كشف د. سيف الدين حمد عضو اللجنة الفنية السودانية بملف مفاوضات حوض النيل، وعضو الهيئة المصرية السودانية المشتركة للنيل أن المواقف المصرية السودانية لم تعرف طريقا للفرقة علي مدار العشر سنوات الماضية في مفاوضات ملف اتفاقية حوض النيل، مؤكدا أن السودان لم يكن عمره اقرب للدول المنبع عن الشقيقة مصر، وأنه حتي قرار تجميد الخرطوم لعضويتها بمبادرة حوض النيل والذي أعلنه الجانب السوداني بمفرده كان باتفاق مسبق مع الجانب المصري في اجتماع تم بالخرطوم. وقال المسئول السوداني بملف مفاوضات حوض النيل في حوار خاص ل"روزاليوسف" إن ثورة 25 يناير فتحت بابا أخيرًا مع دول منابع النيل للتفاوض قبل الطلاق بالتصديق علي اتفاقية عنتيبي، وأن هناك دولا إفريقية تعمل بمبدأ «وابعثوا حكما من أهلها» في المرحلة الراهنة لتلطيف الاجواء عبر وساطات حقيقية، وشدد علي أن الجانب السوداني ملتزم تماما بالتنسيق في أدق التفاصيل مع الجانب المصري وذلك طبقا للبند الخامس من اتفاقية 1959 للنيل في ان الجمهوريتين يتنسقان وتتفقان علي رأي موحد بخصوص الموضوعات ذات الصلة بالنيل. فلا يوجد اي مجال لمصر أو السودان في ان تتخذ مواقف مختلفة، فنحن نعم نختلف لكن داخل الغرف المغلقة ولا نخرج إلا بعد أن نصل إلي رأي موحد، وهذا هو الرأي الذي نحمله إلي النقاش مع دول حوض النيل، ولا يوجد أي ذرة خلاف في المواقف المصرية السودانية. مياه جنوب السودان وشدد علي أنه ليس صحيحا أن مواقف مصر المعاونة لجنوب السودان كانت سببا في تأزم العلاقات ابدا بل علي العكس نحن علي معرفة كاملة بتفاصيل التعاون بين مصر والسودان ويتم تنويرنا بما تقوم به مصر في جنوب السودان ونحن لم نشعر بأي مواقف تتعارض مع موقف الدولتين ولو شعرنا بذلك لأخطرنا مصر في ضوء الشفافية المتبادلة، خاصة ان ما يتم في جنوب السودان بواسطة مصر اتفاقيات تعاون ليس لدينا عليها اي اعتراض، ونحن نسعي دائما في ان تكون العلاقة بين شمال وجنوب السودان علاقة حميمة، ولقد نصحنا الإخوة في حكومة الجنوب بأن مصر والسودان هما الأقرب من الدول الأخري ومصلحة الجنوب مرتبطة مباشرة مع مصر والسودان أكثر من باقي دول المنبع. وحول ما أثير بشأن مشكلات تقسيم الحصة المائية بين الخرطوم وجوبا أوضح " قائلا إنها بعيدة تماما عن حصة مصر، ونعرف احتياجات الجنوب المائية ومازالت توجد استراتيجية السودان العامة، وتم عمل دراسة في الثمانينات بواسطة 4 شركات دولية مشهود لها بالكفاءة، وضعت خطة استغلال مياه النيل في السودان بما فيها الجنوب، ووضعت مشاريع تنموية للجنوب وفقا لاحتياجاته المائية، والتي ليست كبيرة نظرا لوقوع معظم الجنوب في مناطق الامطار العالية ولهذا اتفقنا ان يكون للجنوب استخدامات مائية معقولة ومنصفة دون إحداث أي ضرر بمصر وشمال السودان، ونأمل أن يتعاون الجنوب لأن البند الثالث في اتفاقية 59 يتحدث عن امكانية استثمار المياه التي تضيع في المستنقعات، وحيث إن التقدير المبدئي لهذه المياه يصل إلي أكثر من 45 ملياراً، وإذا تم استغلالها ستكون خيرا علي الدول الثلاث. واشار إلي أن ما يعطل هذه البرامج التنموية المشتركة منذ عام 59 هو المشاكل الأهلية في الجنوب، وخاصة مشروع قناة "جونجلي". وفيما يتعلق بملف مفاوضات الاتفاقية أكد المسئول السوداني أنه لا توجد مشكلة مع اثيوبيا عكس ما يروج له الاعلام المصري. واثيوبيا يوجد بها ثلاثة أحواض فرعية للنيل وهي نهر عطبرة، وحوض بحيرة تانا والنيل الازرق وحوض الباراكوبوا، وتم افتتاح خزان تيكي فيف "تيكيزي"في 2009 علي نهر عطبرة بارتفاع 188 مترا وتخزين 9.4 مليار ولم يؤثر اطلاقا علي مصر، حيث إنه بالفعل لتوليد الطاقة وليس للتخزين فلا توجد مساحات زراعية يمكن أن تروي علي مياه هذا الخزان إلا بالقرب من حدود السودان في منطقة "الحميرة" وهذه المنطقة بها صعوبات فنية كبيرة وزراعتها علي مياه الري غير ذات جدوي اقتصادية، ولا يوجد إلا بعض المساحات الصغيرة تزرع بواسطة الأهالي وهي لا يمكن أن تؤثر علي تدفق كميات المياه إلي مصر ولا تمثل اي خطورة. أما في حوض النيل الأزرق وبحيرة تانا بإثيوبيا فإن المشروعات الزراعية علي النيل الأزرق في مساحات صغيرة والجدوي الاقتصادية ضعيفة، وبما لا يستعدي اقامة سدود تخزينية أيضا فلا خوف من سد الألفية علي مصر. وشدد "حمد" علي أن الغرض الأساسي من مشروعات السدود الاثيوبية هو الطاقة وهناك امكانات هائلة للطاقة علي الهضبة الإثيوبية استغلالها منفعة للجميع وتم اقتراح سدود "كارادوبي" وماندايا ومابل وبوردا وهي أربعة سدود جديدة يمكن أن تأتي من 5 إلي 7 آلاف ميجاوات وبتكلفة رخيصة جدا، وهذه المشروعات تأثيرها جيد علي مصر أولا ستوفر كهرباء رخيصة إلي مصر لا يتعدي سعر الميجاوات 3 سينت، في حين أن التكلفة في السودان من الطاقة المائية تصل إلي 18 سينتا، وبالنسبة لمصر فالسد العالي ترسب فيه الآن أكثر من 6 بلايين من الأطماء والسدود الاثيوبية تقلل من الأطماء، ولدينا نموذج في خزان الروصيرص بالسودان الذي تناقصت السعة به من 3.4 مليار إلي 1.9 مليار وبما يقلل العمر الافتراض للسد، والسودان تدفع 12 مليون جنيه سنويا لازالة الاطماء، وفضلا عن فاتورة بالمليارات نتيجة للفيضان بينما ستساهم سدود اثيوبيا في زيادة العمر الافتراضي للسد العالي، ومنع مخاطر الفيضان علي الخرطوم، وستفتح مجالات الملاحة بالنيل، وستقلل مستويات البخر والتي تصل إلي 10 مليارات متر مكعب سنويا أمام السد العالي فقط. وما يعني أنكم بعد بناء السدود الاثيوبية ستأخذون مياه زيادة عن حصتكم، وكهرباء رخيصة، فهذه السدود فيها خير كبير لمصر والسودان وليس فيها أي ضرر، مشيرا إلي أن هذه المشروعات الجديدة أكدت الدراسات أنها قد تحتاج ل100 سنة لتنفيذها إذا توفرت المناخ الملازم متسائلا هل تيكيزي ضر مصر في شيء؟ مشددا علي أنه علي العكس ساهم هذا السد في حل بعض مشاكل نهر عطبرة الذي كان يجف طوال السنة، ومن الناحية الفنية أتحدي أي خبير في مصر يثبت أن هذه السدود لها تاثير سلبي، بل علي العكس هي تخلق تكاملا اقتصاديا سياسيا بين السودان ومصر وإثيوبيا، ولن نسمح ان نترك هذه السدود لجهات اجنبية تقوم بوضع تصميماتها دون وجودنا ودون أن نؤمنها مثلما تم تأمين السد العالي لأن هذه اموال طائلة تنفق وتتعلق بمصير شعوب. وذكر أن قيام مفوضية بين دول منابع النيل وفقا لاتفاقية "عنتيبي" بعيدا عن مصر والسودان ليست ذات فائدة، وسيترتب عليها ضرر للجميع ولا نعتقد انها ستكون منظمة فعالة، واستمرار التفاوض ضرورة نتمسك بها ومن الحكمة ان تعطي دول المنبع مزيدا من الوقت للنقاش لنصل لاتفاق يشمل مصلحة كل الدول، ونتوقع ان تكون هناك فرصة أخيرة قبل الطلاق بين مصر والسودان ودول منابع النيل بالحوار، ودول أفريقيا تعمل حاليا بمبدأ فابعثوا بحكما من أهلك وأهلها وذلك في مصلحة الشعوب ونحتاج فقط لمزيد من الصبر فهناك بنود كثيرة متفق عليها. وقال: إننا اتفقنا مؤخرا مع مصر علي بعض الصياغات الجديدة التي تحتاج لمزيد من الدراسة ونعتبر فتح باب التفاوض أمنا جديدا لهم وأهم من الصياغات أنهم كانوا رافضين مبدأي التفاوض وحسمنا الموضوع، ومد باب التفاوض مصلحة للجميع.