أطلقنا علي حقبات زمنية من حياتنا أوصافاً مثل (الزمن الجميل)، وذلك عندما نتحدث مثلاً عن الفن فنتذكر " أم كلثوم" ، و"محمد عبد الوهاب" و " عبد الحليم حافظ" و"القصبجي" و"السنباطي" ، ونحن نعيش زمن "شعبولا" و "سعد" وعدة أسماء مختلفة ولكن أداءهم متشابه، فنسينا الأسماء جميعها والأوصاف أيضاً !! ونتحدث عن (الزمن الجميل) عندما نتذكر "محفوظ" و"الحكيم" و"إدريس" و"العقاد" و"طه حسين"، ونحن نعيش زمن عدة أسماء لا تنتج شيئاً مؤثراً في الثقافة المعاصرة!! ونتحدث أيضاًَ عن (الزمن الجميل) حينما نتذكر زعماء في الاقتصاد الوطني مثل "طلعت باشا حرب" و"العناني" و"القيسوني" و"عامر" وغيرهم من عظماء التحرر الإقتصادي الوطني، بينما نعيش نحن مع "جودة" و"غالي" و"ببلاوي" و"رضوان" مع الاعتذار الشديد لأصدقائي من حاملي تلك الأسماء! كما نتحدث عن (الزمن الجميل) ونفتقده حينما نتذكر ساسة عظماء مثل "محمد فريد" و"مصطفي كامل" و"سعد زغلول" و"النحاس باشا" و"عبد العزيز فهمي" وغيرهم، ونحن نعيش عصر الأقزام في السياسة، وعشنا عصر التقزيم في الحياة السياسية المصرية، وتغييب الكفاءات المتميزة من المصريين وإستبعادهم، وإستدعاء غير الأكفاء وأنصاف الرجال والثقافة، بل معدومي الكرامة لكي يتولوا مناصب قيادية في البلاد، فاستحال التقدم وإفتقدنا للازدهار والريادة التي تميزنا بها وسط الأمم. وتحدثنا عن (الزمن الجميل) حينما تذكرنا "جمال عبد الناصر" ورفاقه الضباط الأحرار، ولم ننس بطولات في القوات المسلحة المصرية منذ الزعيم "أحمد عرابي" عام (1881) ومن أبطالنا في حرب (1948) (الفهد الأسود)، والبطل (أحمد عبدالعزيز)، وكذلك شهدائنا في الحرب الثلاثية علي مصر عام (1956) واستشهاد أبطال مثل "جواد حسني" وزملائه في (السويس وسيناء) ولا يمكن أبداً أن ننسي بعد (نكسة 1967) هؤلاء الأبطال في حرب الاستنزاف، وعلي رأسهم شهيدنا البطل "عبد المنعم رياض" وزملائه. هذا هو (الزمن الجميل) حينما نتحدث عن أبطالنا في العسكرية المصرية، ونحن نشهد اليوم من يتشدق في أجهزة الإعلام ملقياً بإتهامات باطلة علي شباب نقي ممن قادوا الأمة في ثورتها ضد الطغيان والاستبداد والقهر والفساد ونهب البلاد، نجد بعض ممن يجب أن يحملوا نفس صفات أبطالنا، نسوا أنفسهم ونسوا مواقعهم، ونسوا الدور العظيم الذي قامت به القوات المسلحة فور اندلاع الثورة يوم (25يناير 2011)، وخروج البيان العسكري الأول مؤيداً ومعضداً ومطمئناً للشعب، والثوار علي أنه لن يتعدي علي أحد منهم ولن يقف ضد أي من الثوار بالعصي أو بالنار! هذه الأزمنة التي أطلقنا عليها (الزمن الجميل) - في مختلف مناحي الأنشطة الحياتية للمصريين، من الفن والثقافة والأدب والسياسة والتعليم وكذلك الوطنية المصرية دفعني لأن أكتب. هذا المقال لمن يقرأ أو من يريد أن يعي بأن الزمن فقط هو المؤشر علي تقدم الأمة أو تأخرها! الزمن سوف يسجل، بل أنه قد سجل فعلاً الأحداث ونسبة المشاركة فيها، وكيفية تأييد الحق وفصل الباطل و(ضعده) بل وتحديه! الزمن هو القادر علي أن يسجل الأحداث ويصف البشر والنخبة التي تعيش فيه بأنها قادرة علي حفر صفات هذا الزمن في التاريخ من عدمه! فلنعلم جميعاً أن هناك تاريخاً يسجل اليوم لهذا الزمن الذي نعيشه، فنتمني أن نغير فيه بعض الصفات، نريد زمناً جميلاً يعود مرة أخري، زمن يحمل صفات المعادن النفيسة، وليس بزمن (الصفيح والصدأ والقمامة)!