لماذا تنظرون للحرف التقليدية المصرية علي أنها تعني كل ما هو قديم وعقيم وغير قابل للتطور؟!، سؤال استنكاري كاد الباحث شريف محمد عوض أن يوجهه مباشرة إلي القارئ في مقاله الذي افتتحت به مجلة "الفنون الشعبية" عددها الجديد والذي خصصته بكامله للحرف التقليدية من نسيج لخيامية لزجاج تقليدي لفانوس لفخار لحلوي لمشغولات معدنية وغيرها، وحرص العدد في موضوعاته المختلفة علي إيضاح بداية ظهور كل حرفة وطبيعة المواد المستخدمة وأهيمتها، والمناطق الجغرافية المتركزة فيها، مرفقة بصور عديدة لنماذج من إنتاج تلك الحرف. عوض يؤكد لنا أنه عندما يتكامل الاهتمام بالحرف التقليدية ودورها في تطوير المجتمع جنبا إلي جنب مع الاهتمام بالصناعات المؤسسية سيتعافي الاقتصاد المصري من انتكاساته الراهنة ولا ينسي عوض أن يشير للمأزق الحرج الذي تعيشه الصناعات الحرفية وهو التطور التقني الذي تعيشه الدول وانعدام الحاجة إلي الكثير من المنتجات التقليدية بعد تغير نمط الحياة العصرية وتوافر المستلزمات المصنعة ميكانيكيا وبأسعار متدنية، وكذلك المعوقات التي تواجه استدامة تلك الصناعات ومنها عوائق التسويق والتمويل والخبرة التنظيمية وغيرها. وفي العدد يبث من جديد الفنان التشكيلي عز الدين نجيب أحزانه من غياب متحف واحد يضم إبداعات الحرف التقليدية بما يحافظ علي تراثنا الشعبي، بل يري أن عدم الاهتمام بتلك الحرف بمثابة تجريف ثقافي للهوية القومية، ويلقي نجيب باللوم علي الحكومات المصرية المتعاقبة التي لم تكترث بإصدار التشريعات الكفيلة برعاية العاملين في تلك الحرف وإن استثني فترة تولي الدكتور ثروت عكاشة لوزارة الثقافة في الستينيات والتي اهتم فيها بتلك الحرف وأنشأ لها إدارة خاصة، وفي مقاله يعرض نجيب لأهم ملامح مشهد الحرف التقليدية الراهن ويطرح مشروعا للنهضة يعتبر الثقافة الشعبية مكونا رئيسيا للبنيان الثقافي وتأسيس مشروع قومي متكامل للنهوض بتلك الحرف.