استطاع عبد الله كمال عندما كتب سلسلة مقالاته عن بعض العادات السيئة في المجتمع المصري.. أن يشخص ما يحدث فعليًا بشكل يومي. وأود أن أشاركه اليوم بالكتابة عن إحدي العادات السيئة المنتشرة بيننا، وهي (التطفل). من الواضح أن (التطفل) قد أصبح واحدًا من أهم المظاهر الرئيسية في حياتنا، وتتنوع هذه المظاهر بأشكال متباينة، منها: - أن تجد من يتطفل عليك، ويميل بجسده ليحاول أن يقرأ معك الجريدة أو المجلة أو أي ورقة تقرأها سواء في وسائل المواصلات أو حتي في عملك. - أن تجد من يحاول أن يختلس نظرة (من تحت لتحت) علي شاشة موبايلك عندما تحاول الاتصال بأحد أو يتصل بك أحد، أو محاولة النظر علي ما تفعله علي الموبايل. - أن تجد من (يرمي ودانه معاك) وأنت تتكلم مع المرافق لك أو مع من تتحدث معه في موبايلك. ومنهم من يكتفي بالسمع والصمت، ومنهم من يتدخل معك برأيه فيما سمعه بدون أن تطلب منه. وفي كلتا الحالتين.. تعبر ملامح وجه المتطفل عن تطفله.. فنجد بعضهم (هيموت ويتكلم.. بس ممكن يكون بيكسف). الطريف أن (المتطفل) لا يشعر أبدًا أنه يمارس سلوكًا سلبيا، ولا يشعر أبدًا أنه شخص متطفل علي من حوله، أو كما يقال (بيحشر نفسه في اللي ملوش فيه). وفي الوقت نفسه يرفض أن أي شخص يتدخل في شئونه، وربما يتهم من يقوم بذلك بأنه (متطفل). نفتقد في حياتنا لمنطق الخصوصية، فنجد الأب يتدخل في شئون أبنائه بدون مراعاة للفرق بين خصوصية أبنائه لبناء شخصية لهم، وبين متابعتهم للتوجيه والإرشاد. ونجد الناس في الشارع لا تحترم خصوصية بعضها.. فحوادث اصطدام السيارات.. تقع غالبيتها بسبب عدم احترام اصحاب السيارات لبعضهم البعض؛ فنجد السيارات تسير متلاصقة بدون احترام لأي مسافة قانونية بين السيارات وبعضها البعض.. بحيث تشعر أن من يسير بجانبك .. يظهر وكأنه معك في سيارتك. والمصيبة الكبري هي ما يحدث في (طوابير) العيش، وفي مترو الأنفاق، وفي المواصلات العامة .. حيث لا تجد أي خصوصية بين الناس وبعضها للدرجة التي تجعلك مجبرًا علي استنشاق جميع الروائح غير الصحية. فضلاً عن الشكل المعتاد غير الآدمي في المواصلات العامة وكأنها بالفعل (علبة سردين) دون أي احترام للمجال الشخصي لكل منا، كما لا يمكن أن أهمل هنا أن العديد من حوادث التحرش الجنسي تحدث من خلال (التلامس) الذي يحدث في مثل تلك التجمعات. أعتقد أن المسئولية الكاملة لإعادة الاعتبار لقيمة الخصوصية الشخصية لكل مواطن هو أمر منوط به التنشئة الأولي في البيت ثم في سنوات المدرسة الأولي. وأؤكد أن الخصوصية تأتي علي النقيض من سلبية (التطفل)، ومن التجاوزات التي نقوم بها في حق بعضنا البعض كل يوم دون أن ندري .. أننا ننتهك حرمة خصوصية كل واحد منا.