رغم وجود قرابة 500 خبير مثمن داخل سجل القيد بوزارة التجارة، إلا أن العدد الفعلي لمزاوليها لا يتعدي 100 خبير وهو ما ينذر بانقراض تلك المهنة. ولعل أبرز أسباب ذلك، سعي أكبر المكاتب لاحتكار السوق من خلال العمل بشكل تكتلات عائلية وترشيح فكرة التوريث، وعدم السماح بتدريب، خبراء جدد، كشرط أساسي لقيدهم بسجلات وزارة التجارة كخبراء مثمنين. وحول تلك القضية تحدث بجس ألفي الخبير المثمن عن فكرة التوريث داخل مهنة الخبير المثمن قائلاً : أعمل أنا وزوجتي فقط داخل مكتبي، ولا يوجد لدينا شركاء من الخارج، ويرجع هذا إلي أن طبيعة المهنة تتسم بالسرية والدقة وضمان عدم تسريب السجلات وملفات العملاء ودفاتر المزادات. وهذا ما أدي للتدقيق في إمكانية السماح بعمل أو تدريب أي شخص ليس ذا صلة وطيدة. ويفسر ذلك، بأنه في حالة السماح بتدريب الراغبين في الحصول علي شهادة خبير مثمن داخل مكتبي علي مدار 3 سنوات، فإن هذا بعني إخطار وزارة التجارة بذلك والسماح له بحضور وتسجيل المزادات والتعرف علي الأمر من الجهات التي تتعامل معها، وهذا قد يستغل بشكل سيئ، حيث يلجأ المتدرب بعد انتهاء فترة تدريبه وحصوله علي الشهادة إما سحب العملاء والجهات التابعة لمكتبي لصالحه أو لصالح مكتب آخر يرغب في العمل معه. ويبرر لهذه الأسباب لن اسمح بتدريب أشخاص لا تربطني بهم علاقات عائلية أو وطيدة، فعلي سبيل المثال قمت بتدريب أختي وزوجها لثقتي في نزاهتهما. وللأسف كما يسرد، خلق ذلك الخوف بيزنس خفي لدي بعض المكاتب حيث لجأت لبيع شهادات الخبير المثمن بمبلغ يبدأ من 300 ألف ويصل حتي مليون جنيه، وهذا علي سبيل التعويض في حالة حدوث أضرار من جراء تدريب الجدد، كما أن من يقبل علي الحصول علي تلك الشهادة بشكل خفي يعلم جيداً أنه من خلال ما لديه من سيولة مادية وعلاقات سيتمكن من تحقيق اضعاف أضعاف هذا المبلغ، خاصة إذا حصل عليها من كبري المكاتب. وحول مخاطر ذلك، للأسف أدي هذا إلي حدوث مشكلتين داخل المهنة، أولاهما والأكثر خطورة وهي الانقراض فبعدما كان أعداد الخبراء المثمنين مع بداية إصدار قانون البيوع التجارية رقم 100 لسنة 1957 نحو 500 خبير مثمن، وصل عددهم الآن 100 فقط، ويعمل منهم قلة قليلة وذلك يرجع لقلة فرص التدريب للجدد بما يسمح لهم بالحصول علي الشهادة والقيد بسجل الخبراء المثمنين بوزارة التجارة. وثاني تلك المشاكل الاحتكار فسوق المزادات والصالات يشهد حالة من الاحتكار لأكبر المكاتب وخاصة العائلية. وحول أبرز تلك المكاتب العائلية يذكر مكتب الحبشي ويملكه الابن سيد الحبشي ورثه عن والده سيد عبد العال وعمل معه أخوه وابنه، كذلك مكتب شكري ميخائيل ووالده إيهاب ومكتب نادر وناجي وحلمي خزام وتعتبر تلك المكاتب العائلية هي التي تسيطر علي أغلب سوق المزادات في مصر. أما سيد الحبشي - رئيس الجمعية العلمية للخبرة والتثمين فيؤكد أنه لا يوجد توريث في المهنة والدليل علي ذلك قيام الجمعية بتنظيم دراسة دبلوم تابعة لجامعة عين شمس لمدة عامين لكل متدرب لتأهيله للعمل كمقيم عقاري، أما بالنسبة للخبير المثمن، فإن تدريب الجدد داخل المكاتب ليس بالأمر السهل خاصة أنه يزاول المهنة من داخل المكتب لمدة 3 سنوات وبالتالي يصبح علي صلة بخبايا ومهارات وأسرار العمل داخل المكتب، وهذا لا يعني أننا نمنع التدريب أو العمل لدينا، فعلي الرغم من عمل إخوتي وأبنائي معي بالمكتب، إلا أنني أقوم علي مدار كل 3 سنوات بتدريب خبيرين. ويوضح أن قلة عدد المتدربين لا ترجع لتعنت صاحب المكاتب وإنما لقلة حيلته، فتلك المهنة وطبقاً لقانونها، يلزم من عمل بها بالسمعة الطيبة والأمانة وحسن السير، وبالطبع علي صاحب المكتب التيقن من ذلك قبل السماح بعمل أو تدريب أحد الجدد خاصة وأن وجود عضو فاسد داخل المكتب، سيؤدي لانهيار سمعته بالسوق، كما أن فساد أحد الحاصلين علي شهادة التدريب سيؤدي لنفس النتيجة، ونحن تاريخنا يعود لأكثر من نصف قرن. ويضيف الحبشي نحن علي استعداد لتدريب أكبر عدد ممكن، ولكن بشرط توافر النزاهة والأمانة، فانتقاء من لديه بذرة الخبير المثمن نادرة ونحن نخشي أن تنقرض المهنة ولكن نسعي أيضاً للحفاظ عليها من سيئ السمعة. وبالنسبة لبيع الشهادات فهي وسيلة يلجأ إليها بعض المكاتب لتطفيش غير الجادين في التدريب، ولكن هناك قلة من المكاتب تسعي فعلاً لبيعها بأسعار تبدأ من 100 ألف جنيه للسنة.