أكثر من ثمانين عاما مرت على إنشاء جماعة الإخوان المسلمين، مر فيهم التنظيم بالكثير من المراحل من الصعود لإعلى قمة الهرم، والسقوط لسابع أرض، وكان من أسباب السقوط دائما، حب السلطة والأفكار التكفيرية ودموية التنظيم، التي حاولت يوما اغتيال الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، ودعم تنظيمات إرهابية وإنشاء التنظيم الخاص وجيش تستخدمه في حرب السلطة مرورا بصعودها في ثورة يناير، والدور المريب الذي لعبته وحتى سقوطها في ثورة 30 يونيو ومحاولاتها لتحويل مصر لبحر من الدماء وفتنة تدمر الوطن وتحوله مثل لسوريا. ثمانية مرشدين تولوا جماعة "الإخوان" المسلمين منذ تأسيسها عام 1928 أولهم كان حسن البنا المرشد الأول والمؤسس ويعتبر المرشد صاحب القرار الأول والأخير لتنظيم الجماعة في الشئون الدينية والرعوية داخل مصر وخارجها، تمتد سلطته أيضًا إلى المراقبين في الدول التي تنتشر بها الجماعة. ودور المرشد هو الإشراف على التنظيم الخاص أو التنظيم السري، وهو تنظيم اتهم في عمليات اغتيال قبل ثورة يوليو مثل مقتل رئيس الوزراء محمود فهمي النقراشي سنة 1948 أما من يخالف إرادة المرشد فيتم إخراجه أو طرده من الجماعة ومحاربته في حياته ورزقه. يُنتخب المرشد العام عن طريق مجلس الشورى العام، ويجب أن يكون قد مضى على انتظامه في الجماعة أخًا عاملا مدة لا تقل عن خمس عشرة سنة هلالية، ولا يقل عمره عن أربعين سنةً هلاليةً، وبعد انتخابه يبايعه أعضاء الجماعة وعليه التفرغ تماما لمهام منصبه للعمل بالجماعة، فلا يصح له المشاركة في أي أعمال أخرى عدا الأعمال العلمية والأدبية بعد موافقة مكتب الإرشاد عليها، ويظل المرشد في منصبه لمدة ست سنوات، قابلة للتجديد مرة واحدة ويختار المرشد العام نائبا له أو أكثر من بين أعضاء مكتب الإرشاد العام وفي حالة وفاته أو عجزه عن تأدية مهامه، يقوم نائبه بعمله إلى أن يجتمع مجلس الشورى العام لانتخاب مرشد جديد، وكذلك يمكن لمجلس الشورى العام أن ينحي المرشد إذا خالف واجبات منصبه. المرشد الأول حسن البنا المؤسس 66عاما على رحيل الإمام المؤسس لجماعة الإخوان المسلمين حسن البنا، مرت الجماعة خلال تلك السنوات بمراحل سقوط عديدة وعودة للحياة، لكنها تأتى هذا العام وسط إرهاب وعنف أظهر الوجه الحقيقي ومعدن الإرهاب الذي قال عنه البنا يوما "ليسوا إخوان ولا مسلمين"، رغم أنه كان أول من أنشأ التنظيم الخاص، ووقف وراء اغتيال النقراشي باشا ردا على حله جماعة الإخوان المسلمين في 28 ديسمبر 1948. حسن أحمد عبدالرحمن محمد البنا الساعاتي، المولود في 14 أكتوبر 1906، أخذ التصوف عن الشيخ عبد الوهاب الحصافي شيخ الطريقة الحصافية الشاذلية في عام 1923، وكان للشيخ الحصافي أثر كبير في تكوين شخصية البنا، وتخرج في دار العلوم عام 1927م ثم عين مدرسًا في مدينة الإسماعيلية عام 1927. عمل البنا منذ نشأة الجماعة على تجنيد الشباب وضمهم إلى الجماعة، وسرعان ما أحدثت الجماعة طفرة في تكوينها، بتحولها من مجرد جماعة وعظ دعوية إلى حركة منظمة، تؤكد العمل السياسي، والتغيير في الواقع المسلم، ورسم البنا ملامح الجماعة الدينية والفكرية، بل والسياسية والاقتصادية، في كتاباته وخطبه، على أنها دعوة سنية سلفية تحمل حقائق الصوفية، وأنها جماعة رياضية تعني بالجسم، لأن المؤمن القوى خير من المؤمن الضعيف، وإلى جانب هذا، فهي رابطة علمية ثقافية، وشركة اقتصادية، وهيئة سياسية، تطالب بإصلاح الحكم في الداخل، والنظر في صلة الأمة بالأمم الأخرى في الخارج. بدأت الجماعة التي نشأت دعوية بالانتقال للقاهرة للعمل السياسي عام 1933، وانتقلت جماعة الإخوان مع انتقال مؤسسها إلى القاهر وأسس البنا في يونيو 1933، مجلة الإخوان المسلمين الأسبوعية، وظلت تصدر لمدة خمس سنوات وبعد إغلاقها أصدر في 3 مايو 1938 مجلة النذير الأسبوعية. أراد حسن البنا أن يكوّن "الجيش المسلم" للتصدي لليهود والإنجليز مستغلا ضعف الحكومات العربية فكون "النظام الخاص"، لكن كان هناك هدف آخر من وراء التنظيم ظهر جليا في عملياته التي تبعت اغتيال البنا، وكذلك ظهرت في حياة البنا باغتيال النقراشي باشا، وإن كان "البنا" وقتها تبرأ من فعلتهم وقال قولته الشهيرة "ليسوا إخوان وليسوا مسلمين". ترشح حسن البنا لانتخابات النواب لأول مرة في 1942، وهو الأمر الذي لاقى اعتراضات من حكومة النحاس باشا، فحدث لقاء بين الإثنين واتفقا على انسحاب حسن البنا مقابل الموافقة على إصدار مجلة الإخوان المسلمين والسماح بالاجتماعات والمحاضرات في العلن. تعود ملابسات اغتيال حسن البنا إلى 8 ديسمبر 1948، حيث أعلن النقراشي باشا رئيس وزراء مصر في ذلك الوقت قراره بحل جماعة الإخوان المسلمين ومصادرة أموالها، واعتقال معظم أعضائها باستثناء حسن البنا، وصادرت الحكومة سيارته الخاصة فقط، واعتقلت سائقه وسحبت سلاحه المرخص به، وفي الثامنة من مساء السبت 12 فبراير 1949، تم إطلاق النار على حسن البنا أثناء خروجه من جمعية الشبان المسلمين، وتماسك البنا رغم إصابته وأخذ رقم السيارة التي تم إطلاق النار منها، وهو رقم "9979"، والتي عرف فيما بعد أنها السيارة الرسمية للأميرلاي محمود عبد المجيد، المدير العام للمباحث الجنائية بوزارة الداخلية وقتها، حسب رواية الجماعة، غير أن الحادث سجل ضد مجهول.