غرفة صناعة الحبوب: ثبات سعر الخبز لاستمرار دعم المواطن على بطاقة التموين    سعر الدولار اليوم الأحد 19-10-2025 أمام الجنيه فى البنوك المصرية    سعر الريال القطرى اليوم الأحد 19 أكتوبر 2025 بمنتصف التعاملات    الجمهوريون: المظاهرات ضد ترامب محاولة لتشتيت الانتباه عن معركة الإغلاق الحكومى    محافظ أسوان يشهد الجلسة الافتتاحية لمنتدى السلام والتنمية.. صور    دودو الجباس رحلة نجاح مع بيراميدز منذ 2019 وتاريخ من البطولات القارية    تعرف على نصيحة توروب ل تريزيجيه بعد أول مباراة مع الأهلي    إصابة شخصين بحروق في حريق شقة سكنية بالإسماعيلية    أحمد سعد يروج لحفله المقبل بألمانيا بطريقة مختلفة: مش هاقول جمهورى الحبيب    وزير الثقافة يشهد ليلة النجم وائل جسار بمهرجان الموسيقى العربية    مصر تستضيف الاجتماع الإقليمي حول تقنيات التشعيع برعاية وكالة الطاقة الذرية    اللواء طيار عمرو صقر: نسور مصر قادرون على تغيير الموازين    الجيش الإسرائيلي يعلن التعرف على هوية جثة رهينة إضافية    اندلاع حريق في مصفاة نفط روسية بعد هجوم بطائرات مسيرة    «الأمم المتحدة» تطلق عملية واسعة النطاق لإزالة الأنقاض في غزة    لماذا يُعد الاعتداء على المال العام أشد حرمة من الخاص؟.. الأوقاف توضح    أول ملتقى توظيفي لدعم شباب الأطباء وتأهيلهم لسوق العمل بطب الإسكندرية    يشم ويمضغ العشب.. زميل رونالدو يكشف عاداته في التدريبات    أحمد حمودة: توروب شخصيته قوية.. وإمام عاشور الأفضل في مصر    مواعيد مباريات اليوم الأحد 19-10-2025 والقنوات الناقلة لها    موعد مباراة ريال مدريد وخيتافي في الدوري الإسباني.. والقنوات الناقلة    «الخارجية» و«الطيران» تبحثان توسيع شبكة الخطوط الجوية مع الدول العربية والأفريقية    بتهمة خطف اشخاص السجن المؤبد ل4 متهمين و15 عاما لآخر بقنا    التعليم تعلن مقررات امتحان شهر أكتوبر 2025 لطلاب الصف الثاني الثانوي العام شعبة علمي    جامعة القاهرة تستعرض الأطر الأخلاقية والقانونية لتنظيم الذكاء الاصطناعي    إزالة 393 حالة تعدٍ على الأراضي الزراعية وأملاك الدولة ضمن الموجة 27 بالمنيا    غدا.. الملك الذهبي "توت عنخ آمون" يغيب عن زائريه بالتحرير استعدادا لنقله لمقره الملكي بالمتحف الكبير    عمرو سعد يتألق في الدراما والسينما ب3 مشاريع جديدة    السياحة والآثار: الوزير لم يتخذ أى إجراءات قانونية ضد أى صحفى    سامح الصريطي: الفن يرتقي بالإنسان وليس مجرد تسلية    منطقة كفر الشيخ الأزهرية: اليوم أخر أيام التقديم لمسابقة شيخ الأزهر لحفظ القرآن الكريم    توقيع وثيقة استراتيجية التعاون القُطري بين مصر ومنظمة الصحة العالمية    هيئة «التأمين الصحي الشامل» تناقش مقترح الهيكل التنظيمي الجديد    رئيس الرعاية الصحية: بحث إنشاء إطار إقليمي موحد لدعم أداء المنشآت الصحية    إصابة 12 طالبا بالجدرى المائى بمدرسة فى المنوفية    خدمات توعوية وفحوص طبية.. كل ما تريد معرفته عن مبادرة "صحة الرئة"    أول تعليق من هيثم الحريرى على سبب استبعاده من انتخابات النواب    ارتفاع جماعي لمؤشرات البورصة المصرية بعد مرور 90 دقيقة من بدء التداولات    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 19-10-2025 في محافظة الأقصر    حالة الطقس اليوم الأحد في الكويت .. حار نهارا مستقرا ورياح شمالية غربية خفيفة إلى معتدلة    بعد الزيادة الأخيرة.. الوادي الجديد تعلن تفاصيل سعر أسطوانات البوتاجاز بالمراكز والقرى    حكم الوضوء قبل النوم والطعام ومعاودة الجماع.. دار الإفتاء توضح رأي الشرع بالتفصيل    خروج 6 مصابين بعد تلقى العلاج فى حادث انقلاب سيارة وإصابة 13 بالمنيا    دعاء الفجر| اللهم جبرًا يتعجب له أهل الأرض وأهل السماء    ترامب: دمرنا غواصة ضخمة تهرب مخدرات كانت في طريقها للولايات المتحدة    نتنياهو: الحرب ستنتهي بعد تنفيذ المرحلة الثانية بما يشمل نزع سلاح حماس    لا تتردد في استخدام حدسك.. حظ برج الدلو اليوم 19 أكتوبر    ياسر جلال: المسئول والفنان يتحملان ما لا يتحمله بشر.. وعندي طموح أخدم الناس    تفاصيل محاكمة المتهمين في قضية خلية مدينة نصر    المشدد 15 سنة لمتهمين بحيازة مخدر الحشيش في الإسكندرية    استعدوا لأشد نوات الشتاء 2026.. الإسكندرية على موعد مع نوة الصليب (أبرز 10 معلومات)    أحمد ربيع: نحاول عمل كل شيء لإسعاد جماهير الزمالك    محمود سعد يكشف دعاء السيدة نفيسة لفك الكرب: جاءتني الألطاف تسعى بالفرج    «زي النهارده».. توقيع اتفاقية الجلاء 19 أكتوبر 1954    ستيفن صهيوني يكتب: مساعٍ جدية لبدء عصر جديد في العلاقات بين دمشق وموسكو بعد زيارة الشرع لروسيا.. فهل تنجح هذه المساعي؟    «الشيوخ» يبدأ فصلًا تشريعيًا جديدًا.. وعصام الدين فريد رئيسًا للمجلس بالتزكية    100 فكرة انتخابية لكتابة برنامج حقيقي يخدم الوطن    جدول ترتيب الدوري السعودي بعد خماسية النصر.. موقف الهلال والفتح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المكفرون والظلاميون فى مزابل التاريخ
نشر في روزاليوسف اليومية يوم 08 - 03 - 2015

ما يفعله «التتار الجدد» من الداعشيين فى العراق بذبح الكتب كما يذبحون البشر وقتل التماثيل بغية محو تراث وتاريخ وحضارة الشعوب.. حيث فجروا مكتبة الموصل المركزية وحرقوا محتوياتها التى تضم عشرات الآلاف من الكتب والمخطوطات أمام جموع الناس فى تدمير منهجى يعكس كراهية التيارات الإرهابية للحضارات الإنسانية ومعاداتهم لفكرة الجمال وفلسفتها التى تمثل أصل الفنون والغرض من وجودها.. ما يفعلونه من حرق وتدمير هو امتداد يذكرنا بالعمل الإجرامى البشع.. حينما حرقوا ودمروا المكتبة العظيمة فى بغداد.. والتى كانت من أعظم المكتبات على وجه الأرض فى ذلك الزمن.. حيث تحتوى على عصارة فكر المسلمين فى أكثر من (600) عام.. لقد حملوا الكتب الثمنية وألقوا بها جميعاً فى نهر دجلة.. وتخلصوا من شر القراءة لينعموا بالجهل والدمامة والهمجية..
إن المكفرين والظلاميين يكرهون الفنون والآداب والثقافة.. كما يكرهون المرأة.. وهواء البحر.. وبياض الياسمين وعناوين العصافير.. وقصائد العشق.. وشواطئ الحرية.. فضيقوا علينا الأوطان حتى تصير مدناً من ملح وليس أرضاً من بشر.. أتوا يحملون التوكيلات الإلهية لفرض فتاواهم المسمومة وتحريماتهم المفزعة.. واحتكروا كتابة التاريخ لتصبح سطوره دجلاً وخرافة وشراً.. وغيروا المناهج وعلوم الحضارات ليدونوا أسماءهم فى قوائم المبشرين بدخول الجنة.. تحت ستار زائف وادعاء كاذب وفرية شوهاء تربط دينا سمحا باستباحة القتل والدماء..
منذ أكثر من عشر سنوات وهؤلاء الإرهابيون الذين يشيعون ثقافة التحريم والتجريم والمصادرة قد أثروا تأثيراً خطيراً فى العامة الذين اعتبروا الخزعبلات أوامر ونواهى دينية.. والخرافات مسلمات فقهية لا تقبل المناقشة والمراجعة.. مما دفع سيدة ملتاثة منذ فترة إلى أن تقفز سور فيلا متحف المثال «حسن حشمت» وتحطم أحد التماثيل الموجودة فى حديقة الفيلا باعتبار أنه صنم يعبده الكفار.
وفى ظل تنامى التيارات السلفية والوهابية بعد وصول الإخوان إلى الحكم وتصاعد نشاط التكفيريين الذين وصفوا الحضارة الفرعونية بالعفن واعتبروا الآلات الموسيقية غير جائزة شرعاً.. والموسيقى حرام.. مطالبين بإلغاء النشيد الوطنى وتحية العلم لمخالفتهما الشريعة الإسلامية لكونها بدعة.. والمحاولات المتكررة لإلغاء الحفلات الموسيقية الغنائية.. وبروفات العروض المسرحية وتغطية صدور النساء فى لوحات الفنان «عبد الهادى الجزار»..
فى ظل هذا الهوس واللوثة العقلية فإنى على عكس الكثيرين لم أندهش حينما طالب الشيخ الطالبانى «مرجان الجوهرى» بتحطيم الأهرامات وتمثال «أبو الهول» باعتبارهما أوثاناً تعبد حتى الآن أسوة بما حدث فى تماثيل «بوذا» على يد «طالبان» بدعوى أن الأصنام لا يجب وجودها فى أرض الإسلام.. مثلما دمر إرهابيون متحف «ملوى» فى صعيد مصر كرد فعل لثورة المصريين ضد حكم الإخوان..
بل إن الذى أدهشنى كل الدهشة – وقتها – هو استضافة مثل تلك الشخصيات ومناقشتها فى البرامج التليفزيونية بالفضائيات بدلاً من الدعوة إلى محاكمتهم بتهمة التحريض والسعى إلى تخريب الآثار والتراث والفنون والعدوان على الحضارة والثقافة والتاريخ..
وفى أثناء وصول الإخوان إلى الحكم.. بدأوا فى قتل التماثيل فأطاحوا برأس تمثال «طه حسين» فى مسقط رأسه فى «المنيا».. ونقبوا تمثال «أم كلثوم» فى المنصورة.. وداهم زوار الفجر سوق كتب «النبى دانيال» وسط الإسكندرية مدعمين بقوات الأمن المتمثلة فى شرطة المرافق بالإضافة لفرق الحماية المدنية (الإسعاف والمطافى) مدججين بالمعدات الثقيلة لإزالة أكشاك الكتب.. وأسفر الاعتداء الغاشم عن ظفر مؤزر بتحطيم تلك الأكشاك ومصرع مئات الكتب فى شتى أنواع المعرفة.. فتناثرت أشلاؤها على الأرصفة.. لقد أتوا بهذا الجيش العرمرم واحتشدوا بذلك العتاد الضخم متسللين فى الفجر خوفاً من عدوهم اللدود.. الكتب التى تبدو وديعة مسالمة لا تنوى شراً ولا تضمر كراهية.. لكنها فى غضبتها ضد قوى التخلف والجهل تبقى أقوى وأشد بأساً وأعظم هولاً..
إن هجومهم البربرى هذا يعكس جزعاً دفيناً من الثقافة والمثقفين.. من الأوراق التى تفضح الاستبداد.. والسطور التى تندد بالفاشيين وصفحات التاريخ التى تنتصر للتنوير وللحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان.. وتمهد الطريق للنهضة والتنمية.. الرقى والتقدم.. وتدافع عن حرية الإبداع والتفكير والاعتقاد.. وتقديس العقل.. واحترام المرأة.. والاحتفاء بالفنون.. وهى التى صنعت حضارات انسانية عظيمة أضاءت الوجود بنور العلم والفكر والمعرفة والفن.. وقاومت تيارات أصولية ظلامية تعود بالبشرية إلى عصور محاكم التفتيش وثقافة الهكسوس.. وزمن العصور الوسطى وعهود الجاهلية.. والتصحر.. يذكرنا ذلك برواية «برادييرى» الكاتب الأمريكى (451 فهرنهيت) الرمزية التى افترضت أن حكومة استبدادية حرقت الكتب وأمرت رجال الإطفاء فى مفارقة تراجيدية صارخة أن يتحولوا إلى رجال إشعال حرائق الكتب تحت درجة (451 فهرنهيت).. لكن قائد الفرقة «مونتاج.. أخفى كتاباً من الكتب المصادرة وقرأه فاكتشف أنه يعيش حياة جاهلية تخلو من المعرفة الإنسانية فقرر أن يضحى بكل شىء ويتحول إلى النقيض يقرأ ليتثقف ويتعلم ويمارس إنسانيته المفتقدة.. فأعداء الحرية والحياة لا يقرأون.. ألم يعترف بذلك السماك الذى انقض محاولاً قتل أديبنا الكبير «نجيب محفوظ».. لقد صدرت له أوامر الفاشيين فذهب لتنفيذها تحت وطأة غسيل الأدمغة.. لقد أخافتهم روايات صاحب «نوبل».. لأنها تعلم الناس التفكير وحرية التعبير وحرية الاعتقاد..
لكن لأن الإبداع لا يموت وحرية الرأى والفكر لا يمكن لأعداء العقل سحقها ويرمز إلى ذلك صاحب رواية (451 فهرنهيت) إلى المثقفين الذين خرجوا من المدينة مكرهين بسبب قمع الفاشية وإجرامها وقد اتفقوا أن يحفظ كل واحد منهم كتاباً حتى يحافظوا على تراث البشرية من الدمار .
نقول لأن الإبداع لا يموت فسوف تبقى الفنون والآداب ما بقيت الإنسانية.. صامدة فى الزمن بينما يمضى المكفرون والظلاميون وأعداء الحرية والحياة إلى مزابل التاريخ..
وإذا كان «غاندى» يقول «حيث يكون الحب سيكون الرب» فنحن يمكننا أن نقول أيضاً حيث تكون الفنون والآداب يكون الرب.. فالعهد القديم يبدأ بجملة فى البدء كانت الكلمة وفى القرآن الكريم ب «اقرأ».. ولأن الله جميل يحب الجمال فهو «فنان يحب الفنون»..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.