أزمة كبيرة تعيشها جماعة الإخوان الإرهابية منذ سنوات بعد أن سقطت أقنعتها المزيفة التى تتوارى خلف الدين وشعارات الاضطهاد من السلطة، حتى تكشفت مخططات الجماعة بشكل فج بعد أن عزل المصريون فى عام 2013 رئيسهم محمد مرسي، وظهرت نواياهم فى الاستيلاء بالقوة والعنف والإرهاب.. حيث تعتبر الجماعة واحدة من أقدم التنظيمات التى تنسب نفسها للإسلام وتدعى أنها تقدم أعمال خيرية لكنها تقوم بعمل سياسى هدفه الانقضاض على السلطة، لكنها تعتبر الوعاء الأول الذى تفرخت منه كل التنظيمات الإرهابية حول العالم وهو ما كشفت عنه تصريحات قيادات الجماعة تباعا خلال السنوات الأخيرة التى هددوا فيها الشعب المصرى بأن يتوقف عن رفضهم وعزل رئيسهم وبعدها يقومون بوقف العنف والإرهاب. وفى ليلة تعد هى الأسوأ والأكثر سوءا على البشرية فى 14 اكتوبر عام 1906 ولد حسن أحمد عبدالرحمن البنا فى المحمودية بمحافظة البحيرة بمصر لأسرة ريفية، ولقب بالساعاتى لأنه عمل فترة من حياته فى إصلاح الساعات.. وفى عام 1923 التحق بمدرسة دارالعلوم وتخرج مدرسا فى القاهرة، وفى عام 1927 انتقل للعمل بمدرسة ابتدائية بمدينة الإسماعيلية التى كانت مركزًا للنفوذ الأجنبى سواء من الجانب الاقتصادى أو العسكرى.. وقد شهدت تلك الفترة انهيار دولة الدولة العثمانية فى تركيا، وفى مارس عام 1928 قام البنا وستة من العاملين بمعسكر العمل البريطانى بتأسيس جماعة الإخوان بزعم تجديد الإسلام، وذلك بحسب دائرة المعارف البريطانية.. لتكون بعد ذلك جماعته هى أول جماعة تحترف الإرهاب وتمارس الاغتيال السياسى بدعوى مواجهتها للاستعمار لتكون أول من رسم خريطة الدم التى تطاردنا صباحا ومساءً من قبل عناصر جماعته ومريدوه. وقد افتتحت الجماعة أفرعا لها فى جميع أنحاء الدولة المصرية، وكان كل فرع يدير مسجدا ومدرسة وناديا رياضيا، وسرعان ما انتشرت عضويتها. وبعد تأسيس الجماعة كان البنا هو المرشد الأول لها ورئيس تحرير أول جريدة أصدرتها الجماعة سنة 1933 تخرج من دار العلوم عام1927، وفى ثلاثينيات القرن العشرين نقل البنا إلى القاهرة بناء على طلبه، ثم ترك مهنة التدريس فى عام 1946. وفى أواخر الأربعينيات من القرن الماضي، أسس البنا جناحا شبه عسكرى -وهو الجهاز السرى الخاص بجماعة الإخوان تحت دعوى محاربة الحكم الإنجليزي، للمشاركة بواحدة من حملات التفجيرات والاغتيالات.. لكنه كان يستخدمها فى اغتيال المصريين وقتلهم أيضا. قتل البنا وهو فى الثالثة والأربعين من عمره فى 10/2/1949 فى أعقاب سلسلة من العمليات الإرهابية الدموية التى نفذها عن طريق الجهاز السرى الخاص للإخوان المسلمين وكان آخرها فى عهده قتل رئيس الوزراء النقراشى باشا عام 1948 ولم يتوقف حسن البنا طوال حياته يوما واحدا عن زرع الفتن الخطيرة وهدم الاستقرار فى أرض مصر ونشر الدمار والخراب والصراعات فيها. وهو ما كان واضحا فى تحركات إخوان ما بعد البنا وهو ما تجلى فى كتابات سيد قطب أحد أعضاء الجماعة ومفكريها المشهورين، حيث كان قطب يؤيد فكرة الجهاد ضد المجتمعات التى كان يعتبرها «جاهلية». رأى العقاد فى حسن البنا: لا أحد يعرف من هو جده.. وهناك تشابه بين الحركات الإسرائيلية الهدامة وبين الإخوان يقول الكاتب الكبير عباس محمود العقاد عن أصل حسن البنا :إنه عندما نرجع إلى الرجل الذى أنشأ تلك الجماعة فنسأل من هو جده؟ إن أحدا فى مصر لا يعرف من هو جده على التحقيق وكل ما يقال عنه أنه من المغرب وأن أباه كان ساعاتيا فى السكة الجديدة والمعروف أن اليهود فى المغرب كثيرون وأن صناعة الساعات من صناعاتهم المألوفة وأننا فى مصر هنا لا نكاد نعرف ساعاتيا كان مشتغلا بهذه الصناعة قبل جيل واحد من غير اليهود ولا يزال كبار (الساعاتية) منهم إلى الآن، ثم يمضى العقاد فيربط بين أعمال الإخوان والاسرائيليين فيقول: ونظرة إلى ملامح الرجل تعيد النظر طويلًا فى هذا الموضوع ونظرة إلى أعماله وأعمال جماعته تغنى عن النظر إلى ملامحه وتدعو إلى العجب من هذا الاتفاق فى الخطة بين الحركات الاسرائيلية الهدامة وبين حركات هذه الجماعة. لم يكن البنا شخصًا يعمل بمفرده، حيث يحيط الغموض به وبأصله وانتمائه العائلى، بل يلف الغموض العلاقات الغريبة لحسن البنا ووالده مع الكثير من الجهات والاشخاص فى مصر وخارجها، حيث إن بروز حسن البنا على الساحة المصرية جاء فى وقت كانت فيه مصر والأمة العربية، قد بدأت صراعًا سياسيًا وعسكريًا مريرًا مع اليهود الذين قاتلوا للاستيلاء على فلسطين فى الأربعينيات وأعلنوا دولتهم إسرائيل فى مايو 1948، فكان لدور حسن البنا فى مصر بما صنعه من الفتن وإضعاف البلاد وإلهاء المصريين وشغلهم فى ذلك الوقت أثر كبير فى تسهيل تنفيذ اليهود لمخططاتهم وتمكينهم من إتمامها وإنشاء دولة إسرائيل التى قامت من أجل الاستيلاء على المقدسات الإسلامية فى القدس وتمزيق العالم الإسلامى ونهب ثرواته بعد ما كان الشعب المصرى مترابطًا وكان يتغنى دائمًا بالوحدة الوطنية حتى ظهور من تخفوا وراء شعارات «الإسلام هو الحل» فبدأت الفرقة بين أطياف الشعب المصرى. كيف ساهمت القوى الدولية فى نشأة الإخوان؟ تأسيس حسن البنا لجماعة الاخوان لم يكن عفويًا، بل طبقًا لتخطيط وترتيب أسهمت أطراف دولية واقليمية عديدة فى تنفيذه، فبمجرد تخرجه فى دار العلوم لم يكن عمره يتعدى 22 عامًا طلب حسن البنا التعيين فى مدينة الاسماعيلية، حيث اتصل بشركة قناة السويس الإنجليزية – الفرنسية وحصل منها على مساعدة مالية قدرها 500 جنيه وهو مبلغ كبير بمقاييس ذاك الزمن أنشأ بها جماعة الاخوان ومسجدها فى الاسماعيلية رغم بعدها الواضح عن موطنه المحمودية بمحافظة البحيرة حيث كان مرتبطًا بهدفه فى سرعة إنشاء جماعة الإخوان فور استقراره وتسلمه العمل وحصوله على المنحة التى طلبها من شركة قناة السويس بتوصية من السفارة البريطانية بالقاهرة لبناء المسجد ومقر الجماعة والانفاق على تأسيسها وهو ما اعترف به فى مذكراته وخطاباته وقد حصل على هذا المبلغ فور طلبه. كان والد حسن البنا وكذلك أحمد السكرى زميل البنا فى النشاط الدينى بالمحمودية يتابعان أولا بأول أخبار إنشاء الجماعة فى الاسماعيلية وكان حسن البنا يرسل إليهم تفصيلات نشاطه واتصالاته فى الاسماعيلية وما يحققه من نجاح وما يقابله من مشاكل وكان والده يساعده عن طريق شبكة اتصالاته الواسعة والغامضة حتى نقل نشاط الجماعة إلى القاهرة وسافر أبوه وأحمد السكرى إلى القاهرة واستقرا بها حيث تولى والده منصب المراقب العام للإخوان المسلمين وعضو اللجنة التأسيسية وأشرف على إصدار جريدة الاخوان المسلمين كما تولى أحمد السكرى منصب الوكيل العام لجماعة الإخوان. وكان حسن البنا يعمل فى هذه المرحلة بتخطيط وحرص شديد لإخفاء الأهداف الحقيقية لجماعته حتى تتستر فى البداية فى ثوب الدعوة الدينية الخالصة، حيث نصت المادة الثانية من اللائحة الأولى للجماعة عند إنشائها عام 1928 على أن هذه الجمعية لا تتعرض للشئون السياسية أيا كانت ثم جاء التعديل الأول بعد ذلك ليحذف هذه الفقرة بالكامل ثم التعديل الثانى فى عام 1945 ليغير اسم الجمعية إلى هيئة الاخوان المسلمين، التى كشفت عن وجهها السافر كجماعة سياسية، حيث وضعت ضمن أهدافها السير إلى الجامعة الإسلامية سيرًا حقيقيًا وإقامة الدولة الصالحة التى تنفذ أحكام الإسلام وتعاليمه فى إشارة إلى عملها فى أمور سياسية وسعيها إلى السيطرة على الحكم تحت شعار الخلافة الإسلامية وإقامة الدولة الإسلامية الصالحة. وتتفق جماعة الاخوان فى أساليب عملها مع أساليب الخوارج واليهود والمجوس من حيث خلط الدين بالسياسة سعيًا وراء السلطة والحكم والاستيلاء على ثروات المجتمعات والتحكم فيها وأيضا سرية العمل السياسى والارهابى واتباع التقية وإظهار عكس ما يبطنون من أهداف ومخططات تخريبية وهدامة إلى أن تتمكن فتجهر بقلب الأنظمة الحاكمة وكلها اسس وضعها حسن البنا لجماعته . و لم يكتف البنا بتقديس نفسه وجماعته بل حول الإسلام الى أيديولوجية سياسية تخدم فقط أهدافه من خلال حزمة من الأفكار التى تحول المجتمعات والشعوب الى أداة فى يد جماعة الإخوان لا يستفيد منها سوى أنصاره ومريديه تحت شعار براق ورنان اخذ من الإسلام كل شىء. وتربية البنا المحافظة جعلته عدوا لكل تجديد وحداثة فالهوية المصرية فى نظره تكوين استعمارى والفن والثقافة هيمنة غربية والإختلاط بين الناس أفكار علمانية وغربية مضادة للمعتقدات والممارسات العرفية المرتبطة بالإسلام والتاريخ الإسلامى فى تدهور مستمر منذ زمن الإسلام الحقيقى الذى مثّله الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه والخلفاء الراشدون وأن الحل يكمن فى إحياء الإسلام الحقيقى من خلال إقامة الدولة الإسلامية التى تصحح العقيدة والتى تحفز الإصلاح وتطبّق الشريعة بالكامل. جعلت أفكار البنا جماعته أيديولوجية وعبادة وبلد وأمة ودين ودولة وعمل وإيمان وسيف وقرآن فاحتاجت إلى مرجعية تحكم بها فكانت الحاكمية التى حولت كل الشعوب والأمم الى أسرى للبنا وجماعته لتتحول حاكميته الى منظم لكل جوانب الدولة والمجتمع، سواء كانت سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية أو ثقافية أو عامة أو شخصية. ولان أيديولوجية البنا السياسية لا تسمح بالتمييز بين الدين والسياسة، كان من الطبيعى أن يرى البنا أن نظام الحكم القائم على الحكم الدستورى وعلى الشورى هوالأقرب إلى الإسلام ولكن شرعية السلطة السياسية هنا مشروطة بالتزام الحاكم بالشريعة والدفاع عن الأمة ضد الهيمنة السياسية والنفسية ودعم الدعوة الإسلامية مع رفض التعددية السياسية القائمة على الأيديولوجيا فى ظل حكومة إسلامية لأن هذا فى رأيه يقوض مبدأ الوحدة الإسلامية، وبذلك فأن البنا كان ينظر بشكل براجماتى إلى الدولة وكيفية حكمها كهدف ضرورى ولكنه مرحلى يمهد للإصلاح ومن ثم الطريق نحو هدفه الأيديولوجى النهائى وهوإعادة الخلافة الإسلامية. مخطط البنا الاجتماعى السياسى كان يهدف منه الى أخونة مصر من أعلى إلى أسفل دون تميز بين العام والخاص، فمراقبة موظفى الحكومة والمواطنين العاديين فى المقاهى واجب دينى وفرض الأخلاق الإسلامية من خلال الرقابة على الأغانى والأفلام والكتب وحظر القمار والشرب والثياب الفاخرة ضرورة ملحة حتى إن كان ذلك بدون علاج للأمراض الاجتماعية والسياسية الثقافية التى تعيش فيها مصر وبذلك يكون البنا قد أدلج الإسلام فى السياسية وجعل من جماعته أداة لحوكمة الدولة وبديلا للأيديولوجيات السياسية المنافسة. لماذا طردت الطرق الصوفية مؤسس الإخوان؟ وفى ذكرى ميلاده من كل عام يستغل الاخوان ذلك ليصنعوا منه صنمًا مقدسًا، فقد ادعوا كذبا وزورا بأن شيخهم حسن البنا، رائد الإحياء والتجديد الإسلامى المعاصر بل لم يكتفوا بذلك وزادوا عليه أنه الوارث النبوى وأنه صاحب المدد والفتح الربانى. وحاول الإخوان إضفاء صفات على حسن البنا مستدلين فى تزييفهم للحقائق وللتاريخ بأنه البنا جاء بما لم يأت به غيره وأن أوتى خصلة من خصال النبوة، ألا وهى جوامع الكلام وأنه تربى وتشرب الصوفية الروحية فى بداية حياته على يد الشيخ عبدالوهاب الحصافى شيخ الطريقة الحصافية فى دمنهور وأن أوراد الجماعة الروحية مثل «ورد الرابطة» هى نفاحات ربانية خالصة لكن الحقيقة التى لم ولن يذكرها الإخوان أو تطرق إليها البنا نفسه هى أنه طرد من الطرق الصوفية وفقا لما رواه مؤرخ الطريقة الحصافية أحمد فتحى الحصافى وأن الأوراد التى نسبوها للبنا هى ملك لشيخ الطريقة الحصوفية نفسه. شكل البنا «النظام الخاص» وهو ما يعرف خارج الجماعة باسم «الجهاز السرى» بمثابة التجسيد العلمى لمرتبة «المجاهد» التى أقرها المؤتمر الثالث للجماعة فى مارس 1935 وهى المرتبة التى يتم اختيار أعضائها ممن هم فى درجة العضوية العاملة أى من أعضاء فرق الجوالة بالنظر إلى عضوية الجوالة كانت شرطًا أساسيًا للعضوية العاملة. كما أن البنا أول من وضع ملامح المجتمعين مجتمع الإيمان الصحيح - الإخوان - ومجتمع الباطل وهو باقى المسلمين، حيث تضمنت رسائل البنا العديد من اللمحات للأمة بأنها كافرة وغاب عنها الإسلام منذ قرون وأن الله سخره وجماعته ليعيد الإسلام لها كما مارس شكلًا من أشكال الخداع الفكرى فقد صنع جماعة ظاهرها الدعوة وباطنها استخدام القوة، حيث قال «سنستخدم القوة عندما لا يجدى غيرها وسننذر أهلها قبلها وسنكون شرفاء ونتحمل النتائج». ويوضح فى رسائله بأن الوصول إلى السلطة «ركن من أركان الإسلام» تمامًا مثل الصلاة والزكاة ويقول: «هذا الإسلام الذى يؤمن به الإخوان المسلمون يجعل الحكومة ركنا من أركانه». وهكذا يطرح المرشد المؤسس «إسلامًا جديدًا»، بعد إضافة ركن جديد غير تلك الخمسة التى جاء بها الدين الحنيف وتعلمها المسلمون عبر العصور، ويبدو هدف المرشد من ذلك واضحًا وهو تجيير الدين ليصب فى مصلحة تنظيمه الذى يسعى بكل وضوح للوصول إلى السلطة. ويضيف البنا فى إحدى رسائله التى أباح فيها عمليا العنف لتنظيمه إنه من حق الإخوان شن حرب لا هوادة فيها على كل زعيم أو رئيس لا يعمل على إقامة نظام سياسى يتوافق مع أيديولوجية التنظيم، التى يزعم أنها تحتكر قيم الإسلام. وحتى تكون الحرب شرعية ضد الآخرين، يجب أن يكون هناك تبرير يقنع أنصار التنظيم باستعمال العنف، فيقول فى إحدى رسائله: نحن لا نعترف بأى نظام حكومى ولا بهذه الأشكال التقليدية.