أصبح الحديث عن إجراء انتخابات إلكترونية أمرًا ليس من قبيل الخيال خاصة بعد قيام ثورة 25 يناير والتي دعت إلي تغيير المفاهيم السابقة في الانتخاب ولعل من أهمها إعلان وفاة البطاقة الوردية الشهيرة إلي غير رجعة والانتخاب ببطاقة الرقم القومي،والحديث عن إلكترونية الانتخابات نابع من الرغبة في المزيد من النزاهة والشفافية في عمليتي الاقتراع والفزر ومن ثم إعلان النتائج،إلا أن الأمر يحتاج إلي المناقشة والبحث لأنه يقابله الكثير من المعوقات أبرزها ارتفاع نسبة الأمية والتكونولوجية علي وجه الخصوص. وفقا لإحصائيات وزارة الداخلية فعدد المقيدين بالجداول الانتخابية منذ عام 1973 وحتي عام 1998 حوالي 24 مليونًا ومن تم قيدهم من بعد هذا التاريخ وحتي الانتخابات التشريعية الماضية ما يقارب 11 مليون مواطن بينما عدد الناخبين ممن تنطبق عليهم الشروط القانونية للانتخاب ما يقارب 50 مليون مواطن وفقا لقاعدة البيانات الجديدة التي تم استحداثها بناء علي بيانات بطاقة الرقم القومي وسوف يتم الانتخاب علي أساسها في الانتخابات القادمة. إلا أن الانتخابات التشريعية القادمة لن تكون إلكترونية لكن سيتم استحداث آليات جديدة تستغل التكنولوجيا الحديثة وفقا لما أوضح أشرف عبد الوهاب القائم بأعمال وزير التنمية الإدارية حيث أن اللجنة العليا للانتخابات بالتعاون مع الوزارة قد انتهت من وضع قواعد لضمان سلامة إجراء العملية الانتخابية وأهمها إعداد قاعدة بيانات منقحة تعتمد علي قاعدة بيانات الرقم القومي لتجنب التزوير الذي كان يتم بإصدار بطاقات إنتخابية بأسماء أشخاص متوفين. وأضاف عبد الوهاب أن الموظف كان يفتقد ثقافة الانتخابات النزيهة من قبل مما كان يتسبب في العديد من الطعون علي النتائج في الكثير من الدوائر الانتخابية، فبدأنا بتدريب 15 ألف موظف من إجمالي 160 ألفا سيشاركون بالعملية الانتخابية، وفق بروتوكول تعاون مع المجلس القومي لحقوق الإنسان، علي أن يتولوا مهمة تدريب باقي الموظفين علي مستوي الجمهورية. منذ أيام أطلقت وزارة التنمية الادارية بالتعاون مع اللجنة القضائية العليا للانتخابات الموقع الرسمي للجنة العليا للانتخابات HYPERLINK «http://www.elections2011.eg» www.elections2011.eg والذي يشرح عبدالوهاب ما يقدمه من خدمات متمثلة في خدمة الاستعلام عن قيد المواطن في قاعدة بيانات الناخبين باستخدام الرقم القومي ومن المقرر إطلاق عدد من الخدمات علي الموقع تباعا مثل الاستعلام عن الدوائر الانتخابية والاستعلام عن المرشحين والقوائم بالدوائر المختلفة والاستعلام عن لجان الاقتراع بالتحديد بمعني وضع مكان الفصل علي سبيل المثال إذا كان الانتخاب داخل مدرسة إضافة إلي موقعها علي الخريطة كما تم إطلاق خدمتي الAPI والGadget في نشر هذه الخدمات عبر وسائط أخري بديلة لموقع اللجنة مثل خدمة الرسائل القصيرة (SMS) وتطبيقات الهاتف المحمول والمواقع الإخبارية، وذلك سعياً لتوسيع نطاق انتشار الخدمات وتوفير المعلومات وتسهيل عملية التصويت علي المواطن. يكمل عبدالوهاب قائلا: كما يتم نشر نتائج الانتخابات علي الموقع فور صدورها في شكل خرائط جرافيك توضيحية مثلما حدث في الاستفتاء الأخير، وتتعاون الوزارة مع أصحاب المواقع الالكترونية لنشر خدماتها بشرط أن تكون مواقعهم لا تحمل أي توجه ديني أو سياسي أو بها ما يخالف الأخلاقيات العامة،إضافة إلي التعاون مع شركات الكول سنتر لتقديم نفس خدمات الموقع الالكتروني عبر التليفون الثابت. من جانبه كشف المهندس طارق سعد مدير برنامج استكمال وربط قواعد البيانات القومية بوزارة التنمية الادارية عن إعداد الوزارة عام 2006 لنظام انتخاب إلكتروني رفضته وزارة الداخلية تماما وأصرت علي وجود البطاقة الوردية وقال سعد إن تطبيق نظام التصويت الالكتروني يتم مرحليا في عدة دول وحذر من التعجل في تطبيق الفكرة والتي تحتاج إلي دراسة وافية وللاستماع إلي الأفكار الجديدة للخروج بنظام ملائم يسهل تنفيذه. ويوضح المستشار عمر الشريف مساعد وزير العدل للتشريع أن خطوة إجراء انتخابات إلكترونية تحتاج إلي إستراتيجية جديدة كاملة بداية من توسيع تفعيل التوقيع الالكتروني مرورا بإعداد الجداول الانتخابية ثم القدرة علي توفير أجهزة الكمبيوتر وهو ما يتطلب القدرة علي تشغيلها وصيانتها في حالة تلفها دون إحداث مشاكل في عملية الاقتراع،لكن الأمر لا يقتصر فقط علي الصعوبات التقنية حيث يوجد نسبة أمية تكنولوجية مرتفعة كما أن الأمر يتطلب تدريب كل من القضاة والموظفين. كما يضع مخاطر تأمين الشبكات الالكترونية التي تحكم عملية الانتخاب ضمن الأمور التي يجب وضعها في الاعتبار حيث أن الشبكات تتعرض لمخاطر الفيروسات والاختراق مما يجعلها غير آمنة، ويوضح الشريف أن الدول الأكثر تقدما لم تطبق نظام الانتخاب الالكتروني بشكل كامل حيث طبقته بهذا الشكل دول قليلة منها الهند وفرنسا بينما تطبقه ألمانيا بشكل جزئي وبالتالي فالأمر يحتاج إلي دراسة متأنية. فيما أكد اللواء محمد رفعت أبو القمصان مساعد وزير الداخلية للشئون الإدارية والانتخابات، أن الإدارة حريصة علي إجراء انتخابات حرة ونزيهة حيث عملت علي تنقية قاعدة البيانات الخاصة ببيانات الناخبين والتي تعتمد علي بيانات بطاقة الرقم القومي وهو ما يتيح فرصة أعلي للمشاركة حيث إن قاعدة البيانات التي كان يتم العمل بها بدأ إعدادها عام 1956 منذ صدور قانون مباشرة الحقوق السياسية وقد ساهمت الثورة في إحداث تغيير ملموس وكان لابد من مواجهة هذا التطور بإقرار نظام جديد يعتبر اللبنة الأولي للعملية الانتخابية وهو ما تم بالتعاون مع وزارتي الاتصالات والتنمية الادارية. وقال أبوالقمصان إن إقرار الانتخاب ببطاقة الرقم القومي في الاستفتاء الأخير زاد من نسبة المشاركة بصورة كبيرة فكان 85% من المشاركين يضعون إصبعهم في الحبر الفسفوري لأول مرة، وأشار إلي تطبيق آلية جديدة تعتمد علي الحصول علي بيان إحصائي رقمي إضافة إلي عمل توزيع تقريبي لأماكن اللجان وغيرها من الأمور التي تحفز علي تطوير النظام الانتخابي حيث إن الداخلية ترحب بالأفكار الجديدة التي تساعدها علي إتمام دورها علي أكمل وجه. محمد إسلام المدير التنفيذي للاتحاد العربي لبرمجيات التصويت الالكتروني نجح في ابتكار نظام إلكتروني للانتخاب يمكن تشغيله علي أي جهاز كمبيوتر وتم تجريبه بالفعل في كلية الحاسبات والمعلومات بجامعة عين شمس وأقيمت بها أول انتخابات إلكترونية علي مستوي الجامعات وهو ما دفعه لعرض فكرته علي الشركات الخاصة للمساهمة في تنفيذها علي نطاق أوسع . ويشرح النظام الالكتروني قائلا أن عملية الانتخاب تبدأ من عند القاضي الموجود باللجنة حيث يتحقق من توافر شروط الانتخاب في بطاقة الرقم القومي الخاصة بالناخب ثم يعطيه رقمًا أشبه ب «الباركود» المستخدم في محلات السوبر ماركت ليقوم بدوره بإدخال الرقم في الجهاز ثم إختيار المرشح من خلال الشاشة الحساسة باللمس حيث يظهر إسم المرشح وشعاره وللمكفوفين توجد سماعة تملي عليهم الاختيارات ليتم بعدها التأكيد علي الاختيار حيث يمكن الرجوع فيه مرة أخري ثم الانتهاء من عملية التصويت والذي لا يمكن تكراره أكثر من مرة. ويقول محمد إسلام أنه عرض النظام الالكتروني علي المستشار محمد عبدالعزيز الجندي وزير العدل والذي أبدي تحمسه له لأنه يتلافي عيوب النظام الهندي وذلك بإمكانية إستخدام البرنامج علي أي جهاز كمبيوتر من المتوفر بمعامل المدارس والكليات التي تقام بها اللجان الانتخابية والتي يمكن ربطها بشبكة مع مصلحة الأحوال المدنية والقاضي الذي يراقب في اللجنة،إلا أن الاعلان الدستوري جاء دون الاشارة للنظام الالكتروني للانتخاب وذلك بسبب ضعف الامكانيات الحالية وضيق الوقت. يضيف أن التخوف من التكاليف العالية للنظام الالكتروني لا مبرر لها لأنها لا تحتاج إلي أجهزة كمبيوتر خاصة، كما أنها تمنع التزوير وتأمين الشبكات عال لأنه سوف يكون تحت إشراف شركة جوجل العالمية صاحبة الخبرة الكبيرة في هذا المجال والتي إذا تحدثنا عن مخاوف من هويتها وملكيتها فتدخلها يتم في المرحلة الأخيرة فقط وهي الخاصة بفرز الأصوات وإعلان النتائج وليس لها أية علاقة ببيانات الناخبين. أما عن إمكانية إختراق الشبكات فيوضح أن الهاكرز يحتاجون إلي شهرين علي الأقل لإختراق أي شبكة إلكترونية بينما عملية الاقتراع لا تستغرق أكثر من يوم.