صرح المستشار أحمد كشك بهيئة قضايا الدولة بأن الجيش خرج من ثكناته واتجه للشارع في يناير 2011 بناء علي أوامر صدرت من الرئيس السابق حسني مبارك بصفته القائد الأعلي للقوات المسلحة وقد امتثل الجيش لأوامر الرئيس السابق تنفيذًا لأحكام الدستور وقام بتنفيذ مهام محددة تتمثل في حفظ الأمن واستعادة الهدوء مرة أخري للبلاد مضيفًا أن الجيش انحاز للشعب وشرعيته كما تقول المادة الثالثة في الدستور، الشعب مصدر السلطات. هل نزول الجيش الشارع في يوم 28 يناير 2011 كان بناء علي أوامر صدرت من الرئيس السابق؟ لكي نتحدث عن الشرعية الدستورية يجب أن نفرق بين فترتين الأولي هي الفترة التي سبقت ثورة 25 يناير 2011 وفي هذه المرحلة كانت أحكام الدستور هي السارية والمفعلة وفقًا لنص المادة 150 من الدستور والتي تنص علي أن رئيس الجمهورية هو القائد الأعلي للقوات المسلحة وقد أصدر الرئيس السابق بصفته القائد الأعلي للقوات المسلحة أوامره للجيش بالنزول للشارع لمساعدة الشرطة في استعادة الأمن وقد امتثل الجيش لأوامر الرئيس الشرعي للبلاد والقائد الأعلي للجيش تنفيذًا لأحكام الدستور تنفيذا للمهمة المنوط بها وهي ما بعد 28 يناير وحتي 11 فبراير 2011 الفترة التي انتزع فيها الشعب الشرعية من الرئيس السابق وأصبح واضحًا للجميع أن الشعب المصري بجميع فئاته قد يأس من نظام مبارك وهذا حق الشعب وفقًا للمادة الثالثة من الدستور والتي تنص علي أن السيادة للشعب وحده وهو مصدر السلطات وعلي الشعب أن يمارس هذه السيادة ويحميها ويصونها علي الوجه المبين بالدستور فهو محض تعبير عن إرادة الشعب وقد ظهرت إرادة الشعب في إسقاط نظام مبارك بواسطة الشعب نفسه وليس ممثلين عنه بمجلس الشعب أو لجنة وضع الدستور وهو ما يسمي بالديمقراطية المباشرة وذلك بخروج أكثر من عشرين مليونا من أبناء الشعب يطالبون بخلع الرئيس السابق ومحاكمته ومنذ هذه اللحظة نزع الشعب الشرعية عن رئيس الجمهورية السابق إعمالا للمادة الثالثة من الدستور وطالبت جموع الشعب بتولي الجيش إدارة شئون البلاد خلال فترة انتقالية وهنا سقط الدستور وانقطعت الصلة الشرعية بين الجيش ورئيس الجمهورية ليلتحم الجيش مع الشعب فتخلي الجيش عن الرئيس السابق كان إعمالا للشرعية الدستورية بعدما زالت صفة الرئيس عنه فشرعية المجلس لم تأت إلا بعد أن فقد المخلوع شرعيته فشرعية المجلس العسكري في إدارة شئون البلاد تنبع من إرادة الشعب الذي طالب الجيش بتولي المسئولية لفترة انتقالية حتي انتخاب رئيس جديد للجمهورية ووضع دستور يعبر عن آمال وطموح الشعب وفقًا للمادة الثالثة من الدستور. وكيف انتهك المخلوع حق الشعب وكيف خرج عن شرعيته؟ - تؤكد المادتان 64 و 73 أن احترام رئيس الجمهورية لسيادة الشعب وسيادة القانون أساس الحكم في الدولة وكذلك التزامه بحماية الوحدة الوطنية والعدالة الاجتماعية ومراعاة الحدود بين السلطات فهل التزم الرئيس السابق بشيء من ذلك بالطبع لا فحجم انتشار الفساد والمحسوبيات وتصاعد النزعات الطائفية الغربية علي تقاليد وطبيعة الشعب المصري وازدياد معدل الفقر واتساع الهوة بين الأغنياء والفقراء واستئثار فئة قليلة من المنتفعين بغالبية الدخل القومي يؤكد أن الرئيس السابق لم يلتزم بأي من الالتزامات التي ألزمه بها الدستور في هذا الشأن. كما أن الرئيس السابق قد خالف نص المادة 79 من الدستور وحنث بالقسم الذي تلاه عند توليه منصبه بالحفاظ مخلصا علي النظام الجمهوري فهل أبر الرئيس السابق بقسمه حينما بقي في الحكم ثلاثين عاما وعمل علي توريث الحكم لنجله من بعده بما يعني هدم النظام الجمهوري الذي يقوم اساسا علي تداول السلطة والذي اقسم بالله أن يحافظ عليه واستبداله بنظام ملكي لاشك أن كل ما سبق كان حافزًا للخروج علي شرعية المخلوع. رئيس الجمهورية هو من يعين قادة الجيش وفقا للمادة 144 من الدستور ومن ثم وجب عليهم تنفيذ تعليماته ما تعليقك؟ بالفعل رئيس الجمهورية وفقا للدستور هو من يعين قادة الجيش باعتباره أكبر موظفي الدولة ومن الطبيعي أن الموظف الأكبر هو من يعين من هم دونه في السلم الوظيفي ولكنهم جميعا يعملون في الأساس علي خدمة الشعب المصري هم موظفون بمقتضي النص وتنص المادة 180 من الدستور علي أن الدولة وحدها هي التي تنشئ القوات المسلحة وهي ملك الشعب ومهمتها حماية الوطن وسلامة أراضيه وأمنها ومن الطبيعي أن يمتثل الجيش لمطالب الشعب الذي يمتلكه بنص الدستور هذا فضلا عن أنه يمثل الشرعية الدستورية فإنه يمثل الشرعية الأزلية. إدارة الجيش للبلاد في المرحلة الانتقالية هل هي سلطة؟ - من المبادئ الدستورية الثابتة أن السلطة المطلقة مفسدة مطلقة وأن من يملك اعطاء الشرعية وهو الشعب يملك انتزاعها ونحن نعيش الآن مرحلة الشرعية الثورية فإن الشعب هو الرقيب علي أعمال المجلس العسكري المتعلقة بإدارة شئون البلاد خلال الفترة الانتقالية وهو الذي يحدد نطاق السلطة الممنوحة إلي المجلس العسكري في هذا الشأن ويستطيع الشعب أن ينزع الشرعية عن المجلس العسكري كجهة تقوم بمهام رئيس الجمهورية في إدارة البلاد بناء علي تفويض من الشعب. هل تولي المجلس العسكري لإدارة شئون البلاد في المرحلة الانتقالية يمثل مخالفة لنص المادة 84 من الدستور؟ - هذا الكلام لا سند له من الشرعية الدستورية فالمادة 84 التي تنص: في حالة خلو منصب رئيس الجمهورية أو عجزه عن العمل يتولي مهام الرئاسة مؤقتا رئيس مجلس الشعب فاذا كان المجلس منحلا توكل المهمة لرئيس المحكمة الدستورية وتطبق في الأحوال العادية أما بالنسبة للأحوال غيرالعادية كحدوث ثورة مثل ثورة 25 يناير ترتب عليها سقوط النظام في 11 فبراير 2011 فلا مجال للحديث عن تطبيق أحكام الدستور لأن سقوط النظام يقترن به دائما سقوط الدستور الذي كان يحتمي به هذا النظام فبداية من نجاح الثورة في 11 فبراير 2011 سقط النظام ومن ثم سقط الدستور وسقطت المادة 84 من هذا الدستور مع سقوطه كاملا وحل محل كل ذلك الشرعية الثورية التي اعطت المجلس العسكري شرعية إدارة البلاد خلال الفترة الانتقالية وحتي انتخاب رئيس جديد للبلاد وسن دستور جديد يلائم مرحلة ما بعد الثورة.