بمرور الزمن ينسى الناس مشاعرهم أثناء أحداث بعينها بتغير الأحوال وتبدل المواقف فيعيد الذهن تلوين المشاعربريشة الواقع الجديد، فهل نذكر مشاعرنا فى يونيه 2013 كما كانت وبدون التأثر بما حدث بعدها؟.… إن توثيق اللحظات التاريخية فى وقتها هام جدًا وليس بعدها..وجمال السوشيال ميديا أنه لا يستطيع أحد أن يغير ما وثقه الإنسان لأنه باق ويستطيع أى كاتب للتاريخ أن يعود إليه. قال لى شاب يبلغ من العمر 20 سنة: لقد كنت فى الثالثة عشرة من عمرى وقت 30 يونيو ولا أذكر موقفًا خاصًا بى ولكنى أتذكر فقط أن والداى نزلا إلى الشارع لتأييد ثورة الشعب فماذا كان موقفك وكيف وثقته..؟ قلت: سأسرد بعضًا مما كتبته ووثقته يومًا بيوم لعله يعطيكم صورة عن واقع هذه الثورة خلال هذه الأيام. كتبت فى 13 يونيو 2013 رسالة إلى من يهمه الأمر: وقلت من لا يتعلمون من دروس التاريخ محكوم عليهم بإعادته، إن إصرار الإخوان على عناد الشعب هو انتحار سياسى رأيت مشهده من قبل ثم أضفت فى اليوم التالى أن الشعب المصرى يملك من الحس الحضارى أكثر مما يتصور حكامه. إن حكم الإخوان فشل فى احترام تعددية المجتمع المصرى ولم يحترم حقيقة عظمة مصر، البدائل كانت محدودة وطرح فكرة مجلس رئاسى بعد التخلص من الإخوان كان يحمل فى طياته اختلافات قيادات اللحظة الأيديولوجية التى تجعل القيادة المشتركة طريقًا واضحًا للفشل بعد اختفاء العدو المشترك. وهنا ظهرت أهمية وواجب القوات المسلحة التاريخى وهو حماية اختيار الشعب واحترام حقوق الأقليات منه ومنع من يصل للسلطة من التغول على السلطات الأخرى. فى هذا التوقيت أصدرت القوات المسلحة بيانًا لا أنساه يقول:«نحن مسئولون مسئولية كاملة عن حماية إرادة الشعب، الموت أشرف لنا من أن يمس أحد شعب مصر فى وجود جيشه؟» رسالة واضحة ومحترمة... الإخوان والرئيس كانوا لا يحترمون معارضيهم والحكمة تقول إن السلطة التى لا تحترم معارضيها تفقد كل شيء فى النهاية. ولنتذكر أن ما حدث فى إيران وأفغانستان وباكستان والسودان واستمر سنوات أجهضه الشعب المصرى العظيم فى سنة واحدة بعمق تاريخه وحضارته كتبت قائلًا: مصر تثبت اليوم مرة أخرى أنها أكبر وأعمق وأعرق من أى فرد أو جماعة والشعب المصرى عظيم ويثبت أنه أكبر وأعمق وأشمل مما تظن أمريكا ومما يعتقد الإخوان. كان ذلك فى 29 يونيو تحديدًا فقد كنا نرى المشهد بوضوح وبقدر فخرى بالمظاهرات السلمية التى تعبر عن تعددية وحرية الشعب المصرى فإن خشيتى كانت تدور حول الإعداد للمرحلة التالية لتجنب الفوضى؟ إن ما قام به الشعب المصرى فى ميادين التحرير وميادين مصر اليوم كان غير مسبوق لشعب عظيم يكتب تاريخًا جديدًا وتحذيرًا لأى حاكم يحكم بنفس معايير رئيس الإخوان. فى أول يوليو 2013 كتبت تصورى لخارطة طريق: إدارة بمجلس القضاء الأعلى أو المحكمة الدستورية بحماية من الجيش بهدف إعادة صياغة الدستور وقوانين مباشرة الحقوق السياسية. التأكيد على عدم خلط الدين ودعوته الكريمة بالسياسة أو استخدامه وسيلة لتحقيق مكاسب سياسية أو المنع أو الإقصاء لحقوق المواطنة من المواطن. 0 تكوين حكومة من الأكفاء يرأسها اقتصادى محترم ويستحسن ألا يكون أعضاؤها من ذوى الانتماءات السياسية الحزبية. إن تدم هذه الفترة لمدة عام على الأقل يتم بعدها انتخاب رئيس جديد للجمهورية فى إطار دستور يحترم الجميع ولا يفرق بين المواطنين بعد انتخاب الرئيس بالدستور الذى لا يفرق بين المواطنين يتم انتخاب المجالس الشعبية ومجلس الشعب فى إطار قانون مباشرة الحقوق السياسية الجديد. وأضفت قائلًا: على كل من له قدرة أو قيمة مضافة فى العمل العام أن يتطوع بها لتأييد هذه الحكومة والعمل على نجاحها لحين انتخاب الرئيس. - وعلى السياسيين الراغبين فى خدمة الشعب أن يعرضوا رؤاهم الإيجابية ووسائلهم لتحقيقها فى إطار تنافسى ولا يهدم للرأى العام طوال هذه الفترة. مصر كانت تحتاج فترة انتقالية ولن يستطيع الإخوان الركوب على هذه الثورة أثناءها فهى ضدهم وضد التطرف وضد الإقصاء والكذب والتهديد بالعنف وضيق الأفق وفرض الرأى الواحد كانت تغريدتى تقول: ما نراه من جماهير مصر هو أعظم حركة ثورية فى التاريخ المعاصر، محددة الوقت ومع ذلك لا يمكن إيقافها. ويكاد الدرس الذى يعيطه الشعب المصرى للجميع أن ينتهى، وشكرًا للإخوان على توحيد الشعب سويًا ومع الجيش والشرطة مرة أخرى. لقد كانت الطامة الكبرى فى خطاب الرئيس الإخوانى فى 2يوليو فقد كتبت بعده قائلًا: كطبيب أرى أن الإخوان تحولوا بخطاب الرئيس غير المسبوق بإعلانه سفك الدماء لمن يعارضهم من مرض مزمن ممكن علاجه والتعامل معه إلى ورم خبيث، فعلى ماذا يعتمد هذا الرجل؟ إن كان الجيش والشرطة والقضاء والإعلام والفن والمثقفون ومؤسسات الدولة والعمال والفلاحون وأغلبية الشعب ضده… كان خطاب مرسى غير معقول يهدد ويتوعد ويخير الناس بين بقاء الإخوان فى الحكم أو سفك دمائهم وأعتقد أنه كان خطابًا ينهى أسطورة الإخوان إلى الأبد، فلم أر فى حياتى مثل هذا التهديد من مسئول لشعبه، الموضوع كان يحتاج إلى مستشفى أمراض عقلية. هذا اليوم كان هو الاهم فى تاريخ مصر كله، فتأكيد الشعب على مطالبه هو ما أعطى القوات المسلحة التفويض والقدرة التى كانت مؤهلة لها. إن الشعب المصرى متعدد الهوية لكنه متحد فى عشق الوطن، متدين بطبعه إسلامًا ومسيحية لكنه منفتح الفكر على العالم لا يمكن أن يستوعبه محتل... جيشنا العظيم استوعب نداء شعبه بجرأة واقتدار فمبروك رفع الغمة وإزالة اللعنة وعودة مصر المشرقة الواعدة السعيدة بعظمة شعبها. هذه كانت ثورة شعب ودولة فجميع مؤسسات الدولة الرسمية ساندت الإرادة الشعبية غير المسبوقة فى التاريخ.. يوم يستحق الاحتفال به