعة الدول العربية في 19 مارس 1945. وظلت الدول العربية والإسلامية تراقب المنظمات الدولية التي تنبثق من رحم منظمة الأممالمتحدة وتسعي لتأسيس منظمات مماثلة في عالمنا العربي والإسلامي. من المعروف أن منظمة الأممالمتحدة تضم منظمات وهيئات عديدة، علي رأسها منظمة اليونسكو التي تأسست في 16 نوفمبر 1945. وتعتبر مصر من أولي الدول التي قامت بالتصديق علي ميثاق اليونسكو في 4نوفمبر 1946م. إذن ليس بغريب أن تقوم مصر التي تمثل عقل الأمة العربية وقلب الأمة الإسلامية بقيادة جهود تأسيس منظمات ثقافية علي غرار اليونسكو كمنظمة الالكسو ( المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم) والاسيسكو ( المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة). اللافت للنظر أن هاتين المنظمتين قد تأسستا في السبعينيات من القرن المنصرم أي بعد مضي عدة عقود علي إنشاء المنظمة العالمية (اليونسكو) لقد تأسست منظمة الالكسو التي بلغ عدد أعضائها 22 دولة في 25 يوليو 1970 ومقرها في تونس وهدفها رفع المستوي الثقافي في الوطن العربي. أما منظمة الاسيسكو فقد تأسست في مارس 1979 حيث تم اختيار المغربي مقراً لها. وكان الهدف المعلن لهذه المنظمة هو الحفاظ علي المقومات الثقافية والتربوية التي تلعب دوراً مهماً في استقرار واستمرار الهوية الإسلامية. وقد بلغ عدد أعضاء هذه المنظمة حتي عام 2007 م خمسين دولة من إجمالي عدد الدول الإسلامية وعددها 57 دولة. لعل التنافس بين دول شمال إفريقيا في إنشاء مقرات دائمة لمنظمات إقليمية هو الذي ساهم في تأسيس منظمتين إحداهما في المغرب والأخري في تونس، وهاتان المنظمتان ذاوتا أهداف متشابهة إذ تعنيان بنفس المجالات التي تهتم بها المنظمة العالمية. ولعل القارئ قد لاحظ أن أوجه التشابه والاختلاف بين المنظمتين ( الإلكسو والاسيسكو) تعكسها حروفهما الأخيرة التي تتشابه مع الحروف الأخيرة للفظة يونسكو وهي لفظة مشتقة من الحرف الأول لست كلمات باللغة الإنجليزية هي منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة. إن الاختلاف الوحيد بين هذه المنظمات يكمن في أن حرف الكاف يسبق حرف السين في لفظة الالكسو بينما حرف السين يسبق حرف الكاف في لفظة الاسيسكو وهذا الأمر ربما يعكس ترتيب الألفاظ التي تمثلها هذه الحروف في الإنجليزية أي حرف الكاف = ثقافة وحرف السين = علوم من الملاحظ أن لفظة الثقافة تأتي قبل العلوم في منظمة الالكسو بينما تجد عكس ذلك في منظمة اليونسكو والاسيسكو حيث تأتي لفظة العلوم قبل لفظة الثقافة مما يعكس أولويات اهتمام كل منظمة. لا أبالغ إذا قلت إن مصر ساهمت وتساهم في تأسيس منظمات عالمية كمنظمة اليونسكو ومنظمات إقليمية كجامعة الدول العربية ومنظمة الالكسو وغيرها. وهذه المساهمات المصرية يعكسها أداء مرشحيها حين يتنافسون علي مناصب قيادية في هذه المنظمات. لقد أبلي المرشح المصري فاروق حسني بلاء حسناًَ في انتخابات اليونسكو التي أجريت في سبتمبر الماضي. إذ فقد المنصب المرموق (مدير عام اليونسكو) بفارق 4 أصوات فقط. أما ما أثلج صدورنا وطرد شبح الحزن من نفوسنا فهو أن عام 2009 أبي أن يرحل قبل أن يزف إلينا بشري اختيار أحد أبناء صعيد مصر وجامعة جنوبالوادي مديراً لإدارة التربية في منظمة الالكسو وهو الدكتور أحمد سيد خليل عميد كلية التربية بأسوان والمشهود له بالكفاءة والعلم والقدرات الإدارية. فهنيئاً لمصر بأبنائها.