باستقراء تقارير الجهاز المركزي للمحاسبات علي مدار السنوات الخمسة عشر الماضية (1995-2010) نجد أن هناك رواكد في الجهاز الحكومي تبلغ حوالي (32 مليار جنيه) وهي عبارة عن (قطع غيار سيارات) ومعدات وماكينات تم شراؤها علي مدار أعوام ماضية ولم تتم الاستفادة منها علي الوجه الأمثل ويرجع السبب الرئيسي للتراكم أنه في كل شهر (مايو ويونيو) من كل عام تقوم كل وزارة بشراء أي أشياء سواء تحتاجها أو لا تحتاجها وذلك حتي يتم استنفاذ كامل الموازنة المخصصة لكل (وزارة) أو (هيئة حكومية) أو (هيئة اقتصادية) أو خلافه وذلك حتي لا يتم تخفيض موازنة الجهة الحكومية في الأعوام التالية وهذا هو العرف المالي السائد في جميع (الوزارات) و(الهيئات الحكومية) منذ قيام الثورة (23 يوليو 1952) وحتي الآن (2011) وكذلك نجد انه يتم الشراء وفقا لخطة موضوعة يضعها ويشرف عليها سواء (الوزير) أو المسئول عن الجهة (الحكومية) أو (الهيئة الاقتصادية) وكالعادة عندما يرحل هذا المسئول ترحل معه الخطة ويرحل معه كل النفقات التي تم صرفها علي الخطة السابقة وتستعد الوزارة أو الهيئة لتنفيذ الخطة الجديدة (وفقا لمعطيات الوزير الجديد) وشراء مشتريات جديدة وتتراكم هذه المشتريات في المخازن. كما أنه كانت هناك هيئة واحدة حكومية تقوم بالشراء لجميع وحدات الجهاز الاداري للدولة وبالتالي كانت هناك معرفة بالاحتياطات المطلوبة لكل جهة وكان يتم التبادل بين الوزارات ووحدات الجهاز الإداري في نهاية كل سنة لتتم تصريف مخزون (وحدة من الوحدات) إلي (وحدة أخري) تحتاجها وكانت لمصر تجربة في ذلك في عام 1975 في وزارة السيد ممدوح سالم وكان هناك وزير للتموين هو اللواء عبد الفتاح عبد الله (وكان من قبل رئيس سلاح الإمداد والتموين في القوات المسلحة) وبلغت أيامها قيمة المخزون المتراكم في وحدات الجهاز الإداري للدولة حوالي( 2.5 مليار جنيه) وهنا تم تشكيل لجنة برئاسة (وزير التموين) وأصدر أوامر بإعداد كشوف في خلال شهر لكل وحدة من وحدات الجهاز الإداري للدولة وتم تبادل هذه الكشوفات بين الوزارات حتي تأخذ كل وحدة من وحدات الجهاز الإداري ما تحتاجه إن:- ولم يكن عندها.. وتم بيع الفائض في المزاد العلني.. وعلينا بتكرار التجربة لأنه من ضمن الراكد قطع غيار السيارات ثم بيعها (أي بيع السيارات ذاتها) مع مجيء المسئول الجديد وظلت قطع الغيار موجودة وهذا يسري علي قطع غيار الماكينات وخلافه ولذلك لابد من اتخاذ حلول جريئة وغير تقليدية وذلك للتخلص من الرواكد الموجودة في الجهاز الحكومي وشركات قطاع الأعمال.. كما يجب وضع خطة مستقبلية لعدم تكرار ذلك.. وهذه الخطة تعتمد أولا وأخيراً علي شراء المنتج المصري أولا وذلك حتي يتم تشجيع(المصانع) و(المزارع) المصرية أولا وأن يتم إيجاد مزيد من فرص العمل وبمراجعة التجربة السابقة نجد أنها نجحت لعده أسباب كانت هناك إرادة سياسية لإزالة الرواكد والمخلفات كلها كما أنه كان علي رأس اللجنة أحد أفراد القوات المسلحة والذي قام بالعمل في مدة محددة (شهر) وتم إنجاز المهمة كأنها الحرب المقدسة.. ونحن بعد ثورة (25 يناير 2011) نحتاج لهذه الروح القتالية والإصرار والعزيمة حتي يتم لنا التخلص من جميع الرواكد وايجاد موارد جديدة للموازنة العامة للدولة وكذلك زيادة الطلب علي المصانع المصرية وعلي المنتج المصري خاصة اذا علمنا ان الرواكد الحكومية في جميع شركات (القطاع العام) و(قطاع الأعمال) و(الحكومة) و(الوحدات المحلية) تبلغ ما لا يقل عن (18 مليار جنيه مصري) أي ما يوازي ( 3 مليارات دولار).