مثل باقي الجمهور، سمع أحمد حلمي عن رواية "تراب الماس" التي حققت نجاحا مدويا عند طرحها في المكتبات، ونفادها للبيع بمجرد الطرح، في الوقت الذي كان يبحث فيه عن عمل سياسي مختلف يغير فيه من جلده الفني، ويضيف به إلي مشواره السينمائي، فجاء قراره بشراء الرواية. حدث ذلك في العام الماضي حين كان حلمي مشغولاً بالتحضير لفيلم "عسل إسود"، لكنه الفنان الذكي الذي يضع دائما خطة عمل مستقبلية تمتد لأعوام مقبلة يخطط فيها للأعمال التي ينوي تنفيذها، والتوقيت المناسب لكل عمل، لذا كان قرار حلمي أن يشتري الرواية لتسقيعها حتي تحين اللحظة المناسبة لإنتاجها، وها هي اللحظة تقترب بقيام ثورة 25 يناير وتعطش السينما لأفلام سياسية تلخص حالة مصر منذ قيام ثورة يوليو حتي ثورة يناير، والتغييرات التي طرأت عليها، ومدي تفشي الفساد، وتوحش رجال الأعمال في عهد مبارك، وكلها كانت تفاصيل جريئة في الرواية بشكل كان يستحيل معه أن تتحول لعمل سينمائي دون التعرض لتشويه مقص الرقيب، الذي لن يجرؤ علي التصدي لها بعد الثورة، فكان في التأجيل ذكاء وحسن حظ سيخدم الفيلم الذي انتهي أحمد مراد مؤخراً من كتابة السيناريو الخاص به مؤكداً في تصريحاته :" إحنا كتبنا سيناريو فعلا، وفي انتظار الحالة المرضية للسنيما إنها تتعافي، لأن (تراب الماس) محتاج حجم إنتاج كبير، وأنا مُصّر إنها تطلع في أفضل شكل ممكن .. يعني يا تتعمل صح يا ماتتعملش" بينما تم ترشيح مروان حامد للإخراج. وتدور أحداث الرواية حول "طه الزهار" مندوب مبيعات الأدوية ذي الجسد النحيل الضعيف الذي يستخدم ذكاءه وعبقريته في استكمال دائرة الانتقام التي بدأها والده منذ صباه ليواصل عمليات قتل الفاسدين الذين خربوا المجتمع ولم ينجح القانون في ردعهم أو القبض عليهم بطريقة ذكية وغامضة، مستخدما سم "تراب الماس" الذي يقتل من يتناوله بعد ثلاثة شهور دون أن يكتشف أحد أنه مات مسموما لما يتمتع به السم من سمات غريبة جعلته بلا لون أو طعم أو رائحة أو أي تأثيرات فورية تكشف أمره، حتي أنه تم استخدامه في أوربا من قبل للتخلص من المنافسين السياسيين، بينما انطبقت مواصفات بطل الرواية بشدة علي أحمد حلمي شكلا ومضمونا، وبشرت الأحداث الشيقة التي تدور حولها الرواية بدءا من عزل الرئيس محمد نجيب وإقصائه من السلطة، وحتي الفترة الأخيرة من عهد مبارك، بفيلم مهم، وقصة لم يتم طرحها من قبل في السينما المصرية . لكن حلمي الذي شاهد بنفسه إقبال الجمهور علي أعمال كوميدية حتي وإن كانت دون المستوي في موسم عيد الفطر السينمائي، قرر منح جمهوره فيلم "اكس لارج" في موسم عيد الأضحي المقبل أولاً لما يحمله من جرعة كوميديا عالية بنكهة حلمي وبصمته الخاصة، حتي يخرجهم من التوتر والكبت الذي يعيش فيه المجتمع بسبب زخم الأحداث السياسية التي تلاحقه، وبعد الانتهاء منه والاطمئنان علي إيراداته، سيبدأ التحضير ل "تراب الماس" التي إن تم تنفيذها كما ينبغي، فسنكون علي موعد مع أحد أهم الأفلام في تاريخ السينما المصرية.