شباب المصريين بالخارج مهنئا الأقباط: سنظل نسيجا واحدا في وجه أعداء الوطن    صوامع الشرقية تستقبل 423 ألف طن قمح    التخطيط: 6.5 مليار جنيه استثمارات عامة للإسماعيلية للعام المالي الحالي    الجيش الإسرائيلي يفرض حظر نشر على حادث كرم أبو سالم    أخبار الأهلي: موقف كولر من عودة محمد شريف    رونالدو: الهدف رقم 900؟ لا أركض وراء الأرقام القياسية ... 66 هاتريك أغلبها بعد سن الثلاثين، رونالدو يواصل إحراج ليونيل ميسي    «قطار الموت» ينهي حياة فتاة داخل مدينة ملاهي بأكتوبر    الجد الأعظم للمصريين، رحلة رمسيس الثاني من اكتشافه إلى وصوله للمتحف الكبير (فيديو)    اعرف حظك وتوقعات الأبراج الاثنين 6-5-2024، أبراج الحوت والدلو والجدي    جامعة بنها تنظم قافلة طبية بقرية ميت كنانة بطوخ    "خطة النواب": مصر استعادت ثقة مؤسسات التقييم الأجنبية بعد التحركات الأخيرة لدعم الاقتصاد    التنمية المحلية: استرداد 707 آلاف متر مربع ضمن موجة إزالة التعديات بالمحافظات    وزير الإسكان: قطاع التخطيط يُعد حجر الزاوية لإقامة المشروعات وتحديد برامج التنمية بالمدن الجديدة    «شباب المصريين بالخارج» مهنئًا الأقباط: سنظل نسيجًا واحدًا صامدًا في وجه أعداء الوطن    نتنياهو: إسرائيل لن توافق على مطالب حماس وسنواصل الحرب    إعلام عبري: حالة الجندي الإسرائيلي المصاب في طولكرم خطرة للغاية    روسيا تسيطر على بلدة أوتشيريتينو في دونيتسك بأوكرانيا    زعيم المعارضة البريطانية يدعو سوناك لإجراء انتخابات عامة عقب خسارة حزبه في الانتخابات المحلية    صحة غزة: ارتفاع إجمالي الشهداء إلى 34 ألفًا و683 شخصًا    كنائس الإسكندرية تستقبل المهنئين بعيد القيامة المجيد    البابا تواضروس: فيلم السرب يسجل صفحة مهمة في تاريخ مصر    حمدي فتحي: مستمر مع الوكرة.. وأتمنى التتويج بالمزيد من البطولات    وزير الرياضة يتفقد منتدى شباب الطور    بين القبيلة والدولة الوطنية    في إجازة شم النسيم.. مصرع شاب غرقا أثناء استحمامه في ترعة بالغربية    «الداخلية» في خدمة «مُسِنّة» لاستخراج بطاقة الرقم القومي بمنزلها في الجيزة    التعليم: نتائج امتحانات صفوف النقل والاعدادية مسؤلية المدارس والمديريات    رفع حالة الطوارئ بمستشفيات بنها الجامعية لاستقبال عيد القيامة المجيد وشم النسيم    بالصور.. صقر والدح يقدمان التهنئة لأقباط السويس    «سلامة الغذاء»: تصدير نحو 280 ألف طن من المنتجات الزراعية.. والبطاطس في الصدارة    ماري منيب تلون البيض وحسن فايق يأكله|شاهد احتفال نجوم زمن الفن الجميل بشم النسيم    أنغام تُحيي حفلاً غنائيًا في دبي اليوم الأحد    بعد انفصال شقيقه عن هنا الزاهد.. كريم فهمي: «أنا وزوجتي مش السبب»    بالتزامن مع ذكرى وفاته.. محطات في حياة الطبلاوي    الليلة.. أمسية " زيارة إلى قاهرة نجيب محفوظ.. بين الروائي والتسجيلي" بمركز الإبداع    حفل رامى صبرى ومسلم ضمن احتفالات شم النسيم وأعياد الربيع غدا    الإفتاء: كثرة الحلف في البيع والشراء منهي عنها شرعًا    دعاء تثبيت الحمل وحفظ الجنين .. لكل حامل ردديه يجبر الله بخاطرك    «الإسكان» تنظم ورش عمل مكثفة للمديريات حول تطبيق التصالح بمخالفات البناء وتقنين أوضاعها    جامعة بنها تنظم قافلة طبية بقرية ميت كنانة في طوخ    رئيس هيئة الرعاية الصحية يبحث تعزيز التعاون مع ممثل «يونيسف في مصر» لتدريب الكوادر    لتجنب التسمم.. نصائح مهمة عند تناول الرنجة والفسيخ    "الرعاية الصحية" بأسوان تنظم يوما رياضيا للتوعية بقصور عضلة القلب    فاينانشال تايمز: الاتحاد الأوروبي يضغط لاستبعاد قطاع الزراعة من النزاعات التجارية مع الصين    الأهلي يجدد عقد حارسه بعد نهائي أفريقيا    الاتحاد يواصل تدريباته استعدادًا لمواجهة الأهلي.. وأتوبيسات مجانية للجماهير    «التعليم»: المراجعات النهائية ل الإعدادية والثانوية تشهد إقبالا كبيرًا.. ومفاجآت «ليلة الامتحان»    «منتجي الدواجن»: انخفاضات جديدة في أسعار البيض أكتوبر المقبل    البابا تواضروس خلال قداس عيد القيامة: الوطن أغلى ما عند الإنسان (صور)    السيطرة على حريق شقة سكنية في منطقة أوسيم    ضبط دهون لحوم بلدية غير صالحة للاستهلاك الآدمي في البحيرة    المديريات تحدد حالات وضوابط الاعتذار عن المشاركة في امتحانات الشهادة الإعدادية    «الدفاع المدني الفلسطيني»: 120 شهيدا تحت الأنقاض في محيط مجمع الشفاء بغزة    مختار مختار: عودة متولي تمثل إضافة قوية للأهلي    محمود البنا حكما لمباراة الزمالك وسموحة في الدوري    هل يجوز السفر إلى الحج دون محرم.. الإفتاء تجيب    شم النسيم 2024 يوم الإثنين.. الإفتاء توضح هل الصيام فيه حرام؟    رسالة دكتوراة تناقش تشريعات المواريث والوصية في التلمود.. صور    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"أدهم الشرقاوي".. خارج عن القانون وملهم للمواويل وللأعمال الدرامية!

في كل مرة، أشاهد أو أستمع إلي عمل فني يستوحي حكاية "أدهم الشرقاوي"، وآخرها المسلسل الذي يشاهده الجمهور في رمضان من بطولة "محمد رجب"، أستدعي معلومات دراسة قديمة أعددتها عن مأساة الأصل وبطولة الصورة المأخوذة عن هذه الشخصية الحقيقية، وأظن أن هذه المعلومات التي سيتم عرضها في هذا المقال يمكن أن توسع من زاوية رؤية مشاهد حلقات "أدهم الشرقاوي" طبعة 2009
مما يتيح الفرصة لمعرفة المدي الذي وصل إليه استلهام الحكاية الحقيقية، مع ملاحظة أن روعة الفن وسحره تكمن في هذه الرؤية المختلفة للوقائع من خلال ثقافة وخيال الفنان، من حق كل مؤلف أن يضيف ويحذف بشرط أن يقدم في النهاية عملاً متماسكًا ومتقن الصنع، ومن حق المشاهد - من ناحية أخري - أن يقبل أو يرفض بعد أن تتاح له فرصة المقارنة الواسعة. مصادر كثيرة تتحدث عن حياة "أدهم الشرقاوي" الحقيقية، وفي كتاب الراحل "صبري أبوالمجد" الذي يحمل عنوان "المسيرة الطويلة مع السادات علي طريق النضال" ستجد تفصيلات عجيبة وصورة غير عاطفية بالمرة للشقي "أدهم الشرقاوي" التقطت بعد مصرعه بحوالي 25 ساعة، ويستند "أبوالمجد" إلي عدد مجلة "اللطائف المصورة" في 31 أكتورب 1921 التي سردت تفصيلات طازجة عن هذا الشقي الخطير الذي صرعه البوليس في نفس الشهر، وكان عمره يوم مصرعه نحو 23 عامًا فقط.
ولد "أدهم عبدالحليم الشرقاوي"، بناحية زبيدة من بلاد مركز "إيتاي البارود"، أرسله والده إلي المدرسة الابتدائية فأتم التحصيل حتي السنة الرابعة فقط، ثم أخرجه الأب من المدرسة لأن "أدهم" لم يكن مباليا بالتعليم وكان مشاغبًا يتعدي علي التلاميذ، وفي سنة 1917 ارتكب "أدهم" جريمة قتل، وكان عمه عمدة "زبيدة" أحد شهود الإثبات، ومن وقائع فتوة "أدهم" المبكرة أنه لما سمع أحد الشهود يشهد عليه أمام محكمة الجنايات، حاول نزع السنجة التي كان يحملها أحد العساكر بالمحكمة لكي يضرب الشاهد بها، وقد حكمت عليه هذه المحكمة بالسجن لمدة سبع سنوات.
في سجن "ليمان طرة"، هناك تعرف - أثناء قطع الأحجار - علي أحد الأشقياء، وعرف من خلال الحوار معه أن الشقي هو القاتل لأحد أعمامه، وأن الحادثة قيدت ضد مجهول، ولذلك قرر "أدهم" الأخذ بالثأر، فقتل زميله باستخدام هراوة، وحكم عليه هذه المرة بالأشغال الشاقة المؤبدة، وعندما اندلعت ثورة 1919، هرب "أدهم" من السجن وعاد متخفيا إلي بلده، وكون عصابة كبيرة، واستهدف قتل عمه "عبدالمجيد بك الشرقاوي" عمدة "زبيدة" الذي شهد عليه في قضيته الأولي، فلما فشل في ذلك ركز نشاطه من قتل وسطو في "زبيدة" حتي يتم رفت عمه من منصبه، وطور "أدهم" نشاطه فأصبح قاتلاً مأجورًا ومن ضحاياه مثلا أحد الخفراء بعزبة "خلجان سلامة" وشقيقه الشيخ "يوسف أبومندور" من أعيان المركز وغيرهم كثيرون، كما فرض الإتاوات علي العمد والأعيان، واستخدم عصابته في قطع الطريق والسطو علي التجار، ومن جرائمه المشهورة قتل الشيخ "حسين الشوني" من أعيان ناحية كفر خليفة في العاشرة صباحًا أمام خمسة من أصدقائه كانوا يقفون معه أمام المنزل، وبهذه المواصفات يبدو "أدهم" الحقيقي في صورة أقرب إلي شخصية "عتريس" في فيلم "شيء من الخوف"، والفارق أن أهل قريته لم يثوروا عليه مثل "عتريس"، ولكن البوليس هو الذي قتله بصعوبة بالغة بعد ثلاث سنوات روّع فيها البحيرة، كان "أدهم" يعرف أنه مطلوب، ولذلك كان دائم الانتقال بين إيتاي البارود و"كوم حمادة" و"الدلنجات"، وأخيرًا أوفد له ملاحظ بوليس التوفيقية أحد "الجاويشية" ويدعي "محمد خليل" ومعه أونباشي سوداني وأحد الخفراء، فكمنوا له في الغيطان بزمام عزبة جلال التابعة لناحية "قليشان"، وبإرشاد رجل اسمه "محمد أبو العلا" كان قد تخاصم مع "أدهم" تم تحديد مكانه في أحد مزارع القطن، فلما سمع "أدهم" حركة اقتراب البوليس أطلق النار ولكن الجاويش "محمد خليل" أطلق عليه رصاصتين فمات علي الفور قبل أن يتناول طعامه الذي كانت تحضره له امرأة عجوز.
عندما قتل "أدهم" الحقيقي وسط المزارع كانت بحوزته بندقية موزر وخنجر ومائة طلقة، وقد أجمع خبراء الأمن علي أنه لم يكن قوي العضلات أو ضخم الجثة، ولكنه كان من أجرأ وأشرس اللصوص والقتلة، ولم يكن يبالي بالحكومة ولا ببطشها.
ما نشرته "اللطائف المصورة" - إذن - لم يكن لطيفًا بالمرة عن هذا الرجل الذي كان يمكن أن يندثر اسمه لولا أن الفن والحسّ الشعبي قام بتخليده، فتحول من خلال الموّال الشهير إلي بطل يحاول تحقيق العدالة بيده انتقامًا لمصرع عمه ومع ثورة 1919 بدت الحكومة (وربما السلطان فؤاد أيضًا) في معسكر آخر أقرب للتواطؤ مع الاحتلال، وهكذا أصبح لخروج "أدهم" علي الحكومة إضافة لفكرة التمرد أمرًا يصبّ في مصلحة الثورة، بل إن "أدهم" أصبح في الموال ترجمانًا للحكمة الشعبية، ونموذجًا للوفاء لعمه في مقابل خيانة أصدقائه لدرجة أنه قال وهو يحتضر علي لسان الموال: أمانة يا من عشت بعدي ما تأمنش لصاحب دنيا غرورة، مافيش ولا صاحب إلا يجيلك الأذي بأديه!
وفي الفيلم الشهير الذي حمل اسم "أدهم الشرقاوي" وأخرجه "حسام الدين مصطفي"، وقام ببطولته "عبدالله غيث" عام 1964 عن قصة للرائد الكبير "زكريا الحجاوي" وسيناريو وحوار "سعد الدين وهبة" تطورت شخصية "أدهم" إلي مناضل يساعد الفلاحين في الوقوف ضد الهانم الكبيرة صاحبة القصر - وابنة وزير الداخلية - التي تحتكر شراء محاصيلهم بالسعر الذي تحدده، ويتم نفي "أدهم" إلي الواحات كما نُفي "سعد" زغلول إلي مالطة وسيشيل بل إن الهانم تقوم بإغرائه دون جدوي حتي تكسبه إلي صفها، أنه أقرب إلي مناضل اشتراكي يواكب مرحلة ما بعد صدور القوانين الاشتراكية، كما إنه يقاوم الإنجليز، ويجبر عمه الإقطاعي علي التنازل عن 50 فدانًا لعشرة من الفلاحين، وبصفة عامة فقد حوّل "حسام الدين مصطفي" المفتون بأفلام "الويسترن" "أدهم" إلي مزيج عجيب يجمع بين "روبن هود" و"چيفارا" و"زاباتا"!
"أدهم الشرقاوي" طبعة 2009 في مسلسل جديد سبقته منذ عدة سنوات حلقات - عن نفس الشخصية الثرية، والبطولة لممثل أكثر وسامة بالتأكيد من "أدهم" الأصلي، ليس مهمًا أن تحدث تغييرات وإضافات ولكن المهم الرؤية المختلفة التي نتمني أن تتحقق في نهاية رمضان بعد عرض كل الحلقات لأن الموال والفيلم بل والحكاية الأصلية يضعون كل من يتصدي للكتابة عن "أدهم" في مأزق حقيقي، وإذا لم تصدقني، أدعوك - من فضلك - لإعادة القراءة من جديد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.