قال د. أحمد الطيب شيخ الأزهر إن الفتاوى المتشددة التى تجعل من المستحب فرضًا إلى جوار الفتاوى المتسيبة التى تبيح الحرام، انتشرت ليست بسبب ما تتضمنه من تراكم علمى أو تنظير أو تأصيل، وإنما لأن وراءها من يحركها وينفق عليها من المتشددين والمتسيبين، كما أن وراءها قنوات تدعمها، وهى فى الوقت ذاته مسألة ارتزاق، فهناك مَن يسمح له ضميره بتخريب الشريعة الإسلامية ما دام يسترزق من ورائه. وأضاف فى تصريحات له أن هناك مَن يتخيل المشكلة مِن مكتب مكيف ويفكر فى هذا الجو ويحاول حل مشكلات الفقر والبؤس والمرض والجهل، فهذا الفقيه لو أصدر فتواه من مكتبه يختلف عن الفقيه الذى يذهب ويعيش مع هؤلاء الناس ويرى كم الضرر الذى يلحق بهم الناس، وضرورة تغير الفتوى لملاحقة تغير الأضرار، وقد ناقشنا هذا فى مؤتمر الفتوى الذى كان من ضمن أهدافه، تدريب الأئمة على الفتوى، وهذا يحتاج إلى نظر وإلى اختلاط الإمام بالناس، وإلى مراجعة كتب الفقه والاتصال المستمر مع جهات الفتوى سواء كانت فى الأزهر أو فى غيره، لتطوير أدواته البحثية الذاتية والمعرفية، حتى لا يفتى بمستوى متواضع من العلم أو يهرب من هذه الفتوى. وأوضح الإمام الأكبر أن الأزهر شرع فى إنشاء أكاديمية لتدريب الأئمة والوعاظ بحيث لا يعين الإمام أو الواعظ إلا إذا درس فى هذه الأكاديمية وحصل على كورسات مكثفة فى الشريعة والفتوى، وهذه الأكاديمية سوف تؤهل الإمام والواعظ والباحثين على الفتوى من خلال تدريب جاد يتعهدهم ويتولاهم، فأى مهندس لو أرسلته إلى مصنع وتقديره ممتاز فى الهندسة، ولم يتم تدريبه عمليًا فكثير من مناحى عمله سوف تخفى عليه ويجهلها، وهكذا العلم. وأشار إلى أن من القضايا التى بحاجة لفتاوى جادة قضية الزواج والطلاق وقضايا أطفال الشوارع، وتوضيح أن الإنفاق على الأطفال ليست مسألة اختيارية فى الشرع الإسلامى كى يُلقوا فى الشارع ويتزوج أبوهم ويتركهم بلا مأوى وبلا نفقات، والزوجة أيضا لها نفس الحق فى الإنفاق، ولذلك فإن الزواج يعتريه الأحكام الخمسة، قد يكون واجبا مع إنسان قادر ويخشى على نفسه من الانحراف، وقد يكون سنة إذا كان عنده قدرة على الزواج ولا يخشى على نفسه، لكنه قد يكون حراما- وهذا كلام الأئمة- فى حالة ما إذا كان يعلم أنه لا يستطيع أن ينفق على الزوجة، أو أنه إن تزوج بها سيظلمها ولا يوفر لها كل حقوقها، فالشرع أعطى للتزوج بزوجة من الضمانات ما لا تخطر على بال أى إنسان، هذا فى الزوجة الأولي، فما بالنا بالزوجة الثانية؟! وقال: إن حديث «تزوجوا الودود الولود فإنى مكاثر بكم يوم القيامة»، لا علاقة له بمسألة تعدد الزوجات، فهو لم يقل تزوجوا مرتين وثلاثة أيها الشباب، فهو يخاطب الشباب الذى يعزف عن الزواج بأن يتزوجوا، ولا يمكن أبدًا أن يُستنبط منه تعدد الزوجات على الإطلاق، مؤكدًا أنه لا يقصد من وراء ذلك أن يقول إن الزواج بالثانية فى الشريعة الإسلامية محرم- معاذ الله، ولكن أقول إن الزواج بالثانية مرتبط بشرطين قد يكونان فى زمننا هذا تعجيزيان، الشرط الأول: العدل المطلق وإلا جاء كما فى الحديث الشريف يوم القيامة وشقه ساقط؛ لأنه مال إلى واحدة ثم ترك الأخرى، قال صلى الله عليه وسلم: «إذا كان عِنْدَ الرَّجُلِ امْرَأَتَانِ فلم يَعْدِلْ بَيْنَهُمَا جاء يوم الْقِيَامَةِ وَشِقُّهُ سَاقِطٌ» والشرط الثاني: أن يكون قادرًا على الإنفاق على الثانية أو الثالثة، إذا تخلف أحد الشرطين هنا لا يجوز الزواج ويأخذ حكم الحرمة، فعلينا أن ننتبه لهذا.