هل كان «عصام شرف» رئيس وزراء مصر في حاجة إلي مليونية جديدة صباح كل يوم جمعة لكي تذكره بمطالب الشعب المصري؟! هل كان لزامًا علينا أن نلجأ إلي «التحرير» حتي يصدر عن رئيس الوزراء هذا البيان «الهزيل» الذي جاء متأخرًا ومستفزًا.. الأمر الذي يدفع بالجماهير إلي تصعيد المليونية إلي اعتصام مفتوح وإضراب عن الطعام إلي أن تستجيب الحكومة والمجلس الأعلي للقوات المسلحة لمطالب الشعب التي أصبحت بديهية ولا تحتاج إلي اعتصامات أو إضرابات أو مليونيات. فالأمر بات واضحًا لكل من يريد لمصر أن تنهض وتتجاوز كل كبواتها.. ونخرج من عنق زجاجة الثورة لتبدأ مرحلة الإصلاح الجذري والاستقرار والطهارة والنقاء الثوري.. لقد سبق هذه القرارات.. قرارات أشد ضراوة.. ولكنها لم تنفذ وتبخرت في هواء الارتباك الحكومي.. ما بين الرغبة في الانقضاض علي الثورة والالتفاف علي مطالب الشعب المصري العادلة.. وبين التراخي والتخبط السياسي ما بين «الحوار الوطني».. و«الوفاق القومي».. و«الدستور أولاً».. أم «الانتخابات أولاً».. وما بين الحد الأدني للأجور والحد الأعلي غير المعلوم.. وما بين الجمل أو الغتيت ووزارات بلا وزير.. ووزراء بلا وزارة.. وملفات بلا مسئول.. ومستشارين بلا عمل.. إن ما يحدث الآن علي أرض الواقع يدفعنا جميعًا للعصيان المدني.. والإضراب العام.. ولن يصيبنا أكثر مما أصابنا.. ولن نضار أكثر مما أضرنا به عبر ثلاثين عامًا من الظلم والاستبداد ونهب المال العام الدائم.. أو كما قال صديقنا الشاعر «محمد سيف» في قصيدته الشهيرة «شيد قصورك علي المزارع» التي تغني بها الشيخ إمام وتنسب علي جميع المواقع إلي صديقنا أحمد فؤاد نجم في خطأ شائع.. حيث يقول: فإذا كان رئيس الوزراء يريد أن ينهي «مواجع» الشعب المصري وكان جادًا في ذلك، فعليه أن يتبع المعمول به في كل الثورات الشعبية.. أولها: 1- إقامة محكمة «الغدر» أو محكمة الثورة، فباندلاع الثورة سقطت شرعيات كثيرة.. ولابد من الاعتراف بالشرعية الثورية في ظل حماية وطنية شريفة من درع مصر الواقية قواتها المسلحة. 2- لابد من تقديم كل من أفسدوا الحياة السياسية عبر السنوات الثلاثين الماضية لمحاكمة عاجلة تصدر قرارات ملزمة بالعزل السياسي.. بغض النظر عن قضايا النهب والسرقة وإهدار المال العام.. التي يجب أن تقام لها محكمة خاصة وعاجلة. 3- ثالثًا.. وأولاً.. وأخيرًا وقبل كل شيء لابد من عودة الأمن والأمان للشارع المصري بالضرب بيد من حديد علي كل الخارجين عن القانون سواء كانوا بلطجية قطاع خاص يعملون لصالح أنفسهم تحت مظلة «الجوع الكافر» أو بلطجية قطاع عام يعملون لصالح رموز الفساد وأباطرة نظام مبارك أو فلول الحزب الوطني.. أو كانوا باعة جائلين أو سائقي ميكروباصات لا يعرفون سوي سطوة القوة ويعيشون في «جنة الفردوس» الشهيرة ب «الانفلات الأمني». 4- ولابد من إزالة كل دوائر الفساد الضيقة والواسعة التي كانت تحيط بالطغمة الحاكمة الفاسدة.. والتي ما زالت حتي الآن تتربع علي عرش كل مؤسسات الدولة. إذا كانت الحكومة لديها الرغبة الأكبر والإرادة السياسية الجادة في إصلاح الأمور في مصر بأسرع مما نتوقع.. عليها أن تصغي للمعتصمين في ميدان التحرير الذي تحول إلي «ميدان تحرير البلد».