وسط قرية الفنانين التشكيليين بمحافظة الفيوم، التي تطل علي بحيرة قارون، قرر الفنان التشكيلي حسن غنيم عضو مجلس إدارة نقابة الفنانين التشكيلين إنشاء متحفه الخاص، الذي تبلغ مساحته 500 متر مربع، ويتكون من طابق واحد علي مساحة 152 متراً مربعاً تحيطه حديقة مزروعة تغطي باقي المساحة. يضم المتحف نحو مائة لوحة فنية، جميعها منفذة بالألوان الزيتية، تشكل اللوحات مراحل الفنان المختلفة منذ بدايته في منتصف السبعينيات من القرن الماضي، وحتي أواخر أعهماله وحول فكرة إقامة المتحف التقينا جريدة "روز اليوسف" بالفنان وكان لنا معه هذا الحوار: ماذا كان الهدف من إنشاء المتحف؟ - فكرة المتحف هدفها الأساسي تنويري ثقافي، في مجتمع ريفي مغلق، محروم من كل الأوجه والخدمات والأنشطة الثقافية، فالمتحف هو أول متحف يقام خارج القاهرة والإسكندرية لفنان، خاصة أن مكان المتحف في قرية الفنانين التشكيليين علي بحيرة قارون تلك المنطقة السياحية المحاطة بالريفيين. هل حصلت علي دعم من أي جهة؟ أم تحملت تكاليف إنشاء المتحف بمفردك؟ - بالاتفاق مع المسئولين في المحافظة، سيدخل المتحف في المنظومة السياحية بالمحافظة، لكن إنشاءه وتكلفته تحملتها كاملة، لم يتدخل بها أي جهة، وذلك بهدف خدمة المنطقة والثقافة بصفة عامة. ما رأيك في فكرة تحمل الفنان أعباء إنشاء متحف علي نفقته بعيدا عن المؤسسة الثقافية الرسمية؟ - فلسفتي في ذلك أن الحكومة مثقلة بالأعباء، كما أنها لا تهتم بالفنان طالما لا يهتم هو بنفسه، ويوجد تجربة مريرة جدا للفنان راتب صديق الذي تحمل إحدي قاعات "أتيلية القاهرة" اسمه، حيث وهب مكانا يملكه بالمنيب للوزارة كي يكون متحفا له، وللأسف تحول هذا المتحف بعد ذلك لمخزن، علي الرغم من أن لوحاته معلقة به، كما أنه آيل للسقوط، فعدم المحافظة علي المتحف تعتبر مأساة، كما أنه لم يتم تطويره، فأنا قمت بإنشاء متحفي لأنني لا أضمن اهتمام الوزارة وعائلتي به بعد رحيلي، وليكون به الأشخاص الذين سيحافظون عليه. ومتي سيتم افتتاح المتحف؟ - تم افتتاح المتحف افتتاحا تجريبيا بهدف إعلان الخبر في المنطقة، التي يسكنها فنانون تشكيليون وكل منهم له بيت خاص به، ولكن محافظ الفيوم سيفتتحه مرة أخري حينما انتهي من إنشاء الدور الثاني وإتمام تطوير المتحف ككل، في الموسم التشكيلي القادم، وستكون زيارة المتحف مجانية. هل سيكون عرض الأعمال دائما أم متغيرا؟ - العرض سيكون متغيرا، كما سيقام به بعض الفعاليات الثقافية كالندوات واستضافة معارض لبعض الزملاء الفنانين، كما سيتغير العرض بحسب النشاط الثقافي المقام بالمتحف، ولكن ذلك بعد فترة حينما يتعود أهل القرية علي زيارة المتحف، كما أنني أنوي إقامة ورش فنية لأطفال المنطقة. حدثنا عن أعمالك المعروضة بالمتحف؟ - معظمها من أعمالي في الفن الإسلامي، لأنني أركز علي أنني الفنان الوحيد الذي يطرق مجال الفن الإسلامي المعاصر، فأنا أعمل في هذا المجال منذ عام 1976، والتعمق في هذا الفكر الإسلامي جعل لفكرة المتحف أهمية كبيرة جدا بالنسبة لي، علي اعتبار أننا في حاجة لتطوير الفن الإسلامي الذي ورثناه عن أجدادنا، حتي نستطيع خلق فن معاصر جيد يتعايش مع الأجيال القادمة. من صاحب تصميم المتحف المختلف عن باقي متاحف الفنون التشكيلية؟ - قمت أنا بتصميم المتحف، فالمكان بسيط جدا، وبجانب اللوحات خصصت مكانا لاستراحة الزائرين ولاستقبال الضيوف، بحيث لا يقتصر المتحف علي عرض فقط، بل صممته بشكل مريح للعين، كما أنني اهتممت بدخول ضوء الشمس للمتحف، متجنبا تعامد أشعة الشمس علي اللوحات. ما الذي حاولت تجنبه من السلبيات الموجودة في متاحف الفنانين المصرية؟ - جميع متاحف الفنانين كانت بيوتا ثم تحولت إلي متاحف، لكنني قمت بالعكس، لأنني بنيت متحفا كي يعمل علي خدمة الأعمال الفنية وليس منزلا، فمتحف محمد ناجي كان مسكنه والحكومة طورته، ومتحف محمود سعيد، وراتب صديق وغيرهما، يوجد تطوير لاشك في المتاحف المصرية لا ننكره، لكن التطوير يكون لبعض المتاحف والأخري لا، فلماذا؟! فهل هي مسألة مزاجية؟ أم يوجد متحف أهم من الآخر؟ فلماذا تهمل متاحف كمتحف راتب صديق؟ وهذا هو السبب الذي جعلني أنشئ متحفا وأنا مازلت حيا، لأننا في مجتمع رافض للحركة التشكيلية والفن، وكل ثقافته هي الكرة، فإذا لم نفعل ذلك حاليا متي سنفعله؟!!، حتي أولادنا ينظرون للفن بعدم اهتمام، فأنا أتمني وجود متحف في كل محافظة، كي تتواصل الناس مع الثقافة والفكر والمعرفة. هل يؤمن المتحف بأجهزة لحماية أعماله؟ - لا، ولكنه يوجد غفير في القرية يحرس المكان بصفة عامة وهذا يكفي. ما هي خططك المستقبلية؟ - أنا لن أتوقف علي الإنتاج، فإبداعي مستمر، وأنتقي من أعمالي وأحفظها كي تكون رصيدا للمتحف فيما بعد في مرحلة تطوره، وتغيير العرض من موسم إلي آخر، أو من سنة إلي أخري، بحيث يوجد رؤية لخلق صلة تقارب بين المجتمع والعمل الفني، وبالتالي يحقق فكرة التنوير والتثقيف، أو تطبيق الخدمة الثقافية للمجتمعات المحرومة منها في الريف المصري.