فى الوقت الذى انشغل فيه الرأى العام بتصفية زعيم تنظيم داعش أبو بكر البغدادى من خلال عملية عسكرية أمريكية تمت أمس الأحد، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية «قسد» فى مؤتمر صحفى عن أن قتل زعيم تنظيم داعش أبو بكر البغدادى جاء بتنسيق مشترك مع الولاياتالمتحدة فى باريشا فى إدلب، كاشفة عن أن التدخل التركى فى شمال سوريا آخر عملية استهداف البغدادي. وأوضحت أن بعد التدخل، انتقلت قيادات تنظيم داعش إلى مواقع سيطرة تركيا والقوات السورية الموالية لها، للاحتماء فى ظل القوات التركية خوفا من استهداف القوات الأمريكية لها. وتجدر الإشارة إلى أن المخابرات الأمريكية رفضت الإفصاح لتركيا عن موعد الهجوم الذى شنته لتصفية البغدادي، خوفا من تسريب الاستخبارات التركية تفاصيل العملية لتنظيم داعش كى ينجو من الموت، إذ إن موقع المخبأ الذى كان يتخذه أبو بكر البغدادى فى سوريا يبعد بضع كيلومترات عن الحدود التركية. وتعهدت قسد التى كان لها دور محورى فى محاربة التنظيم الإرهابى، بمواصلة ملاحقة خلايا داعش. «البغدادى صناعة أردوغان».. هاشتاج تصدر موقع التواصل الاجتماعى «تويتر»، بعد أن أعلن الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، أمس الأحد، مقتل زعيم تنظيم داعش الإرهابي. وقال أحد النشطاء: «بعد أن تم كشف ورقة الرئيس التركى رجب طيب أردوغان الإرهابية وهى تنظيم داعش يجد نفسه الآن الرئيس التركى فى مأزق لا يعلم كيف يخرج منه، بعد أن كان يقوم بتمويلهم بالأسلحة وما يحتاجون إليه». وأضاف آخر: «قتُل البغدادى وأصبح أردوغان الأب الروحى لعناصر تنظيم داعش الإرهابية»، وتابع آخر:« تركيا فى عهد أردوغان تعمل من أجل صناعة الإرهاب فى المنطقة واليوم تركيا تخسر ورقة فى مقتل تنظيم داعش». ويتعرض أردوغان للانتقاد الشديد فى الشارع التركى بعد إطلاقه عملية نبع السلام، وتحمله مسئولية المحتجزين من تنظيم داعش فى مناطق العمليات، ما قد يشكل مخاطر أمنية كبيرة، لكن سرعان ما أدركت أنقرة أنها وقعت فى مأزقٍ كبير مع الحديث عن احتمال هروب عناصر تنظيم الدولة. مخاوف أمنية قتل البغدادى رأس أفعى التنظيمات الإرهابية، سيبث الخوف فى نفوس ما لايقل عن 12 ألف مقاتل «داعشي» فى السجون الكردية، فهناك مخاوف من فرارهم، ما سيضع تركيا فى مأزق كبير بسبب خوفها من انقلاب الدواعش على الرئيس التركي، وفى مخيمات اللاجئين يتم إلى حد الآن مراقبة عشرات الآلاف من أنصار التنظيم الإرهابي، أغلبهم من النساء والأطفال، معظم هؤلاء المقاتلين محتجزون فى السجون فى محافظة الحسكة الشمالية الشرقية، على بعد 88 كيلومترًا جنوب رأس العين، و 80 كيلومترًا من كوباني. وخلال هجوم بالقنابل على سجن كردى فى مدينة القامشلي، تمكن خمسة مقاتلين من داعش من الهرب، وعملية النقل المبرمجة من قبل الولاياتالمتحدة ل 60 جهاديًا خطرًا إلى سجن عراقى فشلت، بحسب صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية. وإذا كانت أنقرة تخطط لإحضار محتجزى داعش إلى تركيا، فإنها ستتحمل عبء العدد الكبير من الأشخاص المقيمين فى المخيمات. حيث تحتجز قوات سورية الديمقراطية حوالى 73 ألف شخص من 55 دولة فى معسكر الهول؛ 62 ألفًا منهم من سوريا أو العراق. فى حين يقيم باقى المحتجزين فى معسكر منفصل مجاور للمجمع الرئيسي. نحو 94 فى المئة من مجموع المحتجزين هم من النساء والأطفال. ويوجد معسكر آخر يحتجز عائلات مقاتلى داعش فى عين عيسى، أما مراكز الاعتقال التى لا تزال فى نطاق المنطقة الآمنة على طول 480 كيلومترًا من الحدود التركية السورية و 30 كيلومترًا داخل سورية، فتضم حوالى 1700 شخص؛ معظمهم من عائلات مقاتلى داعش. ولا بد من القول إن هناك قلقا كبيرا من أن تفرج السلطات التركية عن هؤلاء الأشخاص فى وقت قصير، خصوصًا أن مقاتلى داعش طوروا مهارات للإقامة والتخفى وتلقى المساعدة فى تركيا. وبالتالي، إذا استقبلت تركيا هؤلاء السجناء، من المحتمل أن يعيدوا الاتصال بشبكاتهم خاصة بعد اغتيال قائدهم. وعلى صعيد تبعات الهجوم التركى على شمال سوريا، والذى انعكس بشكل سلبى على اقتصاد أنقرة الذى يعانى أساساً من تذبذب مستمر بسبب تراجع قيمة الليرة أمام الدولار بشكل كبير. وتشهد تركيا منذ عام 2018 حالة من الركود الاقتصادى وبيئة تضخمية وديون متراكمة، وتدهور الليرة التركية، وتزايد مديونية الشركات بالعملة الأجنبية، إلى جانب تراجع التصنيف الائتماني، مما يعنى ارتفاع مخاطر عجز الحكومة التركية عن سداد ديونها واحتمالية خفض هذا التصنيف مرة أخرى وارتفاع تكلفة الدين الخارجي، كما يعكس تزايد المخاطر الاقتصادية والسياسية التى تواجهها تركيا. وألقت عملية «نبع السلام» بآثارها السلبية على الاقتصاد التركي، منذ إعلان الرئيس رجب طيب أردوغان باقتراب موعد انطلاق تلك العملية فى 5 أكتوبر (تشرين الأول) 2019، وانعكست تلك الآثار فى سعر صرف الليرة التركية وأداء البورصة والاستثمارات الأجنبية، حيث أدت إلى: تراجع جديد لليرة التركية تأثرت الليرة التركية بشكل مباشر بالعملية العسكرية التركية فى شمال شرق سوريا لتصبح الأسوأ أداءً بين العملات الرئيسية فى العالم، فالبرغم من التحسن الضعيف جداً، وصلت الليرة إلى 5.7749 دولار فى 25 أكتوبر إلا أنها ظلت متراجعة عن يوم 5 أكتوبر. وسجلت البورصة التركية خسائر كبيرة منذ إعلان اقتراب العملية العسكرية فى شمال شرق سوريا لتصل إلى أدنى مستوياتها منذ 6 سبتمبر نفس العام، وهبط مؤشرها الرئيسى (BIST 100) خلال الفترة 7-14 نحو 8.7%؛ نتيجة لضغوط عمليات البيع.