كشف مارك زوكربيرج الرئيس التنفيذى لفيس بوك عن عملة رقمية جديدة تحمل اسم «Libra»، ومن المتوقع طرحها للاستخدام فى النصف الأول من عام 2020 وتسمح لمليارات المستخدمين بإجراء معاملات مالية عبر الإنترنت. أشارت صحيفة الجارديان، والتى أفردت تقريرا مطولا تفصيليا عن العملة الجديدة إلى أن هناك حالة من الجدل خاصة أن تطبيق هذه العملة يهدد بتغيير المشهد المصرفى، كما أنها بالفعل موضع فحص وتدقيق، إذ تواجه شركة فيسبوك دعوات متزايدة بخصوص اتخاذ التدابير اللازمة للضوابط ومكافحة الاحتكار.
■ ما هى «الليبرا؟ وفقا لصحيفة الجارديان، تعد عملة «الليبرا» عملة عالمية وبنية تحتية مالية تم إنشاؤها بواسطة «الفيس بوك» تعتمد على تكنولوجيا (البلوكشين)، وهى تقنية التشفير التى تستخدمها عملة بيتكوين وعملات مشفرة أخرى. ■ لماذا سميت بهذا الاسم؟ جاءت التسمية من مقياس الوزن الأساسى الروماني، فالاختصار «lb» للرطل مشتق من كلمة ليبرا، أما رمز «£» فمصدره فى الأساس نسخة مزخرفة من الحرف الأول «L» من كلمة ليبرا. ■ لماذا يطلق فيسبوك عملة مشفرة؟ وهل مسموح بها؟ قالت صحيفة الجارديان فى تقريرها إن شركة «الفيس بوك» ترغب فى الوصول الى أكثر من مليار ونصف المليار شخص حول العالم ممن لا يمكنهم الحصول على حساب بنكى. ■ من يعارض العملة الجديدة؟ راسل أعضاء من مجلس الشيوخ الأمريكى مارك زوكربيرج، مدير موقع فيسبوك التنفيذى، فى مايو طلبا لتوضيحات بشأن المخاوف المتعلقة بخصوصية البيانات. وطلبت هيئة الخدمات المالية التابعة لمجلس النواب وقف تطوير فيس بوك للعملة ليبرا «حتى يتسنى للكونجرس، وأفراد الهيئات التنظيمية الفرصة لفحص تلك لمشكلات، واتخاذ الرد المناسب عليها. وأشار موقع فوربس إلى أن العملة الجديد كابوس وشىء يشبه مصاصى الدماء لدى حكومتى الولاياتالمتحدة ومؤسسات القروض الصغيرة فى الهند لا ترحب به على الإطلاق. ■ من سيدير ليبرا؟ توضح الجارديان أن مجموعة من الشركات تسمى «رابطة ليبرا» ستقوم على خدمة العملة الجديدة، وتقوم هذه الرابطة بمقام ما يعرف ب«العملة المستقرة» المربوطة بالأصول المالية الحالية مثل الدولار أو اليورو، بهدف جعلها أقل عرضة لتقلبات الأسعار التى تختبرها كثير من العملات المشفرة. وصفت شركة فيسبوك «رابطة ليبرا»، كما أوضح التقرير، بأنها مؤسسة مستقلة وغير ربحية تتخذ سويسرا مقرا لها. وتقوم بمهمتين رئيسيتين وهما: أن تصدِق على المعاملات المالية على قاعدة بيانات ليبرا المتسلسلة «Libra Blockchain»، وأن تدير احتياطى الأصول الحقيقية الذى ترتبط به العملة ليبرا، وأن تخصص أموالا من أجل القضايا الاجتماعية. وفى نطاق رابطة ليبرا ستكون هناك هيئة إدارية تسمى «هيئة رابطة ليبرا» تتألف من ممثلين لكل عضو فى الرابطة، وستصوت على القرارات السياسية والتشغيلية. ووفقا للصحيفة، أكدت شركة «الفيس بوك» أنه بمجرد أن تطلق العملة فى عام 2020، ستنسحب الشركة من الدور القيادى الذى تضطلع به، وستكون لكل أعضاء الرابطة أصوات متساوية فى إدارة ليبرا. ■ ما الشركات المؤسسة ل«ليبرا»؟ أشارت «الجارديان» البريطانية الى أن الشركات التى ساهمت بحد أدنى 10 ملايين دولار (8 ملايين يورو)، ستدرج بوصفها أعضاء مؤسسين لرابطة ليبرا، ومن ضمنها الشركات التقنية مثل «باى بال» و«إى-باى» و«سبوتيفاى» و«أوبر» و«ليفت»، فضلا عن شركات رأس المال الاستثمارية والمالية مثل «آندرسن هورويتز» و«ثرايف كابيتال» و«فيزا و ماستر كارد». ■ كيف تحصل على ليبرا؟ لم يفصح «الفيس بوك» عن الطريقة التى سيتم من خلالها استعمال العملة، ولكن هناك احتمالية اتباعها نهجا مختلطا خاصة أن وجود مؤسسات مالية مثل «فيزا وماستر كارد» فى قائمة المؤسسين، يشير إلى أن الشركة ستكون سعيدة للغاية بالسماح للمستخدمين بشراء العملة بكل بساطة. وأوضحت الجارديان أن «الفيس بوك» فى البداية سيقوم بعملية «إير دروب» وهو توزيع قدر ضئيل من العملات مجانيا فى محاولة لإنعاش النظام الإيكولوجي. واشارت الصحيفة الى أن هذا سيكون ضروريا للغاية فى حال أرادت الشركة أن تحقق هدفها المتمثل فى تقديم الخدمات المالية للناس ممن لا يمتلكون حسابات بنكية. ولفتت إلى أنه من المتوقع أن تقوم الشركات المؤسسة للعملة بتوفير جزء من رواتب موظفيها بهذه العملة على المدى الطويل. ■ كيف يمكن استخدامها؟ عند إطلاق العملة الرقمية المشفرة، سيتمكن المستخدمون من تحميل «كاليبرا»، وهى حافظة رقمية ستسمح لهم بإرسال العملة إلى أى شخص يمتلك هاتفا ذكيا. وستتاح هذه الحافظة على تطبيقات مثل «ماسنجر» و«واتساب»، وعلى تطبيق قائم بذاته. ولم يتضح بعد، وفقا للجارديان، أى الدول ستطلق فيها العملة أولا، على الرغم من أن شركة فيسبوك قالت إن «أى أحد فى العالم تقريبا» يمتلك هاتفا ذكيا سيتمكن من تحميل التطبيق. ■ ما الذى يمكنك أن تشتريه بها؟ أوضحت الجارديان أنه بخلاف المعاملات المالية التى ستجرى على التطبيق ذاته، ترغب شركة فيسبوك فى تسهيل استخدام ليبرا لدى شتى الشركات البائعة فى ما يتعلق بإجراء معاملات مالية يومية. وتعد شركتا «أوبر» و«ليفت» لتوصيل الركاب من المستثمرين الأوائل فى هذا المشروع، ما يشير إلى احتمالية أن يتمكن المستخدمون من سداد تكاليف خدمات هذه الشركات على التطبيقات الخاصة بها باستخدام ليبرا، على الرغم من أن أيا من الشركتين لم تستجب، كما أوضحت الصحيفة، إلى طلب الحصول على تعليقات بخصوص هذه الاحتمالية. ■ هل العملة الجديدة آمنة؟ أكدت شركة «الفيس بوك» أنه فى حال تطبيق استخدام العملة، سوف تضع تقنيات عالية المستوى لمنع غسيل الأموال وعمليات النصب والاحتيال. وقالت: «سنستخدم عمليات التحقق ومكافحة الغش ذاتها التى تستخدمها البنوك وبطاقات الائتمان، وستتوفر لدينا نظم آلية سترصد بصورة استباقية الأنشطة للحماية والوقاية من عمليات الاحتيال». وأضافت « أنها سيكون لديها دعم مباشر لمساعدة المستخدمين ممن فقدوا إمكانية الولوج إلى حساباتهم، وفى حالة أن خسر أحد المستخدمين أموالا عن طريق الاحتيال، تتيح له شركة فيسبوك إمكانية استرداد أمواله. ويشير التقرير إلى أن عملة ليبرا المدعومة بتقنية بلوكتشين ستكون قائمة على شفرة مفتوحة المصدر ستسمح للمطوِر وأوساط الباحثين برصدها بحثا عن نقاط الضعف الأمنية والتصميمية، وستطبق الشركة برنامج «Bug Bounty» لتحفيز الخبراء الأمنيين على الإشارة إلى مواطن الضعف فى المنصة. ■ كيف سيتربح «الفيس بوك» من هذه العملة ؟ أشارت شركة «الفيس بوك» إلى أن عملة ليبرا ستتمكن من الاستمرار من خلال الحصول على مقابل مادى صغير نظير كل معاملة مالية على تقنية بلوكتشين وكثير من هذه الرسوم ستحول إلى الجهات البائعة التى ستتمكن فى ما بعد من استيعاب التكاليف بنفسها، أو ترحيلها إلى المستخدمين. وأكدت مجلة «انتليجنسر نيويورك»الأمريكية أن الهيمنة على اقتصاد التحويلات العالمى البالغ 689 مليار دولار ليس هدفا أساسيا لشركة «فيس بوك»، فهى لن تجنى الكثير من الأموال إذ إنها لن تفرض رسوما على المعاملات لجذب المستخدمين الجدد وإقناع المتاجر والمطاعم وغيرها من الشركات لقبول العملة العالمية الجديدة. وتوجد وجهة نظر أخرى وهى - وفقا لموقع بيزنس انسايدر – وهى أن مارك زوكربيرج يسعى إلى منح شركته المزيد من القوة السياسية على نطاق عالمى، على الرغم من الأخطار المحتملة على المجتمع ككل. فهو، بطريقة ما، يعلن أنه يريد أن يصبح «الفيس بوك» دولة افتراضية، يسكنها مستخدمون، ويدعمها اقتصاد قائم بذاته، ويرأسه رئيس تنفيذى - زوكربيرج نفسه - الذى لا يخضع حتى للمساءلة أمام مساهميه. ■ هل ستبيع فيسبوك بياناتك المشفرة إلى شركات الإعلانات؟ أشارت الجارديان فى هذا الصدد إلى أن شركة فيسبوك تزعم أنها ستبقى البيانات المستمدة من المعاملات المالية على ليبرا بمعزل عن ملفات المستخدمين الإعلانية. وقالت الشركة إن تقنية بلوكتشين «مستعارة»، وهى ككثير من شبكات التشفير ستسمح للمستخدمين بالاحتفاظ بعنوان أو أكثر لا يتصل بهوياتهم الحقيقية. وقالت الشركة: «لن تستخدم البيانات والمعلومات المالية لأى حساب من حسابات (عملاء كاليبرا) فى تحسين استهداف الإعلانات على موقع فيسبوك، أو للترويج لمجموعة من المنتجات. ■ هل ينافس الفيس بوك الدولار؟ أشارت مجلة «انتليجنسر نيويورك»الأمريكية الى أن عملة «الليبرا» الرقمية الجديدة تنافس «الدولار» حتى قبل أن تطبق فعليا. ■ من أول مستخدمى العملة الجديدة؟ قالت المجلة الأمريكية إن مستخدمى WhatsApp الهندى سيكونون أول من يستطيعون الوصول إلى العملة المشفرة مقابل القيام بتحويلات مالية بدون رسوم أو رسوم منخفضة ،خاصة أن الهند شهدت تحويلات مالية تقدر ب80 مليار دولار خلال عام 2018. ويبدو أن «الفيس بوك» قد لجأ إلى المنظمين ومحافظى البنوك المركزية لتسهيل التعامل بهذه العملة.كما أشارت شبكة «سى إن إن» الأمريكية ان التعامل بهذه العملية سيبدأ فى البلدان النامية. وأشارت شبكة «فوربس» إلى أنه لن يتم اطلاق الخدمة فى الولاياتالمتحدة أولا، وستركز على البلدان التى تعتمد على القروض الصغيرة. ■ ما الفرق بين «الليبرا» و«البتكوين»؟ وفقا للمجلة الأمريكية، تعد «البتكوين» عملة عمرها قصير إلى حد ما، ومتقلبة للغاية وصعبة الاستخدام وغير منظمة وتم التفكير فيها بطريقة عشوائية لتكون عملة مشفرة للاحتياطى العالمى. ■ هل ستنجح «الليبرا» فى إثبات وجودها؟ أشارت شبكة ال«سى إن إن» الأمريكية إلى أنه يوجد الآن ما يقرب من 35 مليون شخص فى جميع أنحاء العالم يستخدمون محافظ البلوكشين للعملات المشغرة وفقا لتقرير صدر مؤخرا من Statista. وبالمقارنة، فإن قاعدة مستخدمى فيسبوك العالمية البالغة 2.4 مليار مستخدم وهى ضخمة وكافية لأن تكون عملة الليبرا الجديدة سهلة الاستخدام بالنسبة لهم أكثر من أى عملة رقمية أخرى. وبهدف الحفاظ على قيمتها ثابتة، سيكون غطاؤها سلة من العملات القيادية، والأوراق المالية الحكومية والهدف منها منح ليبرا قيمة، تمنع المراهنات، وتهدأ من التقلب. على جانب آخر، عرض مطور البيتكوين «تاماس بلامر» التقييم الأكثر إزعاجا لبروتوكول «ليبرا»، وقال إن شركة فيسبوك تسىء استخدام مكانتها وتستعرض عضلاتها فى ساحة البلوكتشين. وقال :«إن محاولة فيسبوك لشراء الريادة فى أحد أحدث التقنيات المعاصرة أمر مكلف للغاية، ومن المحتمل أن يكون عديم الجدوى. وأنا متأكد من أن هذا الأمر ستكون نتيجته فشلا باهظا للغاية، ولكنه سيكون بمثابة باب كبير يفتح على البيتكوين.
