هم حراس لهذا الوطن، عين ساهرة تحمى مقدراته، لا يدخرون جهدًا لإزالة أى معوقات تواجه البلاد، ولا يترددون فى استئصال الفساد من جذوره، يثبتون كل يوم أن بهذا الوطن شرفاء يقومون على حماية المال العام، ليس هذا فقط، بل واستعادة ما سبق الاستيلاء عليه، فاستعادة حقوق الدولة لها الأسبقية الأولى. ■ ■ من شعارها «مصر دائما» ندرك أن هيئة الرقابة الإدارية التى أنشئت عام 1964 هدفها الأساسى والوحيد هو حماية هذا الوطن ضد كل من تسول له نفسه بالاستيلاء على المال العام أو الإضرار به، فهناك عشرات الخطوط الحمراء التى وضعت تحت كلمة «مصر»، فمن يقترب نهايته معروفة سلفا، فتلك عقيدتهم وهذه إرادتهم يعملون عليها بنكران الذات، فهم جنود فى «معركة» عنوانها حب الوطن. 55 عامًا من العطاء، من مكافحة الفساد، من توعية المواطنين، من الحفاظ على موارد الدولة، هى عمر هذا الجهاز الذى تم تأسيسه بعد اتساع نطاق الوظيفة العامة لشركات القطاع العام، فكان لزامًا على الدولة أن تمدد مظلتها الرقابية لتشمل تلك الجهات، خاصة مع تغير النظام الاقتصادى فى مصر عقب ثورة يوليو 1952 وتنامى دور الدولة فى إدارة العمل بالعديد من المجالات والصناعات. هم رجال حق، يقومون بدك حصون الفساد والمفسدين، ولا يخشون لومة لائم، لأنهم يدركون أن أهم عناصر قوة الأمة محاربة الفساد على كل مستوى، هم قلب مصرالنابض، الذى طالما نسمع دقاته نطمئن، يعملون فى صمت، فاستحقوا أن ينالوا ثقة المصريين كهيئة رقابية لا تعرف التخاذل أو التردد، فقط هو الحق والنزاهة ما تسعى إليه. ■ ■ أدانت الأديان جميعاً الفساد، لهذا كانت محاربته فرضا، ومكافحته واجبا، لذا نص قانون هيئة الرقابة أن تكون مستقلة، وأن يكون عملها المباشر الكشف عن الجرائم الجنائية والمخالفات المالية والإدارية التى تقع من العاملين أثناء مباشرتهم لواجبات وظائفهم أو بسببها ، فضلا عن ضبط الجرائم التى تقع من غير العاملين بالدولة والتى تستهدف المساس بسلامة أداء واجبات الوظيفة أو الخدمات العامة. ليس هذا وحسب، بل إن عملها يمتد إلى البحث والتحرى عن أسباب القصور فى العمل والإنتاج والكشف عن عيوب النظم الإدارية والفنية والمالية التى تعرقل السير المنتظم للأجهزة العامة مع اقتراح وسائل تلافيها. إن هيئة الرقابة الإدارية وهى تحمى الحقوق تكشف المرتشين وتقدمهم للعدالة لهى مسئولة عن متابعة القوانين والتأكد من أن القرارات واللوائح والأنظمة السارية وافية لتحقيق الغرض منها. نصف قرن تقريبًا مرت، لم يعد يأمن الموظف خلالها العقاب إذا فسد، ولم تتوقف خلالها جهود رجال الرقابة الإدارية عن حماية الدولة، إذ تشعبت اختصاصاتها وعظم دورها فى حماية الوظيفة العامة وضبط كل من تسول له نفسه المساس بها، والذى امتد إلى ضبط قضايا الهجرة غير الشرعية، وزراعة الأعضاء البشرية والتعامل بالنقد الأجنبي، حتى أصبحت الهيئة تمثل مصر فى تنفيذ اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الفساد. ■ ■ هيئة الرقابة الإدارية لا توجد أمامها أى خطوط حمراء فى مكافحة الفساد وضبط الفاسدين أيا كانت مواقعهم ومناصبهم، فقد أطلقت يدها لضبط لصوص المال ولأجل الحفاظ على حقوق الدولة. التقطت الهيئة منذ ال 30 من يونيو عام 2013 إشارة الرئيس عبد الفتاح السيسى وتعهده بمكافحة الفساد ومواجهته حيثما كان، فكان عهدا قطعوه رجالها على أنفسهم،للنهوض بمصر وتنمية كل مجالات الدولة مع متابعة سرعة الإنجاز وإزالة العراقيل التى تواجه التنمية وخلق مناخ مناسب يسوده العدل ومبدأ تكافؤ الفرص، وهنا تحركت الهيئة بعين رقيب يتابع مسار العمل الإدارى ويمنع ويكافح الفساد بأشكاله كافة، باعتباره من أهم العقبات أمام التنمية المستدامة. ■ ■ نجحت الرقابة الإدارية فى ظل توافر هذه الإرادة السياسية بمنع ومكافحة الفساد فى العديد من المجالات أهمها تحصيل مستحقات الدولة وحسن استغلال الموارد العامة، مع الاستفادة من الإمكانيات غير المستغلة، وتواصل دورها وتعاظم من خلال إجراء التحريات فى الموضوعات التى ترد من جهات التحقيق القضائية، فضلًا عن مشاركتها فى جمع المعلومات عن المرشحين لتولى المناصب القيادية بالدولة. ولأنها فى النهاية تعمل لصالح الوطن ومواطنيه، تحرص هيئة الرقابة الإدارية على فحص ودراسة ما يرد بالتقارير الإعلامية لتحديد أبرز السلبيات التى يثيرها الرأى العام. ويكفينا فخرًا أن هيئة الرقابة الإدارية أصبحت رائدة فى مجالها، لذا قامت بتنظيم المنتدى الإفريقى الأول لمكافحة الفساد لتعرض تجربتها على الأشقاء للاستفادة منها، فكان الحدث الأول والأكبر من نوعه بإفريقيا والشرق الأوسط ، والذى قدمت من خلاله رسالة واضحة للعالم، بأن هناك هيئة رقابية مصرية تحرص على منع ومكافحة الفساد ونشر قيم النزاهة والشفافية، ومن أجل ذلك تم تأسيس الأكاديمية الوطنية لمكافحة الفساد، لتحقيق التميز فى مجال الدراسات والبرامج التدريبية، تطوير البحوث وابتكار حلول جديدة للحد من ظاهر الفساد، إجراء ورش عمل وندوات بالتعاون مع المؤسسات المحلية والإقليمية والدولية بهدف تبادل المعرفة والخبرات. إن هيئة الرقابة الإدارية نموذج لجهاز رقابى غير خاضع لسلطات أو نفوذ أو أهواء شخصية، إنما فقط هى الدولة التى يعملون لأجلها ويتحركون للحفاظ عليها ويواصلون العمل ليل نهار لضمان صونها، من أجل هذا وأكثر وجدناها عن جدارة تستحق ورجالها «وسام الاحترام».