التحقيق التالي يوضح الآليات والمعايير التي يتم علي أساسها حصر العقارات ذات الطابع المعماري طبقا للقانون خاصة أن عمليات بيع الكثير منها أصبح مبالغا فيه في منطقة وسط البلد التي توجد فيها أكثر العقارات والتي أثيرت حولها الأقاويل بالتشويه أو الهدم في الفترة الأخيرة، وهناك اتجاهات شائعة تؤكد أن المستثمرين ينوون هدمها وإقامة أبراج سكنية مكانها إلا أن القانون يمنع ذلك، فهل يحدث هناك صدام بين رجال الأعمال والقانون؟ ففي مناطق أخري غير وسط البلد رصدنا مشكلة تلك العقارات التي يعاني أصحابها من رفض القانون هدمها رغم قدمها، وتتركز في عدد من أحياء القاهرة منها الوايلي وعابدين وغرب القاهرة حيث جاردن سيتي والزمالك وغيرها.. والتي هجرها سكانها إلي أماكن بديلة خوفًا من انهيارها مع استمرار رفض المحليات إصدار تراخيص هدم بسبب أن لجان التنسيق الحضاري أدرجتها ضمن العقارات المميزة. السكان يعيشون فيها بإيجارات قديمة ففي حي الوايلي توجد أكثر العقارات التي تندرج تحت مسمي المميزة، ومنها مدارس خاصة وبيوت قديمة كما في عقاري 5 و17 شارع عظيم الدولة و1 و4 شارع نقيب الجيش بالعباسية و18 و2 و24 في شارع مصر والسودان وغيرها، وكان الجميع مستاء من عدم موافقة الحي علي استخراج تراخيص بهدم الأبنية لإقامة أبراج سكنية مكانها خاصة أنها أنشئت علي مساحات كبيرة ولم تدر عليهم عائدا ماديا مناسبا لأن سكانها يعيشون فيها علي نظام الإيجار القديم. وفي العقار رقم 13 شارع الشيخ طه حبيب بالعباسية قابلنا صلاح السباعي المحامي وصاحب العقار الذي كان مدرجا ضمن الطرز المعمارية المميزة بضعة أعوام ثم خرج من الحصر بعد صدور القانون رقم 144 لسنة 2006، واعتبر أن ادراج بعض العقارات المملوكة للمواطنين ضمن الطرز المعمارية المميزة يعد استيلاء علي مال الغير دون وجه حق بالرغم أنه مصون بقوة القانون والدستور، مشيرا إلي أن غالبية العقارات المدرجة في الحصر بالعباسية يقل عمرها عن 100 عام ولا ترتبط بزمن أو شخصية تاريخية معينة، مطالبا الدولة بضرورة تعويض ملاك العقارات بالتعويض العادل الذي يتناسب مع سعر المتر في هذه المنطقة الوقت الحالي، حيث إن لجان تقدير الأسعار تقدم تقديرات عشوائية، فرغم أن سعر المتر يصل إلي 10 آلاف جنيه علي الشوارع الفرعية و15 ألفا علي الشوارع الرئيسية في تلك المنطقة إلا أن اللجان التقديرية حددت ألفي جنيه لسعر المتر. عقارات خرجت من الحصر وقال إن عقاره البالغ مساحته 117 مترا كان ضمن الحصر لمدة 5 سنوات وفوجئ بذلك أثناء طلبه لاستخراج لرخصة هدم من حي الوايلي، إلا أنه خرج من الحصر بعد صدور القانون لأن الأسس التي حددتها تختلف عن المعايير التي كانت تعمل لجان الحصر السابقة علي أساسها. لافتا إلي اشتراك العقارات المميزة مع الكثير من الأبنية الحديثة في عدة صفات منها النقوش والزخارف والتماثيل الموجودة فيها وغيرها، متسائلا: هل سيتم حصر تلك الأبنية ضمن الطرز المعمارية المميزة في فترات مقبلة؟ قابلنا المهندس جورج صبحي مستشار رئيس حي الوايلي للشئون الهندسية وقال بأن أصحاب تلك العقارات يحتاجون إلي ملايين الجنيهات للتعويض طبقا للأسعار السائدة في المنطقة، مشيرا إلي أن الدولة لا تستطيع تعويضهم في الوقت الحالي وترفض منح الملاك تصاريح الهدم وإعادة البناء مرة أخري، وأشار إلي تحلل مواد البناء في كثير من تلك العقارات بسبب قدم عمرها، إضافة إلي تعمد ملاكها عدم صيانتها والاضرار بها حتي يصبح آيلا للسقوط. ولفت إلي ورود شكاوي كثيرة من الملاك إلي الحي ومنها شكوي العقار رقم 12 في مساكن الجند التابعة للحي والذي توجد به شروخ عميقة وتساقطت احجاره علي فناء المدرسة المجاورة. وأشار المهندس محمود حامد رئيس حي الوايلي إلي أن الشكاوي التي ترد إلي الحي من الملاك المتضررين من حصر عقاراتهم ضمن الطرز المعمارية المميز يتم بحثها واحالتها إلي اللجنة المختصة بالحصر والتابعة لجهاز التنسيق الحضاري. وقال إنه علي الرغم من رغبة الملاك في هدم تلك العقارات إلا أن فلسفة القانون 441 لسنة 6002 تري الابقاء عليها كقيمة تاريخية وطراز معماري متميز، مشيرا إلي أن محافظة القاهرة تتولي تعويض أصحاب العقارات بوحدات سكنية في حالة ترك عقاراتهم إذا كانت آيلة للسقوط، ويكون ترميمها تحت إشراف الدولة وبذات الأسلوب التي هي عليه بما يحافظ علي طابعها المعماري المتميز. وفي حي غرب القاهرة تقع أكثر العقارات التي تتميز بطابعها المعماري الخاص حيث مناطق جاردن سيتي والزمالك وشارع شامبليون بوسط البلد، فقابلنا اللواء محمد نجيب رئيس الحي والذي نفي وجود أية إحصاءات دقيقة لأعداد العقارات المميزة التابعة للحي، بسبب أن اللجنة المختصة بالحصر والمشكلة من الجهاز القومي للتنسيق الحضاري مازالت تواصل أعمال الحصر للعقارات حتي الآن.. وأن الأرقام المتوافرة لديه هي التي تم حصرها سابقا بمعرفة لجان الحي غير المختصة وقبل صدور القانون رقم 441 لسنة 6002 لافتا إلي خروج عدد كبير منها من الحصر حيث لم تنطبق عليها شروط القانون. طبيعة عمل اللجان أردنا معرفة طبيعة عمل لجان الحصر وتوجد منها 3 لجان داخل القاهرة ويرأس كل منها ممثل لوزارة الثقافة من الجهاز القومي للتنسيق الحضاري وتضم في عضويتها ثلاثة من أساتذة الجامعات في تخصصات التاريخ والآثار والهندسة الإنشائية والفنون والعمارة وممثلا لإدارة التخطيط العمراني بالمحافظة. الدكتورة سهير حواس رئيس لجنة الحصر في المنطقة الغربيةبالقاهرة ونائب رئيس الجهاز القومي للتنسيق الحضاري قالت إن أعضاء اللجنة يتجولون في الشوارع مع رئيس الحي المسئول لمعاينة جميع العقارات ويتم تسجيل العقار الذي يدخل في الحصر وتصوير كل جزء منه فوتوغرافيا وإعداد استمارة خاصة به تشبه تحقيق الشخصية، ويتم تغذية مركز معلومات المحافظة بتلك المعلومات وبجميع بيانات العقار وأسباب اختياره كطراز معماري متميز واسم المعماري الذي انشأه وتاريخ نشأته وهل مشغول بالسكان أم لا؟ وتوصيات اللجنة بشأنه.. وأشارت إلي أن لجان الحصر كانت تحصر العقارات دون وجود شروط محددة للاختيار قبل صدور القرار 441 لسنة 6002، الأمر الذي تسبب في خروج الكثير منها من الحصر بعد تحديد آليات الاختيار. لجان التظلمات ولفتت إلي وجود لجنة تظلمات معتمدة من رئيس مجلس الوزراء تكون مهمتها بحث التظلمات المقدمة بشأن العقارات المدرجة في الحصر وتوصي برفع العقار أو التأكيد علي ادراجه في الحصر. وفي المنطقة الشمالية بالقاهرة يرأس الدكتور عمر الحسيني أستاذ العمارة بكلية الهندسة جامعة عين شمس لجنة الحصر بها، ونفي وجود أية مشكلات تواجه اللجنة، معتبرا أنها لجنة علمية بحتة تختار العقارات المميزة بناء علي معايير محددة قانونا. الدكتور أحمد الزيات مستشار رئيس المجلس الأعلي للآثار فرق بين العقارات التي يتم تسجيلها في تعداد الآثار والخاضعة لقانون حماية الآثار رقم 71 لسنة 3891 وتوجد مصلحة قومية في اقتنائها ولذلك يتم ترميمها والحفاظ عليها، وبين العقارات المميزة التي كانت سكنا لشخصيات سياسية بارزة والتي تري الدولة تخليد ذكراهم ولذلك صدر قرار رئيس مجلس الوزراء في التسعينيات بحصر الفيلات والقصور والعقارات للحفاظ علي طرازها المعماري المتميز والقيمة التاريخية لها إلا انها ليست اثاراً، وتظلم ملاك العقارات من هذا القرار لرغبتهم في الاستفادة من هدم العقارات وإقامة أبراج سكنية مكانها، وحذر من الإضرار بتلك العقارات أو القيام بأشياء من شأنها التأثير علي سلامة المبني خاصة أن لجان الحصر تختار العقارات ذات الحالة الانشائية الجيدة وليست الآيلة للسقوط، لافتا إلي انتشار وجود تلك العقارات في كل محافظات مصر خاصة الغربية وكفر الشيخ والمنيا. مطالبات بتعويضات عادلة واتفق حيدر بغدادي عضو مجلس الشعب مع اتجاه الدولة في الحفاظ علي العقارات ذات الطابع المعماري المتميز من أجل الحفاظ علي المظهر الحضاري للقاهرة وغيرها، ولكنه أشار إ لي عدم تقاضي الملاك لتعويضاتهم من الدولة، لأنها لا تكون إلا بموجب قرار نزع ملكية، الأمر الذي لا يتوافر في حالة العقارات المميزة، وطالب من المحافظة المختصة تدبير مسكن مناسب لسكان أي عقار في حالة ما إذا كان يمثل خطورة داهمة علي سكانه، وأن تضع المحافظة يدها علي العقار بموجب قرار استيلاء علي أن يعوض مالكه بقيمته وقت الاستيلاء عليه. الدكتور عبدالعظيم وزير محافظ القاهرة حصر أعداد العقارات المسجلة في سجلات المحافظة في 6 آلاف عقار كانت مسجلة قبل صدور القانون 441 لسنة 6002، إلا أنه بعد الحكم بعدم دستورية قرار رئيس مجلس الوزراء الصادر بالحصر خرجت منها الكثير من العقارات وأصبحت 3 آلاف عقار حتي الآن، مشيرا إلي أن قرب انتهاء اللجان من حصر العقارات بالقاهرة حيث تستغرق المنطقة الغربية الوقت الأكبر لاحتوائها علي أكثر العقارات، لافتا إلي تسجيل بيانات الحصر علي قاعدة بيانات يتم إعدادها لعرضها علي رئيس مجلس الوزراء من أجل اعتمادها، وللمتضرر التظلم من قرار اللجنة بعد ذلك في غضون 06 يوما من تاريخ إبلاغه ويتم البت فيها بعد ذلك. عقوبات للمخالفين وقال إن تعويض الملاك حدده القانون 441 لسنة 6002 حيث يتم تقديره بإشراف لجنة مشكلة بقرار من وزير الإسكان ويجوز أن يكون عينيا، وعن عقوبة المخالفة قال إن المادة الثانية عشرة من القانون نصت علي أن كل من هدم عقارا كليا أو جزئيا أو عقارا له طابع معماري مميز يعاقب بالحبس لمدمة تتراوح بين سنة و5 سنوات وغرامة تترواح بين 001 ألف و5 ملايين جنيه أو بإحدي هاتين العقوبتين، وفي حالة هدمه المبني لا يجوز البناء علي أرضه لمدة 51 عاما إلا في حدود المساحة والارتفاع اللذين كانا عليه قبل الهدم، وشطب اسم المهندس أو المقاول القائم بالعملية من سجلات نقابة المهندسين أو الاتحاد المصري لمقاولي التشييد والبناء وذلك لمدة لا تزيد علي سنتين وعند تكرار المخالفة يشطب لمدة تترواح بين سنتين و5 سنوات.