كان وما زال هذا الرجل يقوم بنفس الدور الذي ارتضاه لنفسه، موظفاً كبيراً، يؤدي دوره بأمانة شديدة، هذا ما ثبت حتي اليوم، من جملة أعماله وما قام بأدائه من إلقاء البيانات أمام مجلس الشعب في كل دورة مرة واحدة! ينتظرها المصريون لمشاهدة مصارعة بين الرجل ووزير المالية، المتهم الأول أمام الجهاز المركزي للمحاسبات، وتنتهي جلسة إلقاء بيان "د. الملط" بتشكيل لجنة للرد من الحكومة، ويأتي عادة بيان ونقد "د. الملط" عن العام المالي السابق للدورة أو الفصل البرلماني المنعقد الذي يستمع إلي البيان، أي أن سيادة رئيس الجهاز الرقابي المهم في مصر يدلي ببيانات في منتهي الخطورة عن عام مضي (حامضة) بالمعني الشعبي! وسبق لي الكتابة في نفس العمود تحت نفس العنوان "عفواً د. الملط" لا يصح أبداً أن يكون بيانكم عن فساد أو إخلال أو استحلال مال عام أو ضبطكم لضرر شديد يقع علي شعب مصر، وتتركوه لموعد بيانكم التليفزيوني في العام القادم! لا يصح هذا أبداً علي جهاز رقابي حتي لو رتب القانون ذلك له في أدائه لعمله! فالواجب أنه حينما يرصد فساداً ضاراً بصحة شعب مصر، وجب الجميع الوقوف بل الوصول إلي حد تقديم الاستقالة علنا مسببة قبل وقوع المصيبة! هذا ما كتبت عنه في هذا العمود تعليقاً علي بيان الدكتور "جودت الملط" أمام مجلس الشعب في بداية دورته عام 2009! وكان الشجار والتراشق من المشاهد الدورية السنوية بين "د.يوسف غالي، د.جودت الملط" ولعل ما يفضح هذه التمثيلية أن الصور المأخوذة في كواليس المجلس، كلها "ود وحنية"، وضحكات وملامسات علي الأكتاف متبادلة والابتسامات واضحة علي الشفاه، بل ومن القلب بين الرجلين، علي صفحات الجرائد عقب أداء البيان (التمثيلية) أو قبله فهذا لا يفرق كثيراً! حيث المراقب الغضبان جداً علي صحة شعب مصر، وأموال شعب ويعلم ببواطن الأمور والنهب المنظم لأصول هذه الأمة، يضحك ويتباسط مع الناهب المستتر والسارق وغيرهم كثيرون، ممن يشملهم اليوم تقارير مقدمة إلي النائب العام من سعادة المستشار "جودت الملط"! والغريب في الأمر أن سيادته يؤكد أن ما يقدمه اليوم، ويدين وزراء ورؤساء حكومات بل رئيس الجمهورية بذاته، سبق تقديمه لعدة جهات منها: مجلس الشعب ومجلس الوزراء ومؤسسة رئاسة الجمهورية!. وأتذكر في بحثي عن تلك التقارير حينها للاطلاع عليها، في مجلس الشعب أنني لم أستطع الوصول إليها، حيث أبلغني زملاء في المجلس من المعارضة مثل الأستاذ (علاء عبد المنعم) بصعوبة الحصول علي تلك التقارير، وحينما سألت زميلي وصديقي عضو مجلس الشعب عن الحزب الوطني (هشام مصطفي خليل) فأفادني بنفس الإفادة، أي أن تلك التقارير كانت شبه سرية، وتتلخص في الكلمة أو البيان العنتري الذي يلقيه المستشار "الملط" أمام البرلمان، في زفة إعلامية يختصرها التليفزيون المصري عقب نشرة أخبار الخامسة إلي خمس دقائق أو ربما دقيقة واحدة وهذا ما دفعني في حينها لكتابة مقال بعنوان "د.الملط"! واليوم بنفس الأسلوب يعلن "الملط" عن أن شعب مصر قد هضم لحوماً ملوثة بكميات وصلت إلي تسعمائة الف قطعة "حيوان" غير متصور كيف عَلمِ وكيف نام هذا الرجل!