وكيل تعليم القاهرة يتفقد مدارس حدائق القبة    محمد أبو السعود: 53% من محفظة البنك الزراعي موجهة للتمويل المستدام    رئيسة المفوضية الأوروبية: نسعى لتوقيع اتفاق شراكة شاملة مع مصر    "الوطني الفلسطيني": التحول في الرأي العام العالمي تجاه القضية الفلسطينية يمثل فرصة تاريخية يمكن البناء عليها    كشف قائمة المرشحين لجوائز الاتحاد الإفريقي لكرة القدم    وزير الشباب يقر تعديل ضوابط النظام الأساسي ل 71 نادي رياضي    رئيس جامعة بنها يطمئن على 9 طلاب بحادث طريق أبو سمبل الصحراوي    قان أورغانجي أوغلو: أتطلع لفرص عمل مقبلة مع المبدعين العرب    مصر تبدأ العمل بالتوقيت الشتوي نهاية أكتوبر.. الساعة هتتأخر 60 دقيقة    «خدمة المجتمع» بجامعة القناة يستعرض إنجازاته خلال عام كامل    بعد تصاعد جرائم القتل.. شيخ الأزهر يوجه رسالة حاسمة إلى المجتمع    مقتل شخصين وإصابة آخر بانفجار عبوة ناسفة في سيارة بالعزيزية شرقي حلب    وفد لجنة السياسة الخارجية بالبرلمان الدنماركي يتفقد معبر رفح    مدبولي: تيسيرات جديدة للمتقدمين للوظائف من المحافظات البعيدة    محافظ الوادي الجديد يتفقد بدء أعمال الإنشاءات بمركز إنتاج الحرير الطبيعي    بتكلفة 6 ملايين جنيه محافظ المنيا يفتتح مركز شباب بني خلف بمغاغة    تفاصيل الاجتماع الفني لمباراة مصر وغانا في تصفيات كأس العالم للسيدات    نائبة وزيرة التضامن تشهد إعلان 42 وحدة خالية من الأمية ببنى سويف    ضبط سائق أنزل الركاب لرفضهم دفع "أجرة زيادة" بالبحيرة    محافظ أسوان يطمئن على طلاب جامعة بنها المصابين فى حادث طريق أبو سمبل    مرور القاهرة يعلن إغلاق كوبري الأزهر السفلي لإجراء أعمال الصيانة    ننشر منطوق حكم كروان مشاكل بسب وقذف ريهام سعيد    "مكافحة انتشار المخدرات" فى ندوة بطب بيطري أسيوط    شريف فتحي: مصر لديها كافة المقومات لتصبح الوجهة السياحية الأولى في العالم    رئيس الوزراء: المتحف المصري الكبير هدية مصر للعالم كله    تكريم خالد جلال بختام ملتقى شباب المخرجين بمسرح السامر.. الليلة    9 مستشفيات ضمن خطة التأمين الطبي لفعاليات تعامد الشمس بمختلف مراكز محافظة أسوان    أمير قطر: العلاقات التاريخية مع تركيا تمضي بثبات نحو آفاق واعدة    وزير التعليم العالي يؤكد ضرورة توجيه البحث العلمي لخدمة التنمية الاقتصادية وخلق فرص عمل للشباب    مجلس كنائس مصر: مؤتمر الكهنة والرعاة جسد رسالة الكنسية في خدمة الإنسان والمجتمع    مصر تدعو لتمثيل عادل للدول الإفريقية بالمؤسسات الدولية والبنوك الإنمائية    حبس المتهم بإنشاء كيان تعليمي وهمي للنصب على المواطنين بمدينة نصر    لتوفير 1500 فرصة عمل.. 12 شركة في الملتقى التوظيفي الأول بجامعة حلوان (تفاصيل)    الخارجية الروسية: تحضيرات القمة بين بوتين وترامب مستمرة    وزير الخارجية الإسرائيلي: لا يوجد لإسرائيل صديق أعظم من الولايات المتحدة وممتنّون لإدارة ترامب على دعمها الثابت لإسرائيل    اعتماد تنظيم الكونغرس الأول للإعلام الرياضي في ديسمبر 2026    انطلاق المؤتمر السنوي الثالث لمركز الكبد والجهاز الهضمي بدماص بالمنصورة.. غدًا    مرض الجدري المائي.. الأعراض وطرق الوقاية    الجبلاية توافق على رحيل أسامه نبيه وتبحث عن مدير فني للمنتخب الأولمبي    قائمة ريال مدريد - غياب 5 مدافعين ضد يوفنتوس.. وميندي يعود لأول مرة منذ 6 أشهر    لدعم الطالبات نفسيا، الهلال الأحمر يطلق حملة Red Week بجامعة الوادي الجديد    أفضل 5 وجبات خفيفة صحية لا ترفع السكر في الدم    فئات ممنوعة من أداء مناسك الحج    الرقابة المالية تمد وقف تلقي طلبات التأسيس لنشاطي التمويل الاستهلاكي ومتناهي الصغر بالطرق التقليدية لمدة عام    النجم التركي كان أورجانجي أوغلو: أتطلع لزيارة الجمهور في منازلهم بمصر    محمد عبده يقبل يد المايسترو هاني فرحات : "ونكيد العوازل بقي "    بيحبوا يكسروا الروتين.. 4 أبراج لا تخشى المخاطرة وتحب انتهاز الفرص    «مصر» ضمن المرشحين لجائزة أفضل منتخب إفريقي في 2025    القنوات الناقلة لمباراة بايرن ميونخ وكلوب بروج في دوري أبطال أوروبا    البترول: مصر تُصدر 150 ألف متر مكعب من الغاز المسال إلى تركيا لصالح توتال إنيرجيز    الأقصر تتحرك لدعم موسم سياحي استثنائي.. لقاء موسع بمشاركة خبراء ومختصين    نائب وزير الصحة يتفقد جاهزية الخدمات الطبية والطوارئ بميناء رفح البري    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاربعاء 22-10-2025 في محافظة الأقصر    مفتي الجمهورية: الله تولى بنفسه منصب الإفتاء وجعله من وظائف النبوة    حكم القيام بإثبات الحضور للزميل الغائب عن العمل.. الإفتاء تجيب    حين يتأخر الجواب: لماذا لا يُستجاب الدعاء أحيانًا؟    سماء الفرج    موعد شهر رمضان المبارك 1447 هجريًا والأيام المتبقية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حكاية سيد حجاب.. «قبانى الشعر وسندباد الحواديت»
نشر في روزاليوسف اليومية يوم 25 - 09 - 2016

وحده جعل من الأراجوز حكيماً يلقى بكلمات لها أثر السحر «فارس يضرب بالألف لسان ولسان.. وإذا بان للشر نيبان وزبان.. يحمى الغلبانة والغلبان.. وشجاعته ماهياش فى الطاخ والطيخ.. دى شجاعة تفكير وتماخيخ.. الأرض يضربها. تجيب بطيخ.. بذكاوته ويخللى الخلا بستان.. ويضحك كل صبى وعجوز على اللى بيتنطط فرقع لوز».. فى مثل هذه الأيام شهدت مصر ميلاد شاعرها المناضل سيد حجاب والذى نحتفى بعيد ميلاده ال 76 من الإبداع حكت كلماته الموزونة للتاريخ عن مصر أصدق القصص.
- من الفصحى
بداية شاعر العامية كانت قصائد منظومة بالفصحى عندما اشتعلت نيران الثورة فى قلب صبى لم يتجاوز عمره 11 عاماً لم يسعفه فى التعبير عن غضبه سوى تلك الكلمات التى خطها فى «كراسة» الشعر أثر استشهاد صبى من الفدائيين فى مثل عمره أثناء فترة الكفاح المسلح ضد الإنجليز فى قاعدة قناة كتب «كنا غزاة وأبطالاً صناديدا صرنا لرجع الصدى للغرب ترديداً.. لكننا سوف نعلو رغم أنفيهم.. وسيكون يوم نسورنا فى الجو مشهوداً»، كان الشيخ حجاب مدرسة سيد الأولى قرأ ما كتبه ابنه فأيقن أن ثمرة ما زرعه فى أطفاله الصغار نبتت وتحولت لعبة المطارحة الشعرية معه إلى نص شعرى ينذر بميلاد شاعر من أبناء قرية الصيادين المطلة على بحيرة المنزلة فعلق على أبياته بقوله «أولاً الحمد لله ياشيخ «سيد» ربنا أنعم عليك بسليقة شعرية سليمة ويجب أن تحمده عليها.. ثانياً يجب صقلها بالدراسة»، لم يبخل الأب على ابنه بالوقت أو العلم فقد درَّس له العروض على طريقة ترديد الأزهريين حتى صار الفتى لزملائه وأساتذته بالمدرسة الثانوية بالإسكندرية» قباني» يزن لهم الشعر ويضبطه ويعتمدون عليه فى شعر المناسبات.
يقول «حجاب « كان لأستاذ الهوايات بمدرستى فضل كبير فى حياتى إذ شق لى طريقاً لم أدركه من قبل عندما نصحنى فقال»أنت تكتب عن عواطفك ومشاعرك وهى معدودة باعتيادك عليها تتحول مع الوقت إلى «صنايعي» بينما فى بلدك 30 ألف صياد فى قلب كل منهم 10 قصائد ابحث عنها « فكانت لى كنز «على بابا» دفعتنى بالاقتراب من أقاربى الصيادين والتنزه معهم فى قواربهم فى البحيرة بحثاً عن القصائد العشر الضائعة فى قلب كل منهم فى البداية كتبت قصائد على طريقة كتاب الفصحى وقتها السرد فيها بالفصحى والحوار بالعامية، ثم أخذت كل لغة نصيبها من قصائدى وفصلت الفصحى عن العامية وابتدى المشوار وكانت تلك أولى محطات حياتي.
- العامية «تنفيس» عن الشعب يفى باحتياجاته
وعن حداثة العامية على مستوى الشعر قال حجاب» اللغة كائن حى تبتدعه الجماعة الإنسانية فى مسيرتها الحياتية بما يفى حاجتين الأولى ما يفى احتياجاتهم، والثانية التنفيس عن ما هو معنوى وعاطفى وما أعرفه أن أول نص عامية كان ل»ابن إياس» ولكن أظن أن المصريين غنوا بالعامية قبل ذلك كثيرًا، فمشوار العامية بدأ بنديم ثم رامي، بيرم وبديع خيري، واستكمله صلاح جاهين، إلى أن وصل إلى العبد لله. عندما قدمنى فؤاد قاعود لعمنا صلاح جاهين كشاعر عامية فكان تعليقه على ماسمع من شعر «بقينا كتير يا فؤاد» الفرحة التى نطق بها كلماته شكلت ماتبقى لى من عمر وأرشدتنى الطريق فقد كانت شهادة من الشاعر الذى أحبه أكبر شعراء زمانه.
- ثورى حتى النخاع
الشعر لدى «حجاب» كان ولازال ثورة جمارها تحت رماد الأحلام متقدة فلم يترك باباً للحرية إلا ودقه بكلتا يديه بحثاً عن الخلاص من الاحتلال أنا من الجيل الذى ولد عقب الحرب العالمية الثانية أواخر الأربعينات هو من قام بثورة الستينات.. جيل انتمى لكل التنظيمات السياسية المتاحة بحثاً عن الخلاص، إما أن أخلص نفسى وأطورها أو أن أدرك أن خلاصى بخلاص الآخرين، وأنا فى طفولتى التحقت بصفوف جماعة الإخوان المسلمين ضمن أشبال الدعاة وهم من يرفعوهم على كرسى المبلغ يوم الجمعة أو فى حديث الثلاثاء، وفى نفس الوقت كنت عضواً فى حزب مصر الفتاة «الاشتراكى « وعائلتى فى الأصل تنتمى لحزب الوفد، وانضممت لهم بحثاً عن مزيد المعرفة ورغبة فى الخلاص الوطنى والشخصى، ثم انفصلت عنهم عام 1954 عندما كلفت بتوزيع منشور ضد اتفاقية الجلاء التى عقدها عبد الناصر مع «أنتونى ناتنج» وزير الدولة للشئون الخارجية البريطانى، يومها قرأت المنشور ودهشت كيف يرفضون إتفاقية الجلاء وهى حلم الأجداد فى الخلاص من الاحتلال الإنجليزى لمصر، لم يسعنى إلا أن أتركه لأحد الزملاء يوزعوه وانقطعت علاقتى بهذه الجماعة مع الوقت أدركت «فاشية المشروع» ومعاداته للتاريخ والإنسانية
- عالم سيد حجاب «أطفال أطفال»
لا يملك مفاتيح العالم السحرى للأطفال سوى الأطفال أنفسهم.. لذا لم يكن من السهل على شعراء الأغانى اختراق عالمهم إن لم يكونوا جزءاً منه ومهما تقدم بهم العمر يظل بداخلهم طفل عابث فضولى كثير السؤال يرفض أن يرحل عن عالمه البريء لعالم الكبار.. وهو ما حرص عليه «حجاب» طوال سنوات عمره ال 76 فهو صاحب أشهر ألبومين لأغانى الأطفال «أطفال أطفال»وسوسة سوسة» من منا لم ينصت لنصائح صفاء السعود بضرورة غسل الوجه.. والأسنان وتمشيط الشعر ونحن نبحث فى أشياءها السرية.. ونسعى لإمتلاك فرشاة للشعر والأسنان فى حجم فرشاتها الأسطورية.. وحتى الآن نحسد الشاطر عمرو على جده وحكاياته التى كسرت روتين الإجبارى للأطفال فى تناول الطعام.
أجيال ارتبط خيالها بوصف «سيد حجاب» الدقيق لهذا العالم والذى قال عنه «لفترة طويلة كان مصدر رزقى الوحيد هو الكتابة لمجلات «سمير» و«ميكي» منذ عام 1964 وحتى عام 1966، وكل همى وشغلى الشاغل قراءة الدراسات النفسية والتربوية المتعلقة بالأطفال ولاحظت وقتها اعتمادنا على دراسات أجنبية لمعرفة أطفالنا لذلك حرصت على استطلاع آراء الأطفال أنفسهم فى إطار عائلتى للتعرف على اهتماماتهم بشكل حسى وعن قرب لمعرفة طريقة تفكيرهم.. وما يجب أن يقال وكيف يقال ؟ لكل فئة عمرية وكتبت للأطفال فى ضوء هذه المعرفة والمحبة ولاقت قبول أغانى عفاف راضى وصفاء أبو السعود وعبد المنعم مدبولي، وأظن أنه خلال حياتى جذبنى مجالين الدراما لأنها تجسيد للحياة بشكل أو بآخر وأنا مهموم بالحياة ومجال الأطفال لأنهم المستقبل وأنا مهموم بالمستقبل.
رغم زخم الأحداث وضغوط الحياة وعجلة الزمن والتكنولوجيا التى سحقت أحلام البعض إلا أننا مقارنة بالأجيال اللاحقة « جيل محظوظ».. وجد من يهتم بتفاصيله وتربيته ولغته ويضعه على أول الطريق لنملك اليوم نظرة ورؤية نقدية لمجتمعنا أو ما يسميه البعض «رياح التغيير».. جيل كتبت الكلمة خصيصاً له.. وانٌتقيت له الألحان بعناية لتناسب عمره وثقافته وبيئته وأحلامه.. وتهافت نجوم عصره على تجسيد وغناء قصصه وأغانيه.. جيل يدعو بالشفاء ومزيد من العطاء لسندباد الكلمة «سيد حجاب».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.