في ظل توقف نشاط نقابة المهندسين طيلة عقد ونصف من الزمان، وهذا ما لم يحدث في التاريخ المعاصر لأي من التجمعات المدنية في مصر أو خارجها! إلا أن حكم القوي علي الضعيف! فقد استطاعت الحكومات السابقة أن تستند إلي أن (جماعة الإخوان المسلمين)، حينما تولت إدارة النقابات المهنية، كانت تسعي إلي قلب نظام الحكم، وهذا جاء علي أساس أن النقابات المهنية وأهمها المهندسين، والمحامين، والأطباء، والصحفيين، قد اهتموا أكثر بالجانب السياسي، علي حساب الجانب الاجتماعي والمهني داخل النقابة، لذلك قامت الحكومة بإصدار القانون رقم (100) للنقابات المهنية، وهو ما جعل اجتماع الجمعية العمومية لإجراء انتخابات من رابع المستحيلات وتحولت النقابات خاصة المهندسين، لساحة قتال أيديولوجي بجانب سيطرة الحكومة علي مرافق ومجلس إدارة النقابة المعين من الوزير المسئول دستورياً عن النشاط الهندسي وهو (وزير الري)، وتوقف النشاط المهني داخل النقابة واكتفي بحارس قضائي تعددت أسماؤهم إما بالقضاء أو بالانتقال إلي رحمة الله أو بالاتهام بفساد! وفي ظل ضياع الدور المهني للنقابة في سوق الهندسة الوطنية، فقد أسندت المشروعات الكبري مثل (مترو الأنفاق) إلي خبراء أجانب (فرنسا)، وإذا جاز للخط الأول أن ينشئه فرنسيون فلا يجوز أن يستمر الأجانب في إنشاء الخطين الثاني والثالث، في وجود نقابة للمهندسين يتبعها أكثر من أربعمائة ألف مهندس مصري محترم يشهد لأغلبهم بالبراعة والعظمة خارج الوطن، وأيضاً فيما أتيح لتلك الخبرات المشاركة في مشروعات داخل الوطن، ولعل في الكهرباء نجد عالماً مهندساً مصرياً محترماً مثل الدكتور "محمد شاكر المرقبي" وغيرهم في التخطيط وفي العمارة وفي الهندسة الإنشائية وظهرت أسماء مصرية علي واجهات جرائد ومجلات متخصصة في الهندسة بكل فروعها في العالم كله، ومع ذلك غاب دور المهندس المصري في وطنه لغياب المؤسسة المدنية المصرية الراعية للهندسة في مصر (نقابة المهندسين). وحينما ظهر ما سمي (بمنتدي الهندسة الاستشارية) عام 2001 بقرار من وزير الري وضم أكبر الأسماء في عالم الهندسة، في البلاد، ككيانات فردية معبرة عن نفسها، ومشاركة مع بعضها في النقاش ووضع أسسًا وقواعد لأخلاق وكود المهنة، كما حاول المنتدي من خلال أعضائه الذين ينتخبون رئيساً وأمينًا عامًا وأمينًا مساعدًا ووكيلاً كل عامين، لكي ينظم أعماله. واستطاع هذا المنتدي أن يثير في سوق الهندسة المصرية بعض الحركة، ما أعطي إحساسًا بأنه ما زال هناك قلب ينبض للهندسة الاستشارية في مصر وإن كان العمل من خلال المنتدي قد تميز بالتواضع الشديد، وعدم القدرة علي التجديد، والتحديث، وتحريك المياه الراكدة، ربما لأسباب قصور وجود مكان لاجتماعاته، حيث تم رفض عقد الاجتماعات له في (نقابة المهندسين)! حيث رفضت الحراسة عقد أي اجتماعات بمقر النقابة. ولم يسنَدْ المنتدي من الدولة، خاصة بعد أن غاب عنه الوزراء المشكلون له في بداية نشأته، وأهمهم المهندس "محمد إبراهيم سليمان" (وزير الإسكان الأسبق)، الذي حاول أن يستخدم المنتدي لتصفية حساباته مع بعض المكاتب الاستشارية، وأن يسطوا به علي دور (نقابة المهندسين) وهذا ما خلق الفجوة بين المنتدي والنقابة منذ نشأته! وكان لي شرف انتخابي أميناً عاماً لهذا المنتدي لمدة عامين أعقبني في ذلك المركز الأستاذ الدكتور "محمد شاكر المرقبي"، ورأس المنتدي لهذه الدورة الأستاذ الدكتور "عمرو عزت سلامة"، ما نشط قليلاً من عمل المنتدي وأصبح الدور البديل للنقابة رغم ضعفه إلا أنه معبر عن وجود محفل مهني محترم في سوق الهندسة في مصر، يمكن الرجوع إليه! ولعل بعد إجراء انتخابات نقابة المهندسين ربما يكون لهذا المنتدي بعد إعادة تشكيله ربما يمكن المساعدة في نهضة المجال الثقافي والمهني في نقابة المهندسين المنتخب مجلس إدارتها وشعبها وفروعها في 25 نوفمبر الجاري، والله أعلم!