فيما بدا منحنى العلاقة بين «الولاياتالمتحدة» (خاصة قيادات الحزب الديمقراطي)، وجماعات الإسلام السياسى (ومنها: الإخوان) فى تصاعد مستمر، خلال بدايات النصف الثانى من الألفينيات؛ يذهب الكاتب الصحفى «عبدالعظيم حماد» إلى أنّ متغيرات هذه «العلاقة الثنائية» بدأت مع مطلع الألفينيات (!).. فخلال «الدورة السادسة» لمنتدى العالم الإسلامى، الّذِى استضافته «واشنطن»، فى نصف العقد الأول من الألفينيات، كان الحضور «الإخوانى» باديًّا بقوة.. فالمنتدى أسسته أطراف ثلاثة، هى: «معهد بروكينجز للدراسات السياسية والاستراتيجية بواشنطن»، و«مركز سابان لدراسات الشرق الأوسط» يمثل وحدة خاصة فى إطار معهد بروكينجز و«مركز الدراسات التابع للحكومة القطرية» (1). ويتابع حماد: كان من المسئولين الأمريكيين البارزين، الّذِينَ شاركوا فى أعمال المنتدى، كلٌ من: «مادلين أولبرايت»، وزيرة الخارجية الأمريكية فى إدارة «كلينتون» الثانية (وهى الّتِى ترأست الطاقم الأمريكى فى الحوار مع الإخوان، بعد تولى أوباما الحكم)، و«كينيث أليسون» عضو مجلس النواب الأمريكى المسلم عن ولاية «مينيسوتا»، و«بريان بيارد» عضو مجلس النواب عن ولاية «أيوا»، والجنرال «ديفيد بيتريوس»، مدير وكالة الاستخبارات المركزية «السابق» فى إدارة أوباما. أما المسلمون، الّذِينَ شاركوا فى أعمال هذه الدورة، فهم: «أنور إبراهيم» زعيم المعارضة الإسلامية فى ماليزيا، و«طارق رمضان» - حفيد حسن البنا - و«جمال البرزنجى» عن المعهد العالمى للفكر الإسلامى، و«أحمد يونس» من مجلس الشئون الإسلامية العامة، و«ويليام وين ويب» من الاتحاد الإسلامى لشمال أمريكا (ISNA)، و«داليا مجاهد»، الّتِى عملت كمستشار بوزارة الخارجية فى إدارة أوباما، و«أنس على» عن الفرع البريطانى للمعهد العالمى للفكر الإسلامى، و«أمينة رسول» من الفرع الفلبينى لجماعة الإخوان (وهم، جميعًا، إما من التابعين لتنظيم الإخوان الدولى، أو من القريبين لدوائر نشاطه).. لتتوالى، بعد ذلك، الاجتماعات على نطاق أضيق. يقول حماد (2): كان من الضرورى إقناع «صقر الصقور» بالكونجرس الأمريكى، المؤيد لحرب بوش الابن الصليبية «جون ماكين»، بهذه التحولات وجدواها.. وكان «منير فريد»، أحد قيادات الاتحاد الإسلامى لشمال أمريكا (ISNA)، قد أجرى أول اتصال للإخوان بالسيناتور ماكين.. واقتنع الرجل فى النهاية.. وأصبح فيما بعد المدافع الرئيسى فى الكونجرس عن «الارتباط البنّاء» مع الإخوان، وضد الحملات على كل من «داليا مجاهد»، و«هوما عابدين»، المستشارة المسلمة لوزيرة الخارجية الأمريكية «هيلارى كلينتون».. (وهما أي: داليا وهوما من وثيقات الصلة بتنظيم الإخوان الدولى). .. لتستمر - بعد ذلك - جهود الوكالات الأمنية الأمريكية، والحكومية، فى دعم هذا الارتباط، إذ أصدر مكتب التحقيقات الفيدرالى فى 25 مايو من العام 2009م، قرارًا باعتماد «الجمعية الإسلامية لشمال أمريكا» حلقة اتصال «رسمية» بين المكتب، وبين المواطنين الأمريكيين المسلمين.. وبعد هذا الأمر، بيومين فقط، كان أن أصدرت ثلاث منظمات «إخوانية» (وفقًا ل«حماد») قائمة من 65 اسمًا، بحجة أن هؤلاء، هم من يقبل بهم المسلمون كخبراء مؤهلين؛ للحديث عن الدين الإسلامى وشئون المسلمين (!).. وأوصت هذه المنظمات: (IIIT - AMSS - ومعهد منارة الحرية)، الحكومة الأمريكية، والصحف، ومحطات التليفزيون، ومراكز الأبحاث بالرجوع إلى أى من هذه الشخصيات ال65، عند الحاجة لأى استفسار يتعلق بالإسلام والمسلمين (!) ■ ■ ■ فى أعقاب «القرار السابق» بنحو أسبوع فقط؛ حلَّ «أوباما» ضيفًا على القاهرة؛ ليلقى خطابه ل«العالم الإسلامي» من جامعة القاهرة. قال «أوباما» فى خطابه (أُلقى «الخطاب» فى 4 يونيو 2009م): إننا نلتقى فى وقت يشوبه التوتر بين الولاياتالمتحدة والعالم الإسلامى، وهو توتر تمتد جذوره إلى قوى تاريخية تتجاوز أى نقاش سياسى راهن.. وتشمل العلاقة ما بين الإسلام والغرب قرونا سادها «حسن التعايش»، والتعاون.. كما تشمل هذه العلاقة «صراعات»، و«حروبًا دينية»، إذ ساهم «الاستعمار»، خلال العصر الحديث، فى تغذية التوتر بسبب حرمان العديد من المسلمين من الحقوق، والفرص.. كما ساهم فى ذلك «الحرب الباردة»، التى عوملت فيها كثير من البلدان ذات الأغلبية المسلمة بلا حق؛ كأنها مجرد دول «وكيلة»، لا يجب مراعاة تطلعاتها الخاصة.. وعلاوة على ذلك حدا التغيير الكاسح الذى رافقته الحداثة والعولمة بالعديد من المسلمين الى اعتبار الغرب معاديًا لتقاليد الإسلام. لقد استغل «المتطرفون»، الذين يمارسون العنف هذه التوترات فى قطاع صغير من العالم الإسلامى بشكل فعال.. ثم وقعت أحداث «11 سبتمبر 2001م».. واستمر هؤلاء المتطرفون فى مساعيهم الرامية إلى ارتكاب أعمال العنف ضد المدنيين.. الأمر الذى حدا بالبعض فى بلدى إلى اعتبار الإسلام معاديًا لا محالة، ليس – فقط - لأمريكا وللبلدان الغربية، وإنما – أيضًا - لحقوق الإنسان.. ونتج عن ذلك مزيد من الخوف وعدم الثقة (3). وأضاف: لقد أتيت إلى هنا للبحث عن بداية جديدة بين الولاياتالمتحدة والعالم الإسلامى؛ استنادا إلى «المصلحة المشتركة»، و«الاحترام المتبادل».. وهى بداية مبنية على حقيقة: «إن أمريكا والإسلام لا يعارضان بعضهما البعض، ولا داعى أبدًا للتنافس فيما بينهما؛ بل لهما قواسم ومبادئ مشتركة يلتقيان عبرها.. ألا وهى: مبادئ العدالة، والتقدم، والتسامح، وكرامة كل إنسان».. إننى أقوم بذلك إدراكًا منى بأن «التغيير» لا يحدث بين ليلة وضحاها.. ولا يمكن لخطاب واحد أن يلغى سنوات من «عدم الثقة».. كما لا يمكننى أن أقدم الإجابة على كل المسائل المعقدة، التى أدت بنا إلى هذه النقطة.. غير أننى على يقين من أنه يجب علينا من أجل المضى قُدمًا؛ أن نعبر بصراحة عما هو فى قلوبنا، وعما (لا يقال إلا وراء الأبواب المغلقة!). .. وكان من بين النقاط التى ركز عليه «خطاب أوباما»: ■ من منطلق تجربتى الشخصية؛ أستمد اعتقادى بأن الشراكة بين أمريكا والإسلام، يجب أن تستند إلى «حقيقة الإسلام»، وليس إلى (ما هو غير إسلامي).. وأرى فى ذلك جزءًا من مسئوليتى كرئيس للولايات المتحدة. ■ لقد تم تعليق أهمية كبيرة على إمكانية انتخاب شخص من أصل أمريكى «إفريقى»، يدعى «باراك حسين أوباما» إلى منصب الرئيس.. ولكن قصتى الشخصية ليست فريدة إلى هذا الحد. ■ المسألة الأولى التى يجب أن نجابهها هى «التطرف العنيف» بجميع أشكاله.. وقد صرحت بمدينة «أنقرة» بكل وضوح أن أمريكا ليست، ولن تكون أبدًا، فى حالة حرب مع الإسلام.. إلا أننا نتصدى لمتطرفى العنف، الذين يشكلون تهديدًا جسيمًا لأمننا.. والسبب هو أننا نرفض ما يرفضه أهل المعتقدات كافة. ■ سندافع فى أمريكا عن أنفسنا محترمين فى ذلك سيادة الدول وحكم القانون.. وسوف نقوم بذلك فى إطار الشراكة بيننا وبين (المجتمعات الإسلامية)، التى يُحدق بها الخطر أيضًا؛ لأننا سنحقق مستوى أعلى من الأمن فى وقت أقرب إذا نجحنا بصفة سريعة فى «عزل المتطرفين»، مع عدم التسامح معهم داخل المجتمعات الإسلامية. ■ يجب – كذلك - على الدول العربية أن تعترف بأن «مبادرة السلام العربية»، كانت بداية هامة.. وأن مسئولياتها لا تنتهى بهذه المبادرة.. كما ينبغى عليها ألا تستخدم الصراع بين «العرب وإسرائيل»؛ لإلهاء الشعوب العربية عن مشاكلها الأخرى.. بل يجب أن تكون هذه المبادرة سببًا؛ لحثهم على العمل لمساعدة الشعب الفلسطينى على تطوير مؤسساته، التى سوف تعمل على مساندة «الدولة الفلسطينية»، ومساعدة «الشعب الفلسطيني» على الاعتراف ب«شرعية إسرائيل».. واختيار سبيل التقدم بدلاً من السبيل الانهزامى، الذى يركز الاهتمام على الماضى. ■ لا يمكن لأى دولة - ولا ينبغى على أية دولة - أن تفرض نظامًا للحكم على أية دولة أخرى.. ومع ذلك؛ لن يقلل ذلك من التزامى تجاه الحكومات التى تعبر عن إرادة الشعب، حيث يتم التعبير عن هذا المبدأ فى كل دولة وفقًا لتقاليد شعبها. ■ لا يوجد طريق سهل، و«مستقيم»؛ لتلبية هذا الوعد.. ولكن الأمر الواضح بالتأكيد، هو أن الحكومات التى تحمى هذه الحقوق، هى فى نهاية المطاف الحكومات التى تتمتع بقدر أكبر من الاستقرار والنجاح والأمن.. فقمع الأفكار لا ينجح أبدًا فى القضاء عليها. ■ إن أمريكا تحترم حق جميع من يرفعون أصواتهم حول العالم؛ للتعبير عن آرائهم بأسلوب سلمى، يراعى القانون.. حتى لو كانت آراؤهم «مخالفة لآرائنا».. وسوف نرحب بجميع الحكومات السلمية المنتخبة، شريطة أن تحترم جميع أفراد الشعب فى ممارستها للحكم. ■ تتركز أهمية «النقطة السابقة» فى أن «البعض» لا ينادون بالديمقراطية، إلا عندما يكونون خارج مراكز السلطة.. ولا يرحمون «الغير» عبر ممارساتهم القمعية لحقوق الآخرين عند وصولهم إلى السلطة (4). ■ ■ ■ يُمكننا قبل أن نتابع «ملاحظاتنا الخاصة» حول رسائل «التغيير»، التى حملها «خطاب أوباما» فى جامعة القاهرة لتيار «الإسلام السياسى» (لا الأنظمة القائمة بالمنطقة!)؛ أن ننطلق (استرشادًا) من الملاحظات التى ساقها بنفسه، المدير الأسبق ل«برنامج تحليل سياسات واستراتيجيات الإسلام السياسى» بوكالة الاستخبارات المركزية (CIA)، إذ قال الرجل خلال محاضرة له (5) ألقاها فى 28 سبتمبر من العام 2010م، بجامعة سانت جونز (أى قبل وصول موجات ما عُرف ب«الربيع العربى» للقاهرة، بأربعة شهور فقط): ■ إن أحد الدلائل المهمة الّتِى تضمنها خطاب «أوباما» فى جامعة القاهرة، هو اختياره لمكان الخطاب فى حد ذاته.. فالأجيال الصاعدة فى مصر هى الهدف. ■ كانت رسالة البيت الأبيض - الّتِى لم يدركها الكثيرون - أن ثمة تغييرًا لا بد أن يحدث.. فالولاياتالمتحدة سترتبط فى المقام الأول بالمجتمعات الإسلامية (الّتِى تشهد نموًا لقوى «الإسلام السياسى»)، لا «الأنظمة الحاكمة» للمجتمعات الإسلامية.. وارتباطنا بتلك «المجتمعات» من أجل موضوعات تتعلق بالأمن القومى بالأساس. ■ إنّ «أوباما» أراد القول: «إننا تخلينا عن فكرة تصدير الديمقراطية للأنظمة الحاكمة، واستبدلناها بدعم نمو الديمقراطية من داخل هذه المجتمعات نفسها». ■ وبالتالى لا بد ألا يكون ارتباطنا بالنخبة ذات التعليم الغربى، أو الّتِى تجيد التحدث بالإنجليزية.. بل بالقطاع العريض غير جيد التعليم، الّذِى ربما لا يجيد الإنجليزية على الإطلاق.. وإن كان هناك قطاع داخل هذه «المجتمعات»، لا يتفق وسياستنا الخارجية، فلا يعنى هذا ألا نتحدث معهم (6). .. وانطلاقًا من «الملاحظات الأربع» التى ساقها، بنفسه، صاحب فكرة ارتباط «الولاياتالمتحدةالأمريكية» بقوى «الإسلام السياسى» فى الشرق الأوسط، على محتوى الخطاب؛ لنا أن نضيف – فى المقابل – نحو «سبع» ملاحظات أخرى: أولاً: يُمكننا، ابتداءً (وفقًا لتفسير «دوائر الاستخبارات الأمريكية» لمدلولات خطاب أوباما)، أن نحمل (على التغليب) عبارة: «المجتمعات الإسلامية»، التى قرنها الخطاب، بكلمات، مثل: «الارتباط»، و«التعاون»، و«الشراكة»، على قوى «الإسلام السياسى».. إذ إن تلك القوى (وفقًا لفهم الدوائر نفسها)؛ كانت ذات التأثير الأقوى داخل المنطقة (!) ثانيًا: وفقًا للمعلومات «المتاحة» حول برنامج «الارتباط الأمريكى بقوى الإسلام السياسى فى الشرق الأوسط»، الذى أدارته وكالة الاستخبارات المركزية (CIA)؛ فإن القائمين على البرنامج كانوا يُعولون – إلى أبعد مدى – على أنّ قوى الإسلام السياسى (التى صدّرت لهم خطابًا يبدو معتدلاً)، سوف تلعب دورًا «مهمًا» فى احتواء تيار العنف (الراديكالي)، إذا ما وصلت للحكم.. وأنها ستصبح مفيدة ل«الولاياتالمتحدة» أكثر من الأنظمة القائمة (7).. ومن ثمَّ.. كان أن انعكست تلك «النتيجة» على العديد من «عبارات مواجهة الإرهاب»، التى حفل بها الخطاب، مثل: (سوف نواجه «التطرف» فى إطار الشراكة بيننا وبين «المجتمعات الإسلامية»؛ لأننا سنحقق مستوى أعلى من الأمن فى وقت أقرب، إذا نجحنا بصفة سريعة فى «عزل المتطرفين»). ثالثًا: بدت إشارة «أوباما» إلى أنه جاء من أجل «بداية جديدة مع العالم الإسلامى»، مقيدة بأن فكرة «الشراكة» ستتم تأسيسًا على ما هو داخل «الإطار الإسلامى» لا على ما يمكن اعتباره بعيدًا عنه.. ومن ثمَّ.. يمكننا أن نضع (جنبًا إلى جنب) عبارة المدير الأسبق ل«برنامج تحليل سياسات واستراتيجيات الإسلام السياسى» (الاستخبارى) حول أن «الولاياتالمتحدة» يجب ألا ترتبط بالنخبة (ذات التعليم الغربى)، مع ما نبهت إليه دراسة مركز «راند» (RAND) بالعام 2003م، من أنه يتعين على «الولاياتالمتحدة» ألا ترتبط و«التيار المدنى» (العلمانى) بمنطقة الشرق الأوسط، إذ إن منطلقات هذا التيار (القومية، والوطنية) تُعادى، فى مجملها، مفاهيم: «الهيمنة»، و«الأمركة».. (راجع على سبيل المثال «الحلقة 14» من الدراسة، تحت عنوان: بالتفاصيل.. الخديعة الأمريكية فى «مشروع الشرق الأوسط الكبير»). رابعًا: يُمكننا (فى سياق ما تم كشفه «أمريكيًّا»، حول تفاصيل برنامج الارتباط بقوى الإسلام السياسى) أن نعيد قراءة عبارة: (لقد تم تعليق أهمية كبيرة على إمكانية انتخاب شخص من أصل أمريكى «إفريقى»، يدعى «باراك حسين أوباما» إلى منصب الرئيس.. ولكن قصتى الشخصية ليست فريدة إلى هذا الحد)؛ تأسيسًا على أنها عبارة «تشجيعية» للقوى، التى كانت «بعيدة عن السلطة فى الشرق الأوسط» (ومنها: تيار الإسلام السياسى) بأن ما كان يبدو «مستحيلاً» يُمكن أن يُصبح ممكنًا، فى سياق عمليات تغيير «كوزموبوليتانية» متنوعة (8). خامسًا: تقاطع العديد من العبارات التى استخدمها «أوباما» حول ضرورة البحث عن أرضية من «التفاهمات» المشتركة مع العالم الإسلامى، ومطالبته للدول العربية بالاعتراف بأهمية «مبادرة السلام العربية» مع إسرائيل، مع تلك الرسائل التى دأب «قيادات الإخوان» على إرسالها للقوى الغربية، منذ مطلع النصف الثانى من الألفينيات، مثل بيان «محمد سعد الكتاتنى» بالعام 2007م، وتصريحات «عصام العريان» لجريدة «الحياة اللندنية» بالعام نفسه.. (راجع «الحلقة 18» من الدراسة: بالتفاصيل.. أسرار لقاء «الكتاتنى» وقيادى «ديمقراطى» بارز بمنزل السفير الأمريكى بالقاهرة!). سادسًا: حملت عبارة: (إن أمريكا تحترم حق جميع من يرفعون أصواتهم حول العالم؛ للتعبير عن آرائهم بأسلوب سلمى، يراعى القانون.. حتى لو كانت آراؤهم «مخالفة لآرائنا»)، بُعدًا «تحفيزيًّا» جديدًا لقوى الإسلام السياسى (المستهدفة بالخطاب، من حيث الأصل).. وأنها ستحظى بدعم «الولاياتالمتحدة»، إذا ما توافق التزامها ب«قيم الديمقراطية» بعد وصولها للحكم، مع ما كانت تبديه من احترام لتلك القيم (وهى بعيدة عن السلطة!).. ومن ثم؛ كان أن أتبع «أوباما» تلك العبارة بأخرى «شارحة» تقول: (إن «البعض» لا ينادون بالديمقراطية، إلا عندما يكونون خارج مراكز السلطة.. ولا يرحمون «الغير» عبر ممارساتهم «القمعية» لحقوق الآخرين، عند وصولهم إلى السلطة)! سابعًا: يبدو، فى ضوء الوقائع، و«المعلومات» التالية؛ أن «إدارة أوباما» كانت فى عجلة من أمرها؛ لتنفيذ «برنامج الارتباط وقوى الإسلام السياسى فى الشرق الأوسط» (تحت إشراف: سى آى أيه)، وإشراكها فى عملية احتواء «تيار العنف» (الراديكالى).. إذ تم فى فبراير من العام 2010م، ترتيب لقاء «مهم» بين «جون برينان»، مساعد أوباما لشئون الأمن الداخلى (مدير وكالة الاستخبارات المركزية، فيما بعد)، وقيادات الاتحاد الإسلامى لشمال أمريكا (ISNA)؛ لبدء حوار حول الأمن القومى الأمريكى، ومساعدات المسلمين الأمريكيين فى إحباط الأعمال الإرهابية الداخلية.. لتتوالى بعد ذلك مؤتمرات «إخوان أمريكا»، بمشاركة «فعالة» من شخصيات أمريكية «رسمية»، واستخبارية (!)
هوامش (1)- عبد العظيم حماد، (الوحى الأمريكى: قصة الارتباط «البنّاء» بين أمريكا والإخوان)، «مركز المحروسة للنشر والخدمات الصحفية والمعلومات»، ص 142. (2)- المصدر نفسه. (3)- Obama speech in Cairo University (full text), available (in Arabic) at: http://archive.arabic.cnn.com/2009/world/6/4/Obama.speech/ (4)- Ibid. (5)- يُدعى «إيميل نخلة».. كما وضع «مركز مكارثى» المحاضرة على موقع «يوتيوب» فى يناير من العام 2013م.. ولمزيد من التفاصيل؛ يُمكن مراجعة: هانى عبدالله، «كعبة الجواسيس: الوثائق السرية لتنظيم الإخوان الدولى»، مركز الأهرام للنشر (مؤسسة الأهرام الصحفية)، القاهرة، 2015م. (6)- فى يناير، أيضًا، من العام 2013م؛ كان هذا هو الرد، الّذِى واجه به وزير الخارجية الأمريكى «جون كيرى» الاستجواب الموجه له بالكونجرس من قبل السيناتور «راند باول» عن دعم الولاياتالمتحدة للإخوان، على الرغم من كونها جماعة تحمل أفكارًا تمييزية ضد الآخر، وغير ديمقراطية. (7)- هانى عبدالله، «كعبة الجواسيس» (مصدر سابق). (8)- يرى عدد من أنصار نظرية: «حكومة الظل الأمريكية»، أو «الحكومة الخفية» («البنتاجون»، و«وكالة الاستخبارات المركزية»، و«الخارجية»، «وول ستريت».. أي: المؤسسات «ذات التأثير المباشر» على صناعة القرار الأمريكى، بغض النظر عن الانتماء الحزبى للإدارة الموجودة ب»البيت الأبيض»)، أن اختيار «أوباما» من حيث الأصل (فضلاً عن عملية دعمه للوصول للمكتب البيضاوي) بمواصفات «عقائدية» تبدو قريبة من «العالم الإسلامى» (أصوله الكينية المسلمة)، و«شكلية» (بشرته السمراء)؛ كان تمهيدًا لتنفيذ عملية «التغيير الواسع» بالشرق الأوسط، وشمال إفريقيا (M.E.N.A)، فى سياق «مشروع الشرق الأوسط الكبير».. وهو تصور تدعمه – إلى حدٍّ بعيد – القوى المحسوبة على «التيار اليسارى» داخل «الولاياتالمتحدة» نفسها.