وزير التعليم يكشف تعديلات المناهج في العام الدراسي الجديد    السيسي: ضرورة إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط    "طاقة الشيوخ" يناقش آليات الحكومة لمواجهة التصحر ونقص المياه    الاتصالات تشارك في تنفيذ المشروع الوطني للتطوير المؤسسي الرقمي للجمعيات    تخريج 100 شركة ناشئة من برنامج «أورانج كورنرز» في دلتا مصر    «مش هاسيب لأولادي كل ثروتي».. تصريحات مثيرة ل سميح ساويرس حول التوريث    افتتاح معرض إعادة التدوير لمؤسسة لمسات للفن التشكيلي بحضور وزيرة البيئة    انطلاق جولة جديدة من المحادثات الروسية الأوكرانية في تركيا    إيران: نحتاج لأن نرى تغييرات في موقف أمريكا بشأن العقوبات    وزير الخارجية: مصر أكثر طرف إقليمي ودولي تضرر من التصعيد العسكري في البحر الأحمر    عاجل| "أزمة غزة" تصعيد متزايد وموقف بريطاني صارم.. ستارمر يحذر من كارثة إنسانية ولندن تعلّق اتفاقية التجارة مع إسرائيل    ريوس يبرر خسارة وايتكابس الثقيلة أمام كروز أزول    5 من 8.. صلاح أفضل لاعب في ليفربول 2024/25    التفاصيل المالية لصفقة انتقال جارسيا إلى برشلونة    بوستيكوجلو يطالب توتنهام بعدم الاكتفاء بلقب الدوري الأوروبي    للمشاركة في المونديال.. الوداد المغربي يطلب التعاقد مع لاعب الزمالك رسميا    الأزهر: امتحانات الشهادة الثانوية تسير في أجواء منضبطة ومريحة للطلاب    فتح باب الاشتراك في الدورة الثانية لمهرجان VS-FILM للأفلام القصيرة جدًا    دنيا سامي تدافع عن مصطفى غريب: "كلامي عن هزارنا جاب له الشتيمة"    «واكلين الجو».. 3 أبراج هي الأكثر هيمنة وقوة    دعاء يوم عرفة 2025 مستجاب كما ورد عن النبي.. اغتنم وقت الغفران والعتق من النار    وزير الصحة يشهد احتفال إعلان مصر أول دولة في شرق المتوسط تحقق هدف السيطرة على التهاب الكبد B    زيلينسكي يعرب عن تطلعه إلى "تعاون مثمر" مع الرئيس البولندي المنتخب    حزب السادات: فكر الإخوان ظلامي.. و30 يونيو ملحمة شعب وجيش أنقذت مصر    مصمم بوستر "في عز الضهر" يكشف كواليس تصميمه    لو معاك 200 ألف جنيه.. طريقة حساب العائد من شهادة ادخار البنك الأهلي 2025    برواتب تصل ل350 دينارا أردنيا.. فرص عمل جديدة بالأردن للشباب    وزير الصحة يتسلم شهادة الصحة العالمية بالسيطرة على فيروس B    «تعليم الجيزة» : حرمان 4 طلاب من استكمال امتحانات الشهادة الاعدادية    الشيوخ يبدأ جلسته لمناقشة بعض الملفات المتعلقة بقطاع البيئة    خبر في الجول - محمد مصيلحي يتقدم باستقالته من رئاسة الاتحاد قبل نهاية دورة المجلس    بى بى سى توقف بث مقابلة مع محمد صلاح خوفا من دعم غزة    التضامن الاجتماعي تطلق معسكرات «أنا وبابا» للشيوخ والكهنة    مدير المساحة: افتتاح مشروع حدائق تلال الفسطاط قريبا    وزير الثقافة: افتتاح قصر ثقافة الطفل بسوهاج يوليو المقبل    "الأونروا": لا أحد أمنا أو بمنأى عن الخطر في قطاع غزة    بعد 15 سنة محاولة.. حاج مصري يصل إلى مكة المكرمة مع زوجته لأداء مناسك الحج    مصرع عنصر إجرامي شديد الخطورة وضبط 333 كيلو مخدرات| صور    مراجعة الصيانة.. جهاز المنيا الجديدة يصدر بيانا بشأن منظومة مياه الشرب والصرف    تحكي تاريخ المحافظة.. «القليوبية والجامعة» تبحثان إنشاء أول حديقة متحفية وجدارية على نهر النيل ببنها    توريد 169 ألفا و864 طنا من محصول القمح لصوامع وشون سوهاج    آن ناصف تكتب: "ريستارت" تجربة كوميدية لتصحيح وعي هوس التريند    أزمة المعادن النادرة تفجّر الهدنة التجارية بين واشنطن وبكين    مصادر طبية فلسطينية: 35 قتيلا بنيران إسرائيلية قرب مراكز المساعدات خلال الساعات ال 24 الأخيرة    ميراث الدم.. تفاصيل صراع أحفاد نوال الدجوى في المحاكم بعد وفاة حفيدها أحمد بطلق ناري    رئيس الوزراء يُتابع جهود اللجنة الطبية العليا والاستغاثات خلال شهر مايو الماضي    عيد الأضحى 2025.. ما موقف المضحي إذا لم يعقد النية للتضحية منذ أول ذي الحجة؟    تعليم دمياط يطلق رابط التقديم للمدارس الرسمية والرسمية لغات    هيئة الشراء الموحد: إطلاق منظومة ذكية لتتبع الدواء من الإنتاج للاستهلاك    وزير الصحة: 74% من الوفيات عالميًا بسبب الإصابة بالأمراض غير المعدية    22 سيارة إسعاف لنقل مصابي حادث طريق الإسماعيلية الدواويس    «من حقك تعرف».. ما إجراءات رد الزوجة خلال فترة عِدة الخُلع؟    تكريم الفائزين بمسابقة «أسرة قرآنية» بأسيوط    لطيفة توجه رسالة مؤثرة لعلي معلول بعد رحيله عن الأهلي    زلزال بقوة 6.3 درجة يضرب قبالة سواحل هوكايدو شمالي اليابان    الرئيس السيسي يهنئ مسلمي مصر بالخارج بحلول عيد الأضحى المبارك    أمين الفتوى: صلاة الجمعة لا تتعارض مع العيد ونستطيع أن نجمع بينهما    رئيس حزب الوفد في دعوى قضائية يطالب الحكومة برد 658 مليون جنيه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من «بيت الله» إلى «البيت الأبيض» بالمعلومات: تفاصيل «حرب الشائعات الإخوانية» على قيادات الجيش!

مع دخول العام 1952م، وتحرك «الجيش»؛ للإطاحة ب«حكم فاروق» فى يوليو من العام نفسه، مثّلت العلاقة بين «جماعة الإخوان»، والنظام الجديد فى مصر؛ لُغزًا أمام العديد من المراقبين «الغربيين».
فوفقًا لأحد تقارير «السفارة الأمريكية بالقاهرة» وقتئذ
(1)
أعلنت «جماعة الإخوان» تأييدها لقرار الجيش - شأنها فى ذلك شأن جميع الأحزاب، والمنظمات السياسية.. وأيدت رسميًّا كل الإجراءات التى اتخذتها الحكومة الجديدة.. وكان من بين أعضاء «القيادة العليا» لحركة الجيش، متحمسون للإخوان «يقصد التقرير، هنا: «عبد المنعم عبدالرءوف»، وكان من رفقاء «السادات»، و«زكريا محيى الدين» بالمدرسة الحربية».. كما استقال الشيخ الباقورى «أحمد حسن الباقورى» من «مكتب الإرشاد»، ليصبح وزيرًا للأوقاف فى «حكومة اللواء - محمد نجيب»، المُشكّلة فى 7 سبتمبر من العام 1952م.
(2)
وعندما حلت جميع الأحزاب السياسية فى 17 يناير من العام 1953م؛ ظلت «جماعة الإخوان» قائمة إلى جانب «هيئة التحرير»، التى أقامتها الحكومة.. ومن ناحية أخرى، أكد «اللواء نجيب» السياسة غير الطائفية للحكومة ودعا إلى التسامح بين أتباع جميع الأديان.
وأضاف التقرير: من الطريف أن نلاحظ التشابه بين برنامج «الإخوان» المُعلن فى بداية أغسطس من العام 1952م (أي: بعد حركة الجيش ببضعة أيام).. لكن.. ليس هناك دليل – بالطبع – على أن «الإخوان» يوجهون حركة الجيش.. إلا أنّ تشابه البرنامجين يلفت النظر، ويوحى بأن معظم أهداف الإخوان – على الأقل – تلقى تأييد الحكومة الحالية.. ومهما كانت حقيقة شعور «اللواء محمد نجيب» تجاه «الإخوان»؛ فمن المؤكد أنه مضطر أن يُبدى تعاطفًا نحوهم، ضمانًا لاستمرار تأييدهم للنظام الجديد.. فهو «أى: نجيب» يحتفظ بورقة رابحة فى مواجهة «الهضيبي»، طالما بقى الشيخ «حسن الباقوري» فى صفّه.. لأن «الأخير» – المعروف بليبراليته - له أتباعٌ كثيرون بين الإخوان.. فإذا أمسك «الهضيبي» عن التعاون مع النظام، أو انقلب ضده، فباستطاعة نجيب أن يقوم بمناورة لإبعاده عن قيادة الجماعة لصالح الباقورى.
(3)
يبدو من تتبع «الوقائع»، والأحداث، التى ذكرها تقرير «السفارة الأمريكية» السابق؛ أن «علاقة الوئام» – النسبية – بين حركة الجيش (فى بدايتها)، وجماعة الإخوان، لم تكن كما تبدو على السطح، إذ كان ثمة اتجاه «غالب» بين أعضاء مجلس قيادة الثورة على «التحجيم الهادئ» لنمو الجماعة، التى تسعى، بدأبٍ شديد؛ للاستحواذ على السلطة فى مصر(!)، إذ يذكر التقرير:
«من الطريف، أيضًا، أن نتذكر بهذا الصدد أن «البكباشى - عبد المنعم أمين» – أحد أعضاء اللجنة العسكرية العليا – أخبر مستشار السفارة «الأمريكية» - فى نوفمبر الماضى - أنّ «اللجنة العسكرية»، تتعمد تشجيع الخلافات بين «فصائل الإخوان»؛ للحيلولة دون أن تصبح الجماعة على درجة كبيرة من القوة».
(4)
كما يبدو – فى ظل تتبع الوقائع التالية - أن محاولة «التحجيم الهادئ» تلك؛ حققت مُستهدفاتها – إلى حدٍّ بعيد – إذ وجدت الجماعة نفسها – تدريجيًّا – خارج نطاق السُلطة.. ومن ثمَّ.. كان فى نفس «الإخوان» شىءٌ.
وعلى هذا.. توجه «الهُضيبي» بالزيارة خلال العام 1954م، نحو الشام، وبصحبته عدد من قيادات الجماعة، منهم: سعيد رمضان، ومنير الدلة.. إذ بدأت الجماعة فى مهاجمة «مجلس قيادة الثورة»، من هناك، بشكلٍ حاد.. والانتقاص من المواقف الوطنية للجيش «السيناريو الذى يتم تكراره – الآن – حرفيًّا!».. كما أبدت رفضها ل«معاهدة الجلاء» بحجة أنها تنتقص من السيادة المصرية، واتهام مجلس القيادة بالخضوع للقوى الاستعمارية «أثبتت الوقائع التالية، فيما بعد، كذب هذا الاتهام»، إذ كان الهدف، هو صُنع «تعبئة دولية» ضد النظام الناصرى.
يقول «روبرت دريفوس»: فور توتر العلاقة بين الجماعة وعبد الناصر فى بدايات العام 1954م.. كان أن حَرَمت السلطات المصرية «خمسًا» من قيادات الجماعة من الجنسية المصرية منهم سعيد رمضان نفسه على خلفية دعوتهم لمؤتمر بدمشق «سوريا»، ضم عناصر من العراق، والأردن، والسودان؛ لعمل تعبئة دولية ضد ناصر
(5).. وهى معلومات ساقتها أجهزة المعلومات المصرية، للقيادة وقتئذ.. إذ تمت تلك المؤتمرات بتوجيهات استخباراتية لعدد من الدول الغربية.
لكن.. كان لتلك الاتهامات كافة، تأثيرها «المباشر» على حدة «مرحلة الصدام الأولى» بين الجماعة والسلطة.. إذ مثّلت محاولة «اغتيال عبدالناصر» فى ميدان المنشية بالإسكندرية، قمة تلك المواجهة.. فدخلت الجماعة بعد ذلك فى «مرحلة الشتات الأولى»، التى تصفها الأدبيات الإخوانية بمرحلة (المحنة).
(6)
مثّلت «محنة العام 1954م» – وفقًا للتوصيف الإخوانى - ومحاولة اغتيال عبدالناصر بميدان المنشية؛ نقطة «اللاعودة» بين الجماعة، والنظام السياسى الجديد فى مصر.. ومن ثمَّ.. بدأت الجماعة - التى عادت إلى جحورها (فى أعقاب اعتبارها جماعة محظورة) - فى تغذية أفراد صفها بأن خلافها السياسى على السُلطة مع «النظام الناصري»، هو خلاف بين الإسلام، وأعدائه(!)
.. وهو ما تطور – فيما بعد – إلى جنوحها نحو «النهج الدموي» مرة أخرى، فى إدارة خلافاتها السياسية.. إذ شهدت الفترة التالية ل«محنة 54»، وحتى منتصف الستينيات محاولات «حقيقية»؛ لإعادة إنتاج «تنظيم الجماعة المُسلح».. وهو ما تمخض – كذلك – عن قضية «تنظيم 1965م»، التى كان «سيد قطب» المُتهم الرئيسى بها، إذ مثلت تلك القضية بداية «مرحلة الشتات الثانية» بالنسبة للجماعة.
لكن.. كان لموجتى «الشتات» السابقتين؛ تأثيرهما النافذ على تطور «الهيكل التنظيمي» للجماعة.. فتاريخيًّا.. وفى أثناء مرحلتى «الشتات الإخوانى»، الّتِى أعقبت موجتى المواجهة بين «النظام الناصرى» فى مصر وعناصر الجماعة، فى الخمسينيات والستينيات، كان أن شكل «الخليج العربى» مقصدًا لأغلب قيادات الجماعة الهاربة، إذ تهيأت أمامهم فرص التدريس داخل العديد من الجامعات الإسلامية والمدارس المختلفة.
(7)
وكان فى مقدمة الهاربين إلى الخليج، كلٌ من: د.أحمد فريد مصطفى، وعبد العظيم لقمة، والشيخ حسن أيوب، و«سيد نزيلى» عضو مجلس شورى الجماعة - كان مسئولاً عن مكتب إدارى التنظيم بمحافظة الجيزة - والشيخ مناع القطان، إذ كان، حينئذ «أى: الشيخ القطان» مسئولاً عن دائرة «إخوان الخليج» بالتنظيم، والشيخ عبد الستار فتح الله سعيد، و«د.على جريشة»، قبل أن ينتقل إلى ألمانيا؛ ليدير – هناك - المركز الإسلامى فى ميونخ وفقًا لتقارير أمن الدولة آنئذ ويعود أدراجه للخليج مرة أخرى، تاركًا موقعه لمرشد الجماعة السابق محمد مهدى عاكف.
كما كان ممن قصدوا الخليج - كذلك - «د.توفيق الشاوى»، صاحب مدارس المنارات، والشيخ صبرى عرفة الكومي، الّذِى أدار مدارس المنارات ب«الدمام»، و«محمد قطب»، شقيق «سيد قطب»، الّذِى يقال إن الأوساط الأكاديمية بالخليج هى الّتِى دعته للسفر بعد إعدام شقيقه.. وتدريجيًّا.. شكلت هذه القيادات، وغيرها، «نقطة ارتكاز» جديدة؛ لجذب العديد من أفراد صف الجماعة نحو الخليج العربي.. ومن ثمّ، بدأت الجماعة فى التفكير ب«توطين الدعوة» وفقًا لأدبيات التنظيم بدول الخليج.
(8)
لكن.. ما جرى تحت الجسر خلال الفترة ما بين «المحنتين» «أى: محنة الخمسينيات، ومحنة الستينيات» الكثير، إذ كان للاتصالات الإقليمية الّتِى شهدتها منطقة الشرق الأوسط آنذاك - سواء من قبل النظم الغربية «أمريكا وبريطانيا» أو من قبل النشطاء الإسلاميين - أثرٌ بارز فى توسعة الدور الّذِى أدّاه سعيد رمضان (صهر البنا)، إذ لم تقتصر جهوده على وضع «البذرة الأولى» لما يُسمى ب«التنظيم الدولى للجماعة» فقط.. لكنها امتدت؛ لتطال العديد من الأنظمة العربية القائمة(!)
** * **
فإلى جانب عملية الانتشار الإخوانى داخل دول الخليج العربى، شكلت – أيضًا - «أوروبا»، و«الولايات المتحدة الأمريكية» نقطتين «حصينتين» جديدتين؛ لاحتضان عناصر الجماعة؛ بهدف توظيف عناصرها - من قبل «النُظم الغربية» - فى تحجيم «المد القومى» للنظام الناصرى بالمنطقة العربية.. إذ كان من آثار «عملية الاحتضان» تلك، نمو النبتة الرئيسية التى باتت تُعرف فيما بعد باسم «اتحاد المنظمات الإسلامية فى أوروبا»، وتمثل الغطاء الرئيسى الذى يتحرك من خلفه «التنظيم فى أوروبا» إلى اللحظة.. وهو اتحاد تأسس بولاية ليستر الإنجليزية «مقره الحالى «بروكسل»، ويديره – الآن - «عبدالله بن منصور» (تونسى الأصل) – أحد مؤسسى «اتحاد المنظمات الإسلامية بفرنسا» أيضًا - خلفًا ل«شكيب بن مخلوف» «مغربى الأصل».
فتاريخيًّا.. رحل «سعيد رمضان» إلى جنيف خلال العام 1958م، ودرس الحقوق هناك.. ثم أسس «الجمعية الإسلامية فى ألمانيا» - عُرفت فيما بعد باسم «التجمع الإسلامى فى ألمانيا» - الّتِى ترأسها لمدة عشر سنوات، خلال الفترة ما بين 1958م، و1968م.. وفى العام 1960م، أسس مع «غالب همت» - وهو سورى يحمل الجنسية الإيطالية - المركز الإسلامى فى «ميونخ».. كما أسهم، إذ ذاك، فى تأسيس «رابطة العالم الإسلامى».
(9)
وخلال تلك الفترة، أيضًا، كان أن غادر الآلاف من الطلاب المسلمين الشرق الأوسط للدراسة فى الجامعات الألمانية.. ولم يكن ذلك بتأثير السمعة التقنية للمعاهد الألمانية فحسب.. بل لرغبتهم فى الفرار من الأنظمة المتخاصمة مع الجماعة.. إذ قدمت لهم ألمانيا الغربية ملجًأ خاصًا، بعد قطعها للعلاقات الدبلوماسية مع البلدان الّتِى اعترفت بألمانيا الشرقية.
وعندما أقامت كل من: مصر وسوريا، علاقات دبلوماسية مع الحكومة الشيوعية، قررت «بون» استضافة اللاجئين السياسيين المصريين والسوريين.. وغالبًا ما كان هؤلاء، المنشقين الإسلاميين.. إذ كان بينهم «سعيد رمضان» صهر مؤسس الجماعة «حسن البنا».. لكن، لم يكن هذا الاحتضان «المبكر» من قبل السلطات الألمانية لعناصر جماعة الإخوان، والإسلاميين العرب - بحسب الباحث الألمانى « جيدو شتاينبرج»
(10)
لممارسة «الضغط السياسى» على بلدان النازحين الجدد، إذ كانت المخابرات الألمانية وقتئذ تهتم بإقامة علاقات فردية معهم، لاستخدامهم ك«مخبرين» على الأوضاع فى بلدانهم الأصلية(!)
.. وبعد اتفاقيات استقدام العمال الأجانب الّتِى أبرمت فى العام 1961م، مع تركيا.. وفى العام 1963م، مع المغرب.. وفى العام 1965م، مع تونس؛ كان أن شهدت «ألمانيا»، أول تواصل مكثف بالجالية الإسلامية.. إذ توافد - جراء ذلك - آلاف العمال المسلمين إلى ألمانيا، ممن أصبحوا هدفًا رئيسيًّا لتنظيم الإخوان.. وجمعياته المختلفة، وباتوا يشكلون شريحة دائمة للاستيطان، كبيرة النسبة، متنامية العدد، إذ قرر معظمهم الاستيطان الدائم والتجنس.
وبالتالى.. كان أن تمتع «جيلهم الرابع» الّذِى يعيش حاليا فى ألمانيا بالحماية القانونية الألمانية، بعد استقدام أجدادهم العمال من كل من: تركيا والمغرب وتونس.. كما أن ثلثى الشباب المسلم، تقريبًا من دون سن العشرين ولد فى ألمانيا ونشأ بها.
وشكل هذا التكوين العقائد، مدخلاً مثاليًّا للمجلس الأعلى للمسلمين وثيق الصلة بتنظيم الإخوان لتوفير مساجد تقع فى أحياء صناعية فى معظم الأحوال للتواصل مع الجالية الإسلامية فى ألمانيا، وتشكيل وعيها السياسي، وفقًا لتوجهات قوى الإسلام السياسى.
وفيما أبدى الفرع الباريسى ل«اتحاد المنظمات الإسلامية» نشاطًا ملحوظًا فى إحكام قبضته على أغلب روافد العمل الإسلامى فى فرنسا.. فإن بدايته، من حيث الأصل، نشأت من تجمعات إسلامية، ذات تنظيم «شبه سرى»، إذ تُبَيّن «أليسون بارجتر»، فى كتابها: (The Muslim Brotherhood: from opposition to power)، أن جذور الاتحاد امتدت لتتضمن، اتحاد الطلبة المسلمين بفرنسا AEIF، الّذِى أنشأه فى العام 1963م «حميد حميد الله»، ذو الأصول الهندية (كانت تربطه علاقة صداقة قوية بكل من: «سعيد رمضان»، والقيادى الإخوانى السورى «عصام العطار».. وعلى الرغم من أنه كان اتحادًا صغيرًا؛ فإنه استطاع إقامة العديد من الفروع داخل المدن الجامعية الرئيسية فى فرنسا.
** * **
أما داخل أمريكا، نفسها؛ فكان للجماعة نصيب الأسد من السيطرة على أغلب الجمعيات والمنظمات الّتِى ترفع لافتة «الإسلامية».. فبحلول العام 1960م، كان أن أنشأ «الإخوان» عددًا من الأسر، بجميع أنحاء الولايات المتحدة.. وكانت البداية بولايات: «إنديانا»، و«ميتشجان»، و«إيلينوي».
وفى العام 1962م، شكل سعيد رمضان، «رابطة العالم الإسلامى» بالمملكة العربية السعودية كأول منظمة دولية للإخوان.
.. وبعد ذلك بوقت قصير؛ أنشأ الإخوان فى الولايات المتحدة جمعية الطلاب المسلمين (MSA)، أو «اتحاد الطلبة المسلمين فى الولايات المتحدة وكندا».. وهو اتحاد تم تأسيسه فى يناير من العام 1963م، على أيدى مجموعة من الطلبة العرب إثر اجتماعهم فى «جامعة إيلينوي»، إذ كان بينهم عدد غير قليل ممن تصدروا ساحة العمل الإسلامى بالولايات المتحدة لوقت قريب، مثل: «د. أحمد القاضى»، و«د. أحمد فريد مصطفى»، و»د. هشام الطالب»، و»جمال البرزنجى»، و«د. أحمد توتونجي»، و«د. أحمد صقر».
.. وفى حين اختار مؤسسو الاتحاد مدينة «جارى» القريبة من شيكاغو؛ مركزًا رئيسيًا لأنشطته؛ حيث أصدروا، حينذاك، مجلة شهرية باسم «الاتحاد».. كان الاتحاد بمثابة «حجر الزاوية» لإنشاء عدد آخر من المؤسسات، مثل: مركز التعليم الإسلامى ITC، والوقف الإسلامى لأمريكا الشمالية NAIT - يُعد الوقف مركزًا ماليًّا لأنشطة الإخوان فى الولايات المتحدة - والاتحاد الإسلامى لأمريكا الشمالية ISNA.
ونكمل لاحقًا.
هوامش
(1)-
كُتب التقرير فى فبراير من العام 1953م:
USNA, Confidential Biographic Data, DOS 774.521/2-553, Cairo, February 5, 1953
(2)
رءوف عباس (دكتور)، «شخصيات مصرية فى عيون أمريكية» – دار الهلال- القاهرة، 2002م.
(3)
رءوف عباس (مصدر سابق).
(4)
رءوف عباس (مصدر سابق).
(5)
Ropert Dreyfuss “ DEVIL'S GAME “ how the united states helped unleash fundamentalist Islam
(6)
يذهب عدد من الباحثين إلى أن توصيف «المحنة» بدأ يعرف طريقه بين أدبيات الجماعة فى أعقاب قرار حلها بالعام 1948م.. وأن تلك الفترة، كانت «المحنة الأولى» للجماعة.. أما مرحلة «الشتات الأولى»؛ فقد جاءت فى أعقاب «المحنة الثانية» (محنة العام 1954م).
(7)
هانى عبدالله، «كعبة الجواسيس: الوثائق السرية لتنظيم الإخوان الدولي» – مركز الأهرام للنشر (مؤسسة الأهرام) – القاهرة، 2015م.
(8)
هانى عبدالله (مصدر سابق – بتصرف).
(9)
المصدر نفسه.
(10)
(Germany and the Muslim Brotherhood), By: Guido Steinberg
فصل من كتاب:
“The West and the Muslim Brotherhood after the Arab Spring”, Lorenzo Vidino, Editor February 2013


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.