«جذع نخيل وخشب ورمل وطمي» أدوات غنية بها البيئة المصرية، قرر فنانو أبناء محافظة الوادى الجديد استغلالها لتوثيق تراث بلدتهم، منهم من زين جدران المدارس والمنازل بلوحات عن البيئة الواحاتية ومنهم من استخدم الطين وجذع النخيل فى نحت تماثيل عن المنازل الريفية والعادات والتقاليد. عندما تطأ قدميك مدينة الخارجة، عاصمة المحافظة، سيلفت انتباهك الرسومات التى تعلو جدران المدارس والمنازل وبعض الهيئات الرسمية، حيث تحمل جميعها توقيع «فنان الواحة - عيد جانب». «جانب» صاحب الثمانية والأربعين عاما كشف ل»روزاليوسف»، أنه عاشق للتراث الواحاتى والطبيعة الواحاتية التى تغيرت كثيرا، واختفت تلك البساطة التى تميزت بها الحياة فى الماضي، ما دفعه لتوثيق التراث وتعريف الأجيال الجديدة به. «جانب» يعمل مدرس ابتدائي، التحق بشعبة الفنون التشكيلية بمركز شباب مدينة الخارجة مطلع الثمانينيات، يقول: «رسمت وأنا طفل بالفلوماستر وألوان الشمع والرصاص، ولما طلعنا الرحلات مع مركز الشباب كنا نتعلم من زمايلنا، فرسمنا الطبيعة الصحراوية والبحرية والريفية، وتعلمت فن المكرمية، كما التحقت بمدرسة الخطوط العربية وحصلت على دبلومة الخط العربي، وعلمت نفسى بنفسي، وأى حد عنده حلم لازم يتعب علشانه». الرسم بالرمال وأشار إلى أن عشقه الحالى هو الرسم بالرمل، لأن لوحات الرمل لا تتأثر بعوامل التعرية والرطوبة، وهى لوحات طبيعية مكونة من رمل واستاند خشب وغراء فقط، كما الرسومات على جدران الأبنية والمدارس جاءت بتكليف من المحافظ فى إطار مبادرة «حلوة يا بلدي»، واستخدم لها ألوان الإكلريليك. ويوضح أن الواحات غنية بالرمال الملونة، فنجلب من الجبل أنواعا معينة من الحجارة ونطحنها لنحصل على تلك الرمال، كما أنه شارك فى عدة معارض كمعرض الفنون التشكيلية بالأقصر وديارنا. النحت بالطين وفى قرية تنيدة بمركز الداخلة أدرك والد «عادل محمود» شغف ابنه للنحت بالطين وعلى جذوع النخيل والرسم بالرمل، فمنحه بيتا ليحوله إلى معرض لمنحوتاته أسماه «بيت الواحة». يقول «عادل « الحاصل على دبلوم صنايع، إنه مخلفات النخيل تمثل إعاقة للفلاح ما يدفعه لحرقها، وقد يتسبب ذلك فى كوارث، لذا حاول بفنه الاستفادة من تلك الخامة وتوظيفها كديكور منزلى ومنتجات فنية تعبر عن التراث. ويضيف: طموحى أن يكون «بيت الواحة» عنوانا للشباب لإحياء التراث وتوظيف خامات البيئة، وألا نستهين بأى شيء مهما كانت بساطته، فانحت بالطمى والحفر على الخشب باستخدام المبرد والمنشار والازميل صور للعادات والتقاليد كدور المرأة فى المنزل ومصاحبتها لزوجها فى الحقل ومشاهد من كُتّاب القرية. ما تبقى من شهيد وفى مركز الحرف اليدوية بالخارجة، ينكب الفنان التشكيلى أنور رشوان على عمله فى نحت عدد من المنازل الواحاتية القديمة باستخدام طين الواحات الطفلة، قائلا إن البيت الواحاتى له طراز معمارى خاص وعبقري، لاكتشافه العلاقة بين المناخ شديد الحرارة ورطوبة الطوب اللبن والفراغات والفتاحات الضيقة والواسعة التى تعكس الحرارة. ويوضح أنه جاء للوادى الجديد طفلا بصحبة والده المهندس عام 1960 للمشاركة فى تعميره، وتخرج فى كلية الفنون الجميلة ومقيم حاليا مع زوجته وأبنائه، ويعمل بمركز الحرف منذ التسعينيات، متخصصا فى الخزف والفخار. وأشار إلى أن هناك قطعة اسماها «ما تبقى من شهيد» وهى عبارة عن حذاء لجندى من شهداء سيناء، تأثر بمشهد نقل جثته إلى سيارة الاسعاف وسقوط الحذاء من قدمه.