«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بعد سقوط مبارك.. إلى أين تتجه مصر؟
نشر في المصريون يوم 15 - 02 - 2011

أكّد خبيران مصريان متخصِّصان في شؤون القوات المسلحة والدستور، على ثقتهما في المجلس الأعلى للقوات المسلحة وأنه لن يطمع في السلطة "الموكولة" إليه خلال الفترة الانتقالية الحالية، التي تمر بها البلاد، بعد قيام ثورة 25 يناير التي أطاحت بحُكم الرئيس حسني مبارك.
واعتبر الخبيران أن السلطة في يَد المجلس العسكري على سبيل "الأمانة"، ول "فترة محدودة"، تقوم بعدها بتسليمها للسلطة "المدنية"، التي سيختارها الشعب بطريقة ديمقراطية، نزيهة وشفافة، ومعبّرة عن آمال وطموحات الثورة.
وقال الخبيران في تصريحات خاصة ل swissinfo.ch: "إن ما جاء في البيانات الخمسة، الصادرة عن المجلس العسكري حتى اليوم، من إعلان تعطيل الدستور وحل مجلسيْ الشعب والشورى وتشكيل لجنة لتعديل الدستور و... إلخ، هي رسائل سياسية في المقام الأول، تستهدف بث الطمَأنينة في الداخل (الشعب وخاصة شباب الثورة) والخارج (الدول المرتبطة بعلاقات مع مصر، وخاصة الولايات المتحدة وإسرائيل)، مع التأكيد على عدم أي وجود نِية لاختطاف الثورة أو الانحراف بأهدافها، التي قامت من أجلها، مع الحفاظ على الأشكال القانونية للمعاهدات والاتفاقات والعلاقات الدولية".
وكانت تساؤلات قد ثارت في الشارع المصري بشأن: كيف سيلتزم الجيش بالوفاء بما تعهَّد به منذ تخلِّي الرئيس السابق محمد حسني مبارك عن السلطة في تمام الساعة السادسة من مساء يوم الجمعة 11 فبراير 2011، وتكليف المجلس الأعلى للقوات المسلحة بإدارة شؤون البلاد؟ وما هي آليات مراقبة الجيش خلال تلك الفترة الانتقالية من عُمر البلاد من طرف الجهات، التي قامت وأدارت وسيرت الثورة من ميدان التحرير؟...
في محاولة للبحث عن أجوبة مقنعة عن هذه الأسئلة وغيرها، التقت swissinfo.ch كلا من الخبير العسكري والإستراتيجي اللواء أركان حرب متقاعد محمد على بلال، قائد القوات المصرية التي شاركت في حرب الخليج الثانية عام 1991 والخبير القانوني المستشار زكريا عبد العزيز، رئيس المحكمة العليا (الاستئناف) بمصر والرئيس السابق لنادي قضاة مصر وقائد تيار الاستقلال بين القضاة.
أسباب انعدام الثقة بالنظام!
في البداية، استهل اللواء محمد علي بلال حديثه قائلا: "أعلم أن الثقة كانت معدومة بين الشباب والنظام السابق طوال ثلاثين عاما مضت، ولكن لابد أن يثِق الشباب اليوم في الجيش، خاصة بعدما رأى بعينيه حِياده (الجيش) خلال الأزمة وتعامله بأعلى درجات الرقي مع الشباب المتظاهرين، فهو لم يقمعهم، كما فعلت الشرطة، وإنما نزل لحمايتهم وتوفير الأمن والاستقرار والنظام لجموع الشعب، عندما عمّت الفوضى أرجاء الوطن، عقِب انسحاب الجهاز البوليسي من الميدان وحدوث انفلات أمني في الشارع، بعد إطلاق سراح قرابة 20 ألف سجين ومجرم، مما هدّد حياة وممتلكات الناس بالخطر وبثَّ الرُّعب في نفوسهم".
وأضاف بلال في تصريحات خاصة ل swissinfo.ch: "المجلس العسكري تعهَّد منذ البيان الثاني بتنفيذ مطالب الثورة، كما أكد البيانان الثالث والرابع على احترام إرادة الشعب في الانتقال إلى سلطة مدنية، ثم جاء البيان الخامس ليجيب على تساؤلات الشباب ويطمئِن قلق نفوسهم، بالكشف عن إجراءات وخطوات عملية محددة"، معتبرا أنه "بمجرد انتقال السلطة إلى القوات المسلحة، تعطل العمل بالدستور وحُلَّ مجلسيْ الشعب والشورى، لأن تخلِّي مبارك عن السلطة وتكليف الجيش، حمل بين طياته تعطيل الدستور، وإن لم يعلن ذلك صراحة".
وأوضح بلال أن "تحديد المجلس العسكري فترة الانتقال بستة أشهر أو الانتهاء من انتخابات مجلسَيْ الشعب والشورى والرئاسة، استهدف بث الطُّمأنينة لدى الشعب، معطيا نفسه (الجيش) مساحة زمنية كافية، للوفاء مع الشعب فيما تعهد به، وقدم لذلك بخطوات عملية، تمثلت في تعطيل العمل بالدستور وحل مجلسيْ الشعب والشورى وتشكيل لجنة لتعديل بعض مواد الدستور وتحيد قواعد الاستفتاء عليها و...إلخ"، مبددا مخاوف البعض من إعلان قانون الطوارئ والأحكام العُرفية، لأنها "معلنة بالفعل منذ 30 عاما"!!
وأكد بلال على أهمية التحوُّل من النظام الرئاسي إلى النظام البرلماني، الذي يضمَن أن تكون الحكومة مسؤولة أمام الشعب، ممثلا في مجلسيْ الشعب والشورى، وليس أمام شخص رئيس الجمهورية، وهو النظام الذي يقلِّص من سلطات رئيس الجمهورية لصالح رئيس الحكومة، الذي يأتي من خلال أغلبية مُنتَخبة من أعضاء مجلس الشعب، موضحا أن "مشكلة الرئيس مبارك، أنه كان يضع جميع السلطات في يده منفردا، بينما لا يخضع هو لأية رقابة أو مساءلة أو محاسبة من أية جهة بالدولة".
انقلاب عسكري "متفق عليه"!!
واعتبر بلال أن "مشكلة الشرطة المدنية، أنها مسؤولة عن الأمن الدّاخلي للبلد، ومن ثَمََّ، فهي تتعامل مع فئات كثيرة من المجرمين والمحكوم عليهم في قضايا جنائية، وهو ما جعلها تبدو قاسية في تعامُلها مع الشعب ومنعزلة عنه، وقد زاد من حِدة العلاقة، استخدام النظام لها كأداة قمع لمعارضي الرأي ولتصفية خصومه السياسيين"، كاشفا عن أن "معاملة جهاز الشرطة للمواطنين، كانت سيِّئة وكانت تتِمّ بناءً على أوامر القائد. أما الجيش، فله مبادئ وقيَم يتمسَّك بها، حتى في حالات الحروب، ويدرس لضباطه وجنوده اتفاقيات جنيف لحقوق الإنسان والتعامل مع الأسرى، فكيف يسيئ لأبناء شعبه؟!".
وكشف بلال عن أن "قرار مبارك بالتخلِّي عن السلطة وتكليف المجلس العسكري بإدارة شؤون البلاد، هو في الأساس قرار غيْر دستوري، لكونه غير منصوص عليه في الدستور، وأنه طالما انتقلت السلطة للمجلس، فقد أصبح كل ما صدر عن الرئيس السابق (مبارك) من قرارات إبَّان الأزمة، لاغيا وساقطًا وغير معمول به، (مثل: تعيين عمر سليمان نائبا لرئيس الجمورية وتشكيل حكومة جديدة برئاسة أحمد شفيق)"، موضحا أن "المشير محمد حسين طنطاوي، الذي كان بالأمس القريب عضوا في حكومة شفيق كوزير للدفاع والانتاج الحربي، صار اليوم رئيسا للسلطة التنفيذية، لكونه رئيسا للمجلس الأعلى للقوات المسلحة".
وأوضح بلال أن "ما حدث ليلة تخلِّي مبارك عن السلطة، هو انقلاب عسكري (مُتَّفق عليه)، أي أنه تم بالتَّراضي بين مبارك والمجلس، للتغلب على الفراغ الدستوري، الذي كان من الممكن أن يقع في حال تنحَّى الرئيس أو استقال، فتنتقل السلطة لرئيس مجلس الشعب (الدكتور أحمد فتحي سرور)، إلى حين انتخاب رئيس جديد خلال 60 يوما، حسب الدستور، وهو ما كان سيُسبِّب مشكلة مُزدوجة، لكونه رئيسا لمجلس مطعون في عضويته، فضلا عن كونه أحد أفراد الحزب (الوطني الديمقراطي)، الذي أصاب الحياة السياسية بالشلل، إضافة لجلوسه على المنصب قُرابة ربع قرن!"، مضيفًا "ومن ثَمَّ، اتفق مبارك مع القوات المسلحة على أن يتخلّى هو عن السلطة ويكلفها (القوت المسلحة) بإدارة شؤون البلاد، وبهذا يتعطَّل الدستور ويُحَلُّ مجلسا الشعب والشورى تِلقائيًا".
وأشار بلال إلى أن "البيان العسكري رقم (ا) مهَّد لما سيحدُث بعد ذلك، طِبقا لردود فعل الشارع، وخاصة المتظاهرين بميدان التحرير، ثم تلاه خطابا مبارك، باتخاذ خطوات إصلاحية (التعهد بعدم الترشح للرئاسة/ تعديل 6 مواد من الدستور/ قبول أحكام محكمة النقض في الطعون المقدمة ضدّ نواب مجلس الشعب/....) وتعيين عمر سليمان نائبا للرئيس وتفويضه في القيام باختصاصاته، مع انتظار ردّ فعل الشارع. فلما رفض الشعب هذه الخطوات، ألقى سليمان بيان تخلِّي الرئيس عن السلطة، وبعده بدقائق، صدر البيان الثاني للمجلس والذي أعلن تعهُّده بتنفيذ مطالب الثورة، ثم تلاه البيانان الثالث والرابع بالتأكيد على مدنية السلطة القادمة، ثم جاء البيان الخامس مساء الأحد 13 يناير ليحدِّد المُدد والإجراءات التطمينية، وللردِّ على الشبهات التي تتردّد في الشارع خلال ال 24 ساعة الأخيرة".
قراءة هادئة للبيان الخامس
وكشف بلال على أن "البند الثاني من البيان الخامس للمجلس، والذي نص على (يتولى المجلس الأعلى للقوات المسلحة إدارة شؤون البلاد بصفة مؤقتة لمدة 6 أشهر أو انتهاء انتخابات مجلسيْ الشعب والشورى ورئيس الجمهورية)، يعكس أن المدة لن تطول عن 6 أشهر وربما تقل عنها.
فالمجلس يعلَم أنه أمين على السلطة وأنه يتحملها من واقع مسؤوليته عن حماية الشرعية الدستورية، مع رغبته وشوقه للعودة إلى ثكناته وممارسة مهمته الأساسية التي حدّدها الدستور، وهي حماية الأمن الخارجي للبلاد"، موضحا أن "الجيش لم يقُم بانقلاب عسكري ليتولى السلطة، وإنما ألقيت عليه مهمة دقيقة في وقت عصيب يمُر به الوطن، فكان لابد عليه أن يتحمَّلها بأمانة وإخلاص".
وعن البند الخامس والذي ينص على أن (يتولى المجلس الأعلى للقوات المسلحة تمثيله أمام كافة الجهات في الداخل والخارج)، يقول بلال: "فلو كان هناك رئيس دولة أخرى سيقوم بزيارة مصر خلال الفترة الانتقالية، فسيكون في استقباله المشير طنطاوي بصفته رئيسا للمجلس الأعلى للقوات المسلحة، الذي يتولّى السلطة ممثلا للدولة".
وفسَّر بلال البند السادس والذي ينص على أنه: (يحِق للمجلس إصدار مراسيم وقوانين خلال الفترة الانتقالية) بأنه (المجلس) يُعتبَر الحاكم الفعلي (المؤقت) للدولة، مما يضطره لتشكيل حكومة تسْيير أعمال أو حكومة انتقالية أو قبول أوراق واعتماد سفراء لدول أخرى لدى مصر أو.....إلخ، ولأن رئيس الدولة كان له - بنص الدستور - حق إصدار القوانين في غياب مجلسيْ الشعب والشورى، ومن ثَم، فإن هذا الحقّ ينتقل للمجلس، لكونه الآن ممثلا اعتباريا لرئيس الدولة، وبالتالي، تنتقل له كافة سلطات رئيس الدولة".
وفي تعليقه على البند الثامن والذي ينص على "التزام الدولة بجميع المعاهدات والاتفاقيات، التي هي طرف فيها"، قال بلال: "هو بند ضروري ومُهِم ويحمل في طيَّاته رسالة تطمين للدول الخارجية التي تربطها مع مصر معاهدات أو اتفاقات (عسكرية/ سياسية/ اقتصادية/...) على مستقبل هذه المعاهدات والاتفاقات، لأن المجلس حاليا هو الممثل الشرعي (المؤقت) للدولة، والرئيس مبارك عندما وقَّع على هذه الاتفاقات، وقَّعها بصفته (رئيس للدولة)، وليس بشخصه"، مشيرًا إلى "القلق الذي ينتاب إسرائيل على معاهدة السلام التي وقَّعتها مع مصر (اتفاقية كامب ديفيد) والذي ينتاب الولايات المتحدة، لكونها ضامنة لتنفيذ بنود الاتفاقية وأيضا للعلاقات الخاصة التي تربطها بمصر".
ويتوقف بلال في البند التاسع والذي ينص على (تشكيل لجنة لتعديل بعض مواد الدستور وتحديد قواعد الاستفتاء عليها من الشعب)، عند كلمة (بعض)، حيث يرى أنها "جاءت لتفتح الباب أمام المزيد من اقتراحات خبراء وفقهاء القانون الدستوري بتعديل مواد أخرى، غير المواد الستة التي نصّ عليها قرار الرئيس السابق (76/ 77/ 88/ 93/ 179/ 189)"، مما يراه أعضاء اللجنة ضروريا لدستور يلائم حياة ديمقراطية حقيقية".
فاقد الشيء لا يُعطيه!
ومن جهته، أوضح المستشار زكريا عبد العزيز، رئيس المحكمة العليا (الاستئناف) بمصر، أنه "إذا كانت الثورات تُسقِط الدساتير، فقد جاءت خطوة تعطيل الدستور متأخِّرة، وإذا كانت الشرعية الثورية قد أسقطت الدستور، فلا يجب استمرار الجدل حول مَن له حق تولِّي السلطة: نائب رئيس الجمهورية أو رئيس مجلس الشعب أو رئيس المحكمة الدستورية العليا؟"، معتبرًا أنه "بمجرّد قيام الثورة يوم الثلاثاء 25 يناير، سقطت شرعية النظام، وبالتالي، تعطل الدستور وحُلَّ البرلمان بمجلسيْه (الشعب والشورى)، أما السلطة التنفيذية، فقد سقطت منذ عيَّن مبارك حكومة جديدة، استنادا إلى صلاحياته الدستورية، التي لا وجود لها لسقوط شرعيته وتعطّل الدستور".
وقال عبد العزيز، الرئيس السابق لنادي قضاة مصر في تصريحات خاصة ل swissinfo.ch: "لما كان فاقد الشيء لا يُعطيه، فقد أصبح قرار مبارك بتكليف الفريق أحمد شفيق بتشكيل حكومة جديدة وقيامها بأداء اليمين الدستورية أمامه، غير ذي قيمة، ولابد على المجلس العسكري، الذي تسلَّم السلطة أن يشكل حكومة انتقالية جديدة يسمونها بحكومة تسيير الأعمال، ويعتبر قراره باستمرار حكومة شفيق بمثابة إنشاء جديد لها"، مشيرًا إلى أن "الجهة الوحيدة الموثوق فيها والمنظمة، هي الجيش، باعتباره المؤسسة المنوط بها حماية الشرعية الدستورية وحماية الشعب، صاحب الشرعية الثورية، لأنه لو لم يتدخَّل ويتولَّى الأمر، فستحدُث فوضى وتقَع كارثة".
واقترح عبد العزيز أن "يشكّل المجلس الأعلى للقوات المسلحة مجلسا رئاسيا مدنيا من 3 - 5 أعضاء يتولى إدارة شؤون البلاد ووضع دستور مؤقت (يتكوّن من 15 مادة، يخصص منها 5 للسلطة التشريعية، ومثلها للسلطة التنفيذية، وثلاث لسلطة رئيس الدولة، بدلا من المادة 76، ومادتان للسلطة القضائية)، ينتخب على أساسه رئيس الدولة، ثم تشكيل جمعية تأسيسية من 100 – 150 من رجالات مصر المخلِصين، مع التعجيل باجراء انتخابات النقابات المهنِية والاتحادات العمالية بروح 25 يناير، ثم إجراء انتخابات مجلس الشعب"، موضحًا أنه "لا ضرورة لوجود مجلس الشورى، خاصة وأنه بلا اختصاصات حقيقية، ويمثل عبْءً على الحياة النيابية".
وحول ضمانة وفاء الجيش بتعهُّداته بتنفيذ مطالب الثورة، قال عبد العزيز: "الضمانة هُم الشباب الذي ثاروا على نظام مبارك وأسقطوه، كما يمكن تكوين جمعية اجتماعية ثقافية، هدفها متابعة تنفيذ الجيش لمطالب الثورة، ولتَكُن جرس إنذار للمجلس الأعلى للقوات المسلحة، هذا بالطبع إضافة إلى دور الأحزاب والقوى السياسية والمنظمات الحقوقية والجمعيات والمؤسسات الأهلية".
مواصفات الدستور الجديد
وأوضح عبد العزيز أن "الدستور الدّائم، يجب أن ينصّ فيه صراحة على التحوّل من النظام الرئاسي إلى البرلماني، الذي يحاسب رئيسيْ الدولة والحكومة، مع قِصَر مدة الرئاسة على 4 سنوات وإمكانية التجديد لفترة واحدة فقط، بحدِّ أقصى 8 سنوات، وقِصر مدة البرلمان على 4 سنوات مع إلغاء نسبة ال 50% المخصصة للعمال والفلاحين، مع إلغاء قانون الكوتة المطعون فيه، لأنه يميز المرأة ويخالف صريح الدستور، مع قِصر العمل بحالة الطوارئ على الحالات الضرورية فقط، وبحيث لا تزيد المدّة عن 10 أيام، مع اشتراط موافقة ثلثَيْ أعضاء البرلمان على فرضها"، مؤكدا على "ضرورة تقييد سلطات رئيس الدولة، لأن السلطة المُطلَقة، مَفسَدة مُطلقة، وجعله رمزا للدولة وحسب ولا يتدخّل إلا في حالة وجود أزمة".
وأضاف عبد العزيز: مع "ضرورة التأكيد على إلغاء كافة القوانين الاستثنائية والقوانين سيِّئة السمعة وقصر القضاء العسكري على النظر في القضايا التي تخُص العسكريين، مع النص على منع محاكمة المدنيين أمامه والنص صراحة على استقلال القضاء، بمعنى أن لا يكون للسلطة التنفيذية يَد على القضاة، فيكون وزير العدل منصبا إداريا فقط ولا سلطة له على القضاة، مع وضع ضوابط واضحة لعمل واختصاصات النائب العام لضمان عدم التداخل".
واقترح عبد العزيز "إنشاء منصب باسم (المدّعي العام) والذي كان له نظير في الدستور قبْل تعديله باسم المدّعي الاشتراكي، ليختصّ بالفصل في القضايا المتعلِّقة برئيس الدولة ورئيس الحكومة والوزراء وقضايا الفساد الكبرى، مع النص على تعيينه لمدة 4 سنوات فقط وعدم جواز عزله، على أن يختار من الشخصيات المشهود لها بالحياد والنزاهة، وبعد حصوله على ثقة أغلبية أعضاء مجلس الشعب، حتى لا يمالأ أحد أو يخشى أحد، إلا الله".
ونبَّه عبد العزيز إلى أهمية "إجراء تعديل على قانون العقوبات، بحيث يتم فصل سلطة التحقيق عن سلطة الاتهام وإعادة قاضي التحقيقات ضمانة للمتَّهم، مع وضع قانون لمحاسبة الرئيس والوزراء وإحياء قانون من أيْن لك هذا؟ مع الفصل بين منصِب رئيس الدولة ورئاسة أحد الأحزاب، لنفي شُبهة التمييز، مع جعل مناصب العمد والمشايخ وعمداء الكليات ورؤساء الجامعات وشيخ الأزهر ومفتي الجمهورية، بالانتخاب لا بالتعيين". وإجمالا، "يجب أن يتفادى الدستور الجديد العوار الذي أصاب الدستور الحالي وأوصلنا إلى هذه الحالة من التكلُّس والجمود، الذي ضرب الحياة في مقتل وأصابها بالشَّلل التام".
المصدر: سويس انفو


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.