بعد عقود من سيطرة الدولة على قطاع إنتاج السجائر، كسرت الحكومة الحالية تلك الهيمنة لتثبت للعالم كله أن الدولة المصرية ترفع راية اقتصاد السوق الحرة فوق كل اعتبار وأن شعارها الاستثمار أولا، وأن إيمانها بأن القطاع الخاص هو شريك أساسى فى التنمية الاقتصادية فتح الباب أمام قرار الحكومة التاريخى بطرح رخصة جديدة لإنتاج السجائر أمام الشركات العالمية داخل السوق المصرية. كما أن موافقة الدولة على تعديل اكثر من 90% من شروط رخصة السجاير يؤكد أن الدولة ترغب فى زيادة استثمارات الشركات الأجنبية داخل السوق المصرية، يثبت أنها جادة فى جذب الاستثمارات الخارجية وأنها تسهل على المستثمرين الإجراءات لزيادة استثماراتهم داخل البلاد. ولكن تباطؤ الشركات فى التقدم للحصول على هذه الرخصة بعد تعديلها وطلبها التأجيل حتى ديسمبر المقبل يؤكد أنها غير جادة فى اتخاذ القرارات. فقد طلبت الشركات تقسيم الرخصة إلى ثلاث رخص وهى عبارة عن السجائر الالكترونية وتبغ مسخن وسجائر تقليدية ورخصة السجائر نفسها تكون ثلاث رخص عبارة عن رخصة بطاقة إنتاجيه مليار سيجارة تساوى مبلغًا معينًا ورخصة أخرى بخمسة مليارات سيجارة تساوى مبلغًا معينًا ورخصة أخرى بطاقة إنتاجية 15مليار سيجارة بقيمة مالية أعلى حتى تستفيد الدولة أكثر بأعلى قيمة مالية. والحكومة لديها مرونة واستجابة لتعديل شروط الرخصة ففى البداية كان مطروحًا رخصة واحدة بها احتكار لمدة 10 سنوات وتم تعديل هذا البند بإمكانية طرح رخص. وقد حصلت «روزاليوسف « على خطابين تم إرسالهما من قبل الشركات الثلاثة إلى مجلس الوزراء الأول بتاريخ 29/6/2021 والثانى بتاريخ 29/7/2021. والقصة لمن لا يعرفها أن هيئة التنمية الصناعية، وانطلاقًا من إثراء سوق الاستثمار فى مصر، أعلنت عن مزايدة محدودة على رخصة لتصنيع المنتجات التبغية، وخاطبت فى ذلك 4 شركات تنطبق عليها المواصفات والشروط للمشاركة فى المزايدة. طرحت الهيئة كراسة شروط المزايدة، لتفاجأ بأن ثلاث شركات من الأربعة تتقدم بخطاب إلى رئيس الوزراء تطلب فيه تعديلات على كراسة الشروط، من بينها تمديد فترة تقديم العرض الفنى، التى كان محددًا لها 3 إبريل الماضى. ولأن الدولة تتعامل بشفافية مطلقة، وتقف بالفعل على مسافة واحدة من الشركات العاملة فى السوق، استجابت لطلب الشركات الثلاثة، وقامت بدراسة الملاحظات التى تقدمت بها، مستعينة فى ذلك بآراء الخبراء والمتخصصين والجهات المعنية، وعلى رأسها جهاز المنافسة ومنع الاحتكار، وتم التعديل بالفعل بما يتناسب مع ملاحظات الشركات الثلاثة ولا يخالف القوانين، فى إشارة واضحة إلى أن الدولة تسعى إلى طمأنة المستثمرين متى كانوا جادين.. من بين التعديلات التى أدخلتها الدولة على كراسة الشروط، أن يكون الحد الأدنى لإنتاج الشركة التى تفوز بالرخصة مليار سيجارة فى السنة بدلًا من 15 مليار سيجارة، كما يجوز لجميع الشركات، سواء التى شاركت فى المزايدة، أو تلك التى لم تشترك أن تتقدم فى أى وقت لطلب الحصول على رخصة تصنيع منتجات تبغية، بشرط التزامها بالمعايير المطلوبة التى طبقت على الشركة التى تفوز بالرخصة، وبالرسوم التى فرضت عليها. عندما تتأمل الشرط الأخير ستجد أن الدولة وضعت فى اعتبارها منع الاحتكار وزيادة التنافسية بشروط متساوية للجميع، وهو ما يدعم مجال الاستثمار الذى يحلم به الجميع.. كانت الخطوة التالية هى تمديد أجل تقديم العرض الفنى إلى الأول من أغسطس، لكن فجأة تقدمت ثلاث شركات بخطاب إلى رئاسة الوزراء فى 29 يونيو الماضى، تطالب فيه بمد الأجل إلى ديسمبر 2021، وهو ما عادت وأكدت عليه فى خطاب ثانٍ أرسلت به إلى مجلس الوزراء فى 29 يوليو الماضى، هذا رغم أن الحكومة استجابت لما يقرب من 90٪ من طلبات الشركات الثلاثة. كانت الحجة التى تقدمت بها الشركات الثلاث إلى مجلس الوزراء لتمديد أجل تقديم العرض الفنى غريبة جدًا، فمن ناحية هى لم تتمكن من الانتهاء من العرض الفنى، ومن ناحية ثانية تسعى إلى تكوين شراكات ملائمة ومناسبة للتقدم إلى المزايدة. فكيف لم يتسن للشركات الثلاثة أن تتنهى من العرض الفنى، خلال الفترة الماضية، فهل يعنى ذلك أنها لا تمتلك الخبرات الفنية والإدارية التى تمكنها من ذلك؟ ثم إنها عندما تسعى إلى تكوين شراكات، فهى بذلك تخالف شروط منح الرخصة التى جاءت فى كراسة الشروط، التى تقصر المشاركة على الشركات منفردة، وذلك لمزيد من التنافس، مع منح الفرصة للشركات التى لم يحالفها الحظ لأن تتقدم بطلب الحصول على رخصة بنفس المعايير والشروط المالية، بما يحقق دخلًا إضافيًا للدولة لا يقل عن رسوم الرخصة المطروحة، وهو ما يجعلنا نتشكك فى نوايا الشركات الثلاث، فهى تعمل لمصالحها الخاصة ضاربة عرض الحائط بمصالح الدولة؟.. فى الأول من أغسطس تقدمت شركة واحدة بعرضها الفنى الذى التزمت فيه بكل شروط كراسة الشروط، وأصرت الشركات الثلاثة على موقفها، وهو المطالبة بمد الأجل لتقديم العرض الفنى.. فطلب الشركات تأجيل الطرح حتى ديسمبر المقبل هو محاولة تعطيل منح الرخصة لشركة أخرى، وذلك لأنها غير قادرة على المنافسة الحقيقية فى السوق، ولذلك تسعى إلى تكوين تحالف، وهو ما يجعلنا أمام حالة من الابتزاز تقوم بها فى مواجهة الدولة. ومعنى تكوين تحالف أن هذه الشركات تحرم الدولة من إيرادات قد تأتيها من سعى شركات أخرى للحصول على رخصة مماثلة فى المستقبل، وهو ما يعنى ضياع مئات الملايين من الدولارات على الدولة، ما يؤكد أن الشركات الثلاثة تتلاعب من أجل مصلحتها، وأنها تصر على عدم شمول الرخصة الجديدة الجيل الجديد من السجائر الإلكترونية والتبغ المسخن، رغم أن هذه المنتجات موجودة بالفعل، وبشكل غير رسمى فى السوق المصرية، وهو ما يعنى ضياع مليارات الجنيهات على الدولة، وهى المليارات التى تتمثل فى الرسوم والضرائب على هذه المنتجات إذا تم إنتاجها وتداولها بشكل قانونى.. فالرخصة الجديدة تمنح من يحصل عليها أن يقوم بتصنيع هذه المنتجات، وهو ما يجعلها تدخل تحت مظلة القانون، بما يعنى تحصيل الضرائب والرسوم عليها، وهو ما يجعلنا نتساءل عمّا تريده الشركات الثلاث بالضبط: هل تريد استثمارًا حقيقيًا يحقق مصالح الجميع، أم تريد استثمارًا يحقق مصالحها وحدها؟. من جانبه قال هانى امان، العضو المنتدب للشركة الشرقية للدخان «إيسترن كومبانى»أن موافقة الدولة على تعديل اكثر من 90% من شروط رخصة السجائر التى سيتم طرحها يثبت أنها جادة فى جذب الاستثمارات الخارجية وأنها تسهل على المستثمرين الإجراءات لزيادة استثماراتهم داخل البلاد فهى تقوم بتذليل وتسهيل جميع الإجراءات من أجل عملهم داخل السوق المصرية.. وأوضح أمان أنه كلما زادت الرخص كلما استفاد المواطن والدولة لذلك فإننا جميعًا ندعم دور الدولة فى جذب الاستثمارات والدولة جادة فى توجهاتها وتحاول أنها تثبت أنها لا تسير فى طريق واحد بدليل تعديل أكثر من 90% من شروط الرخصة فهى تساعد فى تسهيل الإجراءات والاستجابة لطلبات الشركات مما يؤكد أن الدولة جادة فى جذب الاستثمارات وأنها تعمل بكل جهدها فى إتاحة الفرصة للجميع للمنافسة. وأضاف أمان أن عمليات التأجيل أكثر من مرة رغم استجابة الدولة لطلبات الشركات تسأل عليها الشركات، من وجهة نظرى أنا أرى أنها جادة فكون أن الشركات تطلب التأجيل فهذا يعنى أنها ترغب فى الدراسة أكثر وعودتها لشركاتها الأم أو لمراكزها الرئيسية، فالشركات التى لا ترغب فى الاشتراك فهى تقول إنها لا ترغب فى الاشتراك أو تقوم بتقديم عرض غير مناسب لكن أنا أعلم جيدًا أنها جميعها جادة فى كل تحركاتها. مؤكدًا أن جميع الشركات تحاول انتهاز الفرصة الحقيقة للاستثمار فى مصر المشكلة هى أن الشركات الكبيرة الأمر واضح بالنسبة لها بالتالى حسمت موقفها بسرعة فى حين أن الشركات الأخرى حجمها أصغر وبالتالى تحاول الربط بين فرعها فى مصر والمركز الرئيسى بالخارج مما يجعل الموضوع يأخذ بعض الوقت مما أدى إلى بطء فى اتخاذ القرار مبينًا أنه لا يرى أى تباطؤ من قبل الشركات وإلا كانت اعتذرت عن دخولها للمنافسة على الرخصة.. الدولة لديها الحق فى طرح الرخصة بالمواصفات التى تراها صحيحة الدولة ممثلة فى هيئة التنمية الصناعية لديها الخبرة الكافية فى اتخاذ القرارات. وبين أن الشركة المتحدة هى التى تقدمت للحصول على الرخصة وهى على علاقة بشركة فليب موريس.