سعر الذهب في مصر اليوم الثلاثاء 22-7-2025 مع بداية التعاملات    سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الثلاثاء 22-7-2025 بعد هبوطه ب8 بنوك    أجنة على حافة الموت.. تقرير أممي يكشف مأساة الحوامل في غزة    بعد الأضرار الفادحة... عراقجي يصعّد: التخصيب لن يتوقف    البيت الأبيض: ترامب يسعى إلى حل دبلوماسي لصراعات الشرق الأوسط    مصطفى العش: الموسم القادم سيكون صعبا.. وهدفنا إسعاد جماهير الأهلي    الحالة مستقرة.. حسن شحاتة يخضع لعملية جرحية في القلب    «هل انتهت القصة؟».. جون إدوارد يرفض كل سُبل الاتصال مع نجم الزمالك (تفاصيل)    وسيط كولومبوس ل في الجول: النادي أتم اتفاقه مع الأهلي لشراء وسام أبو علي    رانيا محمود ياسين غاضبة: «منفعلتش على أمي.. كنت بدور عليها ومش لاقياها»    9 اختبارات تؤهلك للالتحاق بكلية الشرطة    زيلينسكي: الجولة الجديدة من المحادثات مع روسيا تنعقد في إسطنبول الأربعاء    لندن: فرض عقوبات على من يسهلون رحلات المهاجرين عبر القنال الإنجليزي    هي دي مصر، رجال الشرطة بأسوان يساعدون النساء وكبار السن السودانيين لتسهيل عودتهم إلى بلادهم (فيديو)    باستثناء الرومي والشيدر، ارتفاع كبير يضرب جميع أصناف الجبن بالأسواق، وصل إلى 37 جنيها    وزير العمل: أي عامل بلا عقد سيُعتبر دائما.. والأجنبي لن يعمل إلا بتصريح    10 تيسيرات من «الداخلية» للمُتقدمين للالتحاق بكلية الشرطة 2025    أهلي جدة يحسم موقفه من المشاركة في السوبر السعودي بعد انسحاب الهلال    ثلاث صفقات من العيار الثقيل في الزمالك خلال ساعات (تفاصيل)    مفاجأة مدوية، محمد صلاح يتدخل لانتقال كوكا إلى الأهلي    الرابط الرسمي ل نتيجه الثانوية العامه 2025 عبر موقع وزارة التربية والتعليم فور اعتمادها    عودة القبة الحرارية، البحوث الزراعية يحذر من طقس الأربعاء ويثير المخاوف من ظاهرة "تنفس الظلام"    يوسف معاطي يكشف سر رفض فيلم "حسن ومرقص" وهذا طلب البابا شنودة للموافقة (فيديو)    «انهيار لغوي».. محمد سعيد محفوظ يرصد أخطاء بالجملة في بيان نقابة الموسيقيين ضد راغب علامة    إيمان العاصي تشارك في «قسمة العدل» والعرض خارج رمضان (تفاصيل)    تامر أمين ل «فشخرنجية الساحل»: التباهي بالثراء حرام شرعا ويزيد الاحتقان المجتمعي    طريقة عمل الأرز البسمتي، في خطوات بسيطة وأحلى من الجاهز    دراسة "تبرئ" البيض من تهمة إيذاء القلب، ماذا قالت عن الكوليسترول الضار    إسرائيل تقتحم منشآت تابعة لمنظمة الصحة العالمية في غزة وتحتجز موظفين    جثة و3 مصابين في حادث تصادم ميكروباص وسيارة نصف نقل بالمنيا- صور    موعد مباراة ألمانيا وإسبانيا في نصف نهائي أمم أوروبا للسيدات والقناة الناقلة    سيمون توجّه رسالة حاسمة لجمهورها: لن أعلّق على ما لا يستحق    معتصم ينتقم من مسعد بعد خطف ريم..حلقة 29 من فات الميعاد    مصرع شاب في مشاجرة بين تجار خُردة بالإسماعيلية.. والأمن يُلقي القبض على المتهم    محافظ شمال سيناء يستقبل وفد من دار الإفتاء المصرية    «خاتم فرعوني» عمره 3500 سنة يُعرض للبيع في مزاد بلندن بسعر بخس    السفيرالمصري ببرلين يدعوا إلي زيارة مصرومشاهدة معالمها الأثرية والتاريخية والسياحية    تفسير آية| «أفحسبتم أنما خلقناكم عبثًا» الشعراوي يوضح سر وجود الإنسان وغاية خلقه    لا علاقة له ب العنف الجسدي.. أمين الفتوى يوضح معنى «واضربوهن»    وصول قطار العائدين السودانيين إلى محطة السد العالي في أسوان    الداخلية تعلن بدء التقديم لكلية الشرطة 2025-2026 إلكترونيًا    التصريح بدفن جثة ربة منزل لقيت مصرعها خنقًا علي يد زوجها بالقليوبية    "مستقبل وطن" ينظم مؤتمرًا جماهيريًا بالشرقية لدعم مرشحيه في انتخابات الشيوخ    الداخلية تكشف ملابسات فيديو يظهر شخصًا يمارس البلطجة باستخدام سلاح أبيض في المنوفية    عراقجى: منشآتنا النووية تعرضت لأضرار جسيمة لكننا لن نتخلى عن التخصيب    الاحتلال يشن غارات متواصلة على دير البلح    رئيس المجلس الوطني الفلسطيني يرحب ببيان دولي يدعو لوقف العدوان الإسرائيلي على غزة    أول بيان من «الداخلية» بشأن فيديو مواطن تعدى بالضرب على زوجة شقيقه المتوفى للاستيلاء على أرض زراعية في البحيرة    إصابة 9 أشخاص بحالة إعياء بعد تناولهم وجبة عشاء في فرح ب الدقهلية    تنسيق الثانوية العامة 2025 علمي علوم.. مؤشرات كليات طب بيطري 2024 بالدرجات    رئيس وزراء الكويت يستقبل كامل الوزير لبحث التعاون الاستثماري وتوسيع الشراكة الاقتصادية    برلمانيون: نائب رئيس "مستقبل وطن" يحظى بشعبية كبيرة في الشرقية (صور)    التحقيق في وفاة سيدة مسنة إثر سقوطها من الطابق السادس بمستشفى طيبة بإسنا    ماذا قال عن بيان الاتحاد الفلسطيني؟.. وسام أبو علي يعتذر لجماهير الأهلي    سقوط سيارة نقل من معدية شرق التفريعة ببورسعيد وجهود لإنقاذ مستقليها    رسميا.. افتتاح وحدة مناظير أورام النساء بمستشفى 15 مايو التخصصي    ملتقى أزهري يكشف عن مظاهر الإعجاز في حديث القرآن عن الليل والنهار    هل النية شرط لصحة الوضوء؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المصري اليوم صنعت الزعيم البرتقالي
نشر في روزاليوسف اليومية يوم 08 - 10 - 2009

أيمن نور شبه سياسي تحيط به علامات استفهام كثيرة، فلا أحد يعرف علي وجه اليقين حجم ومصدر ثروته، ويجهل الكثيرون حقيقة درجة الدكتوراة التي يحملها، أما عن نشاطه البرتقالي شبه السياسي فمجرد فقاعة ظهرت في مرحلة مسكونة بفراغ يحتاج إلي من يملأه، وجاء الشاب الأنيق ليتاجر بشعارات قد يجهل بالضرورة معناها، وبدأ يطنطن ببرنامج حزب سياسي يحمل اسم الغد، وكُتب في البرنامج، الذي لاشك في قراءة أيمن نور له، ما يبشر بعالم جديد يشبه الأفلام الملونة!
الزعيم والصحيفة
الدكتور أيمن نور متهم ومدان بحكم قضائي في جريمة تزوير توكيلات، وقد نُظرت قضيته أمام القضاء كما هو الأمر مع ملايين القضايا، لكن الزعيم يبدو متوافقًا مع نفسه وهو يؤكد أنه ضحية لمؤامرة تستهدف مستقبله ونفوذه السياسي المتنامي، وقد منحه الإخوان المسلمون تلك الأقلية المنظمة، أصواتهم في الانتخابات الرئاسية، لأسباب تتعلق بحساباتهم، كما حصل علي أصوات لبعض من انخدعوا به، وبعدها تزايد شعوره بالنشوة، فطرح نفسه بديلاً كأنه المهدي المنتظر، بل إنه حول مرحلة سجنه إلي أداة تعينه للبقاء حيا في ذاكرة الإعلام، وبخاصة في تلك الصحف التي تبدأ يومها بالبحث عما يحفل بالإثارة ويساعد في زيادة التوزيع.
لأيمن الدكتور، حتي لا يغضب، تاريخ حافل مع المصري اليوم، وبعد الإفراج عنه، لأسباب صحية قبل أن تنتهي فترة العقوبة، تابعت الصحيفة الليبرالية كل دقائق يومه، من ساعة الاستيقاظ إلي النوم، وسعت إلي الإيهام بأنها تحقق انفرادًا صحفيا غير مسبوق باحتكاره حصريا، كأنه مباريات الدوري المصري، وأن ثقة الدكتور بها دليل علي تفردها وتفوقها، أعانهما الله علي هذا التفرد!
ولأن التوافق والانسجام بين الصحيفة والدكتور لا علاقة له بالمبادئ والقيم، فقد تفجر الصراع بعد مسلسل انفصال أيمن والسيدة جميلة إسماعيل، فقد انفردت المصري اليوم بخبر انفصالهما، وانفردت بأصداء ذلك وتداعياته التاريخية، وانفردت أيضًا بطمأنة الشعب المصري علي مستقبله بعد هذا الانفصال، فالزعماء الأشاوس من أمثال نور لا تتغير قناعاتهم بالهموم العائلية التي تؤثر علي عوام الناس، لكن أيمن نور نفسه هو من ضاق بهذه الانفرادات، واشتعلت معركة صحفية وفضائية بينه وبين رئيس التحرير، وتحول الأمر إلي مهزلة تبرهن عليها المهاترات والمشاحنات التي يحتفظ بها الأرشيف لمن يروم التسلية.
ولأن الحق أحق أن يتبع، فلابد من الاعتراف بالفضل للصحيفة الخاصة، فهي صاحبة التغطية الأعمق والأدق والأشمل في واقعة حرق شعر أيمن نور بمعرفة الكوافير، وهو الحريق الذي تحول عند نور إلي مؤامرة دبرها النظام الحاقد لينال من شعره الجميل!
لاشك أن القائمين علي تحرير المصري اليوم يعرفون حقيقة أيمن نور جيدًا، والتاريخ القريب للدكتور لا يستدعي جهدًا، لكن الصحيفة العتيدة لا تحفل بالحقائق قدر اهتمامها بالأخبار المثيرة التي يصنعها الزعيم الشاب، فمن تزوير في التوكيلات إلي محاولات حرق، مرورًا بزواج وانفصال وتصريحات ومؤتمرات، ففضلاً عن مشاجرة شهيرة مع فندق عميل رفض إداريوه أن يقيم الزعيم بلا تقديم بطاقة هوية تثبت شخصيته، فيالهم من جهلة جاحدين، ومن الذي لا يعرف الدكتور أيمن؟، وهل يخفي نوره الساطع إلا علي فاقدي البصر والبصيرة؟
مؤتمر السويس
في عدد الأحد الثاني من أغسطس، الصفحة الخامسة، تنشر المصري اليوم تقريرًا خبريا عن زيارة الزعيم الدكتور أيمن نور لمحافظة السويس، وفي المؤتمر الذي انعقد في نقابة المحامين، وشاركت فيه طبقًا للصحيفة قيادات من أحزاب التجمع والناصري والوفد والجبهة، قال نور إنه سيخوض انتخابات رئاسة الجمهورية في العام 2011، وأن برنامجه السياسي لن يتغير، وعلي الرغم من أن التقرير القصير تتصدره ثلاثة أسماء، فإنهم أشبه بجهاز الكاسيت الذي يسجل ولا يعلق، وليس أدل علي ميكانيكية المحررين، وغياب من يراجع وينقح كتابتهم، من تلك الفقرة التي تقول ما نصه: وحول رؤيته لاختيار أحزاب المعارضة مرشحا واحدا لخوض انتخابات الرئاسة المقبلة، قال نور إنه سيؤيد المرشح الذي تجمع عليه المعارضة، شريطة أن يكون جادا وبرنامجه الانتخابي يتوافق مع مبادئ حزبه!
احتمالان لا ثالث لهما: أن يكون المنسوب إلي أيمن نور قد قيل بالفعل، دون تعقيب من المشاركين، وهي جريمة سياسية بالنظر إلي أن قيادات الأحزاب المشاركة في المؤتمر توافق علي وصاية نور وتقييمه للجميع، فهو وحده، بكل الخبرة التي يملكها، من يستطيع تحديد الجاد وغير الجاد، ومن يقيس البرنامج الانتخابي لمنافسيه حتي يعرف بحنكته من يتوافق مع مبادئ حزبه ومن لايتوافق!
الاحتمال الثاني أن تكون هذه الخزعبلات قد وجدت من يتصدي لها، لكن ثلاثي التحرير لم يجد أهمية في تسجيل ما قالوه، وهنا تكون الجريمة المهنية، التي تسيء إلي الصحيفة وأحزاب التجمع والناصري والوفد والجبهة، فقد ارتضوا جميعا أن يبايعوا نور علي السمع والطاعة، وأن يجعلوا منه الحكيم والحكم، متغافلين عن حقيقة أنه لايحق له الترشح للانتخابات الرئاسية بحكم الدستور!
في السياق نفسه يتحدث التقرير عن مطالبة أيمن نور بإلغاء جهاز مباحث أمن الدولة، وبدعم الجناح الإصلاحي داخل جماعة الإخوان المسلمين، ولا أحد غيره بطبيعة الحال يعرف فلسفة إلغاء الجهاز الأمني المهم، ولا أحد غيره يستطيع تحديد الإصلاحيين داخل جماعة الإخوان، فالزعيم بارك الله فيه صاحب توكيل الفرز والتصنيف والاختيار الحاسم الذي لايقبل المناقشة.
لا ضير في حرص المصري اليوم علي تغطية مؤتمرات أيمن الدكتور، ولا بأس في ركاكة الصياغة غير الاحترافية لتقرير قصير لا يتطلب مهارة فائقة، المهم عندهم أن يحظي نشاط نور بالمتابعة الصاخبة، وأن تكون المعالجة مثيرة ساخنة، لكن الأقدار شاءت أن تكون هذه التغطية لمؤتمر السويس هي الأخيرة، فقد كانت تصريحات الزعيم المنفلتة عن تاريخه المجيد القريب هي القشة التي قصمت ظهر التحالف الثنائي، وأفضت إلي الخصام والقطيعة.
أوهام الزعيم
لا يتضمن مؤتمر السويس مادة بالغة الإثارة تصلح للنشر في الصفحة الأولي بعناوين تغري بالبيع، لكن مؤتمر أيمن نور في الإسكندرية أتاح لمندوبي المصري اليوم أن يظفرا من الزعيم بتصريحات خاصة تمثل انفرادا، وتسارع الصحيفة الليبرالية إلي نشرها بعنوان مثير: لن ألعب دور الدوبلير لجمال مبارك في الانتخابات المقبلة، أما العنوان المتميز الثاني فيقول نصه: الجنزوري عرض علي أن أكون وزيراً ورفضت.. ولا أقبل المشاركة في حكومة ائتلافية لاحتوائي!
... ما أعظم شكسبير وهو يقول علي لسان هاملت: إن عزف الناي سهل كالكذب ورحم الله سيرفانتس الذي أبدع شخصية دون كيشوت فقد تفوق نور علي الروائي الإسباني، وها هو شبه السياسي يتوهم أن هناك من يبحث عن دوبلير، وأن الاختيار قد وقع عليه بالفعل، وأنه لن يقبل القيام بمثل هذا الدور!
كيف يمكن التعليق علي مثل هذه الخزعبلات التي لامنطق لها؟! المحرران لم يكلفا نفسيهما عناء السؤال عمن رشحه لدور الدوبلير فهما علي يقين بأن الزعيم لايكذب، ودورهما المهني كما تعلما في المدرسة الليبرالية أن يستمعا بكل انصات وأدب إلي كذبته الكبري وهو يؤكد رفضه الحاسم: أن يكون دوبليرا لأحد في مصر، خصوصا جمال مبارك، رافضا أن يكون وزيرا في إطار حكومة ائتلافية يقرها الرئيس مبارك أو جمال لاحتوائه!
الزعيم البرتقالي ذو الشعر الحرير يرفض أن يكون وزيرا في حكومة ائتلافية تتشكل خصيصا لاحتوائه!، من الذي فكر في هذا الحكومة؟ ومن عرض عليه أن يكون وزيراً؟! ومن يكون أيمن نور هذا حتي ينشغل الرئيس مبارك بأمره؟! هل يختلف هذا التهريج عما يقوله إنسان خفيف الظل في القهوة، بفعل المخدر أو بغير مخدر، عن رفضه الحصول علي مليون جنيه من مرشح في انتخابات مجلس الشعب ليتنازل عن الترشيح في مواجهته؟
البطولة يا أخ أيمن، أو يادكتور أيمن ليست في أن ترفض ما تتوهم أنه سيعرض عليك لكن البطولة التي لن تعرفها يوما أن تكون صادقا وتتخلص من أحلام اليقظة المدمرة، أما عن المحررين المؤدبين الطيبين فهما يسجلان بدقة، ما يقوله الزعيم أيمن، ولا يفكر أحدهما في السؤال عن طبيعة هذا العرض الوهمي.
إذا كان رفض المنصب الوزاري في حكومة ائتلافية لا أساس لها مما يحسب علي أحلام اليقظة والخيالات الدون كيشوتية، فإن الإشارة الي رفضه القديم أن يكون وزيرا في حكومة الدكتور كمال الجنزوري ليس إلا كذبة صريحة متعددة الوجوه، وطبقا لما ينشره المحرران الأمينان في انفرادهما الصحفي، فقد أفاد الزعيم أيمن: عرض علي في حكومة الدكتور كمال الجنزوري أن أكون وزيرا وكان عمري وقتها 32 عاما فقط ورفضته، فكيف أقبله وعمري 44 عاما!
من المنطقي أن يجهل المحرران المؤدبان شروط اختيار الوزير كما يحددها الدستور المصري، لكن غير المفهوم أنهما يستمعان ويسجلان، فهل يعني هذا أنهما يبرهنان علي الالتزام بالتقاليد العريقة التي تلتزم بها الصحيفة الليبرالية صاحبة شعار احترام القارئ؟!
الكذب السفيه
في اليوم التالي لتصريحات أيمن نور الكوميدية التي انفردت بها المصري اليوم، بادر الدكتور كمال الجنزوري بتكذيب ما نسبه إليه الزعيم البرتقالي الذي يتقن العزف علي الناي، وأشار رئيس الوزراء السابق إلي إن هذه هي المرة الأولي التي يسمع فيها مثل هذا الكلام، وإنه لم يعرض إطلاقا علي أيمن نور أي منصب وزاري.
ويضيف الجنزوري: إن الدستور المصري يشترط أن يكون عمر الوزير 35 عاما، فكيف أخالف الدستور، وأفكر في تعيين أيمن نور وزيرا وهو عمره 32 عاما؟!.
بأثر رجعي لاجدوي منه، تقرر المصري اليوم أن تقوم بدورها كاملا في توعية القارئ الذي تحترمه ويحترمها، فتختتم تكذيب الدكتور الجنزوري بتعقيب تقول فيه: جدير بالذكر أن المادة التي يشير إليها د.كمال الجنزوري في الدستور هي المادة 154 التي تنص علي التالي: يشترط فيمن يعين وزيرا أو نائب وزير، أن يكون مصريا بالغا من العمر خمسا وثلاثين سنة ميلادية علي الأقل، وأن يكون متمتعاً بكامل حقوقه المدنية والسياسية.
لم يكن القائمون علي تحرير المصري اليوم علي علم بهذه المادة في الدستور المصري، قبل يوم واحد، عندما نشروا تصريح الزعيم أيمن، ولا شك أنهم شعروا بمزيح من الخجل والارتباك وهم يكتشفون خديعة الدكتور البرتقالي للمحررين اللذين فرحا بتصريحاته الكاذبة جملة وتفصيلا لكن هذه المشاعر المتداخلة لم تحل دون مبادرة أيمن بالدفاع عن نفسه، متجاهلا حكمة عميقة كان الأولي به أن يضعها نصب عينيه: إذا بُليتم فاستتروا!
بعد يومين من تكذيب الجنزوري بالغ الصراحة والوضوح، وفي عدد السبت الثامن من أغسطس، وفي الصفحة الخامسة بعيدا عن الأولي التي نُشر فيها التصريح الكاذب، تنشر المصري اليوم تعقيبا هزيلا هزليا للزعيم أيمن الدكتور، يؤكد فيه أن التباسا قد وقع في فهم تصريحاته، ويشير إلي أنه لم يذكر نصا رفضه للمنصب الوزاري الذي عرضه عليه الدكتور كمال!
ولأن الكدب مالوش رجلين، كما يقول الفنان الكبير عبدالمنعم إبراهيم في فيلم إشاعة حب فإن أيمن نور لايتوقف عن الكذب الذي يدمنه، ويؤكد أن المنصب الذي رفضه هو رئاسة المجلس الأعلي للشباب والرياضة، جاهلا أنه منصب بدرجة وزير، وتنطبق عليه الشروط نفسها التي يحددها الدستور!
في تعقيب المصري اليوم ضيق واضح بأكاذيب نور التي لاتنتهي، فالزعيم مصمم علي خداعهم وتضليلهم والإخلال بقواعد الصفقة التي تهدف إلي فائدة مزدوجة لطرفيها: تلميع المعارض الوهمي وتقديمه كبطل مغوار صنديد، واضفاء الخصوصية علي الجريدة المستقلة التي تفخر بمتابعة أصداء الطلاق وتأثيراته السياسية، فضلا عن الحادث الأليم الذي هدد شعر الدكتور لأسباب كوافيرية!
يستطيع القارئ أن يعود إلي نص التعقيب ليجد فيه ذلك الاستياء والتذمر، ويستطيع أيضا أن يطالع كل الاعداد التالية، ولن يجد فيها خبرا وحداً عن مؤتمرات نور وتصريحاته وبطولاته المصنوعة بل إنه لن يجد إشارة واحدة إلي شعر الزعيم!
شهادتان
أرشيف المصري اليوم عبر ما يزيد علي خمس سنوات، ليس بعيدا عن أيدي القارئ الباحث عن الحقيقة، ونظرة عابرة تبرهن علي أن الجريدة قد سخرت كل فنونها التحريرية لتجميل صورة الزعيم الدكتور والإشادة بمناقبه، لكنهم في الوقت نفسه أتاحوا الفرصة لبعض خصومه، فشهروا به وكشفوا عن إدمانه للكذب والخداع، للوهلة الأولي يبدو الأمر تعبيرا عن توجه ليبرالي صحيح، فصفحات الصحيفة تتسع للجميع دون تمييز، لكن هذا الظاهر السطحي البراق لاينفي أن المفارقة كامنة ولا تفسير لها، هؤلاء الخصوم لايختلفون مع أيمن نور سياسيا وفكريا، لكنهم يوجهون اتهامات بالغة القسوة، ولو صح جانب ضئيل من هذه القذائف لكان ذلك كافيا في اثبات أن الدكتور لاشيء عنده إلا الكذب الدائم، وهو ما يعني أنه يمثل خطرا علي الحياة السياسية المصرية، فكيف إذن تروج له الصحيفة باسم الليبرالية؟!، وإذا كان ما يكتبه هؤلاء الخصوم محض افتراء أقرب إلي القذف، فأي معيار مهني وأخلاقي تتبعه الصحيفة المحترمة وهي توافق علي النشر؟! بعد واقعة الدكتور الجنزوري، تتسع صفحات المصري اليوم لشهادتين مهمتين قُدمتا بمعرفة اثنين من كتاب الصحيفة الدائمين: علي السيد وميلاد زكريا.
في عدد الأحد التاسع من أغسطس، يكتب علي السيد: أكاذيب الزعيم، ويذهب إلي أن أحداً لم يضر بالمعارضة في مصر مثل أيمن نور، وأنه قادر دوما علي شغل الصحافة وجرها وراء إدعاءاته بحكايات كذبها أوضح من نهار هذه الأيام، ورد فعلها أننا بتنا نكره المعارضة ونلعن وجودها، فإذا كان هذا النموذج والقدوة، فلتذهب الديمقراطية إلي الجحيم!
ما يكتبه علي السيد يتضمن جملة من الوقائع التي يقيم من خلالها أداء الزعيم الذي يسيء إلي المعارضة موضوعيا، ويشوه الحياة السياسية بفرض أنموذج مشوه جديد بخلق حالة من النفور العام، ويمكن رصد أهم المرتكزات المقدمة علي النحو التالي:
كاتب بلا هوية
دخل أيمن نور إلي السجن مدانا بتهمة التزوير، فالأمر ليس ملفقا، ولا مؤامرة للاطاحة به أو تشويه صورته.
سنوات السجن لم تغير شيئا في منظومة أفكار نور وملامح شخصيته التقليدية، فهو مثابر علي عشقه للأضواء والفلاشات وفي سبيل ذلك لا يتورع عن شيء.
تعدد الأحداث المصنوعة خصيصا للبقاء في دائرة الضوء الساطع، من منطلق الحرص علي أن يكون هدفا تلهث وراءه مختلف وسائل الإعلام، في ذلك مسلسل طلاقه من السيدة جميلة إسماعيل وحكاية الكوافير الذي حرق شعره فإذا بالحريق فعل سياسي مدبر من الخصوم، وقصة الفندق الذي طلب العاملون فيه تحقيق الشخصية فكان القرار بالاعتصام كأنهم يسيئون إليه ويكيدون ضده، استفتاء النت العبثي الذي بايع الدكتور بالرئاسة، وصولا إلي الادعاء الكاذب برفض المنصب الوزاري الذي عُرض عليه في حكومة الدكتور الجنزوري.
التأكيد علي أن الدكتور مولع بصناعة الضجيج الذي يبقيه حيا، وفي هذا السياق فإن سيناريوهات المستقبل تتضمن توقعا أقرب إلي اليقين بحكايات أخري ملفقة، لاصدق فيها ولا جدوي، ذلك أن المستهدف منها هو أن تنشغل الصحف وتلهث الكاميرات ويتابع الرأي العام.
خلاصة ما يصل إليه علي السيد أن المعارض الصنديد ليس إلا جملة من الأكاذيب، وعاشقاً لايرجي توبته للشو الإعلامي، ومولعاَ إلي درجة الإدمان بالفضائح والأكاذيب، وبتعبير الكاتب نفسه كأنه يتخلص من الأمر كله: لاشيء يستحق التوقف!
ولا كلمة واحدة في عمود علي السيد تنبئ عن اختلاف سياسي أو فكري مع أيمن نور، فهو مجرد حالة مرضية ميئوس منها، ولا يرقي حتي إلي مستوي المناقشة الجادة.
عمود علي السيد بالغ الدقة والوضوح في تشخيص حالة الزعيم الوهمي، عاشق الأضواء والشهرة، فالمسألة ليست صراعا سياسيا واختلافا فكريا، لأن أيمن نور، أو الدكتور أيمن نور، لا علاقة له بالسياسة أو الفكر، فهو مجرد باحث عن دور، ولا شيء يثنيه عن هذا البحث، لا لوم علي أيمن لأن هذه حقيقة شخصيته التي لايملك أن يغيرها، واللوم كل اللوم علي الصحيفة التي تصنع ارتباكا فوضويا تحت مظلة الليبرالية المشوهة، وتجعل من أكاذيب الزعيم مادة تلقي الترحيب والاهتمام، يستوي في ذلك أن تكون مادته تزويرا سافرا، أو خطأ من كوافير، أو مشاجرة في فندق.
بعد خمسة أيام لا أكثر وفي عدد يوم الاثنين العاشر من أغسطس، يكتب ميلاد زكريا: إلا أيمن نور يارب، وفي العمود من السخرية والتهكم بالزعيم البرتقالي ما يبرهن علي أن رافضي نور ومنهجه الاستعراضي ليسوا بالضرورة من أنصار النظام ومؤيدي الحكومة، فالدكتور أيمن في الحقيقة خارج حسابات الجميع، ولا أحد ينشغل به إلا من يحررون الصحيفة الليبرالية، ويهللون لكل من يشجع الفوضي: أيمن، والإخوان والموظف الذي يضرب ويعتصم لأن رئيسه المباشر في العمل لم يمنحه حافزا لا يستحقه أو مكافأة لا حق له فيها! وماذا بعد؟!
حكاية أيمن نور مع المصري اليوم خير تعبير عن الحالة التي تهدف الصحيفة إلي نشرها وتعميمها تحت شعارات ليبرالية لا مصداقية لها في الممارسة الفعلية، وهي حالة ينبئ عنوانها الدقيق عن الخواء وغياب الرؤية المتكاملة، ويؤكد الافتقاد الكامل لاستراتيجية واضحة محددة المعالم، ما الفارق بين الحراك والفوضي؟! إنه الفارق نفسه بين البناء الإيجابي والتخبط السلبي.
وإذا كانت التوبة عن متابعة أخبار الزعيم الوهمي قد حلت بالصحيفة بعد واقعة الدكتور الجنزوري، حيث برهن نور عمليا علي أنه ليس أهلا للثقة، ولا يعرف الالتزام بالصفقات التي يبرمها، فإن الإطار الذي تتحرك فيه الجريدة يتجاوز الظاهرة البرتقالية الأشبه بالفقاعة، فهي تستكتب من يروجون لاهدافها، ومنهم سعد الدين إبراهيم وحسن نافعة وبلال فضل، ولعل التأمل في كتابات الأخير، والتوقف عند قاموسه اللغوي، يجسد ما نعنيه بحالة المصري اليوم.
كاتب بلا هوية إلا العبث والاستظراف والسوقية التي تتجاوز كل حد، وصحيفة تجد فيه ضالتها وترحب بسخافاته توهما أنه يعينها علي الوصول إلي المناخ الذي صدرت لصناعته.
وللحديث بقية
الحلقة التالية يوم الثلاثاء


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.