جال فى خاطرى اليوم وأنا أصطحب حفيدتى «هايا» (ست سنوات) بناء على طلبها بأن أذهب معها لمشاهدة فيلم جاءت إعلاناته فى التليفزيون للفنان الكبير «محمود ياسين» بعنوان (جدى حبيبى)، ورغم أننى أتذكر آخر مرة ذهبت فيها إلى دار سينما لمشاهدة فيلم مضى عليه فترة طويلة من الزمن حيث أتذكر آخر مرة ذهبت فيها كان لمشاهدة فيلم للفنان المخرج «خالد يوسف»، هو فيلم (حين ميسرة)، والذى تعرض لعشوائيات الوطن، وكتبت عنه فى حينه، بأن هذا الفيلم هو واقع نتجاهله، وجزء عزيز من الوطن أهملناه، وقسوة من الحياة يعيشها أكثر من عشرين مليون مصرى فى أرجاء المحروسة، دون ضمير من المسئولين عن إدارة هذا الوطن. وحينما اصطحبت حفيدتى لمشاهدة فيلم تحدث عن (الجِدْ)، وجدت أن تلبيتى لهذا الطلب، وترحيبى به، جاء مع رغبتى الشديدة فى الخروج من أعباء الحياة، ونمطها اليومى الذى أعيشه، وتأملت فى لحظات ما كان يشغلنا ونحن أطفال، من مجموعة من الألعاب، لعلها اختفت إن لم يكن جميعها فعلى الأقل أغلبها، ولا يتذكرها إلا من هو فى عمرى ،حيث كان الجمع بيننا سواء فى رحلات المدرسة أو فى فترات الراحة المدرسية بين حصص الدراسة ونسميها (الفسحة) !! كانت بعض تلك الألعاب. وأيضاً فى الإجازات الأسبوعية، حيث نتفق على أن نستحوذ على أحد الشوارع التى لا يوجد بها كثافة مرور أو محلات وخاصة فى حى (منيل الروضة)، فى منطقة (أرض شريف)، وهى مابين محطة (الباشا) ومحطة (الروضة)، كلها أرض فضاء مخططة للمبانى، لكى ننقسم إلى فريقين للعب بالكرة (الشراب) والتى «تحشى» بقطع من الإسفنج، وكانت أيضاً الكرة (الكاوتش ) وهى كرة (التنس)، وجاء أعظم لاعبينا فى تاريخ كرة القدم، من ممارساتهم لهذه اللعبة فى شوارع وحوارى القاهرة، ولعل من أسماء اللعبات التى أتذكرها، ( التورنجيلة) و(الطرة والوزير) و(السبع طوبات) و(صلًّحْ) و(عسكر وحرامية) و(البلى) وهناك ألعاب اختصت بها البنات مثل (نط الحبل) و(الأولى) و(الاستغماية)، وألعاب مشتركة بين البنين والبنات مثل (عروسة وعريس) و(المسَّاكة) و(كلوبامية) و(ملك وكتابة) و(الكراسى المتحركة ) وفى أحيان كثيرة وفى فترات لاحقة للصبى، كانت لعبة الكوتشينة المسماة (31) وهى بداية للشقاوة، حيث كانت تُلعب (بالنقود) أى المراهنة على المكسب (بشلن) على الأكثر، وحينما تزداد إلى أكثر من ذلك، فهذا يدل على خروجنا عن الآداب العامة، حيث تدخل فى فئة ألعاب (القمار)!! ولكل لعبة من هذه الألعاب قواعدها، وأدواتها، وأصولها، (فالتورنجيلة)، هو رسم مثلث على الأرض ويبعد عن خط القذف إليه بالحجارة أو بالبلى الزجاجى حوالى سبعة أمتار، أو سبعة ياردات ،وكان التنافس على القذف داخل المثلث، يعتبر وصولاً إلى تحقيق الهدف، أما (الُطَّرةَ والوزير) فهى لعبة قاسية حيث (يبُرَّمْ) قطعة من القماش وعادة ما يكون منديل يد، لكى يصبح مثل (الكرباج) يمسك به (الوزير) الذى يأخذ منصبه إما نتيجة (القرعة) أو إجراء لعبة (كلوبامبة) ليفوز أحدنا، بأن يكون (وزيراً) يقوم بتنفيذ حكم بالضرب على يد الخاسر، حينما يفشل فى إيجاد إجابة عن سؤال المجموع، وهكذا وإذا فلحَ فى الإجابة يصبح هو (الوزير) ويتناول هو دور «المُعاقِب»، أما لعبة (السبع طوبات) فهى وضع هرم من البلاطات الصغيرة بعدد «سبع طوبات» فوق بعضها، وعلى بعد عشر خطوات تقذف تلك (الكومة) من البلاطات بكرة من الشراب (المحشو بالإسفنج) لكى تسقط الطوبات، ويحاول الفريق الضارب فى أن يعيد رص تلك الطوبات دون أن يلحق الفريق الآخر بضربه بالكرة الشراب وهكذا، ألعاب كثيرة كانت هى محور حفلات السمر للشباب إما فى إجازات نهاية الأسبوع أو فى وقت الفراغ، فلم يكن هناك تليفزيون، وفى الأمسيات لا يوجد إلا لعب فيما بيننا والشاطر منا هو من اهتم بالقراءة، فكانت هذه بداية لوجود ثقافة المكتبات العامة التى كنا نتسابق إليها ونتبارى فى عرض ما قرأناه فى أوقات الراحة أو ما تسمى (بالفسحة) فى المدرسة!!