تسعة عشر عاما تمر اليوم علي اغتيال الدكتور رفعت المحجوب، رئيس مجلس الشعب، ولم يكن قاتلوه إلا أعضاء في ذلك الفصيل الإرهابي الذي يرفع الشعارات الدينية الكاذبة، ويحتكر الحديث باسم الإسلام، ولا يقنع بتخطئة كل مخالفيه ومعارضيه، فإذا به يستبيح تكفيرهم واستحلال دمائهم، في مخالفة صريحة فادحة لأبسط قواعد الشريعة. لم يكن الدكتور المحجوب أول أو آخر الشهداء الذين سقطوا بأيدي الإرهابيين الذين يتخفون تحت أقنعة دينية، والكارثة الحقيقية أن هؤلاء السفهاء من القتلة يجدون من يدافع عنهم ويبرر جرائمهم ويلتمس لهم الأعذار، وغاية ما يقال عنهم إنهم أخطأوا أو أسرفوا، وأنهم في حاجة إلي إرشاد وتوجيه، وهي كلمات مضللة تتعامل مع الإرهابي كأنه أخطأ - بلا قصد - في مفردة عابرة من قواعد السلوك اليومي!. لا ضير في الاختلاف مع الدكتور المحجوب ومعارضة توجهاته، وقد تعرض الرجل في حياته لعديد من الحملات القاسية، وخاض عشرات المعارك الطاحنة، لكن الفارق شاسع بين عراك فكري قوامه الحوار والمناقشة، وتصفية دموية يقال في الدفاع عنها إنها كانت تستهدف غيره، فأي منطق أعوج هذا الذي يري في قتل وزير الداخلية عملا مشروعا، وفي قتل رئيس مجلس الشعب خطأً لا بأس في الاعتذار عنه!. الإرهاب ملة واحدة، والإرهابيون علي قلب رجل واحد، لا توجد فوارق موضوعية بين إرهاب جماعة الإخوان المسلمين، قتلة الخازندار والنقراشي، وبين إرهاب الجماعات الدينية الذين قتلوا فرج فودة والمحجوب، وبين إرهاب القاعدة التي يقودها سفلة أدنياء من طراز أسامة بن لادن وأيمن الظواهري، خلف هذا كله تظهر اللغة الأكبر ممثلة في فكرة الدولة الدينية، تلك التي يتحول فيها الإرهاب من جهد فردي إلي عقيدة راسخة، حيث القتل بالجملة دون تمييز أو قانون. أكذوبة كبري أن يظهر من يدعي الحياء بين الإرهاب والشرعية، وأكذوبة أكبر أن يتردد هذا الهراء باسم كلمات براقة مثل الليبرالية والديمقراطية، فليس من حق للإرهابيين إلا أن تكون معاملتهم حسنة وفق القواعد التي تحددها مصلحة السجون.