وسام أبو علي يوجه رسالة اعتذار لجماهير الأهلي    انتشال 3 جثامين ومصاب إثر غرق سيارتي نقل بمعدية شرق التفريعة ببورسعيد    بينهم أطفال.. إصابة 9 أشخاص بالتسمم خلال حفل زفاف في الدقهلية    البيت الأبيض: ترامب «فوجئ» بالقصف الإسرائيلي بسوريا    زيلينسكي: جولة جديدة من المفاوضات مع روسيا ستجري يوم 23 يوليو    هيئة البث الإسرائيلية: تل أبيب لن تتنازل عن خرائط الانسحاب من غزة بعد الآن    وزير الخارجية الإيراني: لا يمكننا التخلي عن تخصيب اليورانيوم    السفيرالمصري ببرلين يدعوا إلي زيارة مصرومشاهدة معالمها الأثرية والتاريخية والسياحية    «جايب 6 أهداف في ست سنين».. أسامة حسن يطالب ببيع نجم الزمالك    المالية تنفي الإعلان عن حزمة اجتماعية جديدة: «سابق لأوانه»    وصول أكثر من 1000 سوداني إلى محطة ميناء السد العالي بأسوان    ضبط المتهم بسحل طليقته للاستيلاء على أرضها بالبحيرة | فيديو    سقوط «بلطجي» روّع شخصًا بسلاح أبيض في المنوفية | فيديو    التصريح بدفن جثة ربة منزل لقيت مصرعها خنقًا علي يد زوجها بالقليوبية    «كانت حفلة صعبة.. وإمام عاشور اتنقذ».. تعليق ساخر من الغندور على إيقاف راغب علامة وفتوح    4 أبراج «بتسيب أثر فيك».. ساطعون كالنجوم لا يمكن نسيانهم وحضورهم طاغٍ    تفسير آية| «أفحسبتم أنما خلقناكم عبثًا» الشعراوي يوضح سر وجود الإنسان وغاية خلقه    لا علاقة له ب العنف الجسدي.. أمين الفتوى يوضح معنى «واضربوهن»    "مستقبل وطن" ينظم مؤتمرًا جماهيريًا بالشرقية لدعم مرشحيه في انتخابات الشيوخ    الكنيسة تفتح أبوابها لاستقبال قداسة البابا تواضروس الثاني    حسن شحاتة يخضع لعملية جراحية    منظمة الصحة العالمية تعلن استهداف قوات الاحتلال لمقرها وسط قطاع غزة    فريدة تمراز: حلمى كان إعادة مصر إلى خريطة الموضة العالمية ببراند معترف به    الصحف المصرية.. رسالة السودانيين لمصر: شكرا من القلب    الأردن يرحب ببيان 25 دولة حول الوضع في الأراضي الفلسطينية المحتلة    الأمم المتحدة: استمرار العنف في سوريا يؤجج النزوح الجماعي في السويداء    وزير الرياضة: نتواصل بشكل مستمر مع النجم محمد صلاح وأسرته (تفاصيل)    «لن يعتزل».. الكشف عن وجهة علي معلول بعد رحيله عن الأهلي    مؤشرات تنسيق كلية التربية 2025 في جميع المحافظات (علمي وأدبي)    مديرية التعليم بالسويس تعلن أسماء 102 فائزًا في مسابقة ال30 ألف معلم    إدراج كلية الطب بالجامعة الأهلية في المنيا في الاتحاد العالمي للتعليم الطبي    وزير العمل: مواجهة عمالة الأطفال وحماية عمال الدليفري أولويات الوزارة    د.حماد عبدالله يكتب: "تدليع " الصناعة المصرية !!    مصرع شاب من المنوفية صعقًا بالكهرباء داخل مصنع بأكتوبر    جدول امتحانات الدور الثاني 2025 في الجيزة ( صفوف النقل والشهادة الإعدادية)    الآن بعد الانخفاض الجديد.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الثلاثاء 22 يوليو 2025    وزارة الدفاع الأمريكية: مشاة البحرية تنهي انتشارها في لوس أنجلوس    رئيس وزراء الكويت يستقبل كامل الوزير لبحث التعاون الاستثماري وتوسيع الشراكة الاقتصادية    عيار 21 الآن بعد الزيادة الجديدة.. سعر الذهب اليوم الثلاثاء 22 يوليو في الصاغة (تفاصيل)    بإطلالة جريئة.. 10 صور ل بوسي أثناء قضاء إجازة الصيف في الساحل    داليا البحيري بفرنسا وميرنا جميل في عرض البحر .. لقطات نجوم الفن خلال 24 ساعة    حدث بالفن | منع راغب علامة من الغناء وحقيقة إصابة أنغام بالسرطان    تنسيق الثانوية العامة 2025 علمي علوم.. مؤشرات كليات طب بيطري 2024 بالدرجات    "أنا على الهوا".. موقف طريف لمعلق ودية الأهلي والملعب التونسي (فيديو)    التحقيق في وفاة سيدة مسنة إثر سقوطها من الطابق السادس بمستشفى طيبة بإسنا    «مكرونة الزواج».. وصفة بسيطة يطلق عليها «Marry me chicken pasta» (الطريقة والمكونات)    "تنظيم عمل المؤثرين": توصية رئيسية لدراسة ماجستير للباحث محمود أبو حبيب بجامعة عين شمس    ماذا قال عن بيان الاتحاد الفلسطيني؟.. وسام أبو علي يعتذر لجماهير الأهلي    سقوط سيارة نقل من معدية شرق التفريعة ببورسعيد وجهود لإنقاذ مستقليها    عمر كمال: استفدنا بشكل كبير من ودية الملعب التونسي.. وجاهزون لتحديات الموسم المقبل    ضبط طفل يقود سيارة ملاكي في الجيزة عقب تداول فيديو الواقعة عبر مواقع التواصل الاجتماعي    نجم الزمالك السابق ينتقد اعتذار وسام أبو علي للأهلي    رسميا.. افتتاح وحدة مناظير أورام النساء بمستشفى 15 مايو التخصصي    وزير الصحة يتفقد مشروعات تطوير مستشفيي الأورام والتل الكبير بالإسماعيلية    ملتقى أزهري يكشف عن مظاهر الإعجاز في حديث القرآن عن الليل والنهار    هل يجوز عمل عقيقة واحدة ل3 أطفال؟.. أمين الفتوى يجيب    هل النية شرط لصحة الوضوء؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    أول ولادة لطفل شمعي من الدرجة المتوسطة بمستشفى سنورس المركزي بالفيوم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ساعة ظهيرة
نشر في روزاليوسف اليومية يوم 14 - 09 - 2009

شارع في وقت الظهيرة، مُرمِم أحذية في أول الشارع، طويل، نحيف، مهيب، يرتدي جلابية غامقة، تحتها أخري فاتحة، تحت الجلابيتين، فانلة قطن مُلتصقة بذراعيه، علي رأسه عِمَّة، ملفوفة حول طاقية صوف بني، وفي قدميه حذاء نظيف لامع، يحمل علي كتفه بقجتين كبيرتين من قماش سميك، بينهما فاصل من نفس القماش، واحدة خلف ظهرة، وواحدة علي جانب صدره.
يرن النداء. أصلَّح جزم وشباشب. يحبس الصاد، يسكِّنها، يطلقها، يشددها، وبقية العِبَارة تأتي بتدفق سريع، يتوقف فجأة علي الشين، يأتي بالباء مُدغمة، وأخيراً يقول لازمة غامضة، مُغرقة في التشديد والتسكين: يا الله زْنَّبْ. امرأة في البيت، جالسة علي كنبة بلدي، أمامها مصفاة ألومنيوم، بها حبات بامية، وسكِّين لامعة، بمقبض أسود. تلبس جلابية كستور، منحولة، ناعمة من كثرة الغسيل، بفتحة طوق واسعة، وثعباناً من الذهب المبروم، غائراً في معصمها. الأظافر والشفتان بلون أحمر دموي. صوت مُرمِم الأحذية. ابتسامة علي وجه المرأة.
زوج أحذية في يدها من غرفة أخري. زوج الزوج. يرن النداء. علي رأسها منديل موف، وعلي وجهها وأعلي صدرها طرحة خفيفة سوداء، وبين الطرحة وفتحة الطوق مُربَّع أبيض. وجهها إلي الشارع، وجسدها إلي الداخل. تقول بصوت رفيع: عم علي. زنقتْ باب البيت الخارجي بطرف ستارة الشُرَّاعة. في بئر السلِّم ترمي طرفي الطرحة خلف ظهرها، فيزداد مُربَّع البياض بين الطرحة وفتحة الطوق وضوحاً. ينزل مُرمِم الأحذية بقجته الكبيرة أمام عتبة البيت. ينظر الرجل إلي المرأة. يبتسم وهو يقول: إزيك يا ست عديلة. بضربة واحدة يدق الرجل ذراعاً من الحديد المدبب في الأرض المتماسكة. طرف الذراع الآخر معقوف، مصقول، مبطط. أدوات الترميم. حجر صغير من حديد الزهر. علبة ورنيش مستديرة، خضراء، عليها كتابة سوداء، ومليئة بمسامير رفيعة. مخرز من الحديد المطاوع، له طرف رفيع، وعلي مقبضه خيط مُشمَّع ملفوف. سكِّين، عبارة عن قطعة من الصلب المُرقَّق، المقوَّس، طرفها الأعلي مشطوف بحدة، وشديد اللمعان. قطعة مُربَّعة من الجلد السميك. مقص كبير. شاكوش، له مطرقة كاملة التدوير. كمَّاشة. تعطي المرأة زوجَ حذاء الزوج للرجل المُقرفِص أمام عتبة البيت. ينظر الرجل إلي يدها الممتلئة، المخنوقة بالثعبان الذهبي. يقلب الحذاء في يده، ويقول: الشهادة لله جوزك يا ست عديلة آخر نزاهة، جزمة معتبرة، نص نعل، وترجع جديدة. أدخل فتحة الحذاء في طرف الذراع المعقوف المبطط.
طرق عليه طرقات خفيفة برأس الشاكوش. قص قطعة من الجلد السميك. استعمل كلتا يديه. ظهر العرق علي جبهته. ثبَّت قطعة الجلد أسفل الحذاء. فتح علبة الورنيش. أخذ حفنة من المسامير الرفيعة. رفع رأسه للخلف. رمي حفنة المسامير في فمه. المرأة تبتسم. المساحة البيضاء بين الطرحة وفتحة الطوق في مجال نظره. أخذ المسمار الواحد تلو الآخر من بين شفتيه.
دقه في الحذاء بسرعة. المسمار يأخذ طرقة واحدة مُحكمة من رأس الشاكوش، كي يغوص في الجلد السميك.
نزع الحذاء عن ذراع الحديد. سند الحذاء إلي صدره. أخذ السكِّين المُقوسة. حز أطراف قطعة الجلد الخارجة، الزائدة عن قالب الحذاء.
نظرتْ المرأة إليه. قالت: سكِّينتك حامية يا عم علي، يا خويا ما تديني واحدة، السكاكين عندي تلمة، بس لمعان علي الفاضي، الواحدة من دول أد الداهية، وشكلها يخض علي ما فيش. قال: ما تغلاش عليكِ يا ست عديلة، ديه بشتغل بيها، المرة الجاية أجيبلك واحدة. ناولها الرجل حذاء الزوج. نظر إلي الثعبان الذهبي. قال: تصدقي يا ست عديلة أنا شفت محابس كتير، بس المحبس ما خال إلا في إيدك.
تشرد المرأة بعينيها من تحت الطرحة الخفيفة.
يغادر مُرمِم الأحذية. تقول: السكِّينة، ما تنساش. في يوم لاحق يصعد جار وزوجته إلي الطابق الثاني. أمام باب شقة عديلة يسمع الجار وزوجته ضحكها العالي. ينظر الجار إلي شُرَّاعة الباب، ويقول لزوجته: الأستاذ سيد راجل محترم، وما يرضاش أبداً إن الست بتاعته صوتها يطلع كده. تقول زوجته: يا خويا ما جراش حاجة، إنت عارف الست عديلة عايقة شوية، تلاقيها بتتفرج علي حاجة في التليفزيون، وساعة الضهرية بتبقي الدنيا ساكتة، يعني صوتها مش عالي ولا حاجة. وقفتْ المرأة علي عتبة البيت.
في قدميها شبشب بأجراس دقيقة عند الكعبين. أصابعها ملمومة، مزنوقة في مقدمة الشبشب. أمامها خارج العتبة، جلس الرجل، في يده حقيبة دراسية، فيها شق طولي من الجانب، وعلي جانب الشق، وبالمخرز الرفيع يصنع الرجل، ثقوباً للخياطة.
للمخرز وهو يخترق الجلد، صوت طقطقة مكتومة. ينظر الرجل إلي الأصابع الملمومة، المزنوقة في مقدمة الشبشب. يقول فجأة وهو يخرج من بقجته سكِّيناً شديدة التقويس إلي الداخل، شفرتها في الطرف الأعلي فقط: آه، كنت ناسي، خلي بالك حامية زي الموس. السكِّين بين أصابعها.
تنظر إلي شفرتها. تشرد عيناها. بعد يومين، وفي ساعة الظهر، كانت عتمة النهار داخل شقة عديلة تسمح برؤية الأشياء ناعمة. ضوء الخارج يتسلل عبر ستارة الشُرَّاعة، ينعكس علي الجدران آخذاً بصمة رِيش الشبابيك المغلقة. معصم المرأة مفصول من عند الثعبان الذهبي، وشفرة السكِّين المقوسة غارقة في الدماء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.