فى السادس من شهر نوفمبر المقبل تستضيف مدينة شرم الشيخ مؤتمر الدول الأطراف لاتفاقية التغير المناخى COP27، وهو المؤتمر الذى يُنتظر خلاله أن تفى الدول المتقدمة بالتزاماتها المالية تجاه الدول النامية التى لم تمارس أى أنشطة أدت لما حدث من تغير فى المناخ ولكن تتحمل تبعات ما حدث، ومصر واحدة من الدول النامية المتضررة بسبب التغير المناخى ولكن ما هى أوجه هذا الضرر وما هى الموضوعات التى من المنتظر أن تكون على قمة أجندة مناقشات مصر خلال المؤتمر؛ هذا هو ما تعرضه «روزاليوسف» بالتفصيل فى السطور التالية. فى عام 1995 عقد لأول مرة مؤتمر الدول الأطراف لاتفاقية التغير المناخى فى ألمانيا، ويُعرف اختصارًا بكلمة COP وهى اختصار لكلمة Conference of parties، أى مؤتمر الدول الأطراف، وكانت أهم دورة عقدت منه عام 2015 فى باريس وكانت الدورة 21 حيث تم وضع اتفاقية باريس، والاتفاق يهدف إلى احتواء الاحترار العالمى لأقل من 2 درجة مئوية، وتم الاتفاق خلاله على وضع حد أدنى بقيمة 100 مليار دولار كمساعدات مناخية سنوية للدول النامية، على أن يتم إعادة النظر فى هذا السعر فى عام 2025 على أقصى تقدير، والوفاء بالالتزامات المادية يعتبر أهم ما تم خلال طرحه خلال مؤتمر جلاسكو عام 2021 للتأكيد على أهمية اتمام الاتفاق على تفاصيل تنفيذ اتفاق باريس، وهو ما سوف يكون الموضوع الأهم خلال مؤتمر المناخ القادم، لاسيما وأن آثار ما يسببه التغير المناخى تزداد حدتها يومًا بعد الآخر.
التصحر وأمراض تغير المناخ
قال الخبير البيئى دكتور عماد حمدى إن مخاطر التغيرات المناخية لا تقع على مصر وحدها بل تقع نتائجها على العالم كله وواحد من أهم مظاهرها زيادة درجات الحرارة، ولكن تختلف من منطقة لأخرى حسب المنطقة الجغرافية وقربها أو بعدها عن خط الاستواء، وأوضح حمدى أن زيادة درجات الحرارة تؤثر فى البحار والأنهارمن حيث منسوب المياه بالنقص فى بعض المناطق والزيادة فى مناطق أخرى، علاوة على المناطق الصحراوية والتى تعانى من ندرة المياه قد تختفى تمامًا، ويحدث التصحر نتيجة ندرة كمية المياه ما يجعل المناطق غير صالحة للزراعة. وأضاف أن كثيرًا من المحاصيل الزراعية يرتبط نموها بدرجات الحرارة؛ وبالتالى عندما يحدث ارتفاع فى درجات الحرارة أو انخفاض بوتيرة مختلفة عن ما هو معتاد ومتعارف عليه فى هذا التوقيت من العام؛ تتأثر المحاصيل سلبًا ومن أهم وأبرز الأمثلة ما حدث لمحصول المانجو عام 2021، ومن الأمور المعروفة أن كل كائن حى موجود فى منطقة معينة يحدث له التكيف مع ظروف هذه المنطقة، وحتى على مستوى الأفراد الانتقال من منطقة حارة إلى أخرى باردة على سبيل المثال يسبب مشاكل صحية لهؤلاء الأفراد، حيث يؤثر عليهم صحيًا وفسيولوجيًا ويؤدى لتدهور الصحة العامة، ونحن فى مصر يوجد 9 مخاطر للتغير المناخى الأكثر تأثيرًا هو ارتفاع منسوب سطح البحر وما نتج عنه من زيادة درجات الحرارة، ونتج عنه النحر فى عدة شواطئ فى مصر.
تمدد فصل الصيف
أضاف الخبير البيئى أن مواعيد فصول السنة التى كان متعارف عليها من سنين تغيرت، وأصبحنا نحس بتمدد فصل الصيف، ويمتد الشعور بالحرارة إلى شهر نوفمبر، كما أن موسم الأمطار تقلص لدينا بشكل غريب أصبح هناك ندرة فى كمية الأمطار ما أثر بدوره على منسوب المياه فى البحيرات وعلى الزراعة التى أصبحت تعانى نتيجة ندرة المياه. فيما يتعلق بوفاء الدول المتقدمة المسببة لظاهرة التغير المناخى بوعدها بتقديم دعم مالى للدول النامية المتضررة بفعل التغير المناخي؛ وذلك لإصلاح ما أفسده التغير المناخي، وهى الظاهرة التى تسببت فيها الدول الصناعية الكبرى نتيجة استخدام فحم الكوك والبترول ومشتقاته وذلك بداية من القرن التاسع العشر، وما نتج عن ذلك من ظاهرة الصوبة الزجاجية أو الاحتباس الحرارى والتى رفعت من درجة حرارة كوكب الأرض وأدت لحدوث ظواهر مناخية لم تكن معتادة من قبل، وفى مؤتمر COP26 الذى أقيم فى جلاسكو فى إنجلترا تعهدت الدول المتقدمة بتقديم دعم مالى قدره 100 مليار دولارسنويًا للدول النامية، وسيكون الوفاء باحتياجات هذه الدول نقطة محورية فى مفاوضات قمة هذا العام فى مدينة شرم الشيخ، حيث أن الدول النامية متضررة من آثار التغير المناخى بينما تساهم بشكل متواضع فى انبعاثات الغازات الدفينة، ما يجعل التمويل المالى أمرًا عاجلًا لمساعدتها فى التأقلم مع التغير المناخي. وعلق الخبير البيئى دكتور عماد حمدى على الأمر قائلًا إن البيئة ليس لها حدود فاصلة، وأى مشكلة بيئية تحدث فى بلد ما تنتقل عبر الهواء والماء من بلد إلى أخرى طبقًا لإتجاه الريح وسرعته، وبالتالى وجود انباعاثات أو غازات ضارة لا يستقر فى مكانه، ومن مصلحة الدول المتقدمة إصلاح آثار ما سببته الممارسات الصناعية لديهم للمحافظة على أنفسهم أيضًا من المزيد من التدهور.
تدهور الصحة العامة
تؤثر التغيرات المناخية بشكل مباشر على الصحة عند حدوث عواصف أو فيضانات، وارتفاع درجات الحرارة، وبشكل غير مباشر من خلال التغيرات الحيوية لمدى انتشار الأمراض المنقولة بواسطة الحشرات، ومصر معرضة بسبب ارتفاع درجة حرارتها، إلى انتشار أمراض النواقل الحشرية مثل: الملاريا، الغدد الليمفاوية، وحمى الضنك، حمى الوادى المتصدع
زيادة معدلات البخر وندرة الأمطار
يؤثر تغير المناخ على نمط الأمطار فى حوض النيل، ومعدلات البخر فى المجارى المائية، وخاصة فى الأراضى الرطبة
تدهور الإنتاج الزراعى وتأثر الأمن الغذائى
نتيجة تأثر المحاصيل الزراعية بالتغير غير المتوقع فى درجات الحرارة إما بالزيادة أو بالنقص ما أدى لإفساد عدد من الزراعات منها ما حدث مع محاصيل المانجو عام 2021
زيادة معدلات التصحر
نتيجة زيادة معدلات التبخر وإختفاء موارد المياه من المناطق ذات موارد المياه المحدودة
زيادة أو انخفاض درجة الحرارة عن معدلاتها الطبيعية
سجل البنك الدولى أن عام 2016، هو أشد الأعوام حرارة منذ بداية تسجيل درجات الحرارة، نتيجة ارتفاع درجة حرارة الأرض 1.2 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية.
ارتفاع منسوب البحر
وما يتبعه من تأثيرات على المناطق الساحلية، حيث أنه من المتوقع زيادة مستوى سطح البحر 100 سنتيمتر حتى عام 2100، والذى سيؤدى إلى دخول المياه المالحة على المياه الجوفية وبالتالى تلوثها، وتملح التربة؛ وما ينتج عنه من تدهور جودة المحاصيل وفقدان الإنتاجية.
زيادة معدلات الأحداث المناخية المتطرفة
مثل «العواصف الترابية، موجات الحرارة والسيول، وتناقص هطول الأمطار».
زيادة معدلات شح المياه
تم رصد حساسية منابع النيل لتأثيرات التغيرات المناخية
تدهور السياحة البيئية
من المتوقع أن يؤدى ارتفاع مستوى سطح البحر إلى النحر للسواحل المصرية، وقد تتأثر الشعاب المرجانية، وتؤدى الضغوط البيئية إلى زيادة ابيضاضها، كما تؤثر درجات الحرارة المرتفعة على ألوان وعمر الآثار والمنشآت التاريخية
التوعية كلمة السر
وللتكيف مع آثار التغير المناخى لابد من زيادة الوعى لدى المواطنين والذى ينتج من استخدام وقود ينتج عنه انبعاثات ضارة، إضافة إلى التخلص غير الآمن من الانبعاثات والمخلفات، وهو ما يؤثر على التربة علاوة على التجريف بالرياح ما يؤدى لحدوث مشاكل بيئية كثيرة، وبالتالى لابد من استخدام الوقود الأنظف وهو الطاقة الشمسية والتى تساعد على التنمية المستدامة لأن الشمس دائمة وموجودة بالتالى لا تنضب بخلاف البترول وغيره من مصادر الطاقة، علاوة على أن الانبعاثات الناتجة عنه محدودة. فيما يتعلق بمستوى الوعى العام بموضوعات البيئة والتغير المناخى قال دكتور عماد حمدي:»للأسف الشديد لدينا قصور معرفى شديد لدى العامة من المواطنين حول التغير المناخى وأسبابه ومظاهر حدوثه، لكن فى السنوات الثلاث الأخيرة تغير الأمر بشكل كبير نتيجة الإعلان عن استضافة مصر نيابة عن قارة إفريقيا لمؤتمر المناخ COP27، نتيجة اهتمام وسائل الإعلام على اختلافها بالشرح والتبسيط للمؤتمر وأهدافه وأسباب التغير المناخي، كما أن هناك بُعد بيئى أصبح موجود فى المناهج الدراسية وهو أمر عظيم، كما أن تنظيم المؤتمر فى مصر يجعل تغطية ما يتم فيه من مناقشات شأن لا يهم فقط المتخصصين بل يمكن أن يشغل عدة فئات نتيجة زيادة المحتوى المعروض؛ وهو ما يفترض أن يترتب عليه أن ينعكس على سلوكيات المواطنين مثل التوقف عن حرق المخلفات أو إهدار الماء العذب وغيرها من السلوكيات السلبية». وطالب الخبير البيئى دكتور عماد حمدى بوجود برامج مخصصة فى كل القنوات وكذلك الأمر بالنسبة للصحف والمواقع الإلكترونية لتكون ثابتة وليست موسمية مرتبطة بحدث معين، وأشار حمدى إلى ضرورة تدريس الأثر الصحى للتغيرات المناخية علاوة على أثرها على التصحر والأمن الغذائى ويفضل أن تضم مناهج الكليات العملية مثل العلوم والزراعة جانب الدراسات البيئية.