كشف المستشار أحمد كشك بهيئة قضايا الدولة عن تقدمه بمشروع دستور جديد للجنة التعديلات الدستورية، بما يلبي مطالب الثورة، ويضع ضمانات حقيقية لعدم تحول رئيس الجمهورية القادم إلي ديكتاتور لكنه فوجئ بتجاهل اللجنة لمشروع الدستور، واكتفائها بنصوص دستور 71 قبل تعديلها من جانب النظام السابق، وهي النصوص التي يري المستشار أحمد كشك بأنها كفيلة بإعادة الحال إلي ما كان عليه، حيث تسمح للرئيس القادم بالعبث بالدستور وتعديله كيفما يشاء.. في هذا الحوار نتعرف علي أهم ملامح مشروع الدستور الذي طرحه المستشار كشك. ماهي أهم أهداف الدستور الذي أعددته؟ يحقق هذا الدستور عدة أهداف أهمها تداول السلطة بسهولة ويسر والفصل بين السلطة التنفيذية الممثلة في رئيس الجمهورية والوزارة والسلطة التشريعية الممثلة في البرلمان، وذلك تحت رقابة القضاء، أما الضمانة الأساسية للقضاء علي حكم الفرد فهي اختيار رئيس الجمهورية والمحافظين ورؤساء الوحدات المحلية بالانتخاب المباشر حتي يكون ولاؤهم للشعب وحده، كما تتضمن مواد هذا الدستور ضمانات لتحقيق المساواة بين المواطنين في تولي الوظائف العامة والقضاء علي المحسوبية ومحاربة الفساد والرشوة والاحتكار الاقتصادي، والمحافظة علي ثروات الشعب وموارده الطبيعية، وأيضا الرجوع للشعب فيما يتعلق بأي اتفاقيات يترتب عليها تعديل حدود الدولة أو المساس بسيادتها.. كذلك إطلاق الحريات العامة سواء التظاهر السلمي أو إنشاء النقابات والجمعيات علي أساس مدني وحرية إصدار الصحف ووضع ضوابط صارمة لإعلان حالة الطوارئ. وما هي الضمانات التي يقدمها هذا الدستور حتي لا يتحول رئيس الجمهورية القادم إلي ديكتاتور؟ تضمنت المواد 76 و 77 و 78 و85 و87 مكرر و133 و 134 و148 و189 ما يضمن عدم وجود ديكتاتور في المستقبل.. فقد حددت المادة 76 الشروط الواجب توافرها فيمن يرشح لرئاسة الجمهورية وهي أن يكون حاصلا" علي درجة الماجيستير علي الأقل في تخصصه وأن تكون له خبرة معقولة في إدارة العمل العام.. فإن كان موظفا عاما" وجب ألا تقل وظيفته عن درجة وكيل وزارة وأن يرافق طلب ترشحه ببرنامج عمل يغطي جميع انشطة الدولة وفق جدول زمني محدد، وحددت المادة 77 مدة الرئاسة بأربع سنوات ويجوز إعادة انتخاب الرئيس لمدة أخري واحدة وحظرت الجمع بين رئاسة الدولة ورئاسة أي حزب سياسي وتضمنت هذه المادة والمادة 85 نظاما" قانونيا" لمحاسبة رئيس الجمهورية لم تعرفه الدساتير المصرية من قبل فهي تخضع رئيس الجمهورية للمحاسبة قبل انتهاء مدة رئاسته بثلاثة شهور من قبل، مجلس الشعب عن أدائه لواجبات وظيفته وتحقيق الأهداف الواردة ببرنامج العمل الذي قدمه عند ترشحه للرئاسة، كما يكفل مراجعة مجلس الشعب للرئيس في نهاية كل عام من مدة الرئاسة بشأن التحقق من تنفيذ تلك الأهداف في موعدها المحدد بالجدول الزمني، فإذا اجتاز الرئيس هذه المحاسبة السياسية كان له الحق في الترشح لمدة ثانية، وإذا رسب في الانتخابات وجب تعيينه في مجلس الشعب عضوا" مدي الحياة للاستفادة بخبرته كرئيس سابق للجمهورية وهي خبرة لا تقدر بثمن، أما إذا أدين الرئيس سياسيا" فلا يحق له الترشح لفترة ثانية، فإذا كان تقصيره في أداء وظيفته يشكل جريمة جنائية أحاله مجلس الشعب للمحاكمة الجنائية وفقا" للإجراءات التي وردت بالمادة 85 . وماهي إجراءات المحاكمة التي حددتها هذه المادة؟ نظرا" لأن رئيس الجمهورية هو المواطن الأول في الدولة.. فيجب أن تتوافر له من الضمانات ما يجعل منه رئيسا "قويا" غير متردد في اتخاذ القرارات المصيرية التي تحتمل النجاح والفشل، لذلك فقد أحاطت المادة 85 محاكمة رئيس الجمهورية جنائيا" بضمانات تجعل من المستحيل إدانته دون حق، فالمحكمة التي يحاكم أمامها هي الهيئه العامة للمواد الجنائية بمحكمة النقض وهي مكونة من كل رؤساء الدوائر الجنائية بالمحكمة ورئيس هيئة قضايا الدولة بشخصه لإبداء رأيه بشأن شرعية إجراءات المحاكمة، ويلزم لصدور الحكم بإدانة الرئيس إجماع قضاة المحكمة علي الإدانه، فإذا رأي أحد أعضاء المحكمة أن الرئيس غير مذنب وجب القضاء ببراءته، ويرجع ذلك إلي أن إدانة الرئيس تكون غالبا" عن قرارات سياسية اتخذها تحتمل اختلاف الرؤي باختلاف الأشخاص. هل للسلطة التشريعية في هذا الدستور الحق في سحب الثقة من الحكومة؟ المواد 133 و134 و157 تعطي لمجلس الشعب اكثر من حق سحب الثقة من الحكومة فالمادة 133 توجب علي رئيس الجمهورية فور انتخابه أن يعرض أسماء نائبه ووزرائه علي مجلس الشعب في أول جلسة لانعقاد المجلس لإقرار تعيينهم فإذا اعترض غالبية أعضاء المجلس علي أي منهم وجب علي رئيس الجمهورية سحب ترشيحه وعرض غيره لنيل موافقة مجلس الشعب.. كما توجب علي الوزارة عرض برنامج عملها علي مجلس الشعب الذي يراقب تنفيذها لهذا البرنامج وتحظر علي رئيس الوزراء والوزراء ونوابهم الجمع بين عضوية مجلس الشعب او أي مجلس نيابي آخر، أما المادة 157 فتسمح لمجلس الشعب بسحب الثقة من الوزارة أو الوزير وتحدد أقصي مدة لبقاء الوزير بالوزارة بأربع سنوات متصلة.. كما تجعل سحب الثقة من الوزير لقيامه بعمل ما سحب ثقة من رئيس الجمهورية إذا ثبت أن قيام الوزير بهذا العمل كان بناء علي أمر واجب تنفيذه من رئيس الجمهورية. كيف واجهت نصوص المشروع أشكال الفساد الذي يعم البلاد نتيجة ممارسات النظام السابق؟ هذا الأمر ورد بالمادة واحد مكرر التي نصت علي محاربة الفساد أيا" كانت صورته وجعل محاربة الفساد حقاً وواجباً علي كل مصري باعتبار أن مكافحة الفساد من الأسس الجوهرية لبناء المجتمع القوي، وجعلت هذه المادة من جرائم الفساد جرائم لا تسقط بالتقادم ولا يلحق مرتكبها حصانة وعددت هذه الجرائم بانها الرشوة والاستيلاء علي المال العام أو تسهيل ذلك والمحسوبية وجرائم البناء بدون ترخيص والتعذيب وإلصاق التهم بالأبرياء عمدا" من السلطات الأمنية وسلطات التحقيق والسرقة والنصب وهذه الجرائم يغلب عليها الطابع الاقتصادي وهي ترتبط بالحياة اليومية للمواطن وتؤثر بشكل واضح في أخلاقه وقيم المجتمع وأمنه وأمانه والذين لا وجود لمجتمع صحي بدونها. ومانصيب الحريات العامة في هذا المشروع؟ تكفل المادة 47 من المشروع حرية الرأي للجميع وكذا حق إنشاء النقابات والاتحادات وكفلت المادة 54 حق الاجتماع والتظاهر السلمي.. بل وجعلت من التظاهر السلمي وسيلة الشعب في رقابة الدولة وجعلت التعدي علي هذا الحق جريمة توجب عقاب مرتكبها التي تصل عقوبتها إلي الاعدام في حالة ما إذا ترتب علي التعدي علي التظاهر إزهاق الأرواح كما حظرت المادة 51 مكرر علي الدوله تسليم المصري إلي أي دولة أجنبية وأوجبت علي الدولة مساعدة المصريين بالخارج وتقديم المساعدة لمن يحتاجها منهم، وعاقبت من يتقاعس في أداء ذلك من المسئوليين المعنيين بالعزل من الوظيفة، كما أقرت المادة 209 من المشروع حرية إصدار الصحف وحظرت مصادرتها أو غلقها إلا بسبب الحفاظ علي المقومات الأساسية للمجتمع المصري دون أن تعطي مجلس الشعب سلطة في تقييد هذا الحق، حيث لم تحل هذه المادة إلي القانون كما كان الحال في الدستور السابق. وما هي الضمانات التي تحول دون قيام الرئيس القادم بتعديل الدستور علي النحو الذي كان سائداً" من قبل النظام السابق؟ بينت المادة 189 من المشروع إجراءات تعديل المواد المتعلقة بتحديد مدة وشروط تولي الرئاسة أو الوزارة أو رئاسة الأركان أو شروط تولي الوظائف العامة ومن ثم فإن المواد التي قد يؤدي تعديلها إلي إعادة الدكتاتورية حظر المشروع تعديلها تماما". هل هذه المواد ما يطلق عليها المواد فوق الدستورية؟ إطلاقا فالدساتير لا تعرف هذه التفرقة فلا يوجد مبادئ دستورية ومبادئ فوق دستورية وإنما توجد وثيقة دستورية تعبر عن مطالب الشعب يكون دائما من حق الشعب وحده تعديلها إذا تغيرت مقومات المجتمع الأساسية لمواجهة هذا التغيير، أما بالنسبة لشروط ومدة الرئاسة فهي ليست مبادئ فوق دستورية وإنما هي ضمانة إذا وافق عليها الشعب تحول دون إعادة الدكتاتورية. هل أرسلت هذا المشروع للجنة التعديلات الدستورية؟ بالفعل وتأكدت من وصوله إلي رئيس لجنة التعديلات ولكنهم لم يأخذوا بما جاء به ولم يأتوا بما يعادله في تلبيته المطالب الثورية أو ما يؤدي لتصحيح الخلل في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وكل ما فعلوه أنهم أتوا بنصوص دستور 71 قبل تعديلها من جانب النظام السابق التي من شأنها إعادة الحال إلي ما كان عليه والسماح للرئيس القادم بتعديل الدستور علي النحو الذي يعيدنا إلي عصر النظام السابق.