عن الهيئة المصرية العامة للكتاب صدر منذ أيام قليلة «المعجم المفسر لعتبات النصوص» وهى موسوعة فكرية فى الفنون والآداب لمؤلفها د.عزوز على إسماعيل أستاذ النقد الأدبي. وكعادته يفاجئ الوسط الثقافى والأدبى بمنجز من العيار الثقيل كل عام، فلم تهدأ الأوساط الأدبية من الحديث عن كتابه «الألم فى الرواية العربية» إلا ورأينا فى معرض القاهرة الدولى الأخير هذا الإصدار الضخم والذى يعتبر وكما ذكرنا مشروعاً ضخماً بدأه منذ عشر سنوات، وقد حوى أكثر من مائة وخمسين مصطلحاً من مصطلحات عتبات النصوص والتى أصبحت دراستها من الأهمية بمكان، وجاء فى مقدمة المعجم أنه موسوعة فى الفنون كافة حيث لم يقتصر على النص الأدبى فحسب بل جمع كافة الفنون فى هذا المعجم الضخم الذى يقع فى 470 صفحة من القطع الكبير، سواءً أكان العمل روايةً أم شعراً أم مسرحيةً أم لوحةً فنيةً أو أى فن من الفنون؛ فاللوحة نص، والخريطة نص والمسرح نص، والمقالة نص، والمقطع الموسيقى نص، والسيمفونيات المختلفة نصوص، والبرديات القديمة نصوص، والأحجار المدون عليها منذ القدم نصوص، كما أن حجر رشيد نص له عتباته التاريخية الفارقة، وما يقال عن عتبات النص الأدبى يقال فى معظم الأحيان عن عتبات الفنون الأخرى. هذه العتبات نتخطاها لنتعرف كنه النص وأسراره؛ لأنها إضاءات حقيقية للنص، من خلالها نسعى من أجل فهم النص وفك طلاسمه، ومقاربته مقاربةً دقيقةً. وجاء فى الغلاف الخلفى للمعجم أن هذا المعجم يخدم صفوة النقاد والباحثين فى الفنون كافة؛ فهو يؤكد دور العتبات فى فك شفرات النصوص، بحكم أنها مفاتيح وأيقونات مكثفة لها، من هنا كان المعجم انطلاقة نحو آفاق أرحب فى الفكر والثقافة، فلا شك إذاً أن تكون جيولوجيا النص والتضاريس النصية والببليوجرافيا من عتبات النصوص المهمة، وجدير بنا أن نربط تلك العتبات بما يستجد من علوم ومناهج مختلفة لها حراكها المشهود، فأصبح لزاماً علينا، ونحن فى هذا التوقيت من الألفية الثالثة أن ننظر بعين إلى تلك الدراسات الحديثة التى ارتبطت بالشعرية، وكيف أن الشعرية أصبحت الملاذ الآمن فى معظم الدراسات، وجاء المعجم متماشياً مع ذلك النهج. يطرح المعجم أسئلة مهمة جدا منها ما الفرق بين المقدمة والتمهيد والمدخل والتوطئة والاستهلال؟. ما الفرق بين التعبير والتحرير والتحبير والإنشاء والتدوين؟ وغيرها من الأمور. والمعجم يجيب فى بعض جزئياته عن ذلك..لم يقتصر المعجم عن النص الموازى الداخلى بمعنى أن الكاتب لم يقف عند حدود عتبات النص الداخلية مثل العنوان والإهداء والغلاف والذى حوى العديد من المدارس، بل تناول النص الموازى الخارجى مثل سيرة المؤلف وما يقال عن النص وما يكتب عن النص جميعها نصوص موازية للعمل يجب تناولها بالدرس والتحليل .. وجاءت جرأته الكبرى حين أكد على أن هناك علماً يلوح فى الأفق يستشرفه أمام عينيه هو «علم عتبات النصوص» بل أكثر من ذلك؛ حيث إن كل مصطلح من المصطلحات سيفتح آفاقاً رحبةً للبحث والتنقيب، فكل مصطلح يعتبر بمثابة عنوان لرسالة علمية تضيف جديداً للعلم والنظرية الأدبية الحديثة التى نتلمسها ونشم رائحتها فى أوقاتنا الحاضرة، ونسعى بكل ما نملك للوصول إليها. وقد أكد الدكتور عزوز فى التمهيد بأنه إذا كان المعجم قد ضم أكثر من مائة وخمسين مصطلحاً، فإن هناك ثلاثة مصطلحات من الأهمية بمكان، وهى جيولوجيا النص، والتضاريس النصية، والببليوجرافيا، وقال إذا تحدثنا عن جيولوجيا النص باعتبارها أحد مصطلحات عتبات النص، فهى ذات شأن عظيم، فمن خلالها نتعرف الإبداع الحقيقى عند الكتاب عبر أزمنة مختلفة، لنصل إلى أفضله، وهذا هو المقصود من البحث فى شعرية العتبات، ثم نتخير أفضل هؤلاء المبدعين من الكتاب لنبحث جيولوجيا النص لديهم، وبمعيار دقيق فصله بداخل المعجم، يمكن أن نتعرف أفضل أعمالهم بعد دراستها عبر رحلة من الزمن، بالضبط مثل جيولوجيا الأرض التى تبحث فى صخورها عبر الزمان لتتعرف التكوين الأساسى لها على مر العصور، وتتعرف كذلك فترة قوتها وضعفها، وذكر بأن الأمر مرتبط كذلك بمصطلحين آخرين من مصطلحات عتبات النصوص وهما الببليوجرافيا والتضاريس النصية. علماً بأن الدكتور عزوز له إصدارات عديدة منها ما ترجم إلى لغات أخرى ومنها ما هو فى طريق الترجمة فلديه مؤلفات ضخمة نحو كتابه عتبات النص فى الرواية العربية الصادر عن الهيئة العامة للكتب 2010 وشعرية الفضاء فى الرواية العربية وغيرهما.