كان «الشعب المصرى الشقيق» عبارة عن جحافل من الملائكة فى يوم الخامس والعشرين من يناير 2011.. انتفضوا لمواجهة «الديب» الذى حكمهم لأكثر من ثلاثين عاما.. المثير أن الملائكة سحقوا الديب مع جيوشه من الذئاب!. وبما أن هذا الشعب فى داخله حالة ملائكية فريدة، فقد صدق أن أمانته ذهبت إلى من يؤتمن عليها! وبما أن الملائكة فى داخلهم حالة من الصفاء والصدق النادرين.. فقد رفضوا تماما أن يقود البلاد الفريق «أحمد شفيق» الذى عينه «الديب» حسنى مبارك.. فكان أن خلعوه ليلحق بمن اختاره كمسئول عن البلاد.. وحدثت عملية تزوير أو فبركة.. قل فيها ما شئت من أوصاف.. انتهت إلى استدعاء الدكتور «عصام شرف» ليتولى رئاسة الوزراء.. اعتقد الشعب أنه من لونهم وجنسهم.. فإذا بالشهور التى قضاها فى الحكم.. تقطع بأنه لا يمكن أن يكون «ملاكا».. فضلا عن أن كل من اختارهم لا علاقة لهم بجنس الملائكة! استمر الملائكة فى حالة ثورة.. بينما «الديابة» يجيدون فن التهام كل ملاك فى طريقهم.. فالملائكة ينتصرون أحيانا، لكن «الديابة» ينتصرون دائما فى الظلام!. والدليل على ذلك أن الشعب الملائكى ذهب إلى حالة من الذهول.. فهو يملك الحق.. لكن «الديابة» يملكون القوة.. وإن كان الزعيم «سعد زغلول» هو القائل: «الحق فوق القوة» فهذا شعار ينتهى عادة إلى وجبة ساخنة تأكلها «الديابة»! تمضى الأيام لنذهب إلى محاكمة «الملاك» وكنا نطلق عليه مجازا وصف «المخلوع» فإذا به يتحول إلى «ملاك بجناحين».. هكذا وصفه المحامى «فريد الديب».. ولك أن تتخيل الانقلاب فى المعادلة!.. دعنا من كل ما سبق وتعال إلى اللحظة التى نعيشها.. فالمحامى الذى وصف «الملاك بجناحين» وشهرته حسنى مبارك.. سبق أن وصفه قبل نحو 6 سنوات.. بأنه يملك كل أدوات التزوير والتزييف والبطش والتنكيل.. حدث ذلك عندما ترافع الأستاذ «فريد الديب» عن الملاك «أيمن نور».. فإذا به يقلب الأبيض إلى أسود.. يقلب الباطل إلى حق.. قادر على جعل الزيف حقيقة.. ينتصر للشر على حساب الخير.. وفى الحالتين كان صوته يتهدج.. عيناه تترقرق بالدموع.. يتلمس المشاعر.. يلتمس من كل الذين يسمعونه تصديقه.. فإذا كان هو «فريد الديب» فعلى الذين يستمعون إليه أن يستقبلوه كملائكة! الأستاذ «فريد الديب» ليس مجرد محام.. فهو يتجاوز المهنة بكثير.. فى تاريخه عشرات القضايا، حاول أن يقلب فيها كل شىء إلى عكسه.. فقد سبق له أن ترافع عن «موسى صبرى» ضد الأستاذ الكبير «محمود عوض» وانتهت القضية بالخسارة.. قد يكون كسب بعد ذلك قضايا صغيرة.. لكنه فى كل قضية كبيرة يراهن فيها على قدراته الخاصة، كانت تنتهى إلى خسارة.. دليلى على ذلك أنه خسر قضية الجاسوس الإسرائيلى «عزام عزام».. وتسبب فى خسارة «أيمن نور» لقضيته.. ونحن نشهد فى تلك الأيام خسارته لقضية «هشام طلعت مصطفى».. وها هو يحاول مجتهدا أن يكسب قضية «ملاك بجناحين» وشهرته حسنى مبارك. إذا كان الأستاذ «فريد الديب» قد وصف مرافعة النيابة فى قضية المخلوع بإرادة شعب وموافقة مجتمع دولى.. بأنها عبارة عن كلام إنشائى.. فإذا به يعتمد المنهج ذاته، ويستند إلى العبارات المرسلة مع محاولات تصدير مشاعر كاذبة!.. وهذا جعل شعباً من الملائكة يغلى إلى أقصى درجات الغليان.. فقد كانوا اختاروا الذهاب إلى الهدوء والاستقرار.. لكنه بما يملك من حنكة وحكمة قانونية، تجعله يخسر القضايا الحاسمة.. قد فرض عليهم استعادة ذاكرتهم تجاه ما فعلوه يوم 25 يناير من العام 2011.. فالأستاذ «فريد الديب» سيشار إليه بالبنان، على أنه واحد من أسباب الموجة الثالثة فى تلك الثورة.. فالديب عندما يدافع عن الملاك.. هذا يعنى خللا واضحا فى ناموس الكون.. لأن الملائكة لا يمكن إطلاقا أن تكون لها علاقة بالديابة.. وبما أنه قد اختصم كل الدنيا أملا فى براءة ملاكه الذى يعتقد فى براءته.. فهو لم يدرك أن قدراته – النووية – يمكن أن تنهزم بسهولة أمام سلاح تقليدى.. اسمه الحق والعدل.. فما نشهده فى محاكمة «حسنى مبارك» اللص والمجرم فى حق شعبه والقاتل لشباب وطنه.. والذى طمس تاريخه العسكرى، واختار أن يدوس على الوطن لحساب ابنه وزوجته.. وهذا كلام إنشائى لا يمكن أن يكون بريئا لمجرد الزعم بأن حركة حماس وحزب الله هما اللذان قتلا الثوار.. لأن ذلك الكلام معناه أن الملاك كان فى غيبوبة.. وأن جهاز المخابرات العامة كان فى غيبوبة.. وأن جهاز المخابرات الحربية كان فى غيبوبة.. وأن وزارة الداخلية التى عاشت غيبوبة لسنوات، كانت قد تم دفنها منذ زمن بعيد.. فمن حيث أراد طلب البراءة.. قدم «الملاك بجناحين» متلبسا بارتكاب أبشع الجرائم.. فهو حاكم ترك الوطن نهبا للمتآمرين عليه حسب اعتقاده.. وأفسح الطريق لميليشيات حماس وحزب الله، كى يرتعوا فى الوطن ويتمكنوا من مفاصله.. للحد الذى جعلهم خلال ساعات قليلة يتمكنون من إقصاء أجهزة الشرطة – قل إن الشعب فعل ذلك – وإقصاء أجهزة المخابرات العامة والحربية.. فضلا عن تغييب وعى الشعب بالكامل.. بل جعل الشعب عميلا لأولئك، للحد الذى وضعه فى حالة استسلام للمتآمرين على الوطن كى يقتلوه. لم أدرس القانون ولست محاميا.. لكننى أملك عقلا وأمتلك قدرة على القياس المنطقى.. وأستطيع القطع بأن الديب عندما يترافع عن الملاك، يمتلك نفس المقدرة فى استغباء كل من يسمعه.. ولو أن تلك القدرات الضحلة استحقت الملايين التى يتقاضاها.. فهذا يعنى أن مصر مازالت تعيش فى زمن ما قبل 25 يناير 2011.. هل لديكم شك فى ذلك؟!.. الواقع يؤكد أن 25 يناير من عام 2011 كان حالة ملائكية.. وأعداء هذا التاريخ يمثلون جيشا منظما من الديابة.. وأترك الأمر لعدالة المحكمة.. أقصد بها «الشعب المصرى الشقيق» الذى انخدع كثيرا.. ويؤكد استعداده لإدمان الانخداع.. لكنه لا يمكن أن يقبل أن يتعامل معه أحد على أنه جموع من الأغبياء!