إذا قادتك قدماك إلى الواحات ستجد الجميع يتحدث عنه باعتباره أحد معالمها المشهورة، وبالتالي ستجد نفسك متشوقا لزيارته كي تتعرف علي تاريخ الواحات البحرية وعاداتها وتقاليدها من خلال أعمال فنية رائعة، إنه "متحف تراث الواحة" الذي أنشأه أحد أبنائها ويدعي "محمود عيد". محمود يبلغ من العمر 38 عاما وحاصل على دبلوم صناعي قسم فنون، وهو فنان تلقائي عشق منذ صغره اللعب بالطين والطفلة الموجودة بكثرة في البيئة المحيطة به واستخدامها في عمل أشكال فنية وتماثيل من وحي تراث الواحات. ومع مرور الوقت نمت الموهبة بداخله وأصبحت فناناً وبدأ في استخدام الرمال الملونة وجريد النخل في عمل لوحات ومنحوتات فنية كثيرة، وإن كان أكثر تميزا في التماثيل. ويقول "عيد": التماثيل بعد أن أنحتها ادفنها في الرمال بعد أن أحيطها بالحطب والجرائد وأترك فتحة صغيرة كي أشعل فيها النيران وحسب كل نوع من الحطب أحصل علي لون طبيعي ومختلف للتمثال. وعن متحف تراث الواحة يوضح "عيد" أنه يحكي عن عادات وتقاليد الواحات وتراثها، وهو عبارة عن بيت واحاتي كبير مبني من الطوب اللبن وسعف وجذوع النخل، ولم يساعدني أحد على بنائه حيث قمت بذلك بنفسي على عدة مراحل نظرا لعدم توافر الإمكانات المادية لدى لبنائه مرة واحدة. والمتحف مكون من حوالي 15 غرفة تحكي كل منها جانبا من تاريخ الواحات من خلال نماذج وتماثيل مثل حلاق الفرية وطهو الطعام وعصارة الزيتون القديمة والخبيز ونماذج للبيوت الواحاتية وهي أشياء قاربت على الانقراض، وهناك أيضا سعف النخيل ومقتنيات قديمة مثل جلباب العروس التي كانت تظل تعمل فيه بنفسها قبل ما بين 3 و5 أشهر كي ترتديه يوم زفافها. ويشير محمود إلى أن السائح يأتي حاليا إلي الواحات ولا يمكث فيها طويلا لأنه لا يجد ما أتي لأجله من تراث وتاريخ خاصة البيوت القديمة، المباني الحديثة والطوب والأسمنت والتليفزيون والتكنولوجيا، كل هذه الأشياء أفسدت بكارة الواحات وتراثها الذي يكاد يندثر وقد أقمت هذا المتحف كخطوة فردية من جانبي للمحافظة عليه بعدما وجدت تجاهلا كبيرا من مسئولي الوحدة المحلية ولم يفكر أحدا منهم في مساعدتي لتحقيق هذا الهدف. وأكد أنه ليس ضد إعمار الواحات، مطالباً بأن تتم استشارة فنانين تشكيليين وخبراء تراث في ذلك كي تتم المحافظة على تاريخها. المفاجأة أن المتحف- حسب ما قال "عيد" - موضوع ضمن الكتيبات السياحية التي تتحدث عن مصر والواحات البحرية في كثير من دول العالم، ولكن في المقابل لم يفكر المجلس المحلي ولا المسئولون فيها أن يضعوا المتحف على الخريطة السياحية للواحات.